أصناف الناس
س: يقول أمير المؤمنين علي(ع): "الناس ثلاثة: عالمٌ رباني، ومتعلّمٌ على سبيل نجاة، وهمجٌ رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور الحق ولم يلجأوا إلى ركن وثيق". كيف نفهم طبيعة هذا التحديد للناس؟
ج: إنّه(ع) يحدّد ملامح الواقع الذي يعيش فيه الناس، فهناك العلماء أصحاب الرأي والخبرة والاختصاص، الذين يملكون المعطيات الثقافية التي يستطيعون من خلالها أن يقوموا بالاستنتاجات المتوازنة في كلّ قضية فكرية، وهناك الناس الذين لا يملكون مثل هذه الثقافة، ولكنهم يملكون مسؤولية العمل ومسؤولية القرار ومسؤولية حركتهم في الحياة، فهم لا يستريحون لجهلهم، بل يبدأون رحلة العلم من أجل أن يحصّنوه، ليكون ذلك سبيلهم للوصول إلى النتائج السعيدة التي تنجيهم من السقوط في الدنيا مما يقعون فيه من مفاسد ومضارّ، ومن السقوط في الآخرة في ما يواجهونه من غضب الله. وهناك الناس الذين لا يملكون العلم ولا يملكون الاهتمامات في طلب العلم، هؤلاء في عفويتهم، فيما هو التخلّف الذي يحيط بهم، وفيما هو الجهل الذي يفتك بهم، لا يريدون أن يتخلّصوا من جهلهم ولا من تخلّفهم، وبذلك فهم لا يملكون قاعدةً يستريحون إليها وينطلقون منها، سواء كانت القاعدة فكرية أو كانت سياسية أو اجتماعية، ولا يجدون في أنفسهم توجّهاً نحو إثارة علامات الاستفهام حول ما يجري، ولذلك، فإنّهم يتحرّكون مع الرياح ويستجيبون لكلّ ناعق ويعيشون في ظلمة الباطل من خلال عيشهم في ظلمة الجهل والتخلّف، ويعيشون الاهتزاز في حياتهم، لأنهم لا يملكون ركناً وثيقاً يستندون إليه.
وفي هذا القول، ينكر أمير المؤمنين علي(ع) على الذين يعيشون الجهل والتخلّف كواقع لا يعملون على التخلّص منه، ولا يحاولون مواجهته بطريقة مسؤولة تعمل على سؤال أهل الذكر وأهل الخبرة في ما يجهلون، أو يعملون على استنطاق التجربة الخاصة في ما يمكن أن يتعلّموه، ولذلك، فإن الإمام(ع) يريد أن يقول: إن الناس الذين يمكن أن يحملوا مسؤولية الحياة، أحد شخصين؛ إما العالِم الذي يدفعه علمه لأن يعيش المسؤولية من خلال انفتاحه على الله، وعلى الحياة من خلال الله، وإما الناس الذين تكون الحياة لديهم حركةً من أجل المعرفة في كلّ شيء يريدون أن يعرفوه، حتى لا يعطوا قراراً ناشئاً من جهل أو تخلّف أو من حالة عاطفية ينجذبون فيها إلى صوت هنا أو ريح هناك، لأن ذلك سوف يعمل على تحريك خطوط الحياة من خلال ما يتحرّك به الجاهلون والمتخلّفون ليتسلّموا قيادة الحياة.
منقول بقلم السيد فضل الله دام ظله الوارث
س: يقول أمير المؤمنين علي(ع): "الناس ثلاثة: عالمٌ رباني، ومتعلّمٌ على سبيل نجاة، وهمجٌ رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور الحق ولم يلجأوا إلى ركن وثيق". كيف نفهم طبيعة هذا التحديد للناس؟
ج: إنّه(ع) يحدّد ملامح الواقع الذي يعيش فيه الناس، فهناك العلماء أصحاب الرأي والخبرة والاختصاص، الذين يملكون المعطيات الثقافية التي يستطيعون من خلالها أن يقوموا بالاستنتاجات المتوازنة في كلّ قضية فكرية، وهناك الناس الذين لا يملكون مثل هذه الثقافة، ولكنهم يملكون مسؤولية العمل ومسؤولية القرار ومسؤولية حركتهم في الحياة، فهم لا يستريحون لجهلهم، بل يبدأون رحلة العلم من أجل أن يحصّنوه، ليكون ذلك سبيلهم للوصول إلى النتائج السعيدة التي تنجيهم من السقوط في الدنيا مما يقعون فيه من مفاسد ومضارّ، ومن السقوط في الآخرة في ما يواجهونه من غضب الله. وهناك الناس الذين لا يملكون العلم ولا يملكون الاهتمامات في طلب العلم، هؤلاء في عفويتهم، فيما هو التخلّف الذي يحيط بهم، وفيما هو الجهل الذي يفتك بهم، لا يريدون أن يتخلّصوا من جهلهم ولا من تخلّفهم، وبذلك فهم لا يملكون قاعدةً يستريحون إليها وينطلقون منها، سواء كانت القاعدة فكرية أو كانت سياسية أو اجتماعية، ولا يجدون في أنفسهم توجّهاً نحو إثارة علامات الاستفهام حول ما يجري، ولذلك، فإنّهم يتحرّكون مع الرياح ويستجيبون لكلّ ناعق ويعيشون في ظلمة الباطل من خلال عيشهم في ظلمة الجهل والتخلّف، ويعيشون الاهتزاز في حياتهم، لأنهم لا يملكون ركناً وثيقاً يستندون إليه.
وفي هذا القول، ينكر أمير المؤمنين علي(ع) على الذين يعيشون الجهل والتخلّف كواقع لا يعملون على التخلّص منه، ولا يحاولون مواجهته بطريقة مسؤولة تعمل على سؤال أهل الذكر وأهل الخبرة في ما يجهلون، أو يعملون على استنطاق التجربة الخاصة في ما يمكن أن يتعلّموه، ولذلك، فإن الإمام(ع) يريد أن يقول: إن الناس الذين يمكن أن يحملوا مسؤولية الحياة، أحد شخصين؛ إما العالِم الذي يدفعه علمه لأن يعيش المسؤولية من خلال انفتاحه على الله، وعلى الحياة من خلال الله، وإما الناس الذين تكون الحياة لديهم حركةً من أجل المعرفة في كلّ شيء يريدون أن يعرفوه، حتى لا يعطوا قراراً ناشئاً من جهل أو تخلّف أو من حالة عاطفية ينجذبون فيها إلى صوت هنا أو ريح هناك، لأن ذلك سوف يعمل على تحريك خطوط الحياة من خلال ما يتحرّك به الجاهلون والمتخلّفون ليتسلّموا قيادة الحياة.
منقول بقلم السيد فضل الله دام ظله الوارث