نظرية عدالة كل الصحابة تتعارض مع السنة النبوية
ايهما الاولى بالتصديق : كتاب الله وحكمه ، ام التقليد الاعمى ؟ ومن هنا فان نظرية عدالة كل الصحابة منقوضة من حيث الموضوع لانها تتعارض مع النصوص القرآنية القاطعة وهذا التعميم ـ كل الصحابة عدول ـ يتعارض مع الاحكام الالهية ويخالفها .
المثال الاول : ذو الثدية فقد كان من الصحابة المتنسكين وكان يعجب الناس تعبده واجتهاده ، وكان رسول الله يقول ( انه لرجل في وجهه لسعة من الشيطان ) وارسل ابا بكر ، ليقتله فلما رآه يصلي رجع ، وارسل عمر فلم يقتله ، ثم ارسل علياً عليه السلام فلم يدركه (1) وهو الذي ترأس الخوارج وقتله علي عليه السلام يوم النهروان (2) .
المثال الثاني : كانت مجموعة من الصحابة يجتمعون في بيت علي احدهم يثبطون الناس عن رسول الله فأمر من احرق عليهم هذا البيت (3)
المثال الثالث : قزمان بن الحرث قاتل مع رسول الله في احد قتال الابطال ، فقال اصحاب النبي ما أجزأ عنا احد كما أجزأ عنا فلان ، فقال النبي ( أما انه من اهل النار ) ولما اصابته الجراح وسقط قيل له هنئياً لك بالجنة يا ابا الفيداق . قال جنة من حرمل ؟ والله ما قاتلنا الا على الاحساب (4) .
المثال الرابع : الحكم بن العاص بن امية بن عبد شمس عم عثمان بن عفان ووالد مروان بن الحكم ، لعنه رسول الله (5) ولعن ما في صلبه وقال ( ويل لامتي مما في صلب هذا ) . ومن حديث عائشة انها قالت لمروان : اشهد ان رسول الله لعن اباك وانت في صلبه ، فنفاه النبي الى مرج قرب الطائف وحرّم عليه ان يدخل المدينة ، ولما مات رسول الله راجع عثمان ابا بكر ليدخله فرفض ابو بكر ، ولما مات ابو بكر راجع عثمان عمر ليدخله المدينة فأبى عمر ، ولما تولى عثمان الخلافة ادخله معززاً مكرماً واعطاه مأة الف درهم ، واتخذ مروان ابنه بطانة له ، وتسبب فيما بعد بقتل الخليفة وخراب الخلافة الراشدة . وكان مروان يلقب بـ خيط باطل ثم صار خليفة المسلمين . يقول الشاعر :
لي الله قوماً امروا خيط باطل * على الناس يعطي من يشاء ويمنع (1)
المثال الخامس : الذين ( اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين ) وقالوا : انهم بنوا هذا المسجد تقرباً لله تعالى ، وكانوا اثني عشر رجلاً من الصحابة المنافقين (2) .
المثال السادس : لعن الرسول لبعض الصحابة . قال الحلبي في رواية : صار ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول ( اللهم العن فلاناً وفلاناً )(3) وأخرج البخاري قال : حدثني سلم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول ( اللهم العن فلاناُ وفلاناُ ) بعدما يقول : سمع الله لمن حمده . وقال السيوطي واخرج احمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم احد ( اللهم العن ابا سفيان ، اللهم العن الحرث بن هشام ، اللهم العن سهيل بن عمرو واللهم العن صفوان بن امية ) قال السيوطي واخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عمر قال : كان النبي يدعو على اربعة نفر وكان يقول في صلاة الفجر : ( اللهم العن فلاناً وفلاناً ) (4) واخرج نصر بن مزاحم المنقري عن عبد الغفار بن القاسم عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال : اقبل ابو سفيان ومعه معاوية ، فقال رسول الله ( اللهم العن التابع والمتبوع ، اللهم عليك بالاقيص ) فقال ابن براء لابيه : من الاقيص قال : معاوية (5) واخرج نصر عن علي بن الاقمر في آخر حديثه قال : فنظر رسول الله الى ابي سفيان وهو راكب ومعاوية واخوه احدهما قائد والآخر سائق ، فلما نظر اليهم رسول الله قال ( اللهم العن القائد والسائق والراكب ) قلنا انت سمعت رسول الله ؟ قال : نعم والا فصمت اذناي (1) .
وانظر الى رسالة محمد بن ابي بكر الصديق التي وجهها معاوية فقد جاء فيها : وقد رأيتك تساميه وانت انت وهو هو اصدق الناس نية وافضل الناس ذرية ، وخير الناس زوجة ، وافضل الناس ابن عم اخوه الشاري بنفسه يوم مؤتة وعمه سيد الشهداء يوم احد ، وابوه الذاب عن رسول الله ونحن حوزته . وانت اللعين ابن اللعين لم تزل انت وابوك تبغيان لرسول الله الغوائل وتجهدان في اطفاء نور الله ، تجمعان على ذلك الجموع وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل ، وعلى ذلك مات ابوك وعليه خلفته (2) ولم ينف معاوية لعنة ولا لعن ابيه مع انه قد رد رداً بليغاً على هذه الرسالة (3) .
____________
(1) راجع الاصابة في تمييز الصحابة ج 1 ص 439 .
(2) راجع أراء علماء المسلمين للسيد مرتضى الرضوي .
(3) راجع سيرة ابن هشام ج 3 ص 235 .
(4) راجع الاصابة ج 3 ص 235 وراجع آراء علماء المسلمين للسيد مرتضى ص 127 وما فوق .
(5) راجع كنز العمال .
(1) راجع مروج الذهب للمسعودي .
(2) راجع سيرة ابن هشام .
(3) السيرة الحلبية ج 2 ص 234 .
(4) الدر المنثور المأثور ج 6 ص 71 .
(5) وقعة صفين ص 217 تحقيق وشرح الاستاذ عبد السلام محمد هرون .
(1) وقعة صفين ص 220 .
(2) راجع مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 14 وقد نقلت هذا المقتطف حرفياً .
(3) راجع المرجع السابق ج 3 ص 15 و 16 من مروج الذهب للمسعودي
-----------------------------------------------------------
نظرية عدالة كل الصحابة ينقضها واقع الحال
المثال الاول : حصل معاوية على البيعة بالتقتيل والتدمير والتحريق وشتمه انصار رسول الله ، واستغل اموال المسلمين التي جمعها خلال عشرين عاماً بولايته على الشام لتوطيد سلطانه بعد ان اخرج اموال المسلمين عن مصارفها الشرعية . ورتب معاوية عطاء اسمه : رزق البيعة يعطي للجند عند تعيين خليفة جديد (1) وتأكد ان المطلب الحقيقي لمعاوية هو الملك عندما كتب وصيته من بعده ليزيد ابنه واخذ له البيعة بالقوة (2) وامره على صحابة رسول الله بالرغم من مجونه وقلة دينه وسوء خلقه .
المثال الثاني : اوصى معاوية بن ابي سفيان ابنه يزيد ( اذا ثار اهل المدينة فأرسل اليهم مسلمة بن عقبة ) وكان مع مسلمة قائمة بأسماء الطاهرين من الصحابة ليقتلهم واحداً واحداً واحداً . ويدخل عقبة عاصمة النبي ويفعل الافاعيل التي تضج منها السماء ، مروان دليل الجيش يؤشر وعقبة وجيشه المظفر ينفذ ويعدم بغير رحمة ، وتم تنفيذ ابشع مجزرة وكان من نتيجة هذه الوصية ان :
1 ـ ابيد من حضر من البدريين بالكامل .
2 ـ ابيد من قريش ومن الانصار سبعمائة رجل .
3 ـ ابيد من الموالي والعرب عشرة آلاف .
كان ذلك سنة 63 هـ في وقعة الحرة . هنالك قال عبد الله بن عمر ( نحن مع من غلب ) وتحول قوله الى قاعدة دستورية ، وكان معتزلاً عندما اشتد الصراع بين علي ومعاوية (3) .
المثال الثالث : ارسل معاوية بسر بن ارطاة في ثلاثة آلاف سنة 40 هـ وقدم المدينة فصعد المنبر وتهدد اهل المدينة بالقتل فأجابوه الى بيعة معاوية ، ومضى بسر الى مكة ثمسار الى اليمن ولم يجد واليها عبيد الله بن العباس ووجد طفليه الصغيرين عبد الرحمن وقاسم فقتلهما بسر وقتل معهما خالاً لهما من ثقيف ، وقتل بالمدينة وبين المسجدين خلقاً كثيراً ، وكذلك بالجوف قتل بها خلقاً كثيراً من رجال همدان وقتل بصنعاء خلقاً كثيراً من الابناء . ولم يبلغه عن احد انه يماليء علياً او يهواه الا قتله (1) .
وكانت جويرية ام ابني عبيد الله بن العباس الذين قتلهما بسر تدور حول البيت ناشرة شعرها وترثيهما بعاطفه تذيب الصلخد الصلد (2) .
المثال الرابع : ذكر ان امرأة الحسن بن علي عليه السلام جعدة بنت الاشعث بن قيس الكندي سقته السم ، وكان معاوية دس اليها : انك ان احتلت في قتل الحسن وجهت اليك بمائة الف درهم وزوجتك من يزيد ، فكان ذلك الذي بعثها على سمه . فلما مات الحسن وفى لها معاوية بالمال وارسل اليها : انا نحب حياة يزيد ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه . وذكر ان الحسن قد قال عند موته ( لقد حاقت شربته وبلغ امنيته والله لا وفى لها بما وعد ، ولا صدق فيما قال ) .
وعن العباس بن عبد المطلب قال : كنت عند رسول الله اذ اقبل علي بن ابي طالب ، فلما رآه اسفر عن وجهه فقلت يا رسول الله انك لتسفر في وجه هذا الغلام فقال ( يا عم رسول الله والله لله اشد حباً له مني ، انه لم يكن نبي الا وذريته الباقية بعده من صلبه ، وان ذريتي بعدي من صلب هذا ) (3) .
وممن سمهم معاوية عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وذلك عندما شاور اهل الشام فيمن يعقد له من بعده فقالوا : رضينا بعبد الرحمن ، فشق ذلك على معاوية فسمه (4) وهذا ما فعله مع عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق .
________________________
(1) راجع نظام الحكم للقاسمي ص 283 .
(2) راجع كتابنا النظام السياسي في الاسلام ص 182 .
(3) راجع نتائج معركة الحرة في كل كتب التاريخ وتأكد من صحة هذه النتائج وراجع على سبيل المثال الامامة والسياسة لابن قتيبة .
(1) راجع الامامة والسياسة وراجع مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 26 .
(2) راجع مروج الذهب ص 27 .
(3) راجع مروج الذهب للمسعودي ص 477 ج 2 .
(4) راجع ترجمته في الاستيعاب وراجع ص 175 من كتاب شيخ المضيرة .
تعليق