يوجد حديث يعرف قيمته أهل الخبرة بالحديث وأهل الفهم للأحاديث ، ويفهمون أنه إكسير لا مثيل له، رواه الكليني أعلى الله مقامه في الكافي، والصدوق أعلى الله مقامه في كمال الدين، وبقية المشايخ من كبار المحدثين والفقهاء، وهو معروف باسم (حديث اللوح) هذا الحديث جاء به جبرئيل عليه السلام إلى رسول الله ﷺوالہ ، مكتوبا على لوح زبرجد تحفة لفاطمة الزهراء عليها السلام، تهنئة لها بولادة الإمام الحسين - عليه السلام - وفيه أسماء الأئمة من أولادها، مع ذكر أهم خصوصياتهم صلوات الله عليهم.
ومن نصه
عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله إله إلا أنا، قاصم الجبارين، ومديل المظلومين، وديان الدين. إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي عذبته عذاباً لا أعذبه أحدا من العالمين. فإياي فاعبد، وعلي فتوكل. إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وإني فضلتك على الأنبياء، وفضلت وصيك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي، بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسينا خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه، وحجتي البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب
في هذا الحديث ثمانية مقامات للإمام الحسين عليه السلام عدا أن الحديث في أصله تهنئة وبشرى من رب
العالمين عز وجل للنبي ﷺوالہ ، ولوصيه علي وللصديقة الزهراء أم الأئمة، بمناسبة ولادة الإمام الحسين - عليهم السلام -
أولها :- وجعلت حسينا خازن وحيي،
فما هو الوحي الذي جعل الله الحسين خازنا له؟
ومن أين يبدأ وحي الله، وأين ينتهي؟
يبدأ من قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين.
وينتهي عند قوله تعالى: فأوحى إلى عبده ما أوحى. وقوله تعالى: وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى.!!
هذا الوحي كله مخزون في قلب الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام!!
وجعلت حسينا خازن وحيي، ومتى نحن عرفناه صلوات الله عليه، حتى نفهم عاشوراءه ما هي؟
ونعرف ماذا حدث في ذلك اليوم؟ ودم أي شخص أريق؟ إن كلمات الله تعالى لا أستطيع أنا ولا غيري أن يفهم عمقها، إنما ندرك منها شعاعا! ومن يستطيع أن يفهم معنى: خازن الوحي، وشخصية خازن الوحي، إلا الذي يعرف الوحي ما هو؟! فذلك الذي يعرف حقيقة الوحي، ويعرف الفرق بين الوحي والعقل والفكر!
إن الكلمات التي كلم الله بها موسى عليه السلام وقال عنها عز وجل ٠٠ ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ٠٠ ، ذكرها بصيغة المفعول المطلق وأجملها إجمالا، لأنها شعبة من الموضوع، وكلمات من الكلمات. أما تمام هذه الكلمات فهي مخزونة في قلب الحسين بن علي عليه السلام! القلب الذي وقع فيه ذلك السهم في يوم عاشوراء والقلب الذي أريق منه ذلك الدم يوم عاشوراء!
إقرأ كامل الزيارات لتفهم ماذا يقول الأئمة عن مقام الإمام الحسين عليهم السلام!
إن حول قبره عشرون ذراعا في عشرين ذراعا، مهبط للملائكة من السماء ومعراج لهم! والأهم هذه الجملة قوله عليه السلام: فليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله تعالى أن يزور الحسين، ففوج يهبط وفوج يصعد! هذا هو الإمام الحسين عليه السلام، الذي غير ماهية يوم عاشوراء فصار: لا يوم كيومك يا أبا عبد الله. الذي يأتي لزيارته كل ليلة جمعة، كل الأنبياء عليهم السلام بلا استثناء، من آدم النبي الخاتم، وكل الأوصياء عليهم السلام بلا استثناء!!
من خصوصيات الإمام الحسين عليه السلام أن الفاتحة التي تقرأ لروح الأموات المدفونين بجواره في كربلاء،
لو قسمت لوصل إلى الواحد منهم ما لا يحصيه القلم! ذلك هو سيد الشهداء، وذلك هو دمه الشريف، وأي دم؟!
هذا الدم الطاهر لا تجعلوه تجارة، ولا تستعملوه من أجل منصب فلان وفلان! إنه رأس مال حق، يجب أن يستفاد منه للحق. والحق ثلاث كلمات فقط، الملك الحق: فتعالى الله الملك الحق، والثانية الدين الحق: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. ، والثالثة: السلام على الحق الجديد. صلوات الله عليه.
والنتيجة: أن عاشوراء يجب حصر إنفاقها في التعريف بالله تعالى ودينه، وحجته إمام العصر صلوات الله عليه، لأنه صاحبها عندما أريق دمه قال: بسم الله وبالله وفي سبيل الله.. بسم الله وبالله وفي سبيل الله.. فاستفيدوا من هذا الدم في سبيل الله، لكي تروا خير الدنيا والآخرة، ولا يكون أحدنا ممن: خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
الشيخ وحيد الخرساني
تعليق