إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

خلفاء رسول الله.. ومدافع آية الله!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خلفاء رسول الله.. ومدافع آية الله!

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الدين أفيون الشعوب.. كلمة اشتهرت عن الفيلسوف الألماني كارل ماركس، المؤرخ والخبير الاقتصادي والاجتماعي الذي عاش في القرن التاسع عشر.

    لكن المؤرخ الشهير الآخر، والصحافي العربي المعاصر محمد حسنين هيكل كان له رأي آخر في الدين، بعدما رأى ثورة تنطلق في طهران ويحرك أصحابها الحس الديني، فقال لقائدها:

    إنني أظن أنك بسلاح الدين تستطيع أن تقوم بدور المدفعية البعيدة المدى، وأن تهدم نظام الشاه فوق رؤوس أصحابه، لكن ذلك لا يحقق النصر. تحقيق النصر.. يتحقق بالمشاة الذين يحتلون المواقع ويتولون تطهيرها...
    إنني أسمع دوي مدافعك، ولكني حتى الآن لا أرى أثراً لمشاتك.
    إن المشاة في الثورة هم الكوادر السياسية، وهم جماعات الفنيين والخبراء... (كتاب مدافع آية الله ص11).

    فكان هيكل يخالف ماركس في نظرته للدين، ويرى أن الدين يمكنه أن يحدث التغيير المنشود من الثوار على اختلاف صورهم وخلفياتهم الدينية والعرقية والفكرية والمعرفية، على أن يعقب ذلك دور السياسيين.

    ولا نعلم إن كان هيكل قد سمع بحديث النبي صلى الله عليه وآله حينما قال: يَا عَلِيُّ إِنَّ إِزَالَةَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي أَهْوَنُ مِنْ إِزَالَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ لَمْ تَنْقَضِ أَيَّامُه‏ (من لا يحضره الفقيه ج‏4 ص354)

    إن ماركس قد ظنّ أن له الحق بالحكم على الأديان قاطبة بحكم واحد، فكذّب واقعُ الأنبياء كلمته قبل أن يولد..
    ثم جاء هيكل، (وكلٌّ منهما نموذج لمئات المفكرين المشتَرِكين معهم في رؤاهم) وميّز بين أمرين: الإخلاص والخبرة.

    فقال عندما جاء إلى طهران أيام: كان هدير المدافع وبروقها ورعودها يغطي في ذلك الوقت كل الأسئلة والإجابات (كما عبر في كتابه ص12)، قال حينها بعد لقائه بثلة من الشباب المتحمسين المقتحمين لأكبر سفارة في بلادهم، والذين دخلوا في مغامرة غير محسوبة استجلبت لهم عداوات كانوا بالغنى عنها، فقال: كان يخامرني الإحساس أنني وسط جماعة تتسم بالإخلاص الذي لا حد له، ولكن تنقصها الخبرة بشكل محزن (المصدر ص38).

    ولئن كان اعتذاره لهؤلاء الشباب أن ما قاموا به كان مبلغ علمهم، فإن هيكل وهو الخبير والمحلل الذي عاش متتبعاً الأحداث وخلفياتها، وقارئاً بين سطورها، ومشاركاً في تظهير بعضها، ويعلم كيف تدار مطابخ الأحداث.. إنه وهو الصحافي ذائع الصيت ممن يأبى على نفسه أن يوصف بنقصان الخبرة أو انعدامها خاصة فيما برع فيه من تأريخ وتحليل للأحداث..

    ولكنك ما إن تفتح ناظريك لترى قراءته وتحليله لأحداث أيام الإسلام الأولى، فإنك تتفاجأ، كأنك ترى تعطلاً في المحركات! وانحصاراً في القدرة على التحليل إلا في اتجاه واحد! وكأنّ غطاءً كثيفاً من الحجب يقف أمام أدوات النظر، يجعل الرجل أسير فكرة مسبقة يصعب على المنصف تقبُّلها.

    ليس هيكل (ونظراؤه) من المنكرين للإله العالم العادل، الذي كان من حكمته أن (اختار) بنفسه للناس من يقودهم في طريق المعرفة والهداية، فأرسل أنبياءه وحججه عليهم السلام، وكانوا خلفاء الله في الأرض.

    لكن دور هذا الإله في هداية البشرية ينتهي عنده بوفاة الرسول صلى الله عليه وآله!

    فيقول: لم يترك الرسول أي وصية، ولم يعيّن أي خليفة له، كما لم ينجب ابناً فنشأت الحاجة الماسة إلى شخص يرشد ويحمي الجماعة الإسلامية.. (مدافع آية الله ص102).

    هذا أمرٌ يُطلقه إطلاق المُسلّمات، ولا يحتاج عنده إلى حجة وبرهان! رسول الله لم يعين خليفة بعده! وليس له من وصيةٍ كما أوصى أبو بكر إلى عمر!

    لم يكن كلام هيكل من باب عدم الإطلاع على شيء من حجج عليّ والزهراء عليهما السلام، وهو القائل:

    كان من الواضح تماماً وبشكل يقيني بالنسبة لفاطمة بنت الرسول... أن الرجل الذي يجب اختياره هو زوجها علي بن أبي طالب... كان علي أول من اعتنق الاسلام.. لم يركع قط للاوثان... كان هو أيضاً نائب الرسول وحامل راية الاسلام... ألم يكن لعلي ما يشبه الحق الثابت في خلافة الرسول؟ (المصدر ص103).

    أما مسرح الأحداث فكان يجري في مكان آخر (بحسب هيكل) حينما:

    عقد اجتماع على عجل ضم مجموعة من أصحاب النبي المقربين إليه (ولم يكن علي موجوداً بينهم) واختاروا أبا بكر... ليكون خليفة رسول الله...
    أجمع اصحاب النبي على أن أبا بكر رفيق رسول الله.. سيحافظ على وحدة الجماعة الجديدة.
    تلقى أبو بكر البيعة من جماعة المسلمين بما في ذلك بيعة علي فيما بعد.. (المصدر ص103)

    فهو رجّح حجة القوم أصحاب السقيفة، فكان أحرص من النبي صلى الله عليه وآله على وحدة هذه الجماعة الجديدة!

    وكأن كل ما قاله النبي وتواتر به النقل مما يفوق كل أحداث الإسلام الأولى، كخبر الغدير والمباهلة والطير والمنزلة وسواها مما تواتر نقله في كتب كل المسلمين، كأنّه كان مادة خالية عن الدلالة.. إنما نطق بها الوحي الإلهي لكي يستأنس بها المسلمون في خلواتهم أو يسطروها في كتبهم ثم لم يكلفوا بالعمل بها! وكأنّها زخرفات لا تتضمن تدبيراً إلهياً للمسلمين ينظم حياتهم إلى قيام يوم الدين!

    وكأنّ الزهراء عليها السلام بنت الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله، التي روى أتباع الخلفاء خبر غضب الرسول لغضبها في أصح صحاحهم (البخاري ج4 ص210)، ورووا خلافها مع أبي بكر وعمر وأنها وجدت عليه ولم تكلمه حتى ماتت (البخاري ج5 ص82)، وخفاء قبرها إلى يومنا هذا ومنعهم من الصلاة عليها، وكأنّها سلام الله عليها قصّرت في بيان حجتها حتى بعد شهادتها!!

    أيصح عند المحلل والمؤرخ أن تُبسّط أحداث الإسلام الأولى لتُجرَّدُ كل كلمات النبي وعترته الطاهرة من مفاهيمها العظيمة، وتنسب المفاهيم العظيمة لسواهم؟!

    فيقول هيكل: لقد تمت البيعة للرجل الذي أوصى به أبو بكر وهو عمر بن الخطاب، السياسي والمحارب العظيم (المصدر ص104).
    ويقول: حاول عمر الذي كان يتسم بالبساطة والتقوى والحزم والعدالة في حكمه أن يضع حداً للفساد.. (المصدر ص105).

    ولئن كان هذا الأمر عند بعض الجهلة في أحداث التاريخ والبسطاء ممكناً (وليس كذلك).. فإنه لا يعقل أن يكون الحال ملتبساً في قضية علي عليه السلام ومعاوية.

    أما مع الأوائل فقد قالها عليٌّ عليه السلام في نهجه الشريف صريحاً:

    فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَ طِرْتُ إِذْ طَارُوا..

    لكن الانحراف عن أهل الحق يحط من قدر الرجال.. فأيُّ تاريخ أسود هذا الذي يجعل علياً في كفة معاوية!

    يقول المفكر الكبير والمؤرخ العظيم والصحافي اللامع والسياسي الشهير! محمد حسنين هيكل عن حرب عليّ ومعاوية:
    بدأ الجانبان في حشد قواتهما والإعداد للصراع الدنيوي!! (المصدر ص106).

    ويقول:
    ولا يمكن هنا أن يقال أن الصراع كان بين الخير والشر، أو بين الحق والباطل. إذ أن الخير والحق لم يكونا حكراً على أي منهما!!!!! (المصدر ص107).

    لئن كان غرض معاوية هو الدنيا، فهل كان غرض علي كذلك؟!
    ولئن كان الخير قد جانب معاوية، أفهل كان عليٌّ شريكاً في شرّ من الشرور؟!

    أيٌّ خزيٍ هذا عند مؤرخينا؟!
    الزمن هو الزمن، والأيام هي الأيام..
    ليس في الأمر غرابة فهو غيضٌ من فيض ما جادت به قرائح مؤرخي البلاط في أيام الإسلام الأولى العظيمة!

    لقد لخصها لنا رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وآله عندما قال: مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلًا قَطُّ وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالًا حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى مِلَّةِ عَبَدَةِ الْعِجْل‏ (كتاب سليم بن قيس ج‏2 ص938).

    وهذا حال أمّتنا اليوم..

    تخلّت عن إثني عشر إماماً كانوا: فِي الدِّينِ أَرْسَبُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فِي الْأَرْضِ (الكافي ج1 ص530)

    وولّوها ولا يزالون: مَنْ ضَرَبَ النَّاسَ بِسَيْفِهِ وَ دَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَهُوَ ضَالٌّ مُتَكَلِّفٌ. (الكافي ج‏5 ص27)

    لن تقوم لهذه الأمة قائمة بعد عبادتها للعجل إلا على يد الثاني عشر.. المهدي المنتظر.. فهو الوحيد الذي يملؤها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً..

    ونحن في ذكرى ولادته.. نسأل الله تعالى أن يعجل له الفرج.. ليخلص الأمة من عباد عجلها..

    والحمد لله رب العالمين
    17 شعبان 1440 للهجرة

    شعيب العاملي
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X