إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

العرفان.. واتّباع الشيطان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العرفان.. واتّباع الشيطان

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الإقرار بالعجز عن المعرفة رسوخٌ في المعرفة

    إذا كانت الإحاطة بالذات الإلهية ممتنعةً، فأيُّ عرفانٍ هو عرفانُ آل محمد (عليهم السلام) إذاً؟! وأين المعرفة التي يأمر الله عزّ وجل الناس بها؟!

    يروى الشيخ الكليني رحمه الله في الكافي الشريف فيقول: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها﴾ يَقُولُ:
    سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ نِعَمِهِ إِلَّا المعْرِفَةَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَتِهَا، كَمَا لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ إِدْرَاكِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ، فَشَكَرَ جَلَّ وَعَزَّ مَعْرِفَةَ الْعَارِفِينَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَةِ شُكْرِهِ، فَجَعَلَ مَعْرِفَتَهُمْ بِالتَّقْصِيرِ شُكْراً، كَمَا عَلِمَ عِلْمَ الْعَالِمِينَ أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَهُ فَجَعَلَهُ إِيمَاناً(1)..

    فكُلَّما زادَ الإنسان قرباً من الله تعالى كُلَّما أدرك أنه (لا يُدرك حقيقته) وإن أقرّ بوجوده، فيجعل الله عز وجل علمَ العبد هذا (إيماناً).
    الإيمان إذاً عند آل محمد هو الإقرار بعدم إمكان الإحاطة بالله عزّ وجل، بعد الإقرار بوجوده تعالى واتصافه بصفات الكمال، لأنّ كلّ من توهّم أنه أحاط بما لا يمكن الإحاطة به فقط عرف شيئاً غيره.
    وفي هذا الباب من المعاني العظيمة واللطيفة والبليغة في كلماتهم (عليهم السلام) ما يدركه أهل المعرفة ويستفيد منه كلٌ بحسبه.

    فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهجه الشريف: فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمَّ بِهِ وَاسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَايَتِهِ.
    وَمَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ وَلَا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) وَأَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُهُ فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى الله سُبْحَانَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ الله عَلَيْك‏.
    وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ المضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ الْإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغَيْبِ المحْجُوبِ.
    فَمَدَحَ الله تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً، وَسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً، فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ الله سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِين(2)..

    هو إذاً منهجُ آل محمدٍ نقيّاً صافياً من لسان عليّ بن أبي طالب وبنيه (عليهم السلام)، حينَ يُصبحُ تركُ التعمّق فيما لا يمكن الإحاطة به رسوخاً، ويصبح الإقرار بالعجز عن المعرفة ممدوحاً من الله عزّ وجلّ، وهو الذي يغني عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب..
    ويكون الغوصُ فيما لم يكلّف به الإنسان تكليفاً من الشيطان، لعلم الخبيث بأن في كلّ غوصٍ منهيٍّ عنه بعداً عن الله عزّ وجل.

    احتجاج الملحدين

    ولعلّ ملحداً يحتجُ علينا بأن المؤمن بالله إن كان عاجزاً عن إدراك حقيقته تعالى بالعقل فإنّ عليه أن ينكره أو يتوقف في إثبات وجوده على الأقل، فيقول: كيف لكم أن تؤمنوا بربٍّ لا يمكن لعقلكم أن يحيط به؟!
    لكن هذا المُلحد يغفل عن أنّه لا تلازم بين إدراك وجود شيءٍ وبين إدراك حقيقته والإحاطة به، فكم هي كثيرةٌ الأمور التي يقرّ بها الملحد نفسه دون أن يدركها بحواسه، أو يدركها بالحواس ولا يحيط بها علماً!

    يروى عنه (عليه السلام) قوله: إِنَّ الْعَقْلَ يَعْرِفُ الخالِقَ مِنْ جِهَةٍ تُوجِبُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ، وَلَا يَعْرِفُهُ بِمَا يُوجِبُ لَهُ الْإِحَاطَةَ بِصِفَتِهِ.. كَمَا أَنَّ الملِكَ لَا يُكَلِّفُ رَعِيَّتَهُ أَنْ يَعْلَمُوا أَطَوِيلٌ هُوَ أَمْ قَصِيرٌ وَأَبْيَضُ هُوَ أَمْ أَسْمَرُ، وَإِنَّمَا يُكَلِّفُهُمُ الْإِذْعَانَ لِسُلْطَانِهِ وَالِانْتِهَاءَ إِلَى أَمْرِهِ...
    فَإِنْ قَالُوا فَأَنْتُمُ الْآنَ تَصِفُونَ مِنْ قُصُورِ الْعِلْمِ عَنْهُ وَصْفاً حَتَّى كَأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، قِيلَ لَهُمْ: هُوَ كَذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ إِذَا رَامَ الْعَقْلُ مَعْرِفَةَ كُنْهِهِ وَالْإِحَاطَةَ بِهِ، وَهُوَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَقْرَبُ مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ إِذَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالدَّلَائِلِ الشَّافِيَةِ، فَهُوَ مِنْ جِهَةٍ كَالْوَاضِحِ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، وَهُوَ مِنْ جِهَةٍ كَالْغَامِضِ لَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ، وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ أَيْضاً ظَاهِرٌ بِشَوَاهِدِهِ وَمَسْتُورٌ بِذَاتِه‏(3)..

    العقلُ نفسه إذاً: ظاهرٌ بآثاره مستورٌ بذاته، فلا يراد من العقل الدماغ المزروع في رأس الإنسان، بل تلك القوة العاقلة التي لا سبيل إلى إدراكها بالحواس، وإنما يعرف العقل بشواهده وآثاره وبالوجدان.

    فمن أراد إلزام المؤمنين بإنكار الله تعالى لعدم الإحاطة بكنهه، أو لعدم إدراكه بالحواس، لَزِمَهُ إنكار وجود نفسه التي بين جنبيه، وإنكار وجود عقله الذي به قدّم الاحتجاج، فيخرج بهذا عن مصاف العقلاء، ويكفي المؤمنين همَّه بذلك.

    النهي عن التفكر في ذات الله

    ثمَّ إنّه لمّا ثبت استحالة الإحاطة بالذات الإلهية، كان من الطبيعيّ أن يتجنّب الإنسان التفكُّرَ فيما لا يمكن الإحاطة به.
    ولكن بما أن المعروف بين الناس أن التفكّر حَسَنٌ في نفسه، قد يغفل إنسانٌ عن أن التفكر في الذات الإلهية خارج عن تلك القاعدة، لأنّه إعمالٌ للفكر فيما لا يمكن الوصول إليه، فكلَّما زاد من إعمال الفكر فيه كلّما زاد بعداً عما يريد الوصول إليه.
    إذ كلّ ما يمكن أن يخطر في البال أو الفكر أو الوهم هو مخلوقٌ من مخلوقات الله تعالى، فهو غير الله تعالى، فكلّ ما فكّر فيه العبد وهو يظنّ أنه يقترب منه تعالى كان مسيره معاكساً تماماً..

    لذا نهى الأئمة (عليهم السلام) عن التفكّر في ذاته تعالى لئلا يؤدي إلى الضلال، وأرشدوا الناس إلى التفكّر في مخلوقاته، لأنّ التفكر فيها طريق لإدراك عظمته عزّ وجل.

    ونتبرّك بذكر إثنتي عشرة رواية في ذلك:

    1. عن أبي عبد الله (عليه السلام): إِيَّاكُمْ وَالتَّفَكُّرَ فِي الله، فَإِنَّ التَّفَكُّرَ فِي الله لَا يَزِيدُ إِلَّا تَيْهاً، إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ﴾ وَلَا يُوصَفُ بِمِقْدَارٍ(4).
    2. وعنه (عليه السلام): يَا مُفَضَّلُ، مَنْ فَكَّرَ فِي الله كَيْفَ كَانَ هَلَك(5).
    3. وعن أبي جعفر (عليه السلام): ٍ تَكَلَّمُوا فِي كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَلَا تَتَكَلَّمُوا فِي ذَاتِ الله‏(6).
    4. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إِيَّاكُمْ وَالتَّفَكُّرَ فِي الله، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى عَظَمَتِهِ فَانْظُرُوا إِلَى عَظِيمِ خَلْقِهِ(7).
    5. عن أبي عَبْدِ الله (عليه السلام): مَنْ نَظَرَ فِي الله كَيْفَ هُوَ هَلَكَ(8).
    6. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): مَنْ تَفَكَّرَ فِي ذَاتِ الله ألحدَ(9).
    7. وعنه (عليه السلام): مَنْ تَفَكَّرَ فِي ذَاتِ الله تَزَنْدَقَ(10).
    8. وعنه (عليه السلام): اتَّقُوا الله أَنْ تُمَثِّلُوا بِالرَّبِّ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ.. أَوْ تُعْمِلُوا فِيهِ الْفِكْر(11).
    9. وعن أبي عبد الله (عليه السلام): إِيَّاكُمْ وَالْكَلَامَ فِي الله، تَكَلَّمُوا فِي عَظَمَتِهِ وَلَا تَكَلَّمُوا فِيهِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الله لَا يَزْدَادُ إِلَّا تَيْها(12).
    10. وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): تَكَلَّمُوا فِي خَلْقِ الله وَلَا تَتَكَلَّمُوا فِي الله فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الله لَا يَزْدَادُ صَاحِبَهُ إِلَّا تَحَيُّرا(13).
    11. وعن الصادق (عليه السلام): فَإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى الله فَأَمْسِكُوا (14).
    12. عن الباقر (عليه السلام): إِنَّهُ كَانَ فِيمَا مَضَى قَوْمٌ تَرَكُوا عِلْمَ مَا وُكِّلُوا بِهِ، وَطَلَبُوا عِلْمَ مَا كُفُوهُ، حَتَّى انْتَهَى كَلَامُهُمْ إِلَى الله فَتَحَيَّرُوا، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُدْعَى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَيُجِيبُ مِنْ خَلْفِهِ، وَيُدْعَى مِنْ خَلْفِهِ فَيُجِيبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ.
    وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى حَتَّى تَاهُوا فِي الْأَرْض(15).

    وغيرها من الروايات، وهي توافق حكمَ العقل الذي تقدّم، من امتناع اكتناه الذات المقدسة، وترشد إلى أن التفكّرٍ في حقيقته تعالى يورث الضلال والحيرة والتيه والهلاك والإلحاد والزندقة.

    ومن أمثلة ذلك ما رواه النيشابوري في تذكرة الأولياء عن أبي يزيد البسطامي أحد أئمة التصوّف والعرفان مما كان يصيبه من التيه، فقال: يروى: أن أبا يزيد... عندما كان يتحدث في الذات، كان ينهض من المكان، ويأخذ في الحركة، ويقول: جاء، جاء، وانتهى(16)‏.

    وما رواه عنه أيضاً: يروى: أن أبا يزيد كان يتحدث عن الحقيقة ذات يوم، وكان يمص شفتيه، ويقول: أنا الشارب والشراب والساقي أيضا(17).

    ولا عبرَة بما توهّمه بعضهم من أنّ النهي عن التفكر في الذات مختصّ بضعفاء العقول فيكون المنع خاصاً بهم، أما الصدّيقون فإنهم يطيقون التفكّر أحياناً لا دواماً! فإنّه مخالفٌ لما تقدّم من حكم العقل والنقل.

    قال الملا صدرا وهو واحد ممن اشتبه عليهم الأمر في ذلك:
    واعلم ان أكثر الناس بل كلهم الا القليل، ضعفاء العقول قصراء الأنظار، لا يطيقون التفكر في ذاته وصفاته ومعاني اسمائه، ولهذا وقع المنع لهم في الشريعة عنه.
    وقيل: تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله، لان العقول لا تطيق مدّ البصر إليه الا الصديقون، فهم لا يطيقون دوام النظر..
    وأحوال الصديقين كحال الإنسان في النظر الى الشمس، فإنّه يقدر على النظر إليها ولكن لا يطيق دوامه، ويخشى على بصره لو دام النظر(18).

    وقال صاحب تفسير الميزان:
    وفي النهي عن التفكر في الله سبحانه روايات كثيرة أخر مودعة في جوامع الفريقين، والنهي إرشادي متعلق بمن لا يحسن الورود في المسائل العقلية العميقة فيكون خوضه فيها تعرضا للهلاك الدائم(19).

    وقولهما خطأ فادح، مع شدّة ضعفه وخطورته.. فإن الثاني يرى أن النهي عن التفكر في ذات الله تعالى خاصٌّ بفئة لا تحسن المسائل العقلية، وعليه فإنّه فتح باباً لمن يزعم في نفسه القدرة العقلية العميقة على التفكر في ذات الله، وليس بعدها إلا التيه والضلال والحيرة كما دلّ العقل والنقل.

    والأول يرى أن المنع لا يشمل الصديقين أصحاب المقامات الرفيعة، فإنه يسوغ لهم التفكر في ذاته تعالى لكنهم يدركون شيئاً من هذه الحقيقة إدراكاً عابراً! وكأن حقيقة الله تعالى تُدرك لبعض الناس في بعض الأوقات دون بعض! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
    إن الخشية على البصر والفكر والنفس والروح والعقل حاصلةٌ لا محالة، سواءٌ كان المتفكّر من أكثر الناس ضعفاً في عقله كما يقولون أم كان من الصدّيقين.. على أنّ الصدّيقين بأنفسهم أجلّ من أن يقدموا على ما فيه هلاكهم وتيههم وضلالهم.

    وإذا كان التفكر الذي هو التأمل(20) أمراً منهياً عنه بالعقل والنقل، فإن حال التعمّق لا يختلف عن التفكّر، كما تقدّم عن الإمام (عليه السلام): سَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً.
    فإنّ المتعمِّق هو‏: المبالغ في الأمر المتشدد فيه الذي يطلب أقصى غايته(21).
    فمن يتشدّد في طلب أقصى الغاية التي لا تُدرك لا يزداد إلا بُعداً.

    لقد حذّر الإمام زين العابدين (عليه السلام) هؤلاء ووضع لهم حدّاً يقفون عنده، حينما أتى على ذكر القوم المتعمّقين في آخر الزمان، فنبّههم إلى الوقوف عند حدود ما جاء في الكتاب الكريم عن التوحيد.
    عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) عَنِ التَّوْحِيدِ فَقَالَ:
    إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ مُتَعَمِّقُونَ فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ وَالْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ الحدِيدِ إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ فَمَنْ رَامَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ‏(22).

    فإنّ الحديث في مقام التحذير من تجاوز آيات الكتاب الكريم في سورة الإخلاص وآيات سورة الحديد، وهو واضحٌ في تحديد الحدّ، ويحذّرهم من أن من رام وراء تلك الآيات التوحيدية فقد هلك، وهذا جليٌّ في كون اللسان لسانَ تحذير من الاستغراق في التعمّق وراء ما أمر الله، فإن هذا هو الحد الذي يهلك من تجاوزه.
    وإلى هذا المعنى أشار العديد من العلماء في تعليقهم على هذا الحديث كالمجلسي(23) والمازندراني(24) والقزويني(25) والتبريزي(26) وغيرهم فليراجع..

    فإنه واضح في أن الميزان المطلوب هو ما كلّف الله العبادَ علمَه ونطق به الكتاب الكريم والسنة الشريفة، والمذموم ما لم يفرضه الله على العبد من الغيب المحجوب الذي لا يمكن اقتحامه، بل وأن الرسوخ هو في الاعتراف بالعجز عن تناوله لا الغوص فيما لا يمكن ولا ينبغي الغوص فيه.

    التفكر في خلق الله وآياته

    نعم فَتَح الله تعالى للخلق أبواباً لإدراك عظمته، حيث حثّهم على التفكّر في خلقه وآياته، وورد ذلك عشرات المرّات في القرآن الكريم والسنة الشريفة، ومن ذلك قوله تعالى:

    ﴿كَذلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ‏﴾(27).
    ﴿وَ يَتَفَكَّرُونَفي‏ خَلْقِ السَّماواتِ والْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ﴾(28).
    ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ‏﴾(29).
    ﴿كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏﴾(30).
    ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏﴾(31).
    ﴿يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ والزَّيْتُونَ والنَّخيلَ والْأَعْنابَ ومِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾‏(32).
    ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(33)‏.
    ﴿أَ ولَمْ يَتَفَكَّرُوا في‏ أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ الله السَّماواتِ والْأَرْضَ وما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالحقِّ وأَجَلٍ مُسَمًّى وإِنَّ كَثيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ﴾(34).
    ﴿وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏﴾(35).
    ﴿وَيُرْسِلُ الْأُخْرى‏ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(36)‏.
    ﴿وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الْأَرْضِ جَميعاً مِنْهُ إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(37).
    ﴿لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ الله وتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾‏(38).

    وغيرها من الآيات والروايات، التي حصرت التفكر في خلق الله تعالى وآياته.. وفي كلٍّ منها أبوابٌ وأبواب يجول فيها الفكر مُتَلَمِّساً شيئاً من عظمة الله تعالى:
    وفي كلّ شيء له آيةٌ تدلّ على أنه واحد

    (1) الكافي ج8 ص394.
    (2) نهج البلاغة ص125.
    (3) توحيد المفضل ص177 وما بعدها.
    (4) الأمالي للشيخ الصدوق ص503.
    (5) التوحيد للشيخ الصدوق ص460.
    (6) الكافي ج1 ص92.
    (7) الكافي ج1 ص93.
    (8) الكافي ج1 ص93.
    (9) عيون الحكم ص449.
    (10) عيون الحكم ص456.
    (11) روضة الواعظين ص37.
    (12) التوحيد للشيخ الصدوق ص457.
    (13) الكافي ج1 ص92.
    (14) الكافي ج1 ص92.
    (15) الكافي ج1 ص92.
    (16) تذكرة الأولياء (معرب) ص375.
    (17) تذكرة الأولياء (معرب) ص379.
    (18) شرح أصول الكافي للملا صدرا ج3 ص132.
    (19) تفسير الميزان ج19 ص53.
    (20) كما في مجمع البحرين ج‏3 ص299 ولسان العرب ج‏5 ص65 وتاج العروس ج7 ص359.
    (21) لسان العرب ج‏10 ص271، وكتاب العين ج‏1 ص187، ومجمع البحرين ج5 ص218.
    (22) الكافي ج‏1 ص91.
    (23) مرآة العقول ج9 ص208.
    (24) شرح الكافي ج3 ص191.
    (25) الشافي في شرح الكافي ج2 ص145.
    (26) الهدايا لشيعة أئمة الهدى ج2 ص103.
    (27) البقرة 219 و226.
    (28) آل عمران 191.
    (29) الأعراف 176.
    (30) يونس 24.
    (31) الرعد 3.
    (32) النحل 11.
    (33) النحل 69.
    (34) الروم 8.
    (35) الروم 21.
    (36) الزمر 42.
    (37) الجاثية 13.
    (38) الحشر 21.

    من كتاب (عرفان آل محمد ع) ص50.

    شعيب العاملي

  • #2
    بسم الله . الاخ شعيب العاملي . حفظكم الرب الكريم . الموضوع عنوانه قد يؤذي أويخدش مشاعر من تعلق بالعرفان وعنوانكم العرفان وأتباع الشيطان وعندنا علماء عرفوا في مسيرتهم من أهل العرفان كانوا أموات أوأحياء ولهم تاريخ معروف بحفظ العرفان الصحيح الغير منحرف بالتسميات او اشخاص لهم تنظير اوكلام نظري يكون فيه أخطاء لانه لم يصل او يشاهد ممايكتب في أعتقادي ومعرفتي بخط العرفان الحقيقي التي يكون فيه مشاهده للأشياء الخارجه عن الماديات يكون النقل صحيح ربما تخون القارئ مايعني بالمفهوم الحقيقي لأنه ينقل حقائق واقعيه بمشاهدة النور أوعالم مادة الجواهر الشفافه وحيث أني من الذي عرف طريق العرفان عن أشياء واقعيه وليس لي شأن أوأحسب على رجال الدين لأني أكاديمي وليس قرأت سابقآ لأكون عندي ميول للعرفان لكن عندما أتتني بعض الاشياء والمشاهدات البسيطه وانا لا أعرفها في مرحلة الشباب وانا ألآن في العقد الخامس قرأت وأطلعت ووجدتها حقائق يشهد الله على مأقول ربما أخي شعيب ربما تقصد شئ وأنا لا أعرف ماذا تعني بقلت خبرتي نريد منك توضح بمفهوم واضح هل تقصد عرفان أل محمد عليهم السلام ليس فيه مشاهدات نورانيه أوغيرها كل شئ عندكم ماهو موجود يدل عقليآ على وجود الله تعالى عن طريق الخلق يدل عليه ولايوجد عرفان ومشاهدة وأنهم أتباع شيطان ٌقسمآ بذات الله كلما أكتب بهذا الموضوع يشع النور منتشر وأنا أكتب ربما أنفعل لأني أرى حقيقه وليس لي نقاش عن معرفة ذات الحق هذا أمر ثاني ِشكرآ

    تعليق


    • #3
      بسم الله . السلام عليكم أيها القارئ الكريم أكتب بشعور الميت جسديآ لاميت روحيآ لأان الروح ستبقى أزليه بحسابها مع الرب ألازلي كانت في الجنه أو النار وأنت كذلك فيجب علينا لانتعصب بهذا العالم الجسدي المادي ونكتب بصدق ليس لنصرة أنفسنا لأننا وررائها حساب مما نقول ونكتب لكننا لابد نشر مايدور من حقائق روحانية تثبت الدليل على وجود أشياء بعالمنا قد ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم تثبت على شئ يصل الانسان وجود خالق ليس بطريق الماديات وأنما بعوالمه الغير ماديه ومراحل الروح في هذا العالم العجيب الذي يجعل الانسان يحس ويلمس بألتدرج كيف يعرف لماذا خلق الانسان وماهي قيمته وهدف الله تعالى من خلقه وتصديق وتمعن من كتاب الله الكريم وآياته التي تحاكي الانسان وروحه وكيف ارتباطها بالحق * ونفخت فيه من روحي * ماهي تلك النفخه وهل يكون التفسير واحد على قياتس جميع البشر أم تتفاوت حسب من عرف تلك النفخه وعلم أرتباطها بالنفخه بحقيقة الأيمان . وكما جاء أمامي زين العابدين عليه السلام عن الروايه عن الباحثون عن الحقيقه الازليه في أخر الزمان فأنزل الرب الكريم في محكم كتابه * قل هو الله أحد * ماذا تعني كل شي واحد وهي مخلوقات وبها من اشياء وخلق شرير يعني حكم عام وهذا لايقبله باحث وعاقل أذآ في أعتقادي والله أعلم روح الانسان الذي بقى فقط روح فانيه يصبح يعرف ألأايه الكريمه * قل هو الله أحد * عذرآ أنوجد خطآ لأاني لم أعيد القرأئه

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X