"وأيضاً، فإن السلف أخطأ كثير منهم في كثير من هذه المسائل، واتفقوا على عدم التكفير بذلك، مثلما أنكر بعض الصحابة أن يكون الميت يسمع نداء الحي، وأنكر بعضهم أن يكون المعراج يقظة، وأنكر بعضهم رؤية محمد ربه، ولبعضهم في الخلافة والتفضيل كلام معروف، وكذلك لبعضهم في قتال بعض، ولعن بعض، وإطلاق تكفير بعض، أقوال معروفة. وكان القاضي شُرَيْح ينكر قراءة من قرأ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12]، ويقول: إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النَّخَعِي. فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه، كان عبد الله أفقه منه، فكان يقول:{ بل عجبتَ} فهذا قد أنكر قراءة ثابتة، وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة، واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة، وكذلك بعض السلف أنكر بعضهم حروف القرآن، مثل إنكار بعضهم قوله: { أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ } [الرعد: 31]، وقال: إنما هى: أولم يتبين الذين آمنوا، وإنكار الآخر قراءة قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]، وقال: إنما هى: ووصى ربك. وبعضهم كان حذف المعوذتين، وآخر يكتب سورة القنوت، وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر، ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا، وإن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر.
(كتاب مجموع الفتاوى – ابن تيمية - ج 12 ، صفحة 493)
(كتاب مجموع الفتاوى – ابن تيمية - ج 12 ، صفحة 493)
تعليق