ما_هو_إفطار_إمام_زماننا؟
نشتاق لمعرفة حال الإمام في هذا الشهر الكريم، فنحاول جاهدين أن نلحق بآثاره، نتتبّع فصول رضاه، لنكون تحت عين محبّته، إلى أن يصل الواحد منّا عند ساعة الإفطار فيسأل مع أوّل شربة ماء: أتراه يشرب الآن؟ أم يذكر جدّه الحسين (ع)؟ ما هو طعامه هذه الليلة! وأيّ طبقٍ يحبّه أكثر؟!.
ولئن غاب الجواب عنّا، ففي أخبار أجداده ما يوضح حاله (سلام الله عليه)، حيث نقرأ أنّه لمّا قدّمت ابنة أمير المؤمنين (ع) لأبيها طبقاً فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن وملح جريش، نظر إليه وتأمّله ثمّ حرّك رأسه وبكى، نعم استكثر ما بين يديه!! لذا قال: يا بنيّة أتقدّمين إلى أبيك إدامين في فرد طبق واحد؟!.
ونقرأ في سيرة الإمام الحسين (ع) أنّه كان صائماً في يوم عرفة، وكان إفطاره فقط قدح سويق! وهو الطعام المعمول من دقيق الحنطة. ومن عظيم ما كان يفعله الإمام زين العابدين (ع) أنّه إذا صام يأمر بشاةٍ فتذبح وتطبخ، فإذا كان المساء أكبّ على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم ثم يقول: هاتوا القصاع... اغرفوا لآل فلان، ولآل فلان، ولآل فلان، حتى لا يبقى شيء فيفطر (روحي فداه) على الخبز والتمر!!. وقد وجدنا أنّ الإمام الرضا (ع) -مع وجوده في منصب ولاية العهد- ترك لذائذ الطعام، وكان على المروي "خفيف الأكل قليل الطعام".
فإذا عدنا إلى سؤال: ما هو إفطار إمام زماننا (عج) لقلنا: إنّ الإمام لا يختلف عن آبائه الطاهرين، فطعامه قليل بسيط متواضع، لا تشغله الأذواق، ولا تتخمه الأطباق، وقد روي عن جدّه المصطفى (ص) قوله: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع"، وهذا النموذج هو امتداد رسالي لأهلِ الله، والإمام المهدي (عج) لا يختلف عن سيرة آبائه الأطهار، فإن قيل إنّ قلّة الطعام لها جوانب تربويّة متّصلة بالاجتماع والناس ومواساة الفقراء والمساكين، والإمام غائب عنهم، لقلنا: إنّ هذا الجانب ليس هو سبب الإقلال حصراً، فهناك جوانب ذاتيّة في قلّة الأكل كما دلّت على ذلك الروايات، ومنها أنّ كثرة الطعام وتنوّعه يؤدّي إلى:
قلّة الفاعليّة، والكسل عن الطاعة، وسوء الصحّة، وسقم البدن، وقسوة القلب، بالإضافة إلى تحقّق الإسراف في كثير من الأحيان. وأخطر ما في الأمر أنّ إشباع هذه الشهوة بشكل واسع تتعاظم معها الرغبة ليصبح الإنسان أسيراً للأطباق الملوّنة، مستجيباً لمطالب بطنه، ثمّ تتحوّل المعدة إلى سلطان لا يُغلب، ليكون بعدها الإنسان مرتهناً للبطن لا للعقل، والبطنة تُذهِبُ الْفِطنَة!
السلام عليك حين تصْبِحُ وتمسي
- اللهم_عجّل_لوليّك_الفرَج
تعليق