اهتمت الدراسات التأريخية في القرآن الكريم بالعديد من الجوانب الانسانية، حيث دُرِسَت فيه شعيرة من الشعائر الانسانية هي شعيرة البكاء، إذ ان القرآن الكريم قد ذكرها في العديد من نصوصه كذلك في أحاديث الرسول الكريم محمد?، فقد بيّنا العديد من الأحاديث والروايات على حث الرسول الكريم محمد? على البكاء، والمدح والثناء للباكين وبكاء السموات والأرض على الإمام الحسين? ، وبكاء الرسول? وأهل بيته على الإمام الحسين?.
كما تطرقنا الى ان البكاء حالة وجدانية وانسانية منذ عهد آدم? ولن تنسى وهي حالة وجدانية فطرية للطبيعة الانسانية، لذلك فكل الأنبياء هم بكاءون وهذا ما عبَّر عنه الرسول الكريم محمد? نحن معاشر الأنبياء فينا البكاء.
المبحث الأول
البكاء في اللغة والاصطلاح
قبل الخوض في مفردات البحث والدراسة، ينبغي أن نوضح معنى البكاء في اللغة والاصطلاح، لتوضيح أن المعنى العام هو ليس النياحة.
"فالبكاء يقصر ويمد، إذا مددت أردتَ الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرتَ اردتَ الدموع وخروجها"( ).
في اللغة البكاء مشتق من الفعل بكى يبكي بكاءاً( ).
فالبكاء بالمد سيلان الدموع على حزن وعويل( )، وهذا ما جاء على لسان حسان بن ثابت( )، في وصف بكاء كعب بن مالك( )، في أبيات منها:
بكت عيني وحق لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل( )
فالبيت الشعري يبين أن البكاء حق من حقوق العين، وهذا ربما للطبيعة النفسية للإنسان، ولاسيما وهو يخوض تجربة الحياة بكل عنفوانها، لذلك ذكر ابن الاثير( ) حديثاً يصف فيه حالة البكاء عند الأنبياء، إذ جاء فيه " نحن معاشر الأنبياء فينا البكاء" فإذا كان الأنبياء وهم المصطفون وجدت فيهم هذه الشعيرة فما حال الإنسان العادي، الذي لا يملك شيئاً إلا الرحمة من عند ربه.
وقد يكون احتياج الإنسان إلى هذه الرحمة من خلال البكاء ، إذ جاء على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " هذه رحمة وإنما يرحم الله عباده الرحماء " ( )، وهذا ربما جاء نتيجة الفوائد المتأتية منه، فإن الفائدة الكبرى في مرحلة الطفولة تأتي كون أدمغة الأطفال فيها رطوبة إن بقيت فيها أحدثت احداثاً جليلة، وعِللاً عظيمة من ذهاب البصر وغيره، فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم ( ).
ويمكن القول ان البكاء هو غير منافٍ للصبر ولا للرضا بالقضاء، إنما هو طبيعة بشرية وجبلة إنسانية ورحمة إلهية لا حرج في إظهارها ولا ضرر في إخراجها، ما لم تشتمل على أحوال تأذن بالسخط وتنبئ عن الجزع ( )، ولذلك نهى عن اللطم والنوح، وأن يطلق لسان المرء فيما يسخط ربه ( ).
1-جذور البكاء عند الأنبياء (عليهم السلام):
أخذ الأنبياء (عليهم السلام) أوفر رحمة من الله ألا وهي البكاء، فكان في قلوبهم لعباد الله أكثر من غيرهم ( )؛ لذا سوف نوضح كيف كان البكاء عندهم، على الرغم من اختلال أمر وأجر كل منهم.
فذكر الصالحي الشامي ( ):" إن النبي آدم (عليه السلام) حينما خرج من الجنة بكى اربعين صباحاً ساجداً على الجنة، وكان على خديه أثر مثل النهرين العجاجين العظيمين من الدموع" ، وقد روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " لو جمع بكاء أهل الدنيا إلى بكاء داود لكان بكاء داود أكثر، ولو جمع بكاء أهل الدنيا وبكاء داود إلى بكاء نوح لكان بكاء نوح أكثر، ولو جمع بكاء أهل الدنيا وبكاء داود ونوح (عليهما السلام) إلى بكاء آدم على خطيئته لكان بكاء آدم أكثر"( )، أي أن بكائه عظيم وكبير وهو أبو البشرية جمعاء، وقد قارنه الرسول (صلى الله عليه وآله) بأحفاده من الأنبياء وفاقهم، فإذا كان آدم (عليه السلام) هو أكثر البكائيين فكيف بالعباد.
وبين الصالحي الشامي( )" إن بكاء قابيل على أخيه هابيل دام أربعين ليلة، وبكاء السيدة هاجر (عليها السلام) قد ذكر في نص التوراة :" فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت" وبكاء يعقوب (عليه السلام) على ولده يوسف (عليه السلام)" وبكاء موسى (عليه السلام) على قومه، وهو بكاء الرحمة واللطف لأمته وأن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد بالبكاء أن يرحم الله أمته بركة القبول والتوحد في هذه الساعة ( )، وبكى النبي شعيب (عليه السلام) من حب الله حتى عمي، فيذكر الصدوق ( ) رواية عن الزهري( ) عن أنس قال : "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بكى شعيب (عليه السلام) من حب الله عز وجل حتى عمي، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره ,ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره, فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه: يا شعيب ، إلى متى يكون هذا أبدا منك، إن كان هذا خوفا من النار فقد أجرتك، وإن يكن شوقاً إلى الجنة أرحتك، قال إلهي وسيدي أنت تعلم أني ما بكيت خوفاً من نارك ولا شوقاً إلى جنتك، ولكنت عقد حبك على قلبي فلستُ أصبر أو أراك. فأوحى الله جل جلاله إليه: أما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران" .
أما النبي عيسى (عليه السلام) " فإنه حينما علم بموت أمه بكى، جاء من الجبل إلى قرية من قرى بني إسرائيل، فنادى بصوت حزين، السلام عليكم، وأضاء وجهه لهم، قالوا له: من أنت ؟ قال : أن روح الله عيسى بن مريم، إن أمي ماتت غريبة فأعينوني على غسلها وكفنها ودفنها، فقالوا، يا روح الله ان هذا الجبل كثير الأفاعي لم يسلكه أباؤنا وأجدادنا منذ ثلاثمائة سنة ، فهذا الحنوط والكفن فسر، فتولى عيسى (عليه السلام) غسلها فرأى جبرائيل وميكائيل، وهبطت الحور العين فتولوا أمرها فلما كفنها عيسى (عليه السلام) رمة بنفسه عليها وهو يبكي حتى بكت الملائكة من بكائه فجاء جبرائيل فرفعه" ( )، وبكى داود (عليه السلام)، إذ قال ابن بريدة( ) :" لو عدل أهل الأرض ببكاء داود ما عدله، ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم حين أهبط إلى الأرض ما عدله"( ) ، أي أن الأنبياء (عليهم السلام) بكوا وقيل في الحديث : فإن لم تجدوا بكاءً فتباكوا اي تكفلوا البكاء" ( ).
كما تطرقنا الى ان البكاء حالة وجدانية وانسانية منذ عهد آدم? ولن تنسى وهي حالة وجدانية فطرية للطبيعة الانسانية، لذلك فكل الأنبياء هم بكاءون وهذا ما عبَّر عنه الرسول الكريم محمد? نحن معاشر الأنبياء فينا البكاء.
المبحث الأول
البكاء في اللغة والاصطلاح
قبل الخوض في مفردات البحث والدراسة، ينبغي أن نوضح معنى البكاء في اللغة والاصطلاح، لتوضيح أن المعنى العام هو ليس النياحة.
"فالبكاء يقصر ويمد، إذا مددت أردتَ الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرتَ اردتَ الدموع وخروجها"( ).
في اللغة البكاء مشتق من الفعل بكى يبكي بكاءاً( ).
فالبكاء بالمد سيلان الدموع على حزن وعويل( )، وهذا ما جاء على لسان حسان بن ثابت( )، في وصف بكاء كعب بن مالك( )، في أبيات منها:
بكت عيني وحق لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل( )
فالبيت الشعري يبين أن البكاء حق من حقوق العين، وهذا ربما للطبيعة النفسية للإنسان، ولاسيما وهو يخوض تجربة الحياة بكل عنفوانها، لذلك ذكر ابن الاثير( ) حديثاً يصف فيه حالة البكاء عند الأنبياء، إذ جاء فيه " نحن معاشر الأنبياء فينا البكاء" فإذا كان الأنبياء وهم المصطفون وجدت فيهم هذه الشعيرة فما حال الإنسان العادي، الذي لا يملك شيئاً إلا الرحمة من عند ربه.
وقد يكون احتياج الإنسان إلى هذه الرحمة من خلال البكاء ، إذ جاء على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " هذه رحمة وإنما يرحم الله عباده الرحماء " ( )، وهذا ربما جاء نتيجة الفوائد المتأتية منه، فإن الفائدة الكبرى في مرحلة الطفولة تأتي كون أدمغة الأطفال فيها رطوبة إن بقيت فيها أحدثت احداثاً جليلة، وعِللاً عظيمة من ذهاب البصر وغيره، فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم ( ).
ويمكن القول ان البكاء هو غير منافٍ للصبر ولا للرضا بالقضاء، إنما هو طبيعة بشرية وجبلة إنسانية ورحمة إلهية لا حرج في إظهارها ولا ضرر في إخراجها، ما لم تشتمل على أحوال تأذن بالسخط وتنبئ عن الجزع ( )، ولذلك نهى عن اللطم والنوح، وأن يطلق لسان المرء فيما يسخط ربه ( ).
1-جذور البكاء عند الأنبياء (عليهم السلام):
أخذ الأنبياء (عليهم السلام) أوفر رحمة من الله ألا وهي البكاء، فكان في قلوبهم لعباد الله أكثر من غيرهم ( )؛ لذا سوف نوضح كيف كان البكاء عندهم، على الرغم من اختلال أمر وأجر كل منهم.
فذكر الصالحي الشامي ( ):" إن النبي آدم (عليه السلام) حينما خرج من الجنة بكى اربعين صباحاً ساجداً على الجنة، وكان على خديه أثر مثل النهرين العجاجين العظيمين من الدموع" ، وقد روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " لو جمع بكاء أهل الدنيا إلى بكاء داود لكان بكاء داود أكثر، ولو جمع بكاء أهل الدنيا وبكاء داود إلى بكاء نوح لكان بكاء نوح أكثر، ولو جمع بكاء أهل الدنيا وبكاء داود ونوح (عليهما السلام) إلى بكاء آدم على خطيئته لكان بكاء آدم أكثر"( )، أي أن بكائه عظيم وكبير وهو أبو البشرية جمعاء، وقد قارنه الرسول (صلى الله عليه وآله) بأحفاده من الأنبياء وفاقهم، فإذا كان آدم (عليه السلام) هو أكثر البكائيين فكيف بالعباد.
وبين الصالحي الشامي( )" إن بكاء قابيل على أخيه هابيل دام أربعين ليلة، وبكاء السيدة هاجر (عليها السلام) قد ذكر في نص التوراة :" فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت" وبكاء يعقوب (عليه السلام) على ولده يوسف (عليه السلام)" وبكاء موسى (عليه السلام) على قومه، وهو بكاء الرحمة واللطف لأمته وأن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد بالبكاء أن يرحم الله أمته بركة القبول والتوحد في هذه الساعة ( )، وبكى النبي شعيب (عليه السلام) من حب الله حتى عمي، فيذكر الصدوق ( ) رواية عن الزهري( ) عن أنس قال : "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بكى شعيب (عليه السلام) من حب الله عز وجل حتى عمي، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره ,ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره, فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه: يا شعيب ، إلى متى يكون هذا أبدا منك، إن كان هذا خوفا من النار فقد أجرتك، وإن يكن شوقاً إلى الجنة أرحتك، قال إلهي وسيدي أنت تعلم أني ما بكيت خوفاً من نارك ولا شوقاً إلى جنتك، ولكنت عقد حبك على قلبي فلستُ أصبر أو أراك. فأوحى الله جل جلاله إليه: أما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران" .
أما النبي عيسى (عليه السلام) " فإنه حينما علم بموت أمه بكى، جاء من الجبل إلى قرية من قرى بني إسرائيل، فنادى بصوت حزين، السلام عليكم، وأضاء وجهه لهم، قالوا له: من أنت ؟ قال : أن روح الله عيسى بن مريم، إن أمي ماتت غريبة فأعينوني على غسلها وكفنها ودفنها، فقالوا، يا روح الله ان هذا الجبل كثير الأفاعي لم يسلكه أباؤنا وأجدادنا منذ ثلاثمائة سنة ، فهذا الحنوط والكفن فسر، فتولى عيسى (عليه السلام) غسلها فرأى جبرائيل وميكائيل، وهبطت الحور العين فتولوا أمرها فلما كفنها عيسى (عليه السلام) رمة بنفسه عليها وهو يبكي حتى بكت الملائكة من بكائه فجاء جبرائيل فرفعه" ( )، وبكى داود (عليه السلام)، إذ قال ابن بريدة( ) :" لو عدل أهل الأرض ببكاء داود ما عدله، ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم حين أهبط إلى الأرض ما عدله"( ) ، أي أن الأنبياء (عليهم السلام) بكوا وقيل في الحديث : فإن لم تجدوا بكاءً فتباكوا اي تكفلوا البكاء" ( ).
تعليق