إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

<<نيويورك تايمز>>: ملامح تحوّل أميركي تجاه <<حزب الله>>

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • <<نيويورك تايمز>>: ملامح تحوّل أميركي تجاه <<حزب الله>>

    <<نيويورك تايمز>>: ملامح تحوّل أميركي تجاه <<حزب الله>>
    رايس تنفي تغيّر موقف واشنطن ... وتتجنب اتهامه بالإرهاب





    قالت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليسا رايس امس ان الولايات المتحدة لم تغير موقفها من <<حزب الله>>، متجنبة في الوقت نفسه تكرار الاتهام الاميركي له بأنه <<منظمة ارهابية>>، وذلك بعدما ذكرت صحيفة <<نيويورك تايمز>> ان الولايات المتحدة تراجعت عن مطالبتها بنزع سلاح الحزب ووجدت نفسها مرغمة، ازاء <<قوته السياسية الهائلة في لبنان>>، على الانضمام الى جهود فرنسا والأمم المتحدة من اجل توجيه الحزب للانخراط في الحياة السياسية اللبنانية.
    وقالت رايس لصحافيين كانوا يرافقونها في الطائرة التي أقلتها الى مكسيكو، <<ان النظرة الاميركية الى حزب الله لم تتغير>>. اضافت <<اننا نركز في الوقت الراهن على إزالة العامل المصطنع في السياسة اللبنانية وهو القوات السورية والاجهزة الامنية السورية. على القوات السورية ان تخرج>> من لبنان.
    وكان لافتا ان رايس تجنبت تكرار اللازمة الاميركية بأن حزب الله <<منظمة إرهابية>>.
    وتابعت رايس <<ان الهدف على المدى القصير هو التأكد من ان الشعب اللبناني سيحصل على امكان التصويت بحرية وعلى تقرير مصيره، ولهذا السبب نركز على انسحاب القوات السورية>>.
    وأوضحت وزيرة الخارجية الاميركية <<سنقوم بأمر واحد في هذا الوقت. لبنان هو مكان معقد للغاية تكتنفه عوامل سياسية كثيرة معقدة، لكن لا يمكن إيجاد الانسجام بينها الى ان تخرج القوات السورية، وأن نرى توازن القوى الحقيقي وتوازن المصالح الحقيقي في لبنان>>.
    وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان، من جهته، ان <<التقرير يوحي بأن وجهة نظرنا تغيرت بشأن حزب الله والامر ليس كذلك>>. وسئل ماكيلان عما اذا كان تقرير الصحيفة صحيحا، فأجاب <<انه خاطئ>>.
    وتابع <<ان هدفنا، الذي يشاركنا إياه المجتمع الدولي، هو ان تخرج سوريا من لبنان، وهو ما يدعو إليه قرار مجلس الامن الرقم 1559. نريد ان نرى انتخابات حرة ونزيهة من دون ترهيب وتدخل خارجيين>>.
    من جهته، اقر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية آدم اريلي بأن لحزب الله وجودا سياسيا في لبنان. وقال <<لا يعود إلينا ان نحدد من يقوم بدور سياسي في لبنان من بين اللبنانيين>>.
    وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان ثمة اعترافا بين المسؤولين الاميركيين بالقوة السياسية لحزب الله، لكنه نفى حدوث اي تغير في السياسة الاميركية تجاهه. أضاف <<علينا ان نعيش في عالم واقعي وللأسف في هذا العالم يدخل اناس لا نحبهم في حقيقة الامر هيئة منتخبة. حزب الله، مثله في ذلك مثل حماس في الاراضي الفلسطينية، يمثل قوة سياسية. لكن اعترافنا، كما نفعل دائما، بهذا الواقع لا يعني اننا غيرنا سياستنا تجاههم>>.
    كذلك قال مسؤول بارز في ادارة الرئيس جورج بوش <<نظرتنا الى حزب الله لم تتغير. انه جماعة إرهابية>>. أضاف <<حقيقة نحن نريد أن نرى نزع سلاحهم طبقا لقرار مجلس الامن الرقم 1559. وفور نزع السلاح يكون بمقدورهم أداء أي دور سياسي في لبنان يمكنهم الفوز به ديموقراطيا في الانتخابات. هذا لا يمثل أي تغيير في موقف الولايات المتحدة>>.
    وأدلى عضوا مجلس النواب الاميركي، ايلينا روس ليتنن وإليوت انغل، راعيا <<قانون تحرير سوريا ولبنان>>، الذي تجري مناقشته في لجان الكونغرس بهدف إقراره قريبا، بدلوهما في
    الموضوع. وقالت روس ليتنن <<نحن نعلم ما هو حزب الله وما هو بقادر عليه>>. أما انغل، فقال من جهته ان حزب الله <<يجب ألا يكون مرحبا به قبل ان يتخلى عن الارهاب، وواضح انه مجموعة ارهابية>>.
    كذلك قالت النائبة جاين هارمان، العضو الديموقراطي النافد في <<لجنة الاستخبارات>> في مجلس النواب الاميركي، <<الحقيقة الواضحة هي ان حزب الله هو ميليشيا إرهابية عسكرية، مسؤولة عن مئات عمليات القتل، بينها لأميركيين>>.
    و<<حزب الله>> مدرج على قائمة وزارة الخارجية الاميركية للمنظمات الارهابية، على عكس تلك الاوروبية.
    وكان تقرير <<نيويورك تايمز>> قد نقل عن مسؤولين في الادارة الاميركية قولهم انه بعد سنوات من شن حملة لا هوادة فيها ضد <<حزب الله>>، باعتباره قوة منبوذة، وجدت الولايات المتحدة نفسها مرغمة على الانضمام الى جهود فرنسا والأمم المتحدة من أجل توجيه الحزب للانخراط في الحياة السياسية اللبنانية.
    وأشارت الصحيفة الى ان <<مسؤولين اميركيين وأوروبيين وفي الأمم المتحدة وصفوا التحول الاميركي بأنه اعتراف متردد بأن حزب الله، بالاضافة الى امتلاكه ميليشيا وتنفيذ هجمات ضد اسرائيليين، هو قوة سياسية هائلة في لبنان يمكن ان تعيق الجهود الغربية لانسحاب القوات السورية من لبنان>>.
    واعتبرت <<نيويورك تايمز>> ان <<حزب الله أظهر قوته من خلال رعايته يوم الثلاثاء إحدى اكبر التظاهرات في تاريخ لبنان الحديث، والتي شارك فيها مئات آلاف الاشخاص معظمهم من الشيعة المؤيدين للحزب، في وسط بيروت، تعبيرا عن تحالف الحزب مع سوريا، وبالتالي، وجود 14 ألف جندي سوري في لبنان>>.
    وأشارت الصحيفة الى أن موفد الأمم المتحدة تيري رود لارسن سيضغط، خلال زيارته الى سوريا ولبنان، لتنفيذ الانسحاب السوري من لبنان. وأوضحت ان <<مهمة لارسن تتضمن ايضا، رسميا، المطالبة بنزع سلاح حزب الله، الا انه من الناحية العملية فقد تراجعت تلك المسألة>>، بحسب عدد من المسؤولين.
    ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي مقرب من المفاوضات التي تجري بين لارسن وسوريا قوله ان <<اللاعبين الرئيسيين يجعلون من حزب الله أولوية غير رئيسية>>. اضاف ان <<فرنسا والولايات المتحدة تدركان انه اذا تمت معالجة (مشكلة) حزب الله الآن، فسيدفع ذلك الشيعة الى الوقوف ضدنا. ومع اقتراب الانتخابات في لبنان، نحن لا نرغب في ان يكون جميع الشيعة ضدنا>>.
    وقال مسؤول في الادارة الاميركية للصحيفة <<ايدي حزب الله ملطخة بالدم الاميركي>>، وذلك في اشارة الى مقتل 241 اميركيا في تفجير مقر المارينز في بيروت في العام 1983، مضيفا <<وهو مصنف في الفئة نفسها مع تنظيم القاعدة. الادارة (الاميركية) تمقت بشدة الاعتراف بأن لحزب الله دورا يؤديه في لبنان، لكن هذه هي الدرب التي نسلكها>>.
    ولفتت <<نيويورك تايمز>> الى انه <<قبل اسابيع قليلة فقط، دخلت الولايات المتحدة في جدال مع فرنسا بشأن وضع حزب الله، حيث اوقفت فرنسا جهود وزيرة الخارجية الاميركية كونداليسا رايس لدفع اوروبا الى إدراج حزب الله رسميا على لائحة المنظمات الارهابية، مما كان سيؤدي الى فرض قيود على تمويله>>.
    وترى الصحيفة ان <<الولايات المتحدة قبلت الآن وجهة النظر الفرنسية، التي يوافق عليها الكثيرون في اوروبا، بأن حزب الله يبرز كقوة كبيرة في لبنان الممزق، بحيث إن من الخطر استعداءه الآن ومن الحكمة تشجيع الحزب على المشاركة في الانتخابات اللبنانية>>.
    وأشارت الصحيفة الى ان لحزب الله ميليشيا قوامها 20 ألف رجل، وتتهمه الاستخبارات الاميركية والغربية والاسرائيلية بتمويل مجموعات مناهضة لإسرائيل بأموال إيرانية. كذلك اوضحت <<نيويورك تايمز>> ان <<الحزب يرعى برامج اجتماعية للشيعة، ولديه 13 نائبا في البرلمان اللبناني>>، مرجحة ان يزيد تمثيله في الانتخابات المقبلة.
    ونقلت الصحيفة عن مسؤولين اوروبيين قولهم ان وضع <<حزب الله>> مماثل لوضع حركة <<حماس>>، التي فازت في الانتخابات المحلية الاخيرة في غزة والضفة الغربية، مشيرين الى ضغوط مورست عليها للتحلي بالاعتدال والدخول في مفاوضات مع اسرائيل. وتعتبر الولايات المتحدة وأوروبا <<حماس>> رسميا منظمة إرهابية.
    وتابعت الصحيفة انه منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط الحالي، <<تجادل فرنسا بأنه يجب تشجيع حزب الله على التركيز على العمل السياسي>>، وذلك في موازاة الضغط الاميركي الفرنسي المشترك لانسحاب القوات السورية من لبنان.
    وقال مسؤول فرنسي للصحيفة <<نقول منذ مقتل الحريري انه يجب ألا نبالغ في الضغط على حزب الله>>، مضيفا <<ان ذلك قد يضر ولن يساعد. قد نكون عند نقطة تحول الآن لأن حزب الله قد يتحول الى السياسة فقط. الولايات المتحدة لم تعد تتحدث عن نزع سلاح حزب الله والقضاء عليه بعنف>>.
    وأشارت الصحيفة الى ان <<العديد من المسؤولين الاوروبيين والدبلوماسيين العرب يقولون انه حدثت ردة فعل في المنطقة ضد الهجوم الاميركي الاخير على سوريا والمطالبات بسحب القوات السورية (من لبنان)، وخصوصا ادعاء الادارة الاميركية أن التظاهرات المناهضة لسوريا في لبنان تبرر دعوة بوش الى الديموقراطية في الشرق الاوسط>>.
    ونقلت <<نيويورك تايمز>> عن دبلوماسي عربي قوله <<لمَ لا يدركون انه ما ان ترفع الولايات المتحدة لواء قضية ما، يذهب الشرق الاوسط في الاتجاه المغاير؟>>. اضاف ان <<حزب الله منظمة ارهابية، لكن وضعه تعزز الآن بسبب المعارضة الاميركية>> له.
    واعتبرت الصحيفة ان <<الموقف (الاميركي) الجديد بشأن حزب الله يضع واشنطن في مواجهة غير معتادة مع اسرائيل ومؤيديها، خصوصا اولئك الذين يقولون ان حزب الله يشكل أكبر تهديد على محادثات السلام الهشة بين اسرائيل والفلسطينيين>>.
    وذكرت الصحيفة ان <<مسؤولين اسرائيليين رفضوا التعليق على التطورات الاخيرة، مشيرين فقط الى ان اسرائيل لم تغير اعتقادها بأن حزب الله منظمة إرهابية يجب نزع سلاحها>>.
    وأشارت الصحيفة الى <<الاحترام الكبير>> الذي حظي به الحزب لدوره في تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، واعتبرت ان الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله <<لعب على هذه الورقة خلال تظاهرة بيروت، بإعلانه ان إرغام القوات السورية على الخروج يرقى الى الاستجابة للدعوات الاميركية والاسرائيلية>>.
    ولفتت <<نيويورك تايمز>> الى ان <<إحدى المسائل التي يتعيّن ان تنظر فيها الولايات المتحدة، هي ما اذا كان إبقاء الضغوط لإرغام القوات السورية على الخروج قبل الانتخابات (العامة في أيار)، قد يعطي نتيجة عكسية من خلال تعزيز وضع حزب الله>>. اضافت ان ثمة مسألة أخرى بشأن <<كيفية العمل مع الاوروبيين والعرب بهدف ضمان عدم حصول فوضى بعد الانسحاب السوري>>.
    وأوضحت الصحيفة انه <<برغم ان الجيش اللبناني، بعديده الذي يبلغ 72 ألف رجل، قد يكون قادرا على التعامل مع أي حالة من عدم الاستقرار بعد الانسحاب، الا انه يتردد ان الادارة (الاميركية) تفكر في وسائل اخرى لتجنب حدوث اي اعمال عنف محتملة، عبر ارسال قوات متعددة الجنسيات مثلا>>.
    ونقلت الصحيفة عن ادوارد دجيرجيان، السفير الاميركي السابق في سوريا ومدير <<معهد جيمس بايكر الثالث للسياسة العامة>> في جامعة رايس في هيوستن، قوله ان <<الهدف يجب ان يكون انسحاب القوات السورية>>، مضيفا <<ولكن يجب القيام بذلك بشكل لا يزعزع استقرار لبنان. لا نريد اي عواقب غير متعمدة هناك>>.
    واعتبر دجيرجيان حزب الله <<قوة سياسية وشبه عسكرية مهمة في لبنان لا يمكن تجاهلها>>، مضيفا ان احد الاحتمالات قد يكون توسيع قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان، والتي تبلغ 3 آلاف رجل. الا ان دبلوماسيين قالوا، بحسب الصحيفة، انه تم ابلاغهم ان الولايات المتحدة لا ترغب في قوة موسعة تحت قيادة الأمم المتحدة.
    (<<السفير>>، ا ف ب، ا ب، رويترز)

  • #2
    خطوتان إلى الأمام خطوة إلى الوراء

    خطوة إلى الوراء
    خطوتان إلى الأمام
    جوزف سماحة




    <<إن تحييد حزب الله، الذي أدى نجاحه في طرد إسرائيل من لبنان عام 2000 إلى تعظيم شعبيته في العالم العربي، إن هذا التحييد هو، بالتأكيد، أحد أهداف الحملة الأميركية لدفع سوريا خارج لبنان>>، ومن الأهداف أيضاً <<فتح الطريق لعودة النفوذ الغربي والإسرائيلي إلى لبنان>>. هذا مقطع من تعليق نشرته <<غارديان>> البريطانية أمس. يستحق هذا التعليق تعليقين. الأول هو أنه كان صحيحاً تماماً. الثاني هو أنه لا يزال صحيحاً.
    إن لبنان منظوراً إليه من واشنطن ليس مهماً بسبب انتشار مواقع الجيش السوري فيه. إنه مهم بسبب موقعه على الخريطة السياسية لنزاعات المنطقة. أكثر من ذلك، يمكن المجازفة بإطلاق الفرضية التالية: إن الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لتسوية مع سوريا على قاعدة <<العراق مقابل لبنان>> (تجاوز الواقع هذه المعادلة)، ولكنها ربما كانت تقبل بتسوية على قاعدة <<ارتضاء النفوذ، وحتى الوجود، السوري في لبنان مقابل رأس حزب الله>>.
    نستطيع قول الكثير في الممارسات والأخطاء السورية (واللبنانية)، ونستطيع الموافقة على أنها غطت على الإيجابيات، ولكن علينا أن نملك شجاعة الاعتراف بأن الرئيس بشار الأسد سحب جيشه من لبنان لأنه رفض عرض هذه الصفقة على الأميركيين ناهيك عن تنفيذها. يقود ذلك إلى القول بأن بعض السيادة المستعادة في لبنان يعود إلى قرار سوري بالامتناع عن قبول دفتر شروط التمديد للبقاء. ومعنى ذلك أن للعلاقة الخاصة بين <<حزب الله>> وسوريا فضلاً في هذه السيادة المستعادة يوازي فضل أكثر السياديين تشدداً. لعل هذا هو التفسير العميق لمعنى التظاهرة الحاشدة التي دعا إليها حسن نصر الله. لم تكن تظاهرة ل<<وداع سوريا>> كما يقول بعض المتسرّعين. ولم تكن انحيازاً إلى النعرة السيادية الضيقة كما يزعم بعض المبتهجين برفع علم لبناني (سبق لهم تمزيقه!). كانت، من وجهة نظر نصر الله، وفاءً لسوريا التي فضلت مجازفة الانسحاب على قذارة المهمة الأخرى، وكانت، أيضاً، محاولة لملء الفراغ، ولتضمين السيادة اللبنانية المعنى الذي يتوافق عليه كثيرون: سيادة تجد في العروبة (أو ما تبقى منها) سنداً، وفي إسرائيل عدواً، وفي الولايات المتحدة خصماً، وفي فرنسا <<صديقاً لدوداً>> تتوجب استعادته.
    كم هي مضحكة محاولة الادعاء بأن التظاهرة تريد قطع الطريق على الانسحاب. فهي، في الحقيقة، تشجيع على استكماله. وإذا كانت تقطع الطريق على شيء فعلى ذلك الوهم الذي ساد بأن كلفة إسقاط مواقع الممانعة معدومة، وبأن <<الدومينو العراقي>> يلعب في اتجاهين: يرغم <<الدولة المارقة>>، سوريا، على التراجع، ويستميل <<الدولة الأسيرة>>، لبنان، إلى صف ثورة المزاعم الديموقراطية.
    لقد فعلت التظاهرة فعلها. لقد تحولت، بسرعة، إلى قوة مادية ملموسة. عندما وُصفت بأنها <<أعظم تظاهرة>> قيل إن في الأمر مبالغة. ربما. ولكن ما هو الوصف الآخر إذا كانت <<نيويورك تايمز>>، أمس، تقول <<إنها الأكبر في تاريخ لبنان المعاصر>>، وإنها تثبت أن <<حزب الله>> هو <<قوة هائلة الحجم>>. ليست الصحيفة الأميركية وحدها من عاش الصدمة. لقد بات كثيرون مضطرين إلى طرح أسئلة حول ما تبلور في مواكبة <<ثورة الأرز>>، وحول الرهان المتسرّع بعض الشيء عن تحويل لبنان إلى مرتكز للثورة <<البوشية>> لإعادة هيكلة المنطقة واستتباعها باسم الحرية.
    لم تستطع التصريحات الرسمية الأميركية تجاهل الحدث. تحدثت عنه بغصّة تردد صداها في لبنان. وأوحت، تسريباً، أن البراغماتية ربما تقتضي الإقدام على مراجعة ما. ولوحظ أن ديفيد ساترفيلد، نفسه، مهّد لهذه المراجعة في زيارته الأخيرة إلى
    بيروت، وأكمل في شهادة له أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. وجاء التسريب أمس إلى <<نيويورك تايمز>> ليوحي أن الإدارة متجهة إلى التسليم بموقع للحزب في الحياة السياسية، وأنها استمعت إلى نصائح بعدم طرح قضية سلاحه حالياً.
    الموقف الأخير، وهو غير رسمي حتى الآن، ليس صاعقة في سماء صافية. إن فرنسا من هذا الرأي. والأمم المتحدة كذلك بدليل التصريحات الأخيرة لكوفي أنان. ولكن من المؤلم أن يتساءل المواطن اللبناني عما إذا كانت المعارضة ضغطت في هذا الاتجاه أم أنها تلقت تعليمات ب<<خطورة استعداء حزب الله الآن>>، وبأن <<اللاعبين الرئيسيين يجعلون من حزب الله أولوية متدنية>>.
    إن مراجعة ما كانت احتمالاً فجاءت التظاهرة، بعد الانسحاب، لترجيحه. ويعني ذلك عملياً أن واشنطن توصلت إلى استنتاج يقول إن نجاح الاستراتيجية الأميركية حيال لبنان يقتضي، تكتيكياً، سحب قضية سلاح <<حزب الله>> من التداول الآن. الآن فقط. ومعنى ذلك أنه يستحسن الإقرار بأن 1559 قرار ينفذ على مراحل.
    في المرحلة الحالية يتوجب الضغط لاستكمال الانسحاب السوري (بصفته حائلاً دون الانتخابات الحرة على عكس الاحتلالين الأميركي للعراق والإسرائيلي لفلسطين!)، والإعداد لفوز المعارضة في الانتخابات، وإنضاج الظروف اللبنانية لتحويل <<حزب الله>>، في جناحه العسكري على الأقل، إلى <<تنظيم مارق>>.
    ثمة إدراك بأن <<المعدة>> اللبنانية لا تهضم في آن واحد الانسحاب وتجريد الحزب والمخيمات من السلاح. ومع أن ثقة أميركية برزت بالقدرة على إدارة الفوضى فإن الخيار مال إلى تأجيل الموضوع إلى ما بعد الانتخابات النيابية. وليس مستبعداً أن هناك من يعتقد أن هذه الانتخابات قد تؤدي إلى ترجيح كفة المعارضة. بحيث يكون ممكناً استيراد <<النموذج الفلسطيني>> فيصبح الحكم اللبناني الجديد شبيهاً بالسلطة الوطنية مع محمود عباس في تعاطيها مع تنظيمات المقاومة: مسؤولية الحدود للشرعية، وحدة الاستراتيجية، مركزية الأمن، السماح بحق الاعتراض السياسي، عدم تفكيك المنظمات أو تجريدها من السلاح والاكتفاء بتعطيله...
    لقد نجحت التظاهرة، بالإضافة إلى أمور أخرى، في <<تعليق>> الشق اللبناني من 1559. أو هذا، على الأقل، ما باتت تقبل به، مؤقتاً، القوى الدولية والخارجية التي تدير جانباً من الصراع. غير أنه يمكن الميل إلى القول إن الهجوم سيستأنف عندما تتوافر له ظروف محلية، أو عندما تفتعل إسرائيل أسباباً لذلك.
    إن الاختبار الفعلي للقوى السياسية اللبنانية ليس في إصدار مواقف عن <<عدم توقيع معاهدة سلام>>، وليس في التبرع بالموافقة على الحجم التمثيلي للحزب وعلى الحوار معه. إن الاختبار الفعلي يقوم على أسس أخرى:
    أولاً تحديد موقف إجمالي من السياسة الأميركية في المنطقة. نريد أن نعرف هل غاية هذه السياسة نشر الديموقراطية، كما قال وليد جنبلاط، أم أن غاية هذه السياسة نشر الفوضى، كما قال وليد جنبلاط.
    ثانياً تحديد الاستهدافات الأميركية في لبنان: السيادة الخالصة أم السيادة التي تعني انحيازاً إقليمياً يخالف ما استقر عليه الوضع منذ سنوات.
    ثالثاً تحديد السياسة التي توفر مناعة لبنانية في مرحلة ما بعد الانسحاب السوري. ويبدأ ذلك بالدفاع عن، وتنفيذ، تصور للعلاقات الثنائية، وينتهي عند تصور للعلاقات الداخلية. ويستحسن، في هذا المجال، التمييز بين اعتراضات مشروعة واعتراضات تهز المناعة.
    من الضروري القول إن الشكوك في نهج المعارضة واردة. ليست هذه محاكمة للنوايا. إنها تقدير للتوازن الناشئ في جبهة التلاقي بين قوى لبنانية، على تمايزها، وقوى غربية، على تمايزها. كما أنه بديهي رفض المنطق القائل إن جورج بوش أعاد السيادة إلى اللبنانيين من أجل أن يفتح أمامهم أفقاً ديموقراطياً يسمح بترتيب أفضل للبيت الداخلي، وباحتضان أقوى لمشروع المقاومة والبقاء في خط الاعتراض على التوسعية الإسرائيلية.
    إن <<التهدئة>> في ما يخص <<حزب الله>>، إذا حصلت، ستكون من وجهة نظر واشنطن تطبيقاً للنظرية القائلة بأن الهدنة المثلى هي التي تتضمن أفضل تحضير للانتصار في معركة مقبلة.
      
    ملاحظة: في كل مرة وردت كلمة <<انتخابات>> لا بد من إضافة <<إذا حصلت>>.

    تعليق


    • #3
      محطة أخيرة
      ساطع نور الدين




      ما زال من الصعب أن توجه دعوة رسمية الى وفد من شورى حزب الله لزيارة واشنطن لاجراء محادثات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية، أو أن يتوجه موفد أميركي رفيع إلى بئر العبد للقاء الامين العام السيد حسن نصر الله. لكن قنوات الاتصال والحوار بين الجانبين لن تظل مقطوعة الى الابد.
      غروب يوم الثلاثاء الماضي هتف المتظاهرون امام الاسكوا بطلب من السيد نصر الله ضد أميركا التي كانت ترسل الاشارة الاوضح والأدق خلال السنوات الخمس الماضية الى انها تعترف بحزب الله كقوة ذات تمثيل حقيقي في المجتمع اللبناني، ولا تمانع في اجراء حوار معه حول مستقبل لبنان في مرحلة ما بعد الخروج السوري، لكن طبعا بشروط تتلاشى يوما بعد يوم، لكن معظمها لن يبقى مستحيلا او خارج التصور.
      نقطة التحول في الموقف الاميركي من الحزب لم تحصل بالامس في اعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري. بل هي حصلت بالفعل عندما كانت الامم المتحدة ترسم الخط الازرق غداة الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب في ايار العام 2000، حيث جرى التسليم الدولي والاميركي ايضا بأن الحزب يستطيع ان يحترم وأن يضمن ذلك الخط الحدودي الاهم والاخطر الذي توصلت اليه إسرائيل مع جيرانها العرب.
      منذ ذلك الحين خرج حزب الله من الجدل بين المقاومة والارهاب الذي سبق ان اثير خلال قتاله الاحتلال الاسرائيلي للجنوب. لكن الاميركيين تمسكوا بالمطالبة بتفكيك الخلايا الدولية (غير الموجودة اصلا) للحزب، فيما تابع المقاومون معركة تحرير مزارع شبعا التي لا تترك اي اثر على الخط الازرق... الذي لم ينتهك براً اكثر مما انتهك خط الحدود الاردني مع اسرائيل منذ ان رسم نهائيا في العام 1994.
      لم يكن الاعتراف الاميركي الضمني بهذا الدور للحزب ناجما عن استقرار الخط الازرق خلال السنوات الخمس الماضية، او عن الحرص على هذا الاستقرار بدافع الاهتمام بلبنان بالذات، بل كان نتيجة مسار سياسي طويل يشمل دمشق وطهران اللتين كانت واشنطن ولا تزال تجري معهما مفاوضات ومساومات صعبة تمتد من أفغانستان لتصل الى فلسطين مرورا بالعراق طبعا.
      وبخلاف ما هو شائع في بيروت عن ان المجتمع الدولي يستعد لنزع سلاح حزب الله في الجنوب، بعد ان يفرغ من مهمة سحب سوريا من لبنان، فإن الثابت هو أن الاولوية الدولية القصوى هي حفظ الاستقرار اللبناني الداخلي الذي يمكن ان يساهم بالتالي في استمرار هدوء الخط الازرق الحدودي، وهو ما يستدعي النظر الى الحزب من زاوية اخرى، والاعتراف بدوره السياسي الداخلي الذي حددت تظاهرة الاسكوا حجمه، لكنها لم تحدد وجهته السياسية الدقيقة او تأثيره الفعلي على موازين القوى الطائفية في لبنان.
      لم يكن اعلان الحزب يوم الثلاثاء الماضي عزمه الانخراط اكثر من ذي قبل في الحياة السياسية اللبنانية قرارا أحادي الجانب: لعله القاسم المشترك الوحيد بين دمشق وواشنطن وباريس وتل أبيب، في مرحلة ما بعد الخروج السوري من لبنان.

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
      استجابة 1
      10 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
      بواسطة ibrahim aly awaly
       
      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
      ردود 2
      12 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
      بواسطة ibrahim aly awaly
       
      يعمل...
      X