دعوة نصر الله إلى الحوار
والشجاعة المطلوبة من المعارضة
بشارة مرهج
أهم ما جاء في خطاب السيد حسن نصر الله اول من أمس، وعلى وقع التظاهرة اللبنانية الحاشدة التي شهدتها ساحة رياض الصلح، انه فتح باب الحوار مجددا مع كل الافرقاء السياسيين وفي مقدمهم الذين وضعوا شروطا صعبة، فأعاد الاعتبار لمبدأ يكاد يضيع وسط صراعات وتجاذبات تنذر بإغلاق ابواب العمل السياسي وفتح الابواب امام تدخلات اجنية لمحت اليها وزيرة الخارجية الاميركية وسواها من المسؤولين الاجانب.
ان اللبنانيين الذين يعرفون ان لبنان لا يقوم إلا على تفاهم ابنائه يدركون ايضا انه لا بديل من الحوار حفاظا على الحياة الوطنية اللبنانية وتأمين ديمومتها في ظل عواصف اقليمية ودولية عاتية تضرب المنطقة متسربلة برايات الديموقراطية الآتية من <<أبو غريب>> وسواه من معتقلات العراق.
لقد قال السيد حسن نصر الله بلسان المواطن اللبناني المتلهف لكشف الحقيقة ومعاقبة الجناة ومحاسبة المقصرين، ان الحوار في لبنان ليس من الكماليات إنما هو العمل الذي يجعل من لبنان بلدا موجودا، قويا على التحولات، عصيا على النوائب. والحوار، اي حوار، تلزمه شجاعة وقبلها شيء من التواضع، وقبلهما اعتراف داخلي بان الحقيقة يمكن ان تتجاوز النظرة الذاتية الاحادية الى النظرة الجماعية الأرحب.
وإذا كانت النظرة الاولى تحمل خطر الانغلاق والانطواء حتى لا نقول اكثر، فإن النظرة الثانية ان لم تكن اكثر صوابا، فانها بالتأكيد ستكون اكثر تمثيلا واصدق تعبيرا. فالحقيقة السياسية في لبنان الوفاق والتوافق هي فيما نصل اليه جماعة وليس فيما يفرضه هذا الطرف او ذاك.
ان اخطر ما يخشاه المواطن في هذه اللحظات المصيرية هو غياب الحوار وانهيار المؤسسات وتقدم وحش الفراغ. وأكثر من يفتقده المواطن في هذه اللحظات هو الرئيس رفيق الحريري، رجل الحوار والتواصل والوحدة. كان الشهيد الكبير يشيع الاطمئنان في اوساط الناس ليس في حركته الاقتصادية ومبادراته الانسانية فحسب، وإنما ايضا في حركته السياسية الهادئة الهادفة، وفي إيمانه بالحوار واعتماده الحوار لفتح المنافذ وفك العقد وجني الثمرات. وهل نحن بحاجة لرواية ما بذله الشهيد الرئيس من جهد وتعب لصياغة الطائف وعقد <<تفاهم نيسان>>، وكيف كان يحفر بالإبرة أكوام الصقيع والجمود ليوفر للبنانيين مخرجا لائقا يجنبهم شرور السقوط في المجهول.
ان اطراف المعارضة التي أثبتت قوتها على الارض في الاسابيع الماضية وبرزت عربيا ودوليا مستمدة العزم من ذاتها ومطالبها، ومن استشهاد كبير في قومه وأمته، اختلفت معه سابقا، مطلوب منها اليوم ان تكون شجاعة في تجاوبها مع دعوة الحوار التي أطلقها لبناني صميم ومقاوم يحوز تأييد واحترام أهله ومواطنيه.
ان هذا التجاوب هو حق للمواطن اللبناني المتمسك بحريته واستقلاله وعروبته التي جرحتها بالأمس كلمات وعبارات وشعارات طعنت لبنان ورسالته في الصميم قبل ان تصيب بسهامها بلدا شقيقا تربطنا به وبأهله روابط الاخوة ووحدة المصير.
ان هذا التجاوب هو حق للمواطن اللبناني القلق على مصيره واقتصاده، الخائف على معاشه ولقمة عياله، الرافض لكل اشكال الانقسام والاقتتال.
ان هذا التجاوب هو حق للمواطن اللبناني الواثق من مرونة نظامه السياسي، المتطلع الى تفعيل الحياة الديموقراطية التي تربى في ظلها ويرفض سواها.
ان الفراغ ليس في مصلحة اللبنانيين وبخاصة العمال والمزارعين والتجار والصناعيين والموظفين وكل الذين يساهمون في دورة الانتاج ويخشون العودة الى الوراء.
ان الفراغ هو دعوة صريحة للفوضى والخوف، وكلاهما، بحسب التجربة، يشكل المدخل للانقياد والارتماء والاستقواء، لا بل يشكل الحالة النموذجية لهبوب رياح التدخل الاجنبي.
لقد استشهد الرئيس رفيق الحريري وهو على إيمانه بربه وشعبه ولبنانه وعروبته. استشهد وهو يصارع مؤمنا بمؤسسة الدولة وضرورة تطويرها كي تكون بخدمة المواطن لا عليه ولا فوقه ولا ضده.
وإذا كان من حقه علينا ان نتمسك بالحقيقة، وان نطالب بجلائها قبل اي امر آخر، فمن حقه علينا ايضا ألا نسقط في متاهات اليأس وألا نفقد قدرتنا على الحوار وابتكار الصيغ العادلة التي تكفل للبنان حياته وتضمن للحياة معناها.
والشجاعة المطلوبة من المعارضة
بشارة مرهج
أهم ما جاء في خطاب السيد حسن نصر الله اول من أمس، وعلى وقع التظاهرة اللبنانية الحاشدة التي شهدتها ساحة رياض الصلح، انه فتح باب الحوار مجددا مع كل الافرقاء السياسيين وفي مقدمهم الذين وضعوا شروطا صعبة، فأعاد الاعتبار لمبدأ يكاد يضيع وسط صراعات وتجاذبات تنذر بإغلاق ابواب العمل السياسي وفتح الابواب امام تدخلات اجنية لمحت اليها وزيرة الخارجية الاميركية وسواها من المسؤولين الاجانب.
ان اللبنانيين الذين يعرفون ان لبنان لا يقوم إلا على تفاهم ابنائه يدركون ايضا انه لا بديل من الحوار حفاظا على الحياة الوطنية اللبنانية وتأمين ديمومتها في ظل عواصف اقليمية ودولية عاتية تضرب المنطقة متسربلة برايات الديموقراطية الآتية من <<أبو غريب>> وسواه من معتقلات العراق.
لقد قال السيد حسن نصر الله بلسان المواطن اللبناني المتلهف لكشف الحقيقة ومعاقبة الجناة ومحاسبة المقصرين، ان الحوار في لبنان ليس من الكماليات إنما هو العمل الذي يجعل من لبنان بلدا موجودا، قويا على التحولات، عصيا على النوائب. والحوار، اي حوار، تلزمه شجاعة وقبلها شيء من التواضع، وقبلهما اعتراف داخلي بان الحقيقة يمكن ان تتجاوز النظرة الذاتية الاحادية الى النظرة الجماعية الأرحب.
وإذا كانت النظرة الاولى تحمل خطر الانغلاق والانطواء حتى لا نقول اكثر، فإن النظرة الثانية ان لم تكن اكثر صوابا، فانها بالتأكيد ستكون اكثر تمثيلا واصدق تعبيرا. فالحقيقة السياسية في لبنان الوفاق والتوافق هي فيما نصل اليه جماعة وليس فيما يفرضه هذا الطرف او ذاك.
ان اخطر ما يخشاه المواطن في هذه اللحظات المصيرية هو غياب الحوار وانهيار المؤسسات وتقدم وحش الفراغ. وأكثر من يفتقده المواطن في هذه اللحظات هو الرئيس رفيق الحريري، رجل الحوار والتواصل والوحدة. كان الشهيد الكبير يشيع الاطمئنان في اوساط الناس ليس في حركته الاقتصادية ومبادراته الانسانية فحسب، وإنما ايضا في حركته السياسية الهادئة الهادفة، وفي إيمانه بالحوار واعتماده الحوار لفتح المنافذ وفك العقد وجني الثمرات. وهل نحن بحاجة لرواية ما بذله الشهيد الرئيس من جهد وتعب لصياغة الطائف وعقد <<تفاهم نيسان>>، وكيف كان يحفر بالإبرة أكوام الصقيع والجمود ليوفر للبنانيين مخرجا لائقا يجنبهم شرور السقوط في المجهول.
ان اطراف المعارضة التي أثبتت قوتها على الارض في الاسابيع الماضية وبرزت عربيا ودوليا مستمدة العزم من ذاتها ومطالبها، ومن استشهاد كبير في قومه وأمته، اختلفت معه سابقا، مطلوب منها اليوم ان تكون شجاعة في تجاوبها مع دعوة الحوار التي أطلقها لبناني صميم ومقاوم يحوز تأييد واحترام أهله ومواطنيه.
ان هذا التجاوب هو حق للمواطن اللبناني المتمسك بحريته واستقلاله وعروبته التي جرحتها بالأمس كلمات وعبارات وشعارات طعنت لبنان ورسالته في الصميم قبل ان تصيب بسهامها بلدا شقيقا تربطنا به وبأهله روابط الاخوة ووحدة المصير.
ان هذا التجاوب هو حق للمواطن اللبناني القلق على مصيره واقتصاده، الخائف على معاشه ولقمة عياله، الرافض لكل اشكال الانقسام والاقتتال.
ان هذا التجاوب هو حق للمواطن اللبناني الواثق من مرونة نظامه السياسي، المتطلع الى تفعيل الحياة الديموقراطية التي تربى في ظلها ويرفض سواها.
ان الفراغ ليس في مصلحة اللبنانيين وبخاصة العمال والمزارعين والتجار والصناعيين والموظفين وكل الذين يساهمون في دورة الانتاج ويخشون العودة الى الوراء.
ان الفراغ هو دعوة صريحة للفوضى والخوف، وكلاهما، بحسب التجربة، يشكل المدخل للانقياد والارتماء والاستقواء، لا بل يشكل الحالة النموذجية لهبوب رياح التدخل الاجنبي.
لقد استشهد الرئيس رفيق الحريري وهو على إيمانه بربه وشعبه ولبنانه وعروبته. استشهد وهو يصارع مؤمنا بمؤسسة الدولة وضرورة تطويرها كي تكون بخدمة المواطن لا عليه ولا فوقه ولا ضده.
وإذا كان من حقه علينا ان نتمسك بالحقيقة، وان نطالب بجلائها قبل اي امر آخر، فمن حقه علينا ايضا ألا نسقط في متاهات اليأس وألا نفقد قدرتنا على الحوار وابتكار الصيغ العادلة التي تكفل للبنان حياته وتضمن للحياة معناها.
تعليق