طبيعة التمهيد التدريجي للامام المنتظر عليه السلام
كان العمل السري المنظّم الأداة الوحيدة الأكثر نجاحاً في عصر الإمام الحسن العسكري عليه السلام، للتمهيد لولده المنتظر عليه السلام، وكان الإمام العسكري عليه السلام معنيّاً بهذا الأمر عناية معمّقة تتلاءم مع طبيعة الظرف السياسي الطارئ الذي اكتنف كيان الدولة العباسية وهي تتلقى أنباء قرب ولادة الإمام المهدي عليه السلام، وأنّه الإمام الثاني عشر الذي سيطيح بالكيانات الطاغوتية في العالم، والنظام العباسي في طليعتها كما يقدّرون، وكان هذا الإرهاص حريّاً بإثارة قلق السلطة وتزايد المخاوف لدى قادتها، مما جعلها تتأهّب تماماً لاستقبال هذا الحدث، لوئده في مهده ، وتضع قواعدها الفاعلة في أقصى درجات الاستنفار لمواجهة الخطر القادم.
وكان الإمام الحسن العسكري عليه السلام يقابل مهنته الرسالية وجهاً لوجه في خضمّ تلاحق الأحداث وتسارعها، بإشاعة هذا النبأ، ولقد أبدى الإمام عليه السلام جدارة فائقة بالتمهيد المسؤول عن سلامة ولده، بما يحقّق الحفاظ عليه في ظرف عصيب غلبت عليه الفوضى في قرارات السلطة، وفرضت فيه حالة الطوارئ القصوى وهي تتبّع هذا الحدث الجديد المقدّر له الإجهاز عليها بالكامل، وهي تحاول الانقضاض عليه بسرعة خارقة، وترصد علامات ولادته المتقاربة ، وتلحظ ما عليه الإمام العسكري عليه السلام من أحوال شخصية.
تعليق