معنى قوله (ع): "يا ممتحنة امتحنك الله .."
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
جاء في زيارة الزهراء (ع): "السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك وكنت لما امتحنك صابرة".
1- هل من الممكن ان يمتحن الله الخلق قبل خلقهم وهل هم مكلفون قبل الخلق؟
2- ما هو الامتحان الذي امتحنه الله فاطمة الزهراء (ع) وكيف تم ذلك؟
الجواب:
معنى الامتحان وأنحاؤه:
المعنى اللغوي لكلمة الامتحان هو الاستعلام، فحين يقال: امتحِنِ الرجل قبل مصاحبتِه فمعناه الأمر باستعلام حالِه لغرض الوقوف على واقعه وحقيقة مَخبَرِه قبل مصاحبته.
وللامتحان وسائل عديدة تختلفُ باختلاف الغرض من الامتحان، وتختلف باختلاف الممتحِن والممتحَن.
فقد يكون الامتحان بسؤال الممتَحِن كما يفعل المدرِّس مع طلابه، فإنَّه بسؤاله لهم يتعرَّف على مستوى اِستعدادهم وتحصيلهم. وقد يكون الامتحان بالسؤال عن الممتحَن كما هو السؤال عن المرأة التي يبتغي الرجل الزواج منها، فهو يمتحنها قبل الإقدام على الزواج منها بمعنى انَّه يستخبِر عن حالها للوقوف على سجاياها وصفاتها.
وقد يكون الامتحان بالتجربة كأنْ تدخلَ مع رجلٍ في تجارة محدودة لتستخبِر واقعه حتى إذا ما وجدتَه أميناً صادقاً دخلتَ معه في تجارة أوسع. وقد يكون الامتحان بملاحظة ما يفعله الإنسان حين يُصاب ببليَّة أو يقع في مأزق، فتمتحنه وتستعلمُ حاله من ملاحظة مقدار تحمُّله وكيفية إدارته للمأزق الذي وقع فيه، ومِن ذلك تعرف أنَّه صبورٌ أو جزوع وأنَّه عاقل أو أحمق.
معنى الامتحان الإلهي وغايته:
وهذ هو المعنى الذي استُعمل في القرآن الكريم كثيراً تحت عنوان الامتحان والابتلاء والتمييز والافتتان والتمحيص، فكلُّ هذه المفاهيم تُعطي معنىً واحداً وهو الاستعلام والاستخبار.
قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾(1).
وقال تعالى: ﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ﴾(2).
وقال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾(3).
وقال تعالى: ﴿لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾(4).
وقال تعالى: ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾(5).
ثم إنَّ استعلام اللهِ جلَّ وعلا لعباده ليس لانَّه لم يكن عالماً بواقعهم - تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً- بل إنَّ غايته من الامتحان هو إيقاف الإنسان على واقعِه أو إيقاف الناس على واقع هذا الإنسان الممتحَن.
إذا اتَّضحت هذه المقدمة يتَّضح المراد من معنى ما ورد في الزيارة المأثورة: "يا ممتحَنةُ امتحنكِ اللهُ الذي خلقَك قبل أنْ يخلقك فوجدَك لِما امتحنِك صابرة"(6).
فإنَّ المراد من ذلك هو أنَّ الله تعالى استخبر حال السيِّدة فاطمة (ع) في الأزل فعلم أنَّها واجدة لمقام الصبر على ما سينتابُها من مصيباتٍ في الدنيا ولذلك اصطفاها.
فامتحان الله عزَّ وجل لفاطمة(ع) قبل خلقها ليس بمعنى اختبارها في ذلك العالم بل هو بمعنى علمِه بواقعها وأنَّها ستصبرُ بعد خلقها إذا ابتُليت، وإنَّما عبَّرت الرواية عن علم الله تعالى في الأزل بواقع فاطمة (ع) في الدنيا بالامتحان لأنَّ علمه بمستقبل الأمور حتميُّ الوقوع فهو لحتميَّتِه كأنه قد وقع.
لذلك نجد في القرآن أن الله تعالى يتحدَّث عمَّا سيقع في يوم القيامة وما سوف يقعُ في الجنَّة والنار وكأنَّه قد وقع فيُخبر عنه بصيغة الماضي وكأنَّه قد وقع وانتهى وما ذلك إلا لحتميَّة وقوعه.
والمتحصَّل من مفاد الزيارة المأثورة أنَّ الله تعالى علم منذُ الأزل أنَّ فاطمة (ع) ستحظى بمقام الصابرين بعد أن تُمتحن في الدنيا.
فتوصيفها بالمُمتحنة منذ الأزل لأنَّ ذلك هو ما كان قد قُدِّر لها، ولأنَّ الذي قد قُدِّر لها سوف يقع عليها حتماً لذلك فهو منزَّل منزلة ما كان قد وقع.
الامتحان يستبطن معنى التمحيص:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
جاء في زيارة الزهراء (ع): "السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك وكنت لما امتحنك صابرة".
1- هل من الممكن ان يمتحن الله الخلق قبل خلقهم وهل هم مكلفون قبل الخلق؟
2- ما هو الامتحان الذي امتحنه الله فاطمة الزهراء (ع) وكيف تم ذلك؟
الجواب:
معنى الامتحان وأنحاؤه:
المعنى اللغوي لكلمة الامتحان هو الاستعلام، فحين يقال: امتحِنِ الرجل قبل مصاحبتِه فمعناه الأمر باستعلام حالِه لغرض الوقوف على واقعه وحقيقة مَخبَرِه قبل مصاحبته.
وللامتحان وسائل عديدة تختلفُ باختلاف الغرض من الامتحان، وتختلف باختلاف الممتحِن والممتحَن.
فقد يكون الامتحان بسؤال الممتَحِن كما يفعل المدرِّس مع طلابه، فإنَّه بسؤاله لهم يتعرَّف على مستوى اِستعدادهم وتحصيلهم. وقد يكون الامتحان بالسؤال عن الممتحَن كما هو السؤال عن المرأة التي يبتغي الرجل الزواج منها، فهو يمتحنها قبل الإقدام على الزواج منها بمعنى انَّه يستخبِر عن حالها للوقوف على سجاياها وصفاتها.
وقد يكون الامتحان بالتجربة كأنْ تدخلَ مع رجلٍ في تجارة محدودة لتستخبِر واقعه حتى إذا ما وجدتَه أميناً صادقاً دخلتَ معه في تجارة أوسع. وقد يكون الامتحان بملاحظة ما يفعله الإنسان حين يُصاب ببليَّة أو يقع في مأزق، فتمتحنه وتستعلمُ حاله من ملاحظة مقدار تحمُّله وكيفية إدارته للمأزق الذي وقع فيه، ومِن ذلك تعرف أنَّه صبورٌ أو جزوع وأنَّه عاقل أو أحمق.
معنى الامتحان الإلهي وغايته:
وهذ هو المعنى الذي استُعمل في القرآن الكريم كثيراً تحت عنوان الامتحان والابتلاء والتمييز والافتتان والتمحيص، فكلُّ هذه المفاهيم تُعطي معنىً واحداً وهو الاستعلام والاستخبار.
قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾(1).
وقال تعالى: ﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ﴾(2).
وقال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾(3).
وقال تعالى: ﴿لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾(4).
وقال تعالى: ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾(5).
ثم إنَّ استعلام اللهِ جلَّ وعلا لعباده ليس لانَّه لم يكن عالماً بواقعهم - تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً- بل إنَّ غايته من الامتحان هو إيقاف الإنسان على واقعِه أو إيقاف الناس على واقع هذا الإنسان الممتحَن.
إذا اتَّضحت هذه المقدمة يتَّضح المراد من معنى ما ورد في الزيارة المأثورة: "يا ممتحَنةُ امتحنكِ اللهُ الذي خلقَك قبل أنْ يخلقك فوجدَك لِما امتحنِك صابرة"(6).
فإنَّ المراد من ذلك هو أنَّ الله تعالى استخبر حال السيِّدة فاطمة (ع) في الأزل فعلم أنَّها واجدة لمقام الصبر على ما سينتابُها من مصيباتٍ في الدنيا ولذلك اصطفاها.
فامتحان الله عزَّ وجل لفاطمة(ع) قبل خلقها ليس بمعنى اختبارها في ذلك العالم بل هو بمعنى علمِه بواقعها وأنَّها ستصبرُ بعد خلقها إذا ابتُليت، وإنَّما عبَّرت الرواية عن علم الله تعالى في الأزل بواقع فاطمة (ع) في الدنيا بالامتحان لأنَّ علمه بمستقبل الأمور حتميُّ الوقوع فهو لحتميَّتِه كأنه قد وقع.
لذلك نجد في القرآن أن الله تعالى يتحدَّث عمَّا سيقع في يوم القيامة وما سوف يقعُ في الجنَّة والنار وكأنَّه قد وقع فيُخبر عنه بصيغة الماضي وكأنَّه قد وقع وانتهى وما ذلك إلا لحتميَّة وقوعه.
والمتحصَّل من مفاد الزيارة المأثورة أنَّ الله تعالى علم منذُ الأزل أنَّ فاطمة (ع) ستحظى بمقام الصابرين بعد أن تُمتحن في الدنيا.
فتوصيفها بالمُمتحنة منذ الأزل لأنَّ ذلك هو ما كان قد قُدِّر لها، ولأنَّ الذي قد قُدِّر لها سوف يقع عليها حتماً لذلك فهو منزَّل منزلة ما كان قد وقع.
الامتحان يستبطن معنى التمحيص:
تعليق