مقدِّمة:
ورد عن داود بن الحصين، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غَيبة وحيرة حتَّى تضل الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(١).
هذه الرواية المشهورة والتأسيسية في القضية المهدوية تشير إلى عدّة نكاتٍ، فهي تحدّد اسم الإمام وكنيته وخلقَه وخُلُقه وتربطها بالمبدأ الإسلامي الأصيل وهو النبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وكذلك الإشارة الواضحة إلى الغيبة باعتبارها مفصلاً تاريخيّاً مركزيّاً يشكّل محور الابتلاء والامتحان لقافلة البشرية، إلّا أنَّ أهمَّ إشارةٍ تشير إليها هي أنَّ الإمام (عجَّل الله فرجه) سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، لا كما توهَّم البعض وبنى على ذلك الفهم الخاطئ مبانيَ خاطئة، وهي أنَّ الإمام سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، فبدأ ينظّر للانتظار السلبي وعدم الاستعداد باعتبار أنَّ امتلاء الأرض بالظلم والجور هو أمرٌ حتميّ، فبالتالي فلندع ذلك يحصل أو فلنساعد به على بعض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الشيخ الصدوق - كمال الدين وتمام النعمة: ج١، ص٣١٥.
المبادئ الباطلة، فالمتبادر من عبارة أنّ الإمام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً أنّ واقعةَ ظُهورِ الإمامِ المهديِّ (عجَّل الله فرجه) ليستْ مشترطةً بحصولِ هذا الظُّلمُ العامُّ والجَورُ المُستشري في كُلِّ مَكانٍ، والمُتبادرُ أنَّ خروجَ الإمامِ (عليه السلام) وإنْ كانَ لأجلِ دَفعِ هذا الظُّلمُ والجَورُ الّذي يُطبقَ الآفاقَ ويُقيمُ علَى أنقاضِهِ العدلَ والقسِطَ الشَّاملَ غيرَ أنَّ ذلكَ ليسَ هو العِلَّةُ الفاعليَّةُ المُقتضية لِقيامِهِ (عجَّل الله فرجه) وإنَّمَا هي العِلَّةُ الغائيَّةُ الّتي يكونُ ظهورهُ (عجَّل الله فرجه) مُتكفلاً بتحقيقِهَا؛ فالعبارة ليست بصدد تعليق خروج الإمام (عجَّل الله فرجه) على حصول الظلم والجور، ولكنها بصدد بيان الوظيفة التي ينهض بها الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حال خروجه المتزامن مع امتلاء الدنيا بالظلم والجور.
وأمّا نفس خروجه الشريف فإنه مسبب عن مقتضيات وشرائط وارتفاع موانع، ومن جملة مقتضياته حصول الإذن من قبل الله (عزَّ وجلَّ)، ومن جملة شرائطه اكتمال عدة أصحابه وتوفر قواعده الشعبية، ومن جملة ارتفاع موانعه سقوط بعض الأنظمة الطاغوتية.
إنَّ هذا الفهم المغلوط والخاطئ يشكِّلُ مخالفةً فاضحة لمفاهيم القرآن التي تدعو إلى رفض الظلم، وعدم الركون إلى الظالمين، قال الله تعالى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ (هود: ١١٣).
بل إنَّ ذلك يعني تعطيل أهم فرائض الإسلام وأحكامه وتشريعاته، كفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، وهي تكاليف عامة لا تختص بزمان دون زمان، أو مكانٍ دون آخر.
على أنَّه ليس معنى (تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً) الواردة في بعض النصوص هو أن تنعدم قيم الحق والتوحيد والعدل على وجه الأرض، ولا يبقى موضع يُعبد الله فيه، فهذا الأمر مستحيل، وهو على خلاف سنن الله، وإلّا فماذا نفعل بالروايات التي تصرّح بضرورة توفّر القادة الثلاثمائة وثلاثة
عشر لحركة الإمام (عجَّل الله فرجه)، بالإضافة إلى العدد الكبير من الأنصار والجنود الموجودين عند خروجه.
كما أنَّ غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بسبب طغيان الشر والفساد والظلم، فكيف يكون طغيان الفساد والظلم شرطاً وسبباً لظهور الإمام (عجَّل الله فرجه) وخروجه؟
فالمقصود بهذه الكلمة طغيان سلطان الباطل على الحق في الصراع الدائر بين الحق والباطل، من هنا لابُدَّ للإمام (عجَّل الله فرجه) من أنصارٍ وجنودٍ وقادّة يساهمون على كلّ الصعد والمستويات في التمهيد لظهوره المبارك، وفي إنجاح هذه النهضة المهدوية، وقد تحدّثت الروايات عن هؤلاء الأنصار وصفاتهم وأوطانهم، وعددهم، إلّا أنَّ التأمّل الحثيث في الروايات الصادرة عن أهل البيت (عليهم السلام)، وخصوصاً في المصادر الأُم المتحدِّثة عن القضية المهدوية وحيثيّاتها المختلفة ككتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي وللشيخ النعماني وكتاب (كمال الدين وتمام النعمة) للشيخ الصدوق يجد أمامه مجموعةً من الشخصيات الأساسية التي تلعب دوراً محوريّاً في عملية الظهور المبارك للإمام أو في التمهيد له، بل إنَّ بعضها قد عَدَّت حركته من العلامات الحتمية للظهور، ونتيجةً لأهمية الدور المنوط بها في هذه الحركة نجد البعض قد حاول تطبيقها على شخصيّاتٍ معاصرة لعبت وما زالت تلعب دوراً مهمّاً في مقارعة الاستكبار وفي التمهيد والانتظار الإيجابي.
في هذا المقال سوف أُسلِّط الضوء على مصطلح (الأبدال) باعتباره إحدى المصطلحات التي وردت بكثرةٍ في الروايات السنية والشيعية وكثر اللغط في تطبيقها على مصاديقها، بحيث يُعدّ أصحاب الإمام (عجَّل الله فرجه) وخصوصاً الشخصيّات الأساسية في حركته أحد أهمّ المصاديق لهذا المصطلح، بالإضافة إلى التركيز على أربع شخصيّات محورية ومهمَّة وهي:
١ - الخراساني.
٢ - اليماني.
٣ - النفس الزكية.
٤ - شعيب بن صالح.
كما سأعرِّج إلى التأسيس القرآني للقضية المهدوية وخصوصاً لجهة الأنصار، بحيث يرى المتأمّل في تفاسير القرآن كثيراً من الروايات التي تؤول آياتٍ مهمّة في القرآن الكريم بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأصحابه وأنصاره.
أوّلاً: الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأنصاره في القرآن الكريم:
إنَّ القرآن الكريم لم يُشِر بشكلٍ تفصيلي إلى الأمور التفصيلية التي مرّت أو ستمرّ في حياة الإمام ومسيرته وحركته كولادته وحياته، مواصفاته الشخصية أو غيبته وتفاصيل حركة ظهوره، لأنَّ هذا ليس من وظيفة القرآن، بل من وظيفة السنّة التي تشكّل معه الثقلين اللَذَيْن لا يفترقان، فالقضية المهدوية وكأيّ قضية وظيفة القرآن فيها هي التأسيس والقواعد العامّة ووظيفة السنّة هي التبيين وإكمال الرؤية المنظومية للفكرة.
نعم نجد الروايات تشير إلى سننٍ معيّنة موجودة لدى الأنبياء وهي عنده (عجَّل الله فرجه)، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنَّ في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء: سنَّة من موسى بن عمران، وسنَّة من عيسى، وسنَّة من يوسف، وسنَّة من محمد (صلى الله عليه وعليهم)، فأمّا سنَّته من موسى فخائف يترقب، وأمّا سنَّته من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، وأمّا سنَّته من يوسف فالستر جعل الله بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه، وأمّا سنَّته من محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيهتدي بهداه ويسير بسيرته»(٢).
نفهم الإشارة القرآنية إلى حصول هذه السنن مع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي: ج٥١، ص٢٢٤.
أمّا موضوع الظهور والاستخلاف فقد أشارت إليه آيات عدّة فسّرتها روايات أهل البيت (عليهم السلام) بدولة العدل المهدوي، منها:
أولاً: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (الأنبياء: ٥).
قال الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في تفسير الآية: ﴿أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان»(٣).
ثانياَ: قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣).
روى الشيخ الصدوق: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣)، فقال: «والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتَّى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق كافر بالله العظيم، ولا مشرك بالإمام إلّا كره خروجه حتَّى لو كان هناك كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله»(٤).
ثالثاً: قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ (النور: ٥٥).
يروي فرات الكوفي في تفسيره: عن السدي، عن ابن عباس (رضي الله عنه) في قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٣) تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي: ج٧، ص١١٩.
(٤) الحديث في باب النوادر: ج٢، ص ٣٨٦، من كمال الدين وهكذا الأحاديث الآتية.
فِي الْأَرضِ﴾ إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومنهم المهدي (عجَّل الله فرجه)(٥).
كما أنَّه بمبدأ الجري والتطبيق، وموضوع تفسير القرآن بالبطون، كثيرٌ من الآيات يمكن تأويلها بالإمام (عجَّل الله فرجه)، وقد تصل إلى ١٠٠ آية على بعض الآراء.
ثانياً: من هم الأبدال؟
١ - اختلفت الآراء كثيراً حول مصطلح الأبدال،فالبعض اعتبره من مخترعات الأمويين لإشغال الناس بهم بدلاً من الأئمة (عليهم السلام)، باعتبار كثرة الروايات الواردة في مصادر أهل السُنّة حولهم، كما أنَّ أغلب الروايات سواء في المصادر الشيعية أو السنية تذكر أنّهم من أهل الشام، كما نجد بعض المتصوّفة قد استخدموا هذا المصطلح كثيراً، فالأبدال عندهم في كلّ زمان يحيطون بالقطب، والقطب يكون واحداً.
من هنا كان لابدّ من بيان المعنى اللغوي للمصطلح ثمّ البحث عن مصاديقه في الروايات:
أ - الأبدال لغةً: جَمْعُ بَدَلْ وبَدِيل، وهم الزُّهاد، والعُبَّاد، والأولياء المخلصون لله، قال العلامة الطُريحي: الأبدال قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم، إذا مات واحد أبدل الله مكانه آخر.
ب - وفي القاموس: الأبدال قوم يقيم الله بهم الأرض وهم سبعون، أربعون بالشام وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلّا قام مقامه آخر من سائر الناس.
ج - وللعلامة الراغب الأصفهاني تفسيرٌ آخر للأبدال حيث يقول: والأبدال قوم صالحون يجعلهم الله مكان آخرين مثلهم ماضين، وقد أنكر بعض الناس وجودهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٥) تفسير فرات الكوفي: ص٢٨٨-٢٨٩، ح٣ و٦.
ثم يضيف قائلاً: وحقيقته هم الذين بدلوا أحوالهم الذميمة بأحوالهم الحميدة، وهم المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿... فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ...﴾ (الفرقان: ٧٠)(٦).
٢ - الأبدال في روايات أهل السنّة:
إنَّ أهمّ ما تشير إليه الروايات السنية في موضوع الأبدال:
أ - حديث عبادة بن الصامت: عن عبد الوهاب بن عطاء عن الحسن بن ذكوان عن عبد الواحد بن قيس عن عبادة بن الصامت مرفوعاً: أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «الأبدال في هذه الأُمَّة ثلاثون رجلاً، قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً»(٧).
ب - عبادة بن الصامت كذلك: «الأبدال في أُمَّتي ثلاثون بهم تقوم الأرض، وبهم تنصرون وبهم تمطرون»(٨).
ج - حديث عوف بن مالك مرفوعاً: «الأبدال في أهل الشام بهم ينصرون وبهم يرزقون»(٩).
د - الحديث الذي يروونه عن الإمام علي (عليه السلام): ذُكِرَ أهل الشام عند علي بن أبي طالب، وهو بالعراق، فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين، قال: «لا، إني سمعت رسول الله [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)] يقول: الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً، كلَّما مات رجل أبدله الله مكانه رجلاً، يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب»(١٠).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٦) راجع: مجمع البحرين - العلامة فخر الدين بن محمد الطريحي: ج٥، ص٣١٩؛ مفردات ألفاظ القرآن - العلامة الراغب الأصفهاني: مادة (بَدَلَ).
(٧) مسند أحمد بن حنبل: ج٥، ص٣٢٢.
(٨) الطبراني، المعجم الكبير: ج١٨، ص٦٥.
(٩) م، ن، ص، ن.
(١٠) مسند أحمد بن حنبل، ج١، ص١١٢.
هـ - في حديثٍ يرسله أنس بن مالك: «الأبدال أربعون رجلاً وأربعون امرأة كلَّما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً، وكلَّما ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة»(١١).
و - عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «الأبدال من الموالي»(١٢).
٣ - الأبدال في الأحاديث والروايات الشيعية:
أ - لقد ذُكرت مفردة (الأبدال) في الأخبار والأحاديث الشريفة في مواضع مختلفة، لكن رغم اختلاف مواردها فقد جاءت كلها في مقام المدح والثناء، بحيث يظهر منها أنَّ الأبدال هم أناسٌ يمتازون عن غيرهم بالصلاح والدرجة الإيمانية العالية والرفيعة.
رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّهُ قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): مَنْ دَعا للمؤمنين والمؤمنات في كل يوم خمساً وعشرينَ مرة، نَزَعَ اللهُ الغِلَّ من صدره، وكَتَبُه من الأبدال إن شاء الله»(١٣).
٤ - مصاديق الأبدال في الروايات:
لدى مراجعة الأحاديث والروايات الواردة فيما نحن بصدد بيانه، ودراستها نجد أنَّ مفردة (الأبدال) استُعملت في الروايات والأحاديث في المعاني التالية:
الأول: الأئمة المعصومون (عليهم السلام) أو خواص أصحابهم:
فقد رُوِيَ عن الخالد بن الهيثم الفارسي أنَّه قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إنَّ الناس يزعمون أنَّ في الأرض أبدالاً، فمن هؤلاء الأبدال؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١١) الديلمي، الفردوس: ج١، ص١١٩، ح٤٠٥.
(١٢) كنز العمال - المتقي الهندي: ج١٢، ص٤١٧.
(١٣) الجعفريات - محمّد بن الأشعث الكوفي: ص٢٢٣، باب فضل الدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
ورد عن داود بن الحصين، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غَيبة وحيرة حتَّى تضل الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(١).
هذه الرواية المشهورة والتأسيسية في القضية المهدوية تشير إلى عدّة نكاتٍ، فهي تحدّد اسم الإمام وكنيته وخلقَه وخُلُقه وتربطها بالمبدأ الإسلامي الأصيل وهو النبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وكذلك الإشارة الواضحة إلى الغيبة باعتبارها مفصلاً تاريخيّاً مركزيّاً يشكّل محور الابتلاء والامتحان لقافلة البشرية، إلّا أنَّ أهمَّ إشارةٍ تشير إليها هي أنَّ الإمام (عجَّل الله فرجه) سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، لا كما توهَّم البعض وبنى على ذلك الفهم الخاطئ مبانيَ خاطئة، وهي أنَّ الإمام سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، فبدأ ينظّر للانتظار السلبي وعدم الاستعداد باعتبار أنَّ امتلاء الأرض بالظلم والجور هو أمرٌ حتميّ، فبالتالي فلندع ذلك يحصل أو فلنساعد به على بعض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الشيخ الصدوق - كمال الدين وتمام النعمة: ج١، ص٣١٥.
المبادئ الباطلة، فالمتبادر من عبارة أنّ الإمام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً أنّ واقعةَ ظُهورِ الإمامِ المهديِّ (عجَّل الله فرجه) ليستْ مشترطةً بحصولِ هذا الظُّلمُ العامُّ والجَورُ المُستشري في كُلِّ مَكانٍ، والمُتبادرُ أنَّ خروجَ الإمامِ (عليه السلام) وإنْ كانَ لأجلِ دَفعِ هذا الظُّلمُ والجَورُ الّذي يُطبقَ الآفاقَ ويُقيمُ علَى أنقاضِهِ العدلَ والقسِطَ الشَّاملَ غيرَ أنَّ ذلكَ ليسَ هو العِلَّةُ الفاعليَّةُ المُقتضية لِقيامِهِ (عجَّل الله فرجه) وإنَّمَا هي العِلَّةُ الغائيَّةُ الّتي يكونُ ظهورهُ (عجَّل الله فرجه) مُتكفلاً بتحقيقِهَا؛ فالعبارة ليست بصدد تعليق خروج الإمام (عجَّل الله فرجه) على حصول الظلم والجور، ولكنها بصدد بيان الوظيفة التي ينهض بها الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حال خروجه المتزامن مع امتلاء الدنيا بالظلم والجور.
وأمّا نفس خروجه الشريف فإنه مسبب عن مقتضيات وشرائط وارتفاع موانع، ومن جملة مقتضياته حصول الإذن من قبل الله (عزَّ وجلَّ)، ومن جملة شرائطه اكتمال عدة أصحابه وتوفر قواعده الشعبية، ومن جملة ارتفاع موانعه سقوط بعض الأنظمة الطاغوتية.
إنَّ هذا الفهم المغلوط والخاطئ يشكِّلُ مخالفةً فاضحة لمفاهيم القرآن التي تدعو إلى رفض الظلم، وعدم الركون إلى الظالمين، قال الله تعالى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ (هود: ١١٣).
بل إنَّ ذلك يعني تعطيل أهم فرائض الإسلام وأحكامه وتشريعاته، كفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، وهي تكاليف عامة لا تختص بزمان دون زمان، أو مكانٍ دون آخر.
على أنَّه ليس معنى (تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً) الواردة في بعض النصوص هو أن تنعدم قيم الحق والتوحيد والعدل على وجه الأرض، ولا يبقى موضع يُعبد الله فيه، فهذا الأمر مستحيل، وهو على خلاف سنن الله، وإلّا فماذا نفعل بالروايات التي تصرّح بضرورة توفّر القادة الثلاثمائة وثلاثة
عشر لحركة الإمام (عجَّل الله فرجه)، بالإضافة إلى العدد الكبير من الأنصار والجنود الموجودين عند خروجه.
كما أنَّ غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بسبب طغيان الشر والفساد والظلم، فكيف يكون طغيان الفساد والظلم شرطاً وسبباً لظهور الإمام (عجَّل الله فرجه) وخروجه؟
فالمقصود بهذه الكلمة طغيان سلطان الباطل على الحق في الصراع الدائر بين الحق والباطل، من هنا لابُدَّ للإمام (عجَّل الله فرجه) من أنصارٍ وجنودٍ وقادّة يساهمون على كلّ الصعد والمستويات في التمهيد لظهوره المبارك، وفي إنجاح هذه النهضة المهدوية، وقد تحدّثت الروايات عن هؤلاء الأنصار وصفاتهم وأوطانهم، وعددهم، إلّا أنَّ التأمّل الحثيث في الروايات الصادرة عن أهل البيت (عليهم السلام)، وخصوصاً في المصادر الأُم المتحدِّثة عن القضية المهدوية وحيثيّاتها المختلفة ككتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي وللشيخ النعماني وكتاب (كمال الدين وتمام النعمة) للشيخ الصدوق يجد أمامه مجموعةً من الشخصيات الأساسية التي تلعب دوراً محوريّاً في عملية الظهور المبارك للإمام أو في التمهيد له، بل إنَّ بعضها قد عَدَّت حركته من العلامات الحتمية للظهور، ونتيجةً لأهمية الدور المنوط بها في هذه الحركة نجد البعض قد حاول تطبيقها على شخصيّاتٍ معاصرة لعبت وما زالت تلعب دوراً مهمّاً في مقارعة الاستكبار وفي التمهيد والانتظار الإيجابي.
في هذا المقال سوف أُسلِّط الضوء على مصطلح (الأبدال) باعتباره إحدى المصطلحات التي وردت بكثرةٍ في الروايات السنية والشيعية وكثر اللغط في تطبيقها على مصاديقها، بحيث يُعدّ أصحاب الإمام (عجَّل الله فرجه) وخصوصاً الشخصيّات الأساسية في حركته أحد أهمّ المصاديق لهذا المصطلح، بالإضافة إلى التركيز على أربع شخصيّات محورية ومهمَّة وهي:
١ - الخراساني.
٢ - اليماني.
٣ - النفس الزكية.
٤ - شعيب بن صالح.
كما سأعرِّج إلى التأسيس القرآني للقضية المهدوية وخصوصاً لجهة الأنصار، بحيث يرى المتأمّل في تفاسير القرآن كثيراً من الروايات التي تؤول آياتٍ مهمّة في القرآن الكريم بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأصحابه وأنصاره.
أوّلاً: الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأنصاره في القرآن الكريم:
إنَّ القرآن الكريم لم يُشِر بشكلٍ تفصيلي إلى الأمور التفصيلية التي مرّت أو ستمرّ في حياة الإمام ومسيرته وحركته كولادته وحياته، مواصفاته الشخصية أو غيبته وتفاصيل حركة ظهوره، لأنَّ هذا ليس من وظيفة القرآن، بل من وظيفة السنّة التي تشكّل معه الثقلين اللَذَيْن لا يفترقان، فالقضية المهدوية وكأيّ قضية وظيفة القرآن فيها هي التأسيس والقواعد العامّة ووظيفة السنّة هي التبيين وإكمال الرؤية المنظومية للفكرة.
نعم نجد الروايات تشير إلى سننٍ معيّنة موجودة لدى الأنبياء وهي عنده (عجَّل الله فرجه)، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنَّ في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء: سنَّة من موسى بن عمران، وسنَّة من عيسى، وسنَّة من يوسف، وسنَّة من محمد (صلى الله عليه وعليهم)، فأمّا سنَّته من موسى فخائف يترقب، وأمّا سنَّته من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، وأمّا سنَّته من يوسف فالستر جعل الله بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه، وأمّا سنَّته من محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيهتدي بهداه ويسير بسيرته»(٢).
نفهم الإشارة القرآنية إلى حصول هذه السنن مع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي: ج٥١، ص٢٢٤.
أمّا موضوع الظهور والاستخلاف فقد أشارت إليه آيات عدّة فسّرتها روايات أهل البيت (عليهم السلام) بدولة العدل المهدوي، منها:
أولاً: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (الأنبياء: ٥).
قال الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في تفسير الآية: ﴿أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان»(٣).
ثانياَ: قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣).
روى الشيخ الصدوق: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣)، فقال: «والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتَّى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق كافر بالله العظيم، ولا مشرك بالإمام إلّا كره خروجه حتَّى لو كان هناك كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله»(٤).
ثالثاً: قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ (النور: ٥٥).
يروي فرات الكوفي في تفسيره: عن السدي، عن ابن عباس (رضي الله عنه) في قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٣) تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي: ج٧، ص١١٩.
(٤) الحديث في باب النوادر: ج٢، ص ٣٨٦، من كمال الدين وهكذا الأحاديث الآتية.
فِي الْأَرضِ﴾ إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومنهم المهدي (عجَّل الله فرجه)(٥).
كما أنَّه بمبدأ الجري والتطبيق، وموضوع تفسير القرآن بالبطون، كثيرٌ من الآيات يمكن تأويلها بالإمام (عجَّل الله فرجه)، وقد تصل إلى ١٠٠ آية على بعض الآراء.
ثانياً: من هم الأبدال؟
١ - اختلفت الآراء كثيراً حول مصطلح الأبدال،فالبعض اعتبره من مخترعات الأمويين لإشغال الناس بهم بدلاً من الأئمة (عليهم السلام)، باعتبار كثرة الروايات الواردة في مصادر أهل السُنّة حولهم، كما أنَّ أغلب الروايات سواء في المصادر الشيعية أو السنية تذكر أنّهم من أهل الشام، كما نجد بعض المتصوّفة قد استخدموا هذا المصطلح كثيراً، فالأبدال عندهم في كلّ زمان يحيطون بالقطب، والقطب يكون واحداً.
من هنا كان لابدّ من بيان المعنى اللغوي للمصطلح ثمّ البحث عن مصاديقه في الروايات:
أ - الأبدال لغةً: جَمْعُ بَدَلْ وبَدِيل، وهم الزُّهاد، والعُبَّاد، والأولياء المخلصون لله، قال العلامة الطُريحي: الأبدال قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم، إذا مات واحد أبدل الله مكانه آخر.
ب - وفي القاموس: الأبدال قوم يقيم الله بهم الأرض وهم سبعون، أربعون بالشام وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلّا قام مقامه آخر من سائر الناس.
ج - وللعلامة الراغب الأصفهاني تفسيرٌ آخر للأبدال حيث يقول: والأبدال قوم صالحون يجعلهم الله مكان آخرين مثلهم ماضين، وقد أنكر بعض الناس وجودهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٥) تفسير فرات الكوفي: ص٢٨٨-٢٨٩، ح٣ و٦.
ثم يضيف قائلاً: وحقيقته هم الذين بدلوا أحوالهم الذميمة بأحوالهم الحميدة، وهم المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿... فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ...﴾ (الفرقان: ٧٠)(٦).
٢ - الأبدال في روايات أهل السنّة:
إنَّ أهمّ ما تشير إليه الروايات السنية في موضوع الأبدال:
أ - حديث عبادة بن الصامت: عن عبد الوهاب بن عطاء عن الحسن بن ذكوان عن عبد الواحد بن قيس عن عبادة بن الصامت مرفوعاً: أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «الأبدال في هذه الأُمَّة ثلاثون رجلاً، قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً»(٧).
ب - عبادة بن الصامت كذلك: «الأبدال في أُمَّتي ثلاثون بهم تقوم الأرض، وبهم تنصرون وبهم تمطرون»(٨).
ج - حديث عوف بن مالك مرفوعاً: «الأبدال في أهل الشام بهم ينصرون وبهم يرزقون»(٩).
د - الحديث الذي يروونه عن الإمام علي (عليه السلام): ذُكِرَ أهل الشام عند علي بن أبي طالب، وهو بالعراق، فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين، قال: «لا، إني سمعت رسول الله [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)] يقول: الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً، كلَّما مات رجل أبدله الله مكانه رجلاً، يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب»(١٠).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٦) راجع: مجمع البحرين - العلامة فخر الدين بن محمد الطريحي: ج٥، ص٣١٩؛ مفردات ألفاظ القرآن - العلامة الراغب الأصفهاني: مادة (بَدَلَ).
(٧) مسند أحمد بن حنبل: ج٥، ص٣٢٢.
(٨) الطبراني، المعجم الكبير: ج١٨، ص٦٥.
(٩) م، ن، ص، ن.
(١٠) مسند أحمد بن حنبل، ج١، ص١١٢.
هـ - في حديثٍ يرسله أنس بن مالك: «الأبدال أربعون رجلاً وأربعون امرأة كلَّما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً، وكلَّما ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة»(١١).
و - عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «الأبدال من الموالي»(١٢).
٣ - الأبدال في الأحاديث والروايات الشيعية:
أ - لقد ذُكرت مفردة (الأبدال) في الأخبار والأحاديث الشريفة في مواضع مختلفة، لكن رغم اختلاف مواردها فقد جاءت كلها في مقام المدح والثناء، بحيث يظهر منها أنَّ الأبدال هم أناسٌ يمتازون عن غيرهم بالصلاح والدرجة الإيمانية العالية والرفيعة.
رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّهُ قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): مَنْ دَعا للمؤمنين والمؤمنات في كل يوم خمساً وعشرينَ مرة، نَزَعَ اللهُ الغِلَّ من صدره، وكَتَبُه من الأبدال إن شاء الله»(١٣).
٤ - مصاديق الأبدال في الروايات:
لدى مراجعة الأحاديث والروايات الواردة فيما نحن بصدد بيانه، ودراستها نجد أنَّ مفردة (الأبدال) استُعملت في الروايات والأحاديث في المعاني التالية:
الأول: الأئمة المعصومون (عليهم السلام) أو خواص أصحابهم:
فقد رُوِيَ عن الخالد بن الهيثم الفارسي أنَّه قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إنَّ الناس يزعمون أنَّ في الأرض أبدالاً، فمن هؤلاء الأبدال؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١١) الديلمي، الفردوس: ج١، ص١١٩، ح٤٠٥.
(١٢) كنز العمال - المتقي الهندي: ج١٢، ص٤١٧.
(١٣) الجعفريات - محمّد بن الأشعث الكوفي: ص٢٢٣، باب فضل الدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
تعليق