إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

اهداف الشعائر الحسينية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اهداف الشعائر الحسينية

    أهداف الشعائر الإلهية

    إن من المؤلم جدا أن نرى نمطا من التفكير بالنسبة لفريضة إحياء شعيرة تعظيم ومعرفة منـزلة الصديقة الزهراء والسبط الشهيد أبي عبد الله الحسين عليهما الصلاة والسلام.. فهناك نوع من التوجه الخاطئ جدا، هدفه التخفيف أو التشكيك بما عانته السيدة الزهراء...
    (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين * ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون * وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين( (آل عمران/142-144)
    الشعائر الإلهية هي الأعمال التي يقوم بها الإنسان بنية خالصة لوجه الله الكريم؛ لا يبتغي من ورائها هدفا آخر غير أداء ذات الشعيرة..
    فالصلاة - مثلا- لا يهدف المؤمن، أو لا ينبغي له أن يهدف من وراء أدائها تنمية عضلاته أو تقوية أجهزته الجسدية أو تحقيق مكسب مالي، بل لابد أن يكون الهدف من الصلاة التعبد لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، بما يتضمن ذلك من فهم واستيعاب معاني مفرداتها وحركاتها وسكناتها، ليعود ذلك بالنفع على طبيعة عقيدته وسلوكه.. وعلى ذلك؛ فإن أية غاية منافية قد يدخلها المرء في أية شعيرة يؤديها ستفسدها، في حين أن سائر الأفعال التي يقوم بها قد يكون من المسموح له أن يشرك معها وفيها أكثر من غاية.
    لقد فرض الله عز وجل على المؤمنين أن تكون كل جوانب حياتهم مصبوغة بالتوجه الخالص إليه سبحانه: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين( (الانعام/162)..
    فالمؤمن - حينما أصبح مؤمنا - قد صبغ كل حياته بصبغة الله.. (ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون( (البقرة/138) وهو حينما يتزوج أو يأكل أو ينام أو يطلب الكسب يهدف الحصول على مرضاة الله رغم انضمام طلب تحقيق رغبات إنسانية طبيعية خلال ذلك.. وهذا يعني - فيما يعني - أن حياة المؤمن ليست شعائر كلها، بل هناك شعيرة أساسية قد صبغت حياته، وهي الإخلاص لله وطلب مرضاته، رغم وجود أوامر تعبدية لا ينبغي له أن يضم إليها رغبة أو هدفا آخر...
    ولعل من أبرز الشعائر الإلهية تكريم الصالحين من عباد الله، وفي مقدمتهم الأنبياء والرسل والصديقون والعلماء والمجاهدون ثم سائر المؤمنين، وقد جاء في المأثور: "من أكرم مؤمنا فقد أكرم الله سبحانه وتعالى"..
    ولقد كان المصداق الأول والأرقى لهذه الشعيرة الطيبة أن نكرم الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فحب النبي واحترامه وإكرامه وإعزازه وتوقيره ومعرفة منـزلته وقربه الى الله تعالى جزء هام جدا من الواجبات الأساسية لحياتنا.. وليس عجبا أن نلاحظ أن من أبرز ما قام به الإمام أمير المؤمنين والصديقة الكبرى وجميع الأئمة المعصومين سلام الله وصلواته عليهم أنهم كرسوا في الأمة حب النبي المصطفى صلى الله عليه وآله واحترامه والاهتمام بشخصيته العظيمة وسيرته المقدسة، لا سيما إذا عرفنا أن قسما من الناس كان ينظر إلى الرسول الأكرم باعتباره إنسانا عاديا أو مجرد حاكم سياسي، وفي أحسن الفروض كان يعتبره مبلغا لرسالة الله في الأرض.. أدى ما عليه وانتهى بانتهاء عمره الشريف!!
    إن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام آلى على نفسه من خلال مواقفه وخطبه العظيمة تبيين فضائل نبي الإسلام وإظهار احترامه الشخصي الكبير له، حتى أنه سئل بعد أكثر من عقدين من الزمن عن السر في عدم اختضابه، فأجاب بأنه يحجم عن ذلك بسبب عزائه على رسول الله... وقد قال مقولته الشهيرة في اخريات حياته الشريفة لمن سأله عن موقعه ومنـزلته من رسول الله: "...ويحك! إنما أنا عبد من عبيد محمد"!! بعد كلام يطول بيانه فيما يخص أفضليته على كثير من الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين...
    وهكذا فعلت الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام..
    وبنفس النسبة والمستوى والمقدار يتوجب علينا أن نكرم ونعزز ونوقر الرسول وآل بيته الطيبين الطاهرين، وفي طليعتهم الإمام أمير المؤمنين والصديقة الزهراء عليهما الصلاة والسلام.. ومن ضمن احترامنا لها احترامنا لسيرتها وجهادها وأعمالها وخطبها وإحيائنا لذكراها المقدسة، ولا سيما ذكرى شهادتها عليها السلام..
    -لأن في ذكرى شهادة فاطمة الزهراء إحياء للدين وإكرام للرسالة وتوقير للرسول صلى الله عليه وآله وسلم..
    - ولأن في هذه الذكرى زخم إيماني هائل يدخل في قلب الإنسان المؤمن، حيث يتوجه ويصدق بأهداف الزهراء عليها السلام التي هي جوهر أهداف الوحي.
    إن من المؤلم جدا أن نرى نمطا من التفكير بالنسبة لفريضة إحياء شعيرة تعظيم ومعرفة منـزلة الصديقة الزهراء والسبط الشهيد أبي عبد الله الحسين عليهما الصلاة والسلام..
    فهناك نوع من التوجه الخاطئ جدا، هدفه التخفيف أو التشكيك بما عانته السيدة الزهراء وتعرض له الإمام الحسين، حتى أن هذا التخفيف انتهى به الأمر إلى إلغاء صفحات مأساوية ثابتة من سيرة هاتين الشخصيتين المقدستين، كمحاولة إلغاء حادثة الهجوم المجرم على دار الزهراء بعد وفاة أبيها النبي المصطفى، أو إلغاء حقيقة تعرض الإمام الحسين للجوع والعطش قبيل استشهاده عليه السلام، أو أن رضيعه قد قتل بالفعل بالطريقة المفجعة التي أكدها المؤرخون..
    وإن من المؤلم أيضا أن نجد نوعا ونمطا آخر من التوجه والتفكير يحاول الفصل بين ما تعرض له الإمام الحسين - رغم ثبوته - وبين ما يمكن أن يفعله المؤمنون كترجمة عملية لرفض تلك المظلومية، بمعنى أن نمط التفكير هذا يسعى جاهدا إلى تسديد ضربة هائلة إلى عمق التاريخ وإلى كبت صرخة الإمام الحسين وصرخة الفكر النبوي الأصيل الذي كان يمثله هذا الإمام المظلوم الذي لم يكن يهدف من ثورته الجبارة إلا إحياء الدين عبر التاريخ كله..
    إن مصائب الصديقة الزهراء ليست بتلك المصائب العابرة، وهي ليست بالتي تستحق البكاء المجرد عن خلفية هضم واستيعاب أهداف هذه السيدة الجليلة.
    إن النمط الصحيح من التفكير والاعتقاد هو إحياء هذه الشعائر بناء على معرفة حقيقة سيدة الإسلام ولمس فضائلها، وأنها دارت على معرفتها القرون الأولى، وضرورة عدم بخس حقها.. وإنما وجب معرفة كل ذلك بناء على فريضة اتخاذ هذه المعرفة منهجا فعالا في الحياة.
    إننا حينما نتفجع لمظلومية السيد الزهراء أو الإمام الحسين إنما لأننا نعرف أن الأمة الإسلامية لم تستفد الاستفادة المطلوبة منهما، نظرا إلى أنهما - وسائر أهل البيت عليهم السلام - مصابيح هداية وسفن نجاة للأمة، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان من الواجب الاهتداء بهم وبسيرتهم واغتنام تضحياتهم لإدامة الحياة في حركة الأمة.. هذا من ناحية..
    ومن ناحية أخرى، ينبغي التذكر وملاحظة أن في كل إنسان قوتين خيرتين، هما؛ قوة العاطفة وقوة العقل، ولا تكتمل واحدة دون أخرى. فالعاطفة لا تأخذ مسارها المرسوم لها دون تعقل وهداية، وكذلك العقل لا يعود بفائدة تذكر دون همة وحماس وعزم..
    ونحن المسلمين ليس أمامنا سوى الاهتداء بكتاب ربنا؛ القرآن الكريم، الذي هو فوق الكتب، ومنهجه أرقى المناهج.
    كما أنه ليس أمامنا من نحب ونتحمس له ونتعاطف وإياه وله أكثر من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، لأنهم الترجمان الحقيقي للقرآن الكريم من جهة، ولأنهم الأكثر مظلومية من بين سائر الصالحين على مر العصور من جهة ثانية، بسبب أنهم كانوا الأعظم والأكثر اتصالا بالوحي وهو القرآن، وبصاحب الوحي وهو الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله..
    ثم إن أهل البيت قد ثبت عنهم حبهم وحرصهم وحنوهم على المؤمنين دون استثناء، حتى آخر لحظة من لحظات حياتهم الشريفة، الأمر الذي يوجب على المؤمنين مبادلتهم العواطف الجياشة النبيلة..
    فقد ورد عن النبي قوله لملك الموت: "أهكذا تقبض أرواح امتي"؟ فقال له ملك الموت: "هذا أخف شيء" فقال له النبي: "شدد علي وهون عليهم" وذلك حينما أراد قبض روحه الطاهرة...
    وكانت كلمات السيدة الزهراء الأخيرة: "إلهي! شيعتي شيعتي"...
    أما الكلمة الأخيرة لأمير المؤمنين عليه السلام: "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" في إطار رغبته العارمة في إدراك المؤمنين لحقيقة ما سينالونه من نصيب طيب إن هم استقاموا على الطريقة..
    وقد وصى الإمام الحسن المجتبى وهو يعاني آلام السم وحالة الاحتضار لصاحبه جنادة: "يا جنادة! اغتنم خمسا قبل خمس: من أراد عزا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته.. الخ" ومثل هذه الكلمات النورانية كانت كلمات الإمام الحسين عليه السلام وهو محاصر بالسيوف والرماح والنبال، حيث كان يحنو على شيعته ويبلغهم السلام الناصح الدافئ.. وهكذا الأمر بالنسبة لسائر الأئمة عليهم الصلاة والسلام..
    إنهم المثل الأعلى، وهم كل الحب الطاهر النـزيه.. عشقوا شيعتهم فعشقوهم كل العشق.. وبعد حياتهم ثمة سلسلة لا تنتهي من المآسي والمعاناة.. ليست خاصة بزيد أو عمر.. بل كان الإنسان كإنسان مستهدفا بهذا الحب، كما كانت الرسالة والنور والوحي والهدى مستهدفا...
    إن وجود هذه الكتلة الهائلة من العواطف فينا، مع هذه الحكمة البالغة في القرآن المجيد يولد التوازن؛ التوازن الذي يساهم مساهمة فعالة للغاية في خلق الحضارة الكبرى للبشرية، حضارة جناحها العواطف النبيلة وجناحها الآخر الحكمة البالغة والمنطق القرآني الصائب دوما...
    وحقا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقصد ما يقول في وصيته الأخيرة الخالدة: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.. نبأني العليم الخبير" لأنه بذلك كان يرسم بنور حكمته البالغة طريق الرقي للبشرية..
    إن البشرية لا تفهم حكمة القرآن دون استيعاب سيرة أهل البيت وبطولاتهم وشجاعتهم وتضحياتهم وحبهم للإنسان.
    كما أنها - البشرية - لن تفهم سيرة أهل البيت ما لم تسع إلى مراجعة نصوص الحكمة الربانية في كتاب الله المجيد الهادفة الى تعبيد الجادة أمام سعادة البشرية أيضا...
    لقد كان حقا أن بين الله في كتابه معايب الظالمين. كما كان حقا أن يقف أهل البيت بوجه الظالمين والعتاة والسفلة. كما لم يكن مستغربا أن يجتمع هؤلاء السفلة حول بيت الرسالة والوحي ليحرقوه وليصادروا حقوق أهله المنصوصة في كتاب الله..
    إن فاطمة الزهراء سلام الله عليها أرادت بموقفها وتضحيتها وألمها أن تعلم الإنسان ضرورة رفضه للعصبية والجاهلية والحقد مهما تعددت وتنوعت الصورة وبأي ثمن كان، وفي أية فترة كان.. وعليه فإنه لا يحق لنا التقليل من شأن سيرة الزهراء وتضحياتها، لأن ذلك سيساهم في التآمر على هذه السيرة وهذه التضحية، وبالتالي سيحرم الناس من حقهم في التعرف والتعلم والبطولة والشجاعة والتضحية..
    وها هو كتاب الله سبحانه وتعالى قد تضمن إشارات إلى كل هذه الحقائق التي سبقت والتي لحقت، حيث قال تبارك اسمه: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين( وليس لنا أن نمر على مثل هذه الإشارة مرورا عابرا، بل يتحتم علينا التوقف عندها طويلا لكي نتعرف على طبيعة التاريخ الذي يصوره لنا القرآن فيما يخص الفترة التي تلت وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..
    ومهما يكن؛ فإن الإسلام الذي لا يزال صامدا حتى اللحظة فإنما صمد بفضل الله تبارك وتعالى وبسبب جهاد أهل البيت عليهم السلام وما تركوا من أثر طيب في نفوس المؤمنين والصالحين.
    نسأل الله سبحانه بحق أهل البيت عليهم السلام أن يرزقنا معرفتهم وحبهم واتباع منهجهم والتسليم لفضائلهم.
    وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
    التعديل الأخير تم بواسطة المقتدى الصدري; الساعة 15-03-2005, 10:54 AM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X