إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الطفولة وامتداداتها في ثورة الطف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الطفولة وامتداداتها في ثورة الطف

    الطفولة وامتداداتها في ثورة الطف
    ...............................



    الطفل أقرب بفطرته للسلامة والكمال منه إلى التشويه، فالطفل أصلاً يولد على الفطرة، وما أحسن الفطرة وهي تتغذى بمضمون مشيئة الله تعالى في ثورة الحسين (عليه السلام) خياراً لحفظ الدين واستقامته، ذلك بسبب تلابس الفطرة السليمة بالدين الحق المستقيم.

    فعندما كنا أطفالاً كنا نراقب الشعائر الحسينية، التي كانت تقام على قدم وساق في محلات وأطراف وقرى المدن في جنوب العراق، بل ونشارك بالممكن الذي تسمح به أعمارنا وما يناسبها.. وكنا نحضر مجالس العزاء ومحاضرات القرّاء المشهورين، حتى وإن كانت في أماكن بعيدة عن محلاتنا.

    وإني لأتذكر جيداً وبوضوح، مشاهد كانت تتكرر في عاشوراء وفي الأربعين (الأنصار)، حين كانت تؤجر قطارات بالكامل من قبل المواكب، تسمى قطارات الأنصار تنطلق من البصرة والناصرية إلى كربلاء، ولا زلت أتذكر تلك الجماهير ووفود الأنصار، والأعلام واللافتات تخرج من أبواب العربات، وأسمع تلك الوفود تهتف بالشعارات منها:

    يا حسين أبداً ما ننساك***بحبك حفظ الدين ونشره

    نحــيي الإسلام بذكراك***تبقى القائد وأنت الفكره

    وكثير من أمثال هذه الشعارات كنا نرددها دون أن ندرك عمق معانيها، ولكنها بالتأكيد كانت تأخذ حيّزاً في تعابيرنا اللغوية والسلوكية يوماً بعد يوم، حتى أنها صارت بالنسبة لنا ركناً أساسياً في توجيه عقيدتنا وديننا بالكامل لاستيعاب معاني شعارات وشعائر النهضة الحسينية المباركة.. ولقد أكّد الواقع صدق ارتباط معاني قوة العقيدة وتوجهها وانتساخها ديناً لله تعالى في النفوس من خلال فترات الطفولة.. فتلك الفترة هي البيئة التي تنبت بها بذرة العقيدة.

    ويعدّ عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي معتدلاً، مع أنه نشأ في بيئة الحقد على أهل البيت (عليهم السلام). فعندما جاء لمركز السلطة وصار خليفة منع سب الإمام علي (عليه السلام)، الذي كان سنة في الخلافة الأموية طيلة أربعين عاماً لا يستطيع أن يتجاوزها الخطيب على كل منابر العهد الأموي.

    ولقد منع السب على المنابر وأعاد جزءاً من الاعتبار لآل البيت (صلوات الله عليهم). ويعزى سبب هذا التغيّر إلى المعلم الذي كان يعلم عمر بن عبد العزيز في طفولته، حيث كان ذلك المعلم منصفاً في عقيدته إذ كان يدين بها لله وحده. والظاهر أنه كان يلمح بين الحين والحين إلى عدم شرعية هذا السب الذي كان يتلهى به الأطفال آنذاك أو قد يصرح بأنه إثم عظيم وبطريقة ذكية أثرت في نفس الطفل عمر ليكون فيما بعد الخليفة المعتدل.

    وقد تجاوزت بنا السنون مرحلة الطفولة، وقفز إلى السلطة من منع الشعائر الحسينية وعلى مدى سنين خلت، وكنت أتصور أن الأطفال قد حرموا من نعمة كبيرة، حلت محلها نقمة كبيرة؛ لكن الذي حصل من بقاء التعزية على خوف من الظالم أو بعض الشعائر التي لم يجد لها المانعون سبيلاً، أن هؤلاء الأطفال صاروا أشد التصاقاً بمعرفة الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته، وأطفال العراق لا زالوا رغم القهر والمنع يتظاهرون ليالي محرم العشر ويحيون ليلة العاشر من محرم (عاشوراء)، بل أن الجيل الذي يعمّر المساجد اليوم والذي ملأ الساحات والشوارع وأرهب الطاغوت، هو ذاته جيل فترة المنع لشعائر الحسين (عليه السلام)، أي هو جيل الفترة التي كانت الشعائر الحسينية فيها من التعزية العلنية واللطم والسير مشياً لزيارة الحسين (عليه السلام) تعد من الجرائم التي يعاقب عليها قانون الطغاة بالسجن أو بالإعدام.

    إن محبة الحسين (عليه السلام) خاصة لخاصة أولياء الله تعالى.. فقد قال المصطفى (صلّى الله عليه وآله): (إن للحسين في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة)(1). وقال (صلّى الله عليه وآله): (إن لولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد إلى يوم القيامة)(2).

    والناس إنما يتعلمون باكتساب الحقائق، أما الذي يمتلك محبة الإمام الحسين (عليه السلام) بصدق فقد امتلك في نفسه ما يسمو على العلم، لأن في تلك المحبة كل الخير إذا كانت بقصد القربى إلى الله تعالى دون ضميمة.

    فحري بالمنصف في دينه وعقيدته أن يعلّم طفله محبة الإمام الحسين (عليه السلام)، دون منفعة، ودون استلاب بالدونية أو الفوقية ودون رياء، وليعرف أطفالنا أن الإمام الحسين (عليه السلام) وأطفاله تميّزوا بحب الله تعالى وقدموا أنفسهم قرباناً له ولحفظ دينه واستقامته. وأن الجزء الأكبر من المصيبة تحملها أطفال الحسين قتلاً، وخوفاً وجوعاً وعطشاً وسلباً وسبياً، بل وهياماً في الصحراء.

    هذا عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، من أطفال ثورة الحسين (عليه السلام) رأى هذا الطفل عمه الإمام الحسين (عليه السلام) عندما خرّ صريعاً إلى الأرض وبه رمق، فأفلت من يدي عمته (عليها السلام) وجاء إلى عمه الحسين (عليه السلام) وجلس في حجره، وعندما همّ بحر بن كعب بضرب الإمام الحسين (عليه السلام)، قال له عبد الله: يا بن الخبيثة أتضرب عمي الحسين واتقى الضربة بيده اليمنى فقطعت من المرفق، فصاح عبد الله: يا عم لقد قطعوا يميني.. والتفت إليه الإمام الحسين (عليه السلام) يهون عليه فجاءه سهم من حرملة بن كاهل الأسدي فذبحه في حجر عمه الحسين (عليه السلام).

    وهذه الطفلة رقية بنت الإمام الحسين (عليه السلام)، ذات القبة التي تطاول السماء اليوم والتي تجاور المسجد الأموي بدمشق، هي الأخرى لها قصة المحنة التي نقلتها لعالم أبيها الخالد عند المليك المقتدر.

    فلقد رأت هذه الطفلة وهي في خربة السبي مع سبايا الإمام الحسين (عليه السلام) في الشام أباها الحسين (عليه السلام) في المنام، فاستيقظت وهي تطلبه واشتد طلبها وعويلها على أبيها وضج معها العيال كلهم بالبكاء، وسمع يزيد بذلك فأمر بإرسال الرأس إليها لتراه.

    وقد قدم إليها الرأس بطست مغطى بمنديل، فقالت: لا أريد طعاماً بل أريد أبي، فقالوا لها: هذا أبوك ورفعوا المنديل، وما أن رأت رقية رأس أبيها حتى ألقت بنفسها عليه واحتضنته تقبله، وما هي إلا برهة حتى قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) لعمته زينب (عليها السلام): عمتي نحّي الطفلة فإنها قد فارقت الحياة.

    هذه هي نفوس أطفال الحسين (عليه السلام)، ونفوس أطفال أشياعهم جُبلت بمحبة أهل بيت النبوة فغدت لا تطيق إلا معاني السمو في حياتها ومماتها.

    ولقد أراد الطاغية يزيد أن يتسلى في إظهار قوة ابنه خالد مع أحد أطفال الإمام الحسين (عليه السلام) السبايا، وقد أنهكه ما روّعه من قتل أبيه وأهله، وما حلّ به من سبي؛ فدعا يزيد طفل الإمام الحسين (عليه السلام) للمصارعة مع ابنه خالد أمام من كان يحضر في بلاط يزيد.

    قال يزيد لطفل الإمام الحسين (عليه السلام): تعال فصارع ولدي خالداً هذا.

    قال طفل الإمام الحسين (عليه السلام): أنا لا أصارع، ولكن إن شئت فأعطني مدية وأعطه مدية، فإن قتلني ألحقني بجدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في الجنة، وإن قتلته ألحقته بجده معاوية أو أبو سفيان.

    فرفض يزيد ممتعضاً من هذا الرد.

    فقال له أحد الحاضرين متملقاً: لم رفضت فإن خالداً أقوى منه؟

    قال يزيد: أتريده أن يقتل خالداً، إنه ابن علي، فالحية لا تلد إلا الحية.

    وهذا أحمد بن مسلم بن عقيل، وقد هام وهو طفل على وجهه في الصحراء بعد هجوم خيل ابن زياد على مخيم الحسين فاراً ليجد قرية ضيّفه فيها أحد الوجهاء حتى إذ سمع بثورة المختار أعلم مضيّفه أنه يريد القدوم على المختار.

    وعندما حضر وسلّم على المختار بقي واقفاً، فقال له المختار (رض): اجلس يا بني، قال: أجلس من حيث أنا أم من حيث أنت؟ قال له: بل من حيث أنت؛ فجاء حتى جلس بجنب المختار، فسأله المختار من هو ومن يكون؟ قال له أحمد: أنا من آل النبي والحسين (عليه السلام)؛ أنا أحمد بن مسلم بن عقيل، فنهض المختار وقبّله وقبل يديه وكرّمه بما يليق به، ثم تبعاً لرغبة أحمد أرسل معه جماعة ليوصلوه إلى المدينة المنورة حيث أهله.

    وذاك الطفل الذي ألبسته أمه لامة حربه وأرسلته للإمام الحسين (عليه السلام)، ليطلب الإذن بالبروز إلى الحرب، وقد رآه الإمام الحسين (عليه السلام)، فقال لبعض أصحابه: إن أباه قتل في الحملة الأولى وأكره أن تثكل به أمه، فجاء يسعى إلى الإمام الحسين (عليه السلام) لئلا يصده أصحاب الإمام (عليه السلام)، وهو يقول:

    سيدي أبا عبد الله إن أمي هي التي ألبستني لامة حربي وهي التي أرسلتني لأموت دونك.

    هذه شذرات من معاني الطفولة في وهج ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) وامتداداتها، فإن لها في النفس جذوراً متأصلة في النفوس بغض النظر عن مكانها وزمانها.

    وفي ذلك يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لما أظفره الله بأصحاب الجمل وقد قال له بعض أصحابه:

    وددت لو أن أخي فلاناً كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك.

    فقال له (عليه السلام): أهوى أخيك معنا؟

    فقال: نعم.

    قال (عليه السلام): فقد شهدنا.. ولقد شهدنا في معسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال وأرحام النساء سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان(3).

    والذين سيرعف بهم الزمان ليسوا أطفالاً، بل هم لم يولدوا بعد واعدون بمحبة علي والحسين يقوى بهم الدين.. فالدين الحق يحمله أنصار الحسين وأحباب علي (عليهما السلام).
    .................................................. .............. منقول ...............................................

    واسالكم الدعاء

  • #2
    بوركت أخي مقتدى الصدري وبارك الله فيك

    الا انني أعود لأنبهك يا أخي أرجو أن تقسم موضوعك ولا ترسله مرة واحدة لأنه كلما كان الموضوع مقسما كلما كان اقبال الرواد لقراءته أكثر

    تحياتي ..

    والله الموفق...

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
    ردود 2
    17 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
    استجابة 1
    12 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    يعمل...
    X