مكاشفة د. عايد المناع
إما فتوى حاسمة وإلا فلا
صدر اكثر من رأي او اجتهاد شرعي يؤكد عدم تعارض منح المرأة حق المساواة السياسية مع الرجل من خلال ممارسة حق الانتخاب والترشيح او الانتخاب فقط مع الشريعة الاسلامية، هذه الفتاوى بعضها كويتي مثل «فتوى» الدكتور عجيل النشمي و«فتوى» أخرى للدكتور محمد عبد الغفار الشريف وهناك آراء وفتاوى على مستوى العالم الاسلامي لعلماء ومشايخ كبار أمثال الاستاذ الدكتور عمر سليمان الاشقر والاستاذ الدكتور يوسف القرضاوي وكل هذه الفتاوى وغيرها كثير لا تختلف على جوهر الموضوع وهو المساواة السياسية بين الرجل والمرأة وان مال قليل منهم الى البدء بمنح حق الانتخاب او الاقتصار عليه وهذا امر يمكن تفهمه لكنه يتعارض نسبيا وليس كليا مع مبدأ اصيل في كل الدساتير وهو مبدأ المساواة بين الناس امام القانون وعدم التمييز بينهم بسبب الجنس او الاصل او اللغة او اي سبب آخر وهذا ما حرص علماء كبار امثال الشيخين القرضاوي والأشقر تجنبه من خلال اصدار فتاوى واضحة لا تحتمل التأويل تنص على ان الاسلام ساوى بين المرأة والرجل في ممارسة حق الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية والبلدية وما يماثلها من مؤسسات دستورية مثل رئاسة او عضوية السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
ونظرة الى خريطة العالم الاسلامي تدل على ان المساواة السياسية بين الرجل والمرأة هي السائدة في كل الدول التي تجري فيها انتخابات برلمانية او رئاسية ونثق ان عالما او فقيها اسلاميا واحدا لن يوافق على مساواة المرأة بالرجل سياسيا او قانونيا لو ان هناك مجرد شبهة شرعية مؤكدة تحيط بهذه المساواة. بل اننا نجزم ان الامانة العامة لـ«حزب الأمة» الكويتي و اغلبية اعضائها من المتخصصين او المتفقهين بالعلوم الشرعية ومن ذوي الاتجاه الاسلامي السلفي ما كانت لتقدم على اصدار بيان شديد الوضوح يعلن تأييد «حزب الامة» لمنح المرأة الكويتية حق الانتخاب والترشيح لو ان هذا الحق تحيط به شبهة شرعية مؤكدة اذ لا يمكن ان يغامر حزب عقائدي على تحدي او انتهاك المنطلق او المحتوى الفكري الذي يستند عليه عقائديا وسياسيا و«حزب الأمة» أعلن موقفه الداعم لحقوق المرأة انطلاقا من موقف الشريعة الاسلامية و انسجاما مع الدستور الكويتي وهذا موقف شجاع لم تستطع معظم التنظيمات الاسلامية السنية ان تقدم على اتخاذه بالرغم من ان بعضها بدأ يتراجع عن معارضته المغلفة بالشريعة الاسلامية وهذا دليل على بطلان الادعاء الشرعي وايضا دليل على سلامة الموقف الشرعي لحزب الامة الذي اتخذ موقفا مبدئيا لم يجرؤ نظراؤه الاسلاميون على اتخاذه.
الآن ماذا تريد الحكومة من وزارة الأوقاف؟ أليست تريد معرفة الموقف الشرعي من منح المرأة حق الانتخاب والترشيح؟ ألم يسبق ان اعلنت ادارة الافتاء بالوزارة موقفها وهو موقف رافض فماذا استجد؟ ربما ان موقف الادارة تغير واصبحت اكثر استعدادا لقبول حق المرأة، بل ان وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية الدكتور عبد الله المعتوق ذكر في تصريح صحفي (5/3/2005) انه سبق لوزارته ان اصدرت عام 1985 فتوى تجيز حق المرأة السياسي فأين كانت هذه الفتوى من حوارات ما بعد صدور المرسوم الاميري في عام 1999؟ والاهم من ذلك ماذا ستقول الفتوى التي ستصدرها وزارة الاوقاف بعد ايام؟ يقول الدكتور المعتوق عن فتوى وزارته انها تؤكد ان ولي الامر هو من يحسم الخلاف في موضوع اعطاء المرأة حقها السياسي اي ان ولي الامر هو الذي يناط به حسم المسائل الخلافية.
والسؤال: من ولي الامر، هل هو الامير، ام مجلس الوزراء، ام مجلس الامة؟ ألم يصدر سمو الامير حفظه الله مرسوما ايده مجلس الوزراء ورفضه مجلس الامة ألم يكن هذا الرفض معيقا قانونيا لتعديل المادة الاولى من قانون الانتخاب وبالتالي بقاء الوضع كما هو عليه؟
لقد كان موقف ولي الامر ممثلا بسمو الامير والحكومة واضحا في منح المرأة حقها السياسي لكن عقبة مجلس الامة حالت دون رغبة ولي الامر التنفيذي وطالما ان مجلس الامة شريك بولاية الامر فما الذي يضمن في تركيبته الحالية ان يوافق على ما سبق لنفس القوى والعقليات رفضه؟
لذلك نعتقد ان الحق السياسي للمرأة بحاجة الى فتوى واضحة وحاسمة تحدد موقف الشرع الاسلامي من هذا الحق بشكل لا يقبل التأويل والجدل وان كان يقبل الاجتهاد والتفسير فاما رفض واضح واما موافقة اشد وضوحا وهذه الموافقة ان تمت فانها ينبغي ان تقول بملء الفم ان الشرع الاسلامي يقر حقوق المرأة او انه لا يعارضها وهذا اجدى من صدور فتاوى تنيط الامر بولي الامر لأن مثل هذه الفتوى تتيح للبرلمان المشاركة في ولاية الامر وبالتالي تتيح للمعارضين الاستناد على مبرراتهم الشرعية والاجتماعية لحرمان المرأة من حقها السياسي وطالما ان البرلمان صاحب حق اصيل في اجراء اي تعديل قانوني فان اصدار فتوى واضحة في اقرار حق المساواة السياسية لاشك انه سيضعف المعسكر البرلماني المعارض وسيتيح للمترددين وغير الحزبيين ان يتخلوا عن معارضتهم طالما انه ليس هناك محظور شرعي.
=======
© 2001-2005 جريدة الوطن ، حقوق الطبع محفوظة
إما فتوى حاسمة وإلا فلا
صدر اكثر من رأي او اجتهاد شرعي يؤكد عدم تعارض منح المرأة حق المساواة السياسية مع الرجل من خلال ممارسة حق الانتخاب والترشيح او الانتخاب فقط مع الشريعة الاسلامية، هذه الفتاوى بعضها كويتي مثل «فتوى» الدكتور عجيل النشمي و«فتوى» أخرى للدكتور محمد عبد الغفار الشريف وهناك آراء وفتاوى على مستوى العالم الاسلامي لعلماء ومشايخ كبار أمثال الاستاذ الدكتور عمر سليمان الاشقر والاستاذ الدكتور يوسف القرضاوي وكل هذه الفتاوى وغيرها كثير لا تختلف على جوهر الموضوع وهو المساواة السياسية بين الرجل والمرأة وان مال قليل منهم الى البدء بمنح حق الانتخاب او الاقتصار عليه وهذا امر يمكن تفهمه لكنه يتعارض نسبيا وليس كليا مع مبدأ اصيل في كل الدساتير وهو مبدأ المساواة بين الناس امام القانون وعدم التمييز بينهم بسبب الجنس او الاصل او اللغة او اي سبب آخر وهذا ما حرص علماء كبار امثال الشيخين القرضاوي والأشقر تجنبه من خلال اصدار فتاوى واضحة لا تحتمل التأويل تنص على ان الاسلام ساوى بين المرأة والرجل في ممارسة حق الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية والبلدية وما يماثلها من مؤسسات دستورية مثل رئاسة او عضوية السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
ونظرة الى خريطة العالم الاسلامي تدل على ان المساواة السياسية بين الرجل والمرأة هي السائدة في كل الدول التي تجري فيها انتخابات برلمانية او رئاسية ونثق ان عالما او فقيها اسلاميا واحدا لن يوافق على مساواة المرأة بالرجل سياسيا او قانونيا لو ان هناك مجرد شبهة شرعية مؤكدة تحيط بهذه المساواة. بل اننا نجزم ان الامانة العامة لـ«حزب الأمة» الكويتي و اغلبية اعضائها من المتخصصين او المتفقهين بالعلوم الشرعية ومن ذوي الاتجاه الاسلامي السلفي ما كانت لتقدم على اصدار بيان شديد الوضوح يعلن تأييد «حزب الامة» لمنح المرأة الكويتية حق الانتخاب والترشيح لو ان هذا الحق تحيط به شبهة شرعية مؤكدة اذ لا يمكن ان يغامر حزب عقائدي على تحدي او انتهاك المنطلق او المحتوى الفكري الذي يستند عليه عقائديا وسياسيا و«حزب الأمة» أعلن موقفه الداعم لحقوق المرأة انطلاقا من موقف الشريعة الاسلامية و انسجاما مع الدستور الكويتي وهذا موقف شجاع لم تستطع معظم التنظيمات الاسلامية السنية ان تقدم على اتخاذه بالرغم من ان بعضها بدأ يتراجع عن معارضته المغلفة بالشريعة الاسلامية وهذا دليل على بطلان الادعاء الشرعي وايضا دليل على سلامة الموقف الشرعي لحزب الامة الذي اتخذ موقفا مبدئيا لم يجرؤ نظراؤه الاسلاميون على اتخاذه.
الآن ماذا تريد الحكومة من وزارة الأوقاف؟ أليست تريد معرفة الموقف الشرعي من منح المرأة حق الانتخاب والترشيح؟ ألم يسبق ان اعلنت ادارة الافتاء بالوزارة موقفها وهو موقف رافض فماذا استجد؟ ربما ان موقف الادارة تغير واصبحت اكثر استعدادا لقبول حق المرأة، بل ان وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية الدكتور عبد الله المعتوق ذكر في تصريح صحفي (5/3/2005) انه سبق لوزارته ان اصدرت عام 1985 فتوى تجيز حق المرأة السياسي فأين كانت هذه الفتوى من حوارات ما بعد صدور المرسوم الاميري في عام 1999؟ والاهم من ذلك ماذا ستقول الفتوى التي ستصدرها وزارة الاوقاف بعد ايام؟ يقول الدكتور المعتوق عن فتوى وزارته انها تؤكد ان ولي الامر هو من يحسم الخلاف في موضوع اعطاء المرأة حقها السياسي اي ان ولي الامر هو الذي يناط به حسم المسائل الخلافية.
والسؤال: من ولي الامر، هل هو الامير، ام مجلس الوزراء، ام مجلس الامة؟ ألم يصدر سمو الامير حفظه الله مرسوما ايده مجلس الوزراء ورفضه مجلس الامة ألم يكن هذا الرفض معيقا قانونيا لتعديل المادة الاولى من قانون الانتخاب وبالتالي بقاء الوضع كما هو عليه؟
لقد كان موقف ولي الامر ممثلا بسمو الامير والحكومة واضحا في منح المرأة حقها السياسي لكن عقبة مجلس الامة حالت دون رغبة ولي الامر التنفيذي وطالما ان مجلس الامة شريك بولاية الامر فما الذي يضمن في تركيبته الحالية ان يوافق على ما سبق لنفس القوى والعقليات رفضه؟
لذلك نعتقد ان الحق السياسي للمرأة بحاجة الى فتوى واضحة وحاسمة تحدد موقف الشرع الاسلامي من هذا الحق بشكل لا يقبل التأويل والجدل وان كان يقبل الاجتهاد والتفسير فاما رفض واضح واما موافقة اشد وضوحا وهذه الموافقة ان تمت فانها ينبغي ان تقول بملء الفم ان الشرع الاسلامي يقر حقوق المرأة او انه لا يعارضها وهذا اجدى من صدور فتاوى تنيط الامر بولي الامر لأن مثل هذه الفتوى تتيح للبرلمان المشاركة في ولاية الامر وبالتالي تتيح للمعارضين الاستناد على مبرراتهم الشرعية والاجتماعية لحرمان المرأة من حقها السياسي وطالما ان البرلمان صاحب حق اصيل في اجراء اي تعديل قانوني فان اصدار فتوى واضحة في اقرار حق المساواة السياسية لاشك انه سيضعف المعسكر البرلماني المعارض وسيتيح للمترددين وغير الحزبيين ان يتخلوا عن معارضتهم طالما انه ليس هناك محظور شرعي.
=======
© 2001-2005 جريدة الوطن ، حقوق الطبع محفوظة
تعليق