[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]من الموضوعات التي كثر حولها الجدل بين الفرق الإسلامية موضوع الصحابة، هل هم عدول أم لا؟، وهل حصلت منهم الردة والنفاق أم لا؟ وهل الآيات التي تذم المنافقين الذين في المدينة يراد بها بعض الصحابة، أم أنها تتكلم عن أناس آخرين؟ وفي الحقيقة هذا موضوع له أهمية كبيرة؛ لأن الصحابة هم الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونقلوا عنه القرآن والسنة النبوية، فهل يقبل ما نقلوه أم لا؟ أم لا ينقل إلا عن بعضهم ممن لم يغير ولم يبدل؟
ومنشأ الخلط في كثير من هذه القضايا هو عدم التفريق بين معنى الصحبة اللغوي ومعناه الشرعي، فلا بد من العلم بأن الحديث عن الصحابة رضوان الله عليهم إنما يراد به المعنى الشرعي، وهو أن الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته مؤمناً به ومات على الإسلام(7).
فبناء على هذا التعريف نعلم أن لفظ الصحابة لا يراد به المنافقون لعدم إيمانهم أصلاً، وكذا لا يراد به من ارتد ومات على الكفر، كما لا يراد به من آمن بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو آمن في حياته ولكنه لم يلتق به.. إلخ.
إن موضوع الصحابة يتعلق بالعقيدة، ولذا سأتطرق للآيات فيهم وفي المنافقين لنرى حقيقة الأمر، ولنعلم سمة كل منهم، وسأستعين بإذن الله بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبأقوال أئمة آل البيت رضوان الله عليهم أجمعين..
قد يقول قائل: وكيف لي أن أعرف الصحيح من السقيم من الأحاديث، فأنا لست عالماً..
أقول: هذا صحيح، ولكنك تستطيع أن تقرأ القرآن الكريم وتتدبره، وقد أنزله الله بلسان عربي مبين، أي واضح، وقد نص الله فيه على العقائد بوضوح تام حتى لا يبقى لأحد حجة..
كما أن الله وهبك عقلاً تستطيع به أن تميز بين الحق والباطل على ضوء هذا القرآن الكريم، وتعرف بهذا القرآن العظيم ما إذا كان الحديث مكذوباً على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا؟، فإن السنة النبوية لا يمكن أن تعارض القرآن الكريم..، ومعارضتها الصريحة للقرآن دليل على أنها غير صحيحة..
روى الطبرسي وهو أحد علماء الشيعة الكبار في كتابه الاحتجاج عن الإمام الباقر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله عز وجل وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوه، وما خالف كتاب الله فلا تأخذوه"(8).
وروي مثل هذا عن بعض أعلام أئمة آل البيت عليهم السلام ومن ذلك:
ما روي عن الإمام جعفر الصادق رضوان الله عليه أنه قال: لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة"(9).
وقال أيضاً: فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (10).
ويقول الإمام الباقر رحمه الله: وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه"(11).
فأنت ترى أخي المسلم أن القرآن هو المعيار، فما وافقه أخذ به وقبل، وما خالفه رد وضرب به عرض الحائط، وهذا هو ما أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا أئمة آل البيت رضوان الله عليهم أجمعين، فإلى رحاب هذا القرآن لننهل من معينه الصافي..
الصحابة والمنافقون في القرآن الكريم
هل ينكر أحدٌ وجودَ منافقين مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة وفيما حولها؟.
وهل ينكر أحدٌ أنّ الله أثنى على الصحابة في عدد من الآيات؟.
وهل فرق القرآن بين هاتين الفئتين؟.
وهل ينكر أحدٌ حديثَ الحوضِ الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه سيُرَدُّ أناسٌ عن الحوض؟.
هذه حقائق لاشك فيها ولا ريب ولا مرية، لكن ما الجمع بينها؟!!..
كيف نجمع بين هذا وذاك، وهل الصحابة الذين أثنى الله عليهم في بعض الآيات ووعدهم بالخلود في الجنات هم الذين ارتدوا بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟!!..
كل هذا يحتاج إلى نظر وتدبر، والله نسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى..
هل فرق القرآن بين الصحابة والمنافقين؟!.
قد يجهل بعض المسلمين قضية مهمة، وهي أن المدينة يوجد بها منافقون حين كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فتجده ينفي هذا الأمر مع أن القرآن قد نص عليه، كما قال سبحانه: ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ )[التوبة: 101]. وأما في مكة فإن النفاق لم يظهر بعد.
كما يخلط البعض بين الآيات الواردة في الصحابة رضوان الله عليهم، وبين الآيات الواردة في المنافقين، ويشكل عليه مثل هذا الأمر، مما يجعله يتساءل: هل بعض هؤلاء الصحابة منافقون، أم أن هؤلاء غير هؤلاء؟ والجواب عن هذا يتضح فيما يلي:
مما لا شك فيه أنه قد نزلت آيات كثيرة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك نزلت آيات كثيرة في المنافقين، وهذا لا يخفى على من قرأ كتاب الله وتدبره..
ولهذا فالصحابة غير المنافقين، والمنافقون غير الصحابة، وإلا لما كان لتفريق القرآن بينهما فائدة، فعندما يثني القرآن ويمتدح الصحابة فهو لا يعني المنافقين، وعندما يذم المنافقين ويعدهم بالنار والعذاب فهو لا يريد الصحابة.
ومثال هذا تفريقه سبحانه بين المؤمنين والكفار، وتفريقه بين المتقين والفجار..
أما الفرق بين الصحابة والمنافقين من كتاب الله سبحانه وتعالى فواضح جلي في خطاب الله لهم، فتجده في نفس السورة الواحدة يثني على المؤمنين ثم يذم المنافقين، وهذا يدل على أن هؤلاء غير هؤلاء. قال تعالى: (وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ.. )[التوبة: 56] الآية. فبين سبحانه أن المنافقين يحلفون بأنهم من الصحابة رضوان الله عليهم، ثم أخبر بأنهم ليسوا منهم..
وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}[التوبة: 101_102] .
ففي هاتين الآيتين بين الله سبحانه وتعالى أنه وعد المهاجرين والأنصار جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، ووعد الله حق لا يقع الخلف فيه، ثم بين وجود المنافقين في المدينة وما حولها، فدل هذا على أن المهاجرين والأنصار ليسوا هم المنافقين وكذا العكس، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله عند الحديث عن هذه الآية.
وبهذا يتضح لك أن الله تحدث عن الصحابة في عدد من الآيات، كما تحدث عن المنافقين في آيات أخرى، وجعل لكل منهم صفاته وخصائصه. [/grade]
ومنشأ الخلط في كثير من هذه القضايا هو عدم التفريق بين معنى الصحبة اللغوي ومعناه الشرعي، فلا بد من العلم بأن الحديث عن الصحابة رضوان الله عليهم إنما يراد به المعنى الشرعي، وهو أن الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته مؤمناً به ومات على الإسلام(7).
فبناء على هذا التعريف نعلم أن لفظ الصحابة لا يراد به المنافقون لعدم إيمانهم أصلاً، وكذا لا يراد به من ارتد ومات على الكفر، كما لا يراد به من آمن بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو آمن في حياته ولكنه لم يلتق به.. إلخ.
إن موضوع الصحابة يتعلق بالعقيدة، ولذا سأتطرق للآيات فيهم وفي المنافقين لنرى حقيقة الأمر، ولنعلم سمة كل منهم، وسأستعين بإذن الله بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبأقوال أئمة آل البيت رضوان الله عليهم أجمعين..
قد يقول قائل: وكيف لي أن أعرف الصحيح من السقيم من الأحاديث، فأنا لست عالماً..
أقول: هذا صحيح، ولكنك تستطيع أن تقرأ القرآن الكريم وتتدبره، وقد أنزله الله بلسان عربي مبين، أي واضح، وقد نص الله فيه على العقائد بوضوح تام حتى لا يبقى لأحد حجة..
كما أن الله وهبك عقلاً تستطيع به أن تميز بين الحق والباطل على ضوء هذا القرآن الكريم، وتعرف بهذا القرآن العظيم ما إذا كان الحديث مكذوباً على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا؟، فإن السنة النبوية لا يمكن أن تعارض القرآن الكريم..، ومعارضتها الصريحة للقرآن دليل على أنها غير صحيحة..
روى الطبرسي وهو أحد علماء الشيعة الكبار في كتابه الاحتجاج عن الإمام الباقر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله عز وجل وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوه، وما خالف كتاب الله فلا تأخذوه"(8).
وروي مثل هذا عن بعض أعلام أئمة آل البيت عليهم السلام ومن ذلك:
ما روي عن الإمام جعفر الصادق رضوان الله عليه أنه قال: لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة"(9).
وقال أيضاً: فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (10).
ويقول الإمام الباقر رحمه الله: وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه"(11).
فأنت ترى أخي المسلم أن القرآن هو المعيار، فما وافقه أخذ به وقبل، وما خالفه رد وضرب به عرض الحائط، وهذا هو ما أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا أئمة آل البيت رضوان الله عليهم أجمعين، فإلى رحاب هذا القرآن لننهل من معينه الصافي..
الصحابة والمنافقون في القرآن الكريم
هل ينكر أحدٌ وجودَ منافقين مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة وفيما حولها؟.
وهل ينكر أحدٌ أنّ الله أثنى على الصحابة في عدد من الآيات؟.
وهل فرق القرآن بين هاتين الفئتين؟.
وهل ينكر أحدٌ حديثَ الحوضِ الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه سيُرَدُّ أناسٌ عن الحوض؟.
هذه حقائق لاشك فيها ولا ريب ولا مرية، لكن ما الجمع بينها؟!!..
كيف نجمع بين هذا وذاك، وهل الصحابة الذين أثنى الله عليهم في بعض الآيات ووعدهم بالخلود في الجنات هم الذين ارتدوا بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟!!..
كل هذا يحتاج إلى نظر وتدبر، والله نسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى..
هل فرق القرآن بين الصحابة والمنافقين؟!.
قد يجهل بعض المسلمين قضية مهمة، وهي أن المدينة يوجد بها منافقون حين كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فتجده ينفي هذا الأمر مع أن القرآن قد نص عليه، كما قال سبحانه: ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ )[التوبة: 101]. وأما في مكة فإن النفاق لم يظهر بعد.
كما يخلط البعض بين الآيات الواردة في الصحابة رضوان الله عليهم، وبين الآيات الواردة في المنافقين، ويشكل عليه مثل هذا الأمر، مما يجعله يتساءل: هل بعض هؤلاء الصحابة منافقون، أم أن هؤلاء غير هؤلاء؟ والجواب عن هذا يتضح فيما يلي:
مما لا شك فيه أنه قد نزلت آيات كثيرة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك نزلت آيات كثيرة في المنافقين، وهذا لا يخفى على من قرأ كتاب الله وتدبره..
ولهذا فالصحابة غير المنافقين، والمنافقون غير الصحابة، وإلا لما كان لتفريق القرآن بينهما فائدة، فعندما يثني القرآن ويمتدح الصحابة فهو لا يعني المنافقين، وعندما يذم المنافقين ويعدهم بالنار والعذاب فهو لا يريد الصحابة.
ومثال هذا تفريقه سبحانه بين المؤمنين والكفار، وتفريقه بين المتقين والفجار..
أما الفرق بين الصحابة والمنافقين من كتاب الله سبحانه وتعالى فواضح جلي في خطاب الله لهم، فتجده في نفس السورة الواحدة يثني على المؤمنين ثم يذم المنافقين، وهذا يدل على أن هؤلاء غير هؤلاء. قال تعالى: (وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ.. )[التوبة: 56] الآية. فبين سبحانه أن المنافقين يحلفون بأنهم من الصحابة رضوان الله عليهم، ثم أخبر بأنهم ليسوا منهم..
وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}[التوبة: 101_102] .
ففي هاتين الآيتين بين الله سبحانه وتعالى أنه وعد المهاجرين والأنصار جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، ووعد الله حق لا يقع الخلف فيه، ثم بين وجود المنافقين في المدينة وما حولها، فدل هذا على أن المهاجرين والأنصار ليسوا هم المنافقين وكذا العكس، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله عند الحديث عن هذه الآية.
وبهذا يتضح لك أن الله تحدث عن الصحابة في عدد من الآيات، كما تحدث عن المنافقين في آيات أخرى، وجعل لكل منهم صفاته وخصائصه. [/grade]
تعليق