مسجد نانقوان بمقاطعة نينغشيا
كانت الجموع الغفيرة من المسلمين متألمة غاية الألم لما تعرضت له المساجد من تخريب وتعطيل على أيدي المجرمين. وبعد انتهاء "الثورة الثقافية " أعيد افتتاح أكثر من ثلاثة وعشرين ألف مسجد في كافة أنحاء الصين . ولنتوقف عند اثنين من المساجد التي جدد بناؤهما في هذه الفترة.
ان ينتشوان حاضرة منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة. وقد كان هناك مسجد ضخم، ولكنه دمر بين عشية وضحاها في هوس" الثورة الثقافية ". وقد تألم المسلمون هناك ألما شديدا لهذا الاعتداء على مقدساتهم الدينية. ولما طويت صفحة هذه المحنة الجسيمة طرح فريق من المسلمين المتحمسين للمصالح العامة اقتراحا حول اعادة بناء المسجد، وسرعان ما تجاوب معهم الآخرون. وكان من بينهم من تبرعوا بكل ما أدخروه من الأموال لبناء المسجد، ومن نقلوا ما أعدوه من مواد البناء لتشييد مساكنهم إلى موقع بناء المسجد، ومن بادروا في أوقات فراغهم إلى موقع العمل حيث تطوعوا بالعمل، باذلين أقصى جهودهم إلى حد تغاضيهم عن الطعام والنوم. يومها ساد موقع العمل جو متوقد من النشاط والحيوية، تسابق فيه الجميع إلى تقديم الخدمات لإعادة بناء المسجد. وبفضل تعاونهم يدا واحدة وقلبا واحدا وارادة واحدة وجهدا مشتركا تم بناء المسجد الجديد في أغسطس 1981. وهذه السرعة القصوى في بنائه كانت مثار اعجاب شديد، كما أن جودة بنائه وجمال شكله وقلة تكاليفه قد حظيت بالاطراء والثناء.
تقع مدينة جينتشو في غرب مقاطعة لياونينغ. وهي عقدة المواصلات بين شمال شرقي الصين ومناطقها الداخلية. كان هناك مسجد بنى في أوائل عهد جياجينغ. ولم تتكامل مرافقه إلا بعد توسيع بنائه مرارا. ومما يؤسف له أن هذا المسجد الذي يرجع تاريخه إلى خمسمائة سنة قد تهدم خلال" الثورة الثقافية ". وبعد أن أكدت الحكومة الصينيه تطبيق سياسة حرية العقيدة الدينية من جديد، أقبل المسلمون هناك على إعادة بناء المسجد على انقاضه سنة 1982. وعبر تحديد خطة التصاميم وتنفيذ المشروع بكل عناية، ظهر إلى حيز الوجود مسجد جديد كل الجدة. وقد سر المسلمون هناك أيما سرور باعادة بناء المسجد الذي فقدوه ردحا من الزمن. يومها راحوا يتناقلون هذا الخبر السار فيما بينهم وهم يحمدون الله حمدا كثيرا، ويشكرونه على نعمائه.
تبلغ مساحة هذا المسجد الجديد 957 مترا مربعا، وله فناء واسع نظيف. ويقوم في جنوب الفناء مكتب اداري ودورة مياه للوضوء. وتتصدره قاعة صلاة ذات جدران فاتحة الصفرة. وتظهر على اركان القاعة الأربعة قبب قاتمة الخضرة، تتوسطها قبة كبيرة بنفس اللون. ويعتقد بأن هذه القباب الخمس ترمز إلى ما ترمز إليه نظيراتها فوق قاعة الصلاة في مسجد ينتشوان السابق ذكره. وبالإضافة إلى زخرفة كل من القباب بكرة من الصلب غير القابل للصدأ، فان أكبرها تعلوها شارة الهلال، مما يوحي إلى الناظرين لأول وهلة بأن قاعة الصلاة هذه انما هي مبنى إسلامي الطراز.
إن قاعة الصلاة واسعة جدا. وعلى كلا جداريها الجانبيين اللطيفى اللون مجموعتان من المصابيح الكهربائية اللبنية اللون، وعلى محرابها نقشت تسابيح مذهبة. أما سقف القاعة فيتكون من ألواح بلاسيكية كلسية لبنية اللون ومميزة برسوم عباد الشمس، ويتدلى من هذا السقف ثماني ثريات وأربع مجموعات من مصابيح الفلورسنت، مما يشكل مع أرضية القاعة القاتمة الحمرة مشهدا متباينا فريدا من نوعه، وهي تبهج القلوب إلى حد كبير.
لقد حظى هذا المسجد بمعونة من غير المسلمين هناك في مجرى اعادة بنائه. من ذلك ان الكرات الفولاذية السالفة الذكر قد صنعها مصنع البتروكيماويات في المدينة، وقدمها للمسجد دون مقابل. ومع أن هذا الدعم يبدو بسيطا في حجمه، إلا أنه يعكس المشاعر الودية التي يكنها أبناء الشعب من غير المسلمين للمسلمين الصينيين.
المصدر