اهتمام خارجي ب<<الاستيلاء>> على الجيش وتعزيزه تمهيداً لأدوار مستقبلية
مطالبة صفير بنزع سلاح المقاومة تهدد بأزمة جديدة
إبراهيم الأمين
حزب الله، حرّر الجنوب، ولم يعد هناك الآن لزوم لبقاء سلاحه معه.
مزارع شبعا، قضية تُبحث بين إسرائيل وسوريا ولبنان وتبت الأمم المتحدة بالأمر.
لبنان سيكون منطلقا لبرنامج نشر الديموقراطية الذي ترعاه الولايات المتحدة والغرب. المهم الآن، تشكيل حكومة وإجراء انتخابات حرة ومن ثم تناقش المسائل الأخرى، ربما يكون صحيحاً الاعتقاد بأن انتخاب المجلس الحالي رئيساً، هو عبارة عن رئيس بمواصفات معروفة لست سنوات جديدة.
هذه، خلاصة الكلام الذي قاله البطريرك الماروني نصر الله صفير بعد اجتماعاته في واشنطن ونيويورك، يضاف إليها، العبارات الجميلة حول ما ينشده <<الشيخ الأبيض>> على صعيد العلاقات اللبنانية السورية مستقبلاً، لا سيما أنه أعاد الاعتبار الى موقع لبنان الخاص، الذي له مداه على الصحراء العربية والمشرقية وعلى البحر الفاصل عن الغرب. إضافة أيضاً، إلى <<دروس نضالية>> لأصحاب الأصوات المرتفعة (التيار العوني) بأنه يمكن إنجاز الكثير <<بعمل صامت وليس بعمل ضاج>>...
قبل سفره إلى واشنطن، كان صفير يطلع على نتائج آخر زيارات موفديه الى المرجعيات اللبنانية، حيث أبلغه المطران سمير المظلوم بنتائج اجتماعه مع الأمين العام ل<<حزب الله>> السيد حسن نصر الله. وهو الاجتماع الذي لم يتطرق الى ما سمي ب<<اقتراحات حلول لموضوع سلاح المقاومة ليبحثها صفير في الولايات المتحدة الأميركية>>. وهي عبارة وردت على ألسنة كثيرين من تيار المعارضة، وأوحت بأن صفير، يقود نوعاً من الوساطة بين المقاومة وبين واشنطن، وهو أمر ينفيه <<حزب الله>> بالكامل. ويقول القياديون فيه، إن تصريحات صفير حول سلاح المقاومة، لا تعكس مطلقا المناخ الذي جرت فيه اللقاءات الأخيرة بين الحزب وبكركي. وقد حاول السيد نصر الله لفت الانتباه الى الأمر، في تصريحاته إثر زيارته الى مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، حين قال إن هذا الموضوع يبحث في بيروت وليس في واشنطن أو في الأمم المتحدة.
وإذا كان نصر الله لطيفاً في رده، أو دبلوماسياً على ما تفرضه لياقات وأصول المواقع، إلا أن ردة فعل الحزب وأوساط سياسية أخرى على كلام صفير، تشير الى أزمة حقيقية، خصوصا أن بين قوى المعارضة، من يعتقد أن <<حزب الله>> بات عقبة أمام <<الاستقلال الناجز>>. وهؤلاء يتحدثون بطريقتين:
؟ واحدة تقول بأن <<حزب الله>> هو مجرد <<ذيل>> للوجود السوري في لبنان، وأنه برغم تسلحه ووجود مؤسسات بيده، فإنه لا يقوى على مواجهة الوضع الجديد في البلاد، وأن عزلته حتمية إذا لم يسارع الى الانضمام. وبالتالي، فإن الحوار معه يجب أن يكون مشروطاً بخروجه التدريجي من موقعه الحالي، وصولاً الى حل نفسه كتنظيم عسكري. وبعض هؤلاء، يتحدث بلغة ليس معروفاً مصدرها، لناحية استسهال القول بأن <<مسألة <<حزب الله>> هي فقط مسألة وقت>>.
؟ الثانية، تقول، بأنه يمكن إغراء أو إغواء <<حزب الله>> بأن يكون القوة السياسية الجديدة للشيعة في السلطة، وأن بعض المعارضين صارح قادة الحزب، بأنهم يدعمون فكرة اختياره هو لرئيس المجلس النيابي الجديد، إن حصل تفاهم سياسي مسبق، أساسه التخلي عن موقع المقاومة. وبدا أن في أوروبا والولايات المتحدة، من <<يعطي أصحاب هذا الخيار فرصة من الوقت>>، لأجل إقناع الحزب بهذا الأمر، ولأجل منع تحوله الى <<عقبة ميدانية>> أمام استلام السلطة.
وإذ استعجل صفير، رسم صورة <<الجمعية الخيرية>> كمستقبل ل<<حزب الله>>، عندما قال إن بمقدوره القيام بدور اجتماعي وتقديم مساعدات للمحتاجين، وكأنه يضيفهم فروعاً ل<<كاريتاس>> في مناطق الشيعة، فإنه عبّر بدقة عما يجول في رأسه، أو ما يعتبره الآخرون، تعبيرا عن الاتفاق الفعلي مع الإدارة الأميركية حول طريقة التعامل مع <<حزب الله>> لاحقا.
وفي السياق نفسه، ثمة حزم في مقاربة ملف سلاح المقاومة، لا يأخذ بالاعتبار الموقف الفعلي ل<<حزب الله>>، ولا الظروف المحيطة بدوره، على قاعدة، ان الشائع لدى المعارضين، أو لدى غالبيتهم، هو أن الحزب، كان أداة <<سورية>> في الصراع مع إسرائيل، وأنه مستمر بحكم كونه أداة في الصراع في المنطقة، وبالتالي، فإن انهيار الدفاعات السورية في لبنان، أو حتى داخل سوريا، سوف يلغي معنى وجود المقاومة وبالتالي الوجود الحالي ل<<حزب الله>>. ما يسهل على هذه الفئة من اللبنانيين، ولا سيما صفير، الاعتقاد بأن أمر الحزب الفعلي لا يقرر داخليا، وأن ما هو مطلوب لبنانياً، هو فقط رفع الصوت السياسي، وأن ضغطا أميركياً أقوى على سوريا، من شأنه إقفال ملف المقاومة، وبالتالي التخلص منها.
ومع أن في باريس وواشنطن من يعتقد بأن الوقت لم يحن بعد للمباشرة بمهمة نزع سلاح المقاومة، فإن لدى هؤلاء مهمة أخرى، وعنوانا آخر. وفي هذا السياق، تكشف شخصية لبنانية بارزة ومقيمة في الخارج، أن جدول الاهتمامات الأميركية، متنوع، لكن الأساس فيه ليس الرهان على أشخاص أو مواقع، بقدر ما أن التركيز منصب على مؤسسات معينة. وأن الجهد المركزي الآن، محوره مؤسسة الجيش اللبناني، وتنقل الشخصية عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين قولهم، إن الإمساك بالمؤسسة العسكرية، من شأنه إفساح المجال، أمام <<عملية سلسة لانتقال السلطة بكافة مؤسساتها من عهد الوصاية السورية الى العهد الجديد>>، وأن الولايات المتحدة، مستعدة لوضع برنامج دعم عسكري، يجعل الجيش قوة ردعية أكبر، في حال تبلورت صورة الموقف السياسي لهذه المؤسسة، على شكل الدور الجديد، الذي ينحصر في مهمة واحدة: <<تنفيذ مشروع عزل لبنان عن صراع المنطقة>>، ما يعني أن على هذه المؤسسة، أن تواصل قمع أي أدوار يخشى أن تلعبها قوى أصولية سنية في بعض مناطق لبنان، وأن يتصدى الجيش بنفسه لمهمة نزع سلاح المقاومة في اللحظة المناسبة...
ثمة إشارة ضرورية في هذا السياق، بأنه وإلى جانب البُعد السياسي المحلي والخارجي لحركة المقاومة في لبنان، فإن البُعد العقائدي والأخلاقي بمعناه الإيديولوجي، له تأثيره الأساسي والحاسم في جعل قرار حماية المقاومة وسلاحها، أمراً أساسياً، وبالتالي، فإن معركة نزع هذا السلاح تعني أشياء كثيرة، في بلد صغير مثل لبنان!
مطالبة صفير بنزع سلاح المقاومة تهدد بأزمة جديدة
إبراهيم الأمين
حزب الله، حرّر الجنوب، ولم يعد هناك الآن لزوم لبقاء سلاحه معه.
مزارع شبعا، قضية تُبحث بين إسرائيل وسوريا ولبنان وتبت الأمم المتحدة بالأمر.
لبنان سيكون منطلقا لبرنامج نشر الديموقراطية الذي ترعاه الولايات المتحدة والغرب. المهم الآن، تشكيل حكومة وإجراء انتخابات حرة ومن ثم تناقش المسائل الأخرى، ربما يكون صحيحاً الاعتقاد بأن انتخاب المجلس الحالي رئيساً، هو عبارة عن رئيس بمواصفات معروفة لست سنوات جديدة.
هذه، خلاصة الكلام الذي قاله البطريرك الماروني نصر الله صفير بعد اجتماعاته في واشنطن ونيويورك، يضاف إليها، العبارات الجميلة حول ما ينشده <<الشيخ الأبيض>> على صعيد العلاقات اللبنانية السورية مستقبلاً، لا سيما أنه أعاد الاعتبار الى موقع لبنان الخاص، الذي له مداه على الصحراء العربية والمشرقية وعلى البحر الفاصل عن الغرب. إضافة أيضاً، إلى <<دروس نضالية>> لأصحاب الأصوات المرتفعة (التيار العوني) بأنه يمكن إنجاز الكثير <<بعمل صامت وليس بعمل ضاج>>...
قبل سفره إلى واشنطن، كان صفير يطلع على نتائج آخر زيارات موفديه الى المرجعيات اللبنانية، حيث أبلغه المطران سمير المظلوم بنتائج اجتماعه مع الأمين العام ل<<حزب الله>> السيد حسن نصر الله. وهو الاجتماع الذي لم يتطرق الى ما سمي ب<<اقتراحات حلول لموضوع سلاح المقاومة ليبحثها صفير في الولايات المتحدة الأميركية>>. وهي عبارة وردت على ألسنة كثيرين من تيار المعارضة، وأوحت بأن صفير، يقود نوعاً من الوساطة بين المقاومة وبين واشنطن، وهو أمر ينفيه <<حزب الله>> بالكامل. ويقول القياديون فيه، إن تصريحات صفير حول سلاح المقاومة، لا تعكس مطلقا المناخ الذي جرت فيه اللقاءات الأخيرة بين الحزب وبكركي. وقد حاول السيد نصر الله لفت الانتباه الى الأمر، في تصريحاته إثر زيارته الى مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، حين قال إن هذا الموضوع يبحث في بيروت وليس في واشنطن أو في الأمم المتحدة.
وإذا كان نصر الله لطيفاً في رده، أو دبلوماسياً على ما تفرضه لياقات وأصول المواقع، إلا أن ردة فعل الحزب وأوساط سياسية أخرى على كلام صفير، تشير الى أزمة حقيقية، خصوصا أن بين قوى المعارضة، من يعتقد أن <<حزب الله>> بات عقبة أمام <<الاستقلال الناجز>>. وهؤلاء يتحدثون بطريقتين:
؟ واحدة تقول بأن <<حزب الله>> هو مجرد <<ذيل>> للوجود السوري في لبنان، وأنه برغم تسلحه ووجود مؤسسات بيده، فإنه لا يقوى على مواجهة الوضع الجديد في البلاد، وأن عزلته حتمية إذا لم يسارع الى الانضمام. وبالتالي، فإن الحوار معه يجب أن يكون مشروطاً بخروجه التدريجي من موقعه الحالي، وصولاً الى حل نفسه كتنظيم عسكري. وبعض هؤلاء، يتحدث بلغة ليس معروفاً مصدرها، لناحية استسهال القول بأن <<مسألة <<حزب الله>> هي فقط مسألة وقت>>.
؟ الثانية، تقول، بأنه يمكن إغراء أو إغواء <<حزب الله>> بأن يكون القوة السياسية الجديدة للشيعة في السلطة، وأن بعض المعارضين صارح قادة الحزب، بأنهم يدعمون فكرة اختياره هو لرئيس المجلس النيابي الجديد، إن حصل تفاهم سياسي مسبق، أساسه التخلي عن موقع المقاومة. وبدا أن في أوروبا والولايات المتحدة، من <<يعطي أصحاب هذا الخيار فرصة من الوقت>>، لأجل إقناع الحزب بهذا الأمر، ولأجل منع تحوله الى <<عقبة ميدانية>> أمام استلام السلطة.
وإذ استعجل صفير، رسم صورة <<الجمعية الخيرية>> كمستقبل ل<<حزب الله>>، عندما قال إن بمقدوره القيام بدور اجتماعي وتقديم مساعدات للمحتاجين، وكأنه يضيفهم فروعاً ل<<كاريتاس>> في مناطق الشيعة، فإنه عبّر بدقة عما يجول في رأسه، أو ما يعتبره الآخرون، تعبيرا عن الاتفاق الفعلي مع الإدارة الأميركية حول طريقة التعامل مع <<حزب الله>> لاحقا.
وفي السياق نفسه، ثمة حزم في مقاربة ملف سلاح المقاومة، لا يأخذ بالاعتبار الموقف الفعلي ل<<حزب الله>>، ولا الظروف المحيطة بدوره، على قاعدة، ان الشائع لدى المعارضين، أو لدى غالبيتهم، هو أن الحزب، كان أداة <<سورية>> في الصراع مع إسرائيل، وأنه مستمر بحكم كونه أداة في الصراع في المنطقة، وبالتالي، فإن انهيار الدفاعات السورية في لبنان، أو حتى داخل سوريا، سوف يلغي معنى وجود المقاومة وبالتالي الوجود الحالي ل<<حزب الله>>. ما يسهل على هذه الفئة من اللبنانيين، ولا سيما صفير، الاعتقاد بأن أمر الحزب الفعلي لا يقرر داخليا، وأن ما هو مطلوب لبنانياً، هو فقط رفع الصوت السياسي، وأن ضغطا أميركياً أقوى على سوريا، من شأنه إقفال ملف المقاومة، وبالتالي التخلص منها.
ومع أن في باريس وواشنطن من يعتقد بأن الوقت لم يحن بعد للمباشرة بمهمة نزع سلاح المقاومة، فإن لدى هؤلاء مهمة أخرى، وعنوانا آخر. وفي هذا السياق، تكشف شخصية لبنانية بارزة ومقيمة في الخارج، أن جدول الاهتمامات الأميركية، متنوع، لكن الأساس فيه ليس الرهان على أشخاص أو مواقع، بقدر ما أن التركيز منصب على مؤسسات معينة. وأن الجهد المركزي الآن، محوره مؤسسة الجيش اللبناني، وتنقل الشخصية عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين قولهم، إن الإمساك بالمؤسسة العسكرية، من شأنه إفساح المجال، أمام <<عملية سلسة لانتقال السلطة بكافة مؤسساتها من عهد الوصاية السورية الى العهد الجديد>>، وأن الولايات المتحدة، مستعدة لوضع برنامج دعم عسكري، يجعل الجيش قوة ردعية أكبر، في حال تبلورت صورة الموقف السياسي لهذه المؤسسة، على شكل الدور الجديد، الذي ينحصر في مهمة واحدة: <<تنفيذ مشروع عزل لبنان عن صراع المنطقة>>، ما يعني أن على هذه المؤسسة، أن تواصل قمع أي أدوار يخشى أن تلعبها قوى أصولية سنية في بعض مناطق لبنان، وأن يتصدى الجيش بنفسه لمهمة نزع سلاح المقاومة في اللحظة المناسبة...
ثمة إشارة ضرورية في هذا السياق، بأنه وإلى جانب البُعد السياسي المحلي والخارجي لحركة المقاومة في لبنان، فإن البُعد العقائدي والأخلاقي بمعناه الإيديولوجي، له تأثيره الأساسي والحاسم في جعل قرار حماية المقاومة وسلاحها، أمراً أساسياً، وبالتالي، فإن معركة نزع هذا السلاح تعني أشياء كثيرة، في بلد صغير مثل لبنان!
تعليق