سلاح المقاومة: ضرورة أم خطر؟
أمين محمد حطيط
منذ ان أقيمت اسرائيل على ارض فلسطين اغتصابا، كان نصيب للبنان من عدوانيتها كبيرا، بدأ من اقتطاع بعض الارض وتدرجا الى تعطيل استعمال البعض الآخر، ثم الى تدمير المنازل، وتطوير ذلك الى اجتياحات ظرفية ثم احتلال يرافقه تدمير وتهجير وشل للحياة بكل وجوهها في مناطق الاعتداء التي توسعت حتى تجاوزت العاصمة بيروت فكان احتلال لها، وقتل على شكل الابادة الجماعية فيها... في مقابل ذلك كان الجيش اللبناني يواجه الاعتداء رغم التفاوت الهائل بالامكانات، ولم تكن شجاعة العسكري اللبناني واحترافه لتعوض النقص في التجهيزات ونوعية الاسلحة وقدمها... لذلك كانت اسرائيل تحقق في لبنان كل مل تريد فعله بآلتها العسكرية، ولبنان بجيشه لا يقوى على منعها بل كان جل ما يفعل هم تأخير وصولها الى اهدافها، ويتكبد من الخسائر ما لا يحتمله وطن بحجمه من حيث الامكانات والسكان... وعندما كانت الدولة تلجأ الى الشرعية الدولية يكون من نصيبها احيانا قرار لا تأبه له اسرائيل سواء كان ادانة او امر بالتراجع عن اعتداء او احتلال..، ان لم يواجه الامر بنقض اميركي veto،
هذا الحال البائس، حمل فريق من اللبنانيين على حمل السلاح لمواجهة اعتداءات اسرائيل، لتحرير الارض من احتلالها الذي بدأ سنة 1978 وتوسع سنة 1982، وقد استطاع هؤلاء بالحذاقة، والشجاعة الواعية، والعقيدة الراسخة، الحاق الهزيمة باسرائيل واجبارها على الخروج من لبنان في العام 2000 ثم تتابع الاداء المقاوم محدثا في الجنوب توازن رعب مع القوة العسكرية الاسرائيلية التي وصفت بأنها لا تقهر... وادى هذا التوازن الى منع اسرائيل من القيام بأي اعتداء تحتمل فيه الرد... ما جعل الأمن في الجنوب مثالا، والامان لابنائه نعمة يشكرون الله ثم المقاومة عليها.. وهو امر لم يشعر به الجنوبي منذ اغتصاب فلسطين في العام 1948..
لم يواجه لبنان اسرائيل، كما لم يهددها بسلاح نووي، او بسلاح جرثومي، او بسلاح كيماوي، وهو لا يملك منها شيئا، ولا يتطلع الى امتلاكها، في الوقت الذي تمتلك اسرائيل الكثير الكثير من سلاح الدمار الشامل، وهي اول من ادخله الى الشرق الاوسط، كما انها استأثرت منفردة في المنطقة بامتلاك السلاح النووي حتى تجاوز ما انتجت منه ال200 راس، رافضة الدخول في معاهدة الحد من انتشار هذا السلاح ومانعة أي مراقبة دولية لها فيه لأنها... فوق القانون.
ان الذي هزم اسرائيل في لبنان، واقام توازن الرعب معها، هو الرجل الباذل نفسه في سبيل الوطن من غير حساب، المستعمل الخفيف من السلاح بكل اتقان، الذي لا يتخذ مركزا منظورا يجعله العدو هدفا للانتقام.. انه الرجل الذي يستطيع ان يضرب العدو بمبادرة منه، ويحول دون تمكينه من الرد عليه مفوتا عليه في ذلك فرص استعماله لقدراته العسكرية الهائلة ضد اهداف عسكرية، ويجبره على السكوت او خرق القانون الدولي الانساني ان استهدف المدنيين... وهنا كان للمقاومة سلوك ذكي آخر.. إذ ارتقت في أدائها الى ادخال المدنيين الاسرائيليين في حلبة الصراع لتكمل اقفال حلقة التوازن في الرعب... فابعدت المدنيين في لبنان عن دائرة الخطر وكان في ذلك امنهم وطمأنينتهم....
استطاعت المقاومة اذن ان تهزم اسرائيل في الماضي.. وتمنع اسرائيل في الحاضر من الاعتداء على لبنان.... ان هذا الوضع احدث للعدو خسارة جسيمة ذات وجهين، ففي المعنويات سجلت هزيمة، لن ترضى اسرائيل لتعويضها بأقل من الغاء من هزمها من الوجود حتى لا يذكر التاريخ هازما لاسرائيل، اما للمستقبل فان الامر هذا سيحول دون تحقيق اسرائيل لاطماعها في لبنان.. في المياه.. في الارض.. في فرض التوطين... ومن يدري ماذا بعد.... اذن ما الحل لها؟
الحل الوحيد الذي تقبل به اسرائيل هو: تجريد المقاومة من سلاحها اولا، ثم الفتك برجالها على آلطريقة الاسرائيلية الاميركية ثانيا، فتؤدب من تجرأ على رفع سلاح بوجهها حتى هزمها، وتفتح الطريق لاطماعها دون ممانع...
ان لبنان لا يملك اليوم، قدرات عسكرية تقليدية تمكنه من مواجهة اسرائيل بما هي فيه ذاتا ودعما، ولا يستطيع لبنان ان يطمئن او يركن الى الغير في طلب حمايته وجودا وحقوقا، وقد علمه التاريخ والتجارب المريرة ان المجتمع الدولي وقراراته نافذة في وجه غير اسرائيل، اما هي فهي فوق القانون وفوق الشرعية، وها هي ترفض الاعتراف للفلسطينيين بحق العودة عملا بالقرار الدولي 194، كما تحتفظ بالارض الفلسطينية والسورية التي احتلتها في العام 1967، ولا تستجيب للقرارات الدولية 242 و383 وها هي جنين في الضفة الغربية تباد كاملة بفعل يطابق اوصاف الجريمة ضد الانسانية ولا تستطيع الشرعية الدولية ان تنقذ بشرا فلا يقتل. او شجرا فلا يقتلع او تصون حجرا فلا يدمر، وها هي اسرائيل <<تكافئ>> الفلسطينيين على اعلانهم التهدئة معها بقرار بناء 3500 وحدة سكنية في القدس لمستوطنيها و<<تشتري>> بالخدعة في المدينة المقدسة لاستكمال تهويدها...
ولكن الشعب الذي اكتوى بنار اسرائيل في لبنان، استطاع ان يوفر ما يمكنه من الدفاع عن نفسه، ويصون حقوقه به، فامتلك الوسائل الزهيدة الثمن، من دون ان يرهق خزينة الدولة بقرش واحد، وتحرك بارادة واعية دون ان يكون مطية لأحد، وبادر في كل ما فعل، مدافعا يسترد حقا اغتصب، ويمنع الاعتداء عن حق مهدد بالانتهاك... انها المقاومة في لبنان، التي تستعمل السلاح للدفاع وللدفاع فقط... وبوجه اسرائيل فقط...
ان سلاح المقاومة، كما اثبت في استعماله، سلاح دفاعي يزعج من يريد الاعتداء على لبنان، ويؤرق من وضع الخطط لهضم الحقوق اللبنانية ولأن اسرائيل لا تضمر للبنان خيرا، فانها جعلت من سلاح المقاومة هدفا لها تريد الاجهاز عليه، وحاولت المرة تلو المرة وعجزت بكل جبروتها العسكري ان تفعل، فاستعانت بأميركا و<<بالشرعية الدولية>> التي ما اعترفت يوما بها إلا إذا جاءت بقرار لمصلحتها... شرعية استعملت في قرارها 1559 تعبير المليشيا المسلحة في لبنان وفسرته اسرائيل وأميركا فورا انه سلاح المقاومة وهو اليوم بمعظمه بيد حزب الله مع علمهم الأكيد ان المقاومة شيء والميليشيا شيء آخر... ولكن لا يعترفان...
وهنا يرى المتتبع للوضع، ان سلاح المقاومة في اليد اللبنانية يعادل سلاح الدمار الشامل في يد إسرائيل، وبالفعل استطاع هذا السلاح أن يحدث توازن الرعب على جانبي خط الهدنة في الجنوب والذي يحاول الآخرون نسيانه، ليحل الخط الأزرق مكانه،... ان الغاية والهدف من سلاح المقاومة هو حماية لبنان ومنع اعتداء إسرائيل عليه، ومن حمل هذا السلاح لا يخفي خشيته من العدوانية الإسرائيلية... وما لجأ الى السلاح إلا ليطمئن، ونجح في امتلاك الطمأنينة مع وجود السلاح... ولكن يظهر ان هناك فريق من لبنانيين بصرف النظر عن حجمهم بات لا يرى ضرورة لهذا السلاح، أو قد بات يستشعر خوفا من وجوده في يد فئة دون أخرى من اللبنانيين، أي ان هذا السلاح يحدث طمأنينة لفريق وخوفا لفريق لبناني آخر، أما نزعه فيحدث المفاعيل العكسية: طمأنة الخائف وإخافة المطمئن... هنا لن نناقش في مبرر خوف بعض اللبنانيين من وجود سلاح المقاومة، مع ان الممارسات السابقة تنبئ بعكس ذلك، ولا نستطيع أن نقول للخائف لا تخف، الخوف حق مشروع، ومعالجته أمر واجب.
فإذا كان خوف الخائف من السلاح سيستمر، فلا يكون بد من نزع السلاح، ولكن يجب أن لا نبدل خوفا بخوف، وفي الواقع اللبناني، علينا أن نبحث عن وسيلة لطمأنة المقاومين المدافعين عن وطنهم وحقوقه، فالسلاح ليس مطلوبا بذاته بل هو وسيلة لتحقيق هدف وهنا قد يقال إن البديل هو الجيش اللبناني ونحن نرى أن الجيش ما أعد إلا لحماية الوطن، وعلينا إذن أن نمده بما يطلب ليوازن إسرائيل في قدراتها وفي هذا سعادتنا جميعا، ولكن هل أن الظروف اللبنانية والدولية تتيح للجيش أن يمتلك من القدرات العسكرية ما يردع به إسرائيل النووية؟ وأميركا لم تسمح ببيعنا أسلحة رشاشة للاستعمال في حفظ الأمن؟ أم يكون الحل بنزع السلاح الإسرائيلي الذي تتفوق به إسرائيل علينا؟ فإذا كان ذلك ممكنا فلنفعل... وإلا، فلنترك للجيش في واقعه الحالي مع المقاومة بما هي عليه أن يتابعا التنسيق الممكن بينهما وهما أدرى بسبله ليحميا لبنان....
اما ان يترك السلاح دون أن نمتلك البديل الذي يحدث الطمأنينة، فهو أمر لا يقره منطق.. ولا يقبله عاقل.. أو...
ان السلاح المقاوم هو الدواء الذي يعالج به اليوم، الخطر المحدق بلبنان من إسرائيل، وان علاج ما يقال فيه من أثر سلبي محلي، لا يكون بفعل يحدث سلبيات أكبر.. فإذا وصف الطبيب دواء ناجعا لمرض شخص، ووجد ان للدواء بعض الآثار الجانبية السلبية فإن الحل لا يكون بترك الدواء إن لم يكن له مثيل بل بالبحث عن ضوابط تمنع الضرر الإيجابي...
وهنا لا بد من القول، للجميع ان الحوار العاقل وبحسن نية يوصل الى الضوابط اما الانفعال، والتذاكي والتهويل كلها أمور فيها الخراب ولا تحقق نتيجة.. لقد جربت إسرائيل القتل والدمار في فلسطين ومن دون توقف لمدة 5 سنوات ولم تستطع ان تنزع سلاح المقاومة فيها.. ولن تستطيع هنا أن تفعل.. فلنعقل ولا نقدم خدمات مجانية لأحد... ثم نندم....
عميد ركن متقاعد
قائد كلية القيادة والأركان في الجيش اللبناني سابقاً
أمين محمد حطيط
منذ ان أقيمت اسرائيل على ارض فلسطين اغتصابا، كان نصيب للبنان من عدوانيتها كبيرا، بدأ من اقتطاع بعض الارض وتدرجا الى تعطيل استعمال البعض الآخر، ثم الى تدمير المنازل، وتطوير ذلك الى اجتياحات ظرفية ثم احتلال يرافقه تدمير وتهجير وشل للحياة بكل وجوهها في مناطق الاعتداء التي توسعت حتى تجاوزت العاصمة بيروت فكان احتلال لها، وقتل على شكل الابادة الجماعية فيها... في مقابل ذلك كان الجيش اللبناني يواجه الاعتداء رغم التفاوت الهائل بالامكانات، ولم تكن شجاعة العسكري اللبناني واحترافه لتعوض النقص في التجهيزات ونوعية الاسلحة وقدمها... لذلك كانت اسرائيل تحقق في لبنان كل مل تريد فعله بآلتها العسكرية، ولبنان بجيشه لا يقوى على منعها بل كان جل ما يفعل هم تأخير وصولها الى اهدافها، ويتكبد من الخسائر ما لا يحتمله وطن بحجمه من حيث الامكانات والسكان... وعندما كانت الدولة تلجأ الى الشرعية الدولية يكون من نصيبها احيانا قرار لا تأبه له اسرائيل سواء كان ادانة او امر بالتراجع عن اعتداء او احتلال..، ان لم يواجه الامر بنقض اميركي veto،
هذا الحال البائس، حمل فريق من اللبنانيين على حمل السلاح لمواجهة اعتداءات اسرائيل، لتحرير الارض من احتلالها الذي بدأ سنة 1978 وتوسع سنة 1982، وقد استطاع هؤلاء بالحذاقة، والشجاعة الواعية، والعقيدة الراسخة، الحاق الهزيمة باسرائيل واجبارها على الخروج من لبنان في العام 2000 ثم تتابع الاداء المقاوم محدثا في الجنوب توازن رعب مع القوة العسكرية الاسرائيلية التي وصفت بأنها لا تقهر... وادى هذا التوازن الى منع اسرائيل من القيام بأي اعتداء تحتمل فيه الرد... ما جعل الأمن في الجنوب مثالا، والامان لابنائه نعمة يشكرون الله ثم المقاومة عليها.. وهو امر لم يشعر به الجنوبي منذ اغتصاب فلسطين في العام 1948..
لم يواجه لبنان اسرائيل، كما لم يهددها بسلاح نووي، او بسلاح جرثومي، او بسلاح كيماوي، وهو لا يملك منها شيئا، ولا يتطلع الى امتلاكها، في الوقت الذي تمتلك اسرائيل الكثير الكثير من سلاح الدمار الشامل، وهي اول من ادخله الى الشرق الاوسط، كما انها استأثرت منفردة في المنطقة بامتلاك السلاح النووي حتى تجاوز ما انتجت منه ال200 راس، رافضة الدخول في معاهدة الحد من انتشار هذا السلاح ومانعة أي مراقبة دولية لها فيه لأنها... فوق القانون.
ان الذي هزم اسرائيل في لبنان، واقام توازن الرعب معها، هو الرجل الباذل نفسه في سبيل الوطن من غير حساب، المستعمل الخفيف من السلاح بكل اتقان، الذي لا يتخذ مركزا منظورا يجعله العدو هدفا للانتقام.. انه الرجل الذي يستطيع ان يضرب العدو بمبادرة منه، ويحول دون تمكينه من الرد عليه مفوتا عليه في ذلك فرص استعماله لقدراته العسكرية الهائلة ضد اهداف عسكرية، ويجبره على السكوت او خرق القانون الدولي الانساني ان استهدف المدنيين... وهنا كان للمقاومة سلوك ذكي آخر.. إذ ارتقت في أدائها الى ادخال المدنيين الاسرائيليين في حلبة الصراع لتكمل اقفال حلقة التوازن في الرعب... فابعدت المدنيين في لبنان عن دائرة الخطر وكان في ذلك امنهم وطمأنينتهم....
استطاعت المقاومة اذن ان تهزم اسرائيل في الماضي.. وتمنع اسرائيل في الحاضر من الاعتداء على لبنان.... ان هذا الوضع احدث للعدو خسارة جسيمة ذات وجهين، ففي المعنويات سجلت هزيمة، لن ترضى اسرائيل لتعويضها بأقل من الغاء من هزمها من الوجود حتى لا يذكر التاريخ هازما لاسرائيل، اما للمستقبل فان الامر هذا سيحول دون تحقيق اسرائيل لاطماعها في لبنان.. في المياه.. في الارض.. في فرض التوطين... ومن يدري ماذا بعد.... اذن ما الحل لها؟
الحل الوحيد الذي تقبل به اسرائيل هو: تجريد المقاومة من سلاحها اولا، ثم الفتك برجالها على آلطريقة الاسرائيلية الاميركية ثانيا، فتؤدب من تجرأ على رفع سلاح بوجهها حتى هزمها، وتفتح الطريق لاطماعها دون ممانع...
ان لبنان لا يملك اليوم، قدرات عسكرية تقليدية تمكنه من مواجهة اسرائيل بما هي فيه ذاتا ودعما، ولا يستطيع لبنان ان يطمئن او يركن الى الغير في طلب حمايته وجودا وحقوقا، وقد علمه التاريخ والتجارب المريرة ان المجتمع الدولي وقراراته نافذة في وجه غير اسرائيل، اما هي فهي فوق القانون وفوق الشرعية، وها هي ترفض الاعتراف للفلسطينيين بحق العودة عملا بالقرار الدولي 194، كما تحتفظ بالارض الفلسطينية والسورية التي احتلتها في العام 1967، ولا تستجيب للقرارات الدولية 242 و383 وها هي جنين في الضفة الغربية تباد كاملة بفعل يطابق اوصاف الجريمة ضد الانسانية ولا تستطيع الشرعية الدولية ان تنقذ بشرا فلا يقتل. او شجرا فلا يقتلع او تصون حجرا فلا يدمر، وها هي اسرائيل <<تكافئ>> الفلسطينيين على اعلانهم التهدئة معها بقرار بناء 3500 وحدة سكنية في القدس لمستوطنيها و<<تشتري>> بالخدعة في المدينة المقدسة لاستكمال تهويدها...
ولكن الشعب الذي اكتوى بنار اسرائيل في لبنان، استطاع ان يوفر ما يمكنه من الدفاع عن نفسه، ويصون حقوقه به، فامتلك الوسائل الزهيدة الثمن، من دون ان يرهق خزينة الدولة بقرش واحد، وتحرك بارادة واعية دون ان يكون مطية لأحد، وبادر في كل ما فعل، مدافعا يسترد حقا اغتصب، ويمنع الاعتداء عن حق مهدد بالانتهاك... انها المقاومة في لبنان، التي تستعمل السلاح للدفاع وللدفاع فقط... وبوجه اسرائيل فقط...
ان سلاح المقاومة، كما اثبت في استعماله، سلاح دفاعي يزعج من يريد الاعتداء على لبنان، ويؤرق من وضع الخطط لهضم الحقوق اللبنانية ولأن اسرائيل لا تضمر للبنان خيرا، فانها جعلت من سلاح المقاومة هدفا لها تريد الاجهاز عليه، وحاولت المرة تلو المرة وعجزت بكل جبروتها العسكري ان تفعل، فاستعانت بأميركا و<<بالشرعية الدولية>> التي ما اعترفت يوما بها إلا إذا جاءت بقرار لمصلحتها... شرعية استعملت في قرارها 1559 تعبير المليشيا المسلحة في لبنان وفسرته اسرائيل وأميركا فورا انه سلاح المقاومة وهو اليوم بمعظمه بيد حزب الله مع علمهم الأكيد ان المقاومة شيء والميليشيا شيء آخر... ولكن لا يعترفان...
وهنا يرى المتتبع للوضع، ان سلاح المقاومة في اليد اللبنانية يعادل سلاح الدمار الشامل في يد إسرائيل، وبالفعل استطاع هذا السلاح أن يحدث توازن الرعب على جانبي خط الهدنة في الجنوب والذي يحاول الآخرون نسيانه، ليحل الخط الأزرق مكانه،... ان الغاية والهدف من سلاح المقاومة هو حماية لبنان ومنع اعتداء إسرائيل عليه، ومن حمل هذا السلاح لا يخفي خشيته من العدوانية الإسرائيلية... وما لجأ الى السلاح إلا ليطمئن، ونجح في امتلاك الطمأنينة مع وجود السلاح... ولكن يظهر ان هناك فريق من لبنانيين بصرف النظر عن حجمهم بات لا يرى ضرورة لهذا السلاح، أو قد بات يستشعر خوفا من وجوده في يد فئة دون أخرى من اللبنانيين، أي ان هذا السلاح يحدث طمأنينة لفريق وخوفا لفريق لبناني آخر، أما نزعه فيحدث المفاعيل العكسية: طمأنة الخائف وإخافة المطمئن... هنا لن نناقش في مبرر خوف بعض اللبنانيين من وجود سلاح المقاومة، مع ان الممارسات السابقة تنبئ بعكس ذلك، ولا نستطيع أن نقول للخائف لا تخف، الخوف حق مشروع، ومعالجته أمر واجب.
فإذا كان خوف الخائف من السلاح سيستمر، فلا يكون بد من نزع السلاح، ولكن يجب أن لا نبدل خوفا بخوف، وفي الواقع اللبناني، علينا أن نبحث عن وسيلة لطمأنة المقاومين المدافعين عن وطنهم وحقوقه، فالسلاح ليس مطلوبا بذاته بل هو وسيلة لتحقيق هدف وهنا قد يقال إن البديل هو الجيش اللبناني ونحن نرى أن الجيش ما أعد إلا لحماية الوطن، وعلينا إذن أن نمده بما يطلب ليوازن إسرائيل في قدراتها وفي هذا سعادتنا جميعا، ولكن هل أن الظروف اللبنانية والدولية تتيح للجيش أن يمتلك من القدرات العسكرية ما يردع به إسرائيل النووية؟ وأميركا لم تسمح ببيعنا أسلحة رشاشة للاستعمال في حفظ الأمن؟ أم يكون الحل بنزع السلاح الإسرائيلي الذي تتفوق به إسرائيل علينا؟ فإذا كان ذلك ممكنا فلنفعل... وإلا، فلنترك للجيش في واقعه الحالي مع المقاومة بما هي عليه أن يتابعا التنسيق الممكن بينهما وهما أدرى بسبله ليحميا لبنان....
اما ان يترك السلاح دون أن نمتلك البديل الذي يحدث الطمأنينة، فهو أمر لا يقره منطق.. ولا يقبله عاقل.. أو...
ان السلاح المقاوم هو الدواء الذي يعالج به اليوم، الخطر المحدق بلبنان من إسرائيل، وان علاج ما يقال فيه من أثر سلبي محلي، لا يكون بفعل يحدث سلبيات أكبر.. فإذا وصف الطبيب دواء ناجعا لمرض شخص، ووجد ان للدواء بعض الآثار الجانبية السلبية فإن الحل لا يكون بترك الدواء إن لم يكن له مثيل بل بالبحث عن ضوابط تمنع الضرر الإيجابي...
وهنا لا بد من القول، للجميع ان الحوار العاقل وبحسن نية يوصل الى الضوابط اما الانفعال، والتذاكي والتهويل كلها أمور فيها الخراب ولا تحقق نتيجة.. لقد جربت إسرائيل القتل والدمار في فلسطين ومن دون توقف لمدة 5 سنوات ولم تستطع ان تنزع سلاح المقاومة فيها.. ولن تستطيع هنا أن تفعل.. فلنعقل ولا نقدم خدمات مجانية لأحد... ثم نندم....
عميد ركن متقاعد
قائد كلية القيادة والأركان في الجيش اللبناني سابقاً