عدنان عبد القادر
التكفيريون شر الخلق (2 ـ 2)
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوارج: «هم شر الخلق والخليقة» اي هم شر من الزناة وشرّاب الخمر وشر من مدمني المخدرات لماذا؟
جعل الله تعالى احوال الناس والشعوب لا تنضبط الا بامرين: بالامراء وهم الحكام، والعلماء الربانيين، اما الحكام والامراء فبهم تنضبط دنيا الناس، واما العلماء الربانيون فبهم ينضبط دين الناس، فاذا اختل ضابط منهما اضطربت حياة الناس في دينهم ودنياهم، لذا امر الله تعالى بطاعتهما فقال: (واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) اولو الامر هم العلماء والامراء.
التكفيريون نسفوا الضابطين واجتثوهما من على وجه الارض. أما مع الحكام فامرهم ظاهر، اذ يتتبعون الصغيرة والكبيرة، ويتجسسون لمعرفة الاسرار ويطرقون كل باب ليجمعوه في قالب واحد ويجعلوه مادة واحدة على شكل كتاب او شريط مسموع او مرئي او منشور، وكل صغيرة هي كبيرة في عيونهم، وكل كبيرة فهي مكفرة يستحق ان يكفّر الحاكم بسببها في نظرهم ويخرج عليه بالسيف والتفجير، حينئذ ينحل الضابط الاول وهو ضابط ادارة دنيا الناس لتعم الفوضى في المجتمع وتضيع دنيا الناس.
ها هم يتقدمون الى امير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ويحاصرونه الى ان دخلوا عليه فجرا وقتلوه وهو يقرأ القرآن من أجل امور تافهة، اختلفوا فيها مع عثمان رضي الله عنه فانقسم المسلمون بقتله الى فريقين لم يجتمعا الى يومنا هذا، وعمت الفوضى في العالم الاسلامي.
وأتى قائدهم الى امير المؤمنين علي رضي الله عنه فقال له: «لا حكم الا لله» فقال علي رضي الله عنه: «لا حكم الا لله» قال الخارجي: «تب من خطيئتك وارجع، واخرج نقاتل هؤلاء (يعني المسلمين من اهل الشام) حتى نلقى ربنا والا قاتلناك، نبتغي بذلك وجه الله تعالى فقام خطيبا في اصحابه: «لا نؤثر الدنيا على الآخرة» فرد علي رضي الله عنه: «انا على الامر الاول» رد الخارجي: «انك لم تغضب لربك، بل غضبت لنفسك، فان شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك، والا نابذناك على سواء، والسلام» وفي نهاية الامر قتلوا عليا رضي الله عنه قربة الى الله تعالى، فعمت الفوضى مرة اخرى لولا ان لطف الله تعالى بهذه الامة فتصالح المسلمون وتنازل امير المؤمنين الحسن رضي الله عنه الى معاوية رضي الله عنه فاصبح اميرا للمؤمنين.
والآن هذا الامر واضح بيّن في الجزائر والعراق والسعودية والكويت حفظ الله الجميع، ولم يكتفوا بالعمل على انحلال الضابط الاول وهم الحكام بل سعوا في خط متواز مع العلماء الربانيين فظلموهم واتهموهم فأمسوا محلا للسخرية والتندر والعداوة، لينحل الضابط الثاني الذي به ينضبط دين الناس.
ها هو سيدهم يتقدم الى امام المتقين النبي صلى الله عليه وسلم ويتهمه ويقول له: «اتق الله والله ما اراك عدلت والله انها قسمة ما اريد بها وجه الله» فقال صلى الله عليه وسلم مخبرا عن ربه تعالى: (يأمنني على خبر السماء ولا تأمنونني).
وسخروا من ابن عباس رضي الله عنهما عندما أتى لمناقشتهم وظهرت حجته فقالوا لبعضهم: هذا من قريش وقد قال الله تعالى فيهم: (بل هم قوم خصمون). وكذا استهانوا بعثمان وعلي رضي الله عنهما فأشاعوا الفوضى الدينية في الفتاوى، فأفتوا لأنفسهم بقتل الصحابة في الو قت الذي امتنعوا فيه عن قتل خنزير النصراني او أكل رطبة من بستانه واستعظموا ذلك، فانتكست الاحكام الشرعية، وأمسى قتل علي رضي الله عنه افضل قربى الى الله تعالى، لذا قال قائلهم لما قتل علي رضي الله عنه:
يا ضربة من تقي ما اراد بها
الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
فشاعت الفوضى الدينية وضلل العلماء وانتشرت البدع، وتلاعبوا بالاحكام الشرعية وأضحى كل منهم عالما للأمة يرشق من يشاء بالكفر والفسوق فهذا السبب الاول لكونهم شر الخلق والخليقة.
اما السبب الثاني فهو تسليط حكامهم على الشعوب المسلمة فكفروا الرعية وسفكوا دماءهم واستباحوا نساءهم واموالهم فافتوا لانفسهم بانهم سبايا. واموالهم ما هي الا غنائم حرب.
ها هم يكفًّرون المجتمع ويصفونه بانه مجتمع جاهلي لا تطبق فيه الحدود الشرعية وتقدموا الى ابن الصحابي الجليل عبد الله بن خباب بن الارت، ابوه من المهاجرين الاولين، فسفكوا دمه على ضفاف النهر لما طلبوا منه ان يحدثهم بحديث عن ابيه فحدثهم بحديث الفتنة «القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي» واستقبلوا ام ولده وكانت حبلى فبقروا بطنها، وهذه الايام ينسفون المجمعات السكنية وربما الاسواق وينحرون رجال الامن ويقتلون المارة قربة الى الله تعالى كما زعموا.
وطلبوا من امير المؤمنين علي رضي الله عنه ان يبيح لهم النساء المسلمات بعد معركة الجمل فقال لهم: «من يأخذ ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها في سهمه؟!» فصمتوا وخرسوا وها هم هذه الايام يفتي بعضهم بجواز استرقاق النساء المسلمات من الزوجات والبنات والامهات والذهاب بهن الى اماكن مقفرة لتكون امة له، وناكفوا عليا رضي الله عنه ليأخذوا اموال المسلمين غنيمة في معركة الجمل فأبى عليهم رضي الله عنه.
لذا قال الله تعالى: (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا ويصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم).
اما السبب الثالث ـ وقد سبق بيانه ـ لكونهم اجتمعت فيهم شر النفوس وشر العقول، اما شر النفوس فلشدة تعلقها بالمال ومنصب الحكم فامتلأت صدورهم غلا وحقدا وحسدا، واما شر العقول لانها ابت قبول قاعدة المصالح والمفاسد فلا مانع من تدمير المجتمع دون اي مصلحة متحققة فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد، هم شر الخلق والخليفة، فاذا لقيتموهم فاقتلوهم، فان في قتلهم اجرا يوم القيامة، ألا إنهم كلاب النار، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، فكلما خرجوا فاقتلوهم).
===========
© 2001-2005 جريدة الوطن ، حقوق الطبع محفوظة
التكفيريون شر الخلق (2 ـ 2)
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوارج: «هم شر الخلق والخليقة» اي هم شر من الزناة وشرّاب الخمر وشر من مدمني المخدرات لماذا؟
جعل الله تعالى احوال الناس والشعوب لا تنضبط الا بامرين: بالامراء وهم الحكام، والعلماء الربانيين، اما الحكام والامراء فبهم تنضبط دنيا الناس، واما العلماء الربانيون فبهم ينضبط دين الناس، فاذا اختل ضابط منهما اضطربت حياة الناس في دينهم ودنياهم، لذا امر الله تعالى بطاعتهما فقال: (واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) اولو الامر هم العلماء والامراء.
التكفيريون نسفوا الضابطين واجتثوهما من على وجه الارض. أما مع الحكام فامرهم ظاهر، اذ يتتبعون الصغيرة والكبيرة، ويتجسسون لمعرفة الاسرار ويطرقون كل باب ليجمعوه في قالب واحد ويجعلوه مادة واحدة على شكل كتاب او شريط مسموع او مرئي او منشور، وكل صغيرة هي كبيرة في عيونهم، وكل كبيرة فهي مكفرة يستحق ان يكفّر الحاكم بسببها في نظرهم ويخرج عليه بالسيف والتفجير، حينئذ ينحل الضابط الاول وهو ضابط ادارة دنيا الناس لتعم الفوضى في المجتمع وتضيع دنيا الناس.
ها هم يتقدمون الى امير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ويحاصرونه الى ان دخلوا عليه فجرا وقتلوه وهو يقرأ القرآن من أجل امور تافهة، اختلفوا فيها مع عثمان رضي الله عنه فانقسم المسلمون بقتله الى فريقين لم يجتمعا الى يومنا هذا، وعمت الفوضى في العالم الاسلامي.
وأتى قائدهم الى امير المؤمنين علي رضي الله عنه فقال له: «لا حكم الا لله» فقال علي رضي الله عنه: «لا حكم الا لله» قال الخارجي: «تب من خطيئتك وارجع، واخرج نقاتل هؤلاء (يعني المسلمين من اهل الشام) حتى نلقى ربنا والا قاتلناك، نبتغي بذلك وجه الله تعالى فقام خطيبا في اصحابه: «لا نؤثر الدنيا على الآخرة» فرد علي رضي الله عنه: «انا على الامر الاول» رد الخارجي: «انك لم تغضب لربك، بل غضبت لنفسك، فان شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك، والا نابذناك على سواء، والسلام» وفي نهاية الامر قتلوا عليا رضي الله عنه قربة الى الله تعالى، فعمت الفوضى مرة اخرى لولا ان لطف الله تعالى بهذه الامة فتصالح المسلمون وتنازل امير المؤمنين الحسن رضي الله عنه الى معاوية رضي الله عنه فاصبح اميرا للمؤمنين.
والآن هذا الامر واضح بيّن في الجزائر والعراق والسعودية والكويت حفظ الله الجميع، ولم يكتفوا بالعمل على انحلال الضابط الاول وهم الحكام بل سعوا في خط متواز مع العلماء الربانيين فظلموهم واتهموهم فأمسوا محلا للسخرية والتندر والعداوة، لينحل الضابط الثاني الذي به ينضبط دين الناس.
ها هو سيدهم يتقدم الى امام المتقين النبي صلى الله عليه وسلم ويتهمه ويقول له: «اتق الله والله ما اراك عدلت والله انها قسمة ما اريد بها وجه الله» فقال صلى الله عليه وسلم مخبرا عن ربه تعالى: (يأمنني على خبر السماء ولا تأمنونني).
وسخروا من ابن عباس رضي الله عنهما عندما أتى لمناقشتهم وظهرت حجته فقالوا لبعضهم: هذا من قريش وقد قال الله تعالى فيهم: (بل هم قوم خصمون). وكذا استهانوا بعثمان وعلي رضي الله عنهما فأشاعوا الفوضى الدينية في الفتاوى، فأفتوا لأنفسهم بقتل الصحابة في الو قت الذي امتنعوا فيه عن قتل خنزير النصراني او أكل رطبة من بستانه واستعظموا ذلك، فانتكست الاحكام الشرعية، وأمسى قتل علي رضي الله عنه افضل قربى الى الله تعالى، لذا قال قائلهم لما قتل علي رضي الله عنه:
يا ضربة من تقي ما اراد بها
الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
فشاعت الفوضى الدينية وضلل العلماء وانتشرت البدع، وتلاعبوا بالاحكام الشرعية وأضحى كل منهم عالما للأمة يرشق من يشاء بالكفر والفسوق فهذا السبب الاول لكونهم شر الخلق والخليقة.
اما السبب الثاني فهو تسليط حكامهم على الشعوب المسلمة فكفروا الرعية وسفكوا دماءهم واستباحوا نساءهم واموالهم فافتوا لانفسهم بانهم سبايا. واموالهم ما هي الا غنائم حرب.
ها هم يكفًّرون المجتمع ويصفونه بانه مجتمع جاهلي لا تطبق فيه الحدود الشرعية وتقدموا الى ابن الصحابي الجليل عبد الله بن خباب بن الارت، ابوه من المهاجرين الاولين، فسفكوا دمه على ضفاف النهر لما طلبوا منه ان يحدثهم بحديث عن ابيه فحدثهم بحديث الفتنة «القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي» واستقبلوا ام ولده وكانت حبلى فبقروا بطنها، وهذه الايام ينسفون المجمعات السكنية وربما الاسواق وينحرون رجال الامن ويقتلون المارة قربة الى الله تعالى كما زعموا.
وطلبوا من امير المؤمنين علي رضي الله عنه ان يبيح لهم النساء المسلمات بعد معركة الجمل فقال لهم: «من يأخذ ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها في سهمه؟!» فصمتوا وخرسوا وها هم هذه الايام يفتي بعضهم بجواز استرقاق النساء المسلمات من الزوجات والبنات والامهات والذهاب بهن الى اماكن مقفرة لتكون امة له، وناكفوا عليا رضي الله عنه ليأخذوا اموال المسلمين غنيمة في معركة الجمل فأبى عليهم رضي الله عنه.
لذا قال الله تعالى: (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا ويصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم).
اما السبب الثالث ـ وقد سبق بيانه ـ لكونهم اجتمعت فيهم شر النفوس وشر العقول، اما شر النفوس فلشدة تعلقها بالمال ومنصب الحكم فامتلأت صدورهم غلا وحقدا وحسدا، واما شر العقول لانها ابت قبول قاعدة المصالح والمفاسد فلا مانع من تدمير المجتمع دون اي مصلحة متحققة فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد، هم شر الخلق والخليفة، فاذا لقيتموهم فاقتلوهم، فان في قتلهم اجرا يوم القيامة، ألا إنهم كلاب النار، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، فكلما خرجوا فاقتلوهم).
===========
© 2001-2005 جريدة الوطن ، حقوق الطبع محفوظة