أفكار ووقائع اتصالات حول استحقاق رئاسي مبكر (1)
واشنطن أبلغت الجميع رفضها مشاركة سوريا في اختيار الرئيس الجديد
إبراهيم الأمين
الكل بانتظار ديفيد ساترفيلد. جيش المعارضين لسوريا والموالين لاميركا، يحجزون منذ الان مواعيد مع الضيف الكبير. والتدابير الاولى من عوكر تقول، بان خروجه لن يكون كثيرا من هناك. سوف يراعي موقعي بكركي والمختارة، لكن على البقية السير تحت جنح الظلام او وضح النهار لا يهم. ألم يتعود هؤلاء سابقا على عنجر. فما الجديد في الامر؟. والتباري حول جدول اعمال المندوب السامي الجديد يشبه الاختلافات حول عمر القمر. لكن ثمة بندا واحدا سبقه الى الجميع، وثمة كلمة واحدة سبقته الى اذان المعارضين ومن يرغب من الموالين اسمها: الانتخابات النيابية باي ثمن!.
وفي وقت سابق، ليس ببعيد، اسبوعين او اكثر، كان الكلام عن مرجعية اميركية او فرنسية لعمل المعارضة، يعني اتهاما بالتخوين او نوعا من التهويل، أي لجوء المعارضين اياهم الى الاسطوانة المملة عند كل نقاش معهم: انتم تهولون وتخونون. ثم يتحول النقاش الى اسئلة كيدية، ولعبة أحجية من النوع الذي لا يقود الى خلاصة. اما الآن، فالصورة باتت مختلفة، ولم يعد هناك ما يبرر هذا التهرب، حتى ان معارضا بارزا قاد اتصالات بين مرجعيات عدة روى في مطالعة طويلة بعض ما يجري من اتصالات، متحدثا بشكل عادي عن الدور الاميركي والفرنسي التفصيلي، من دون ان ينكر الامر او يغلفه بصورة بدائية كالتي يفعلها بعض أقطاب المعارضة من مدرسي نظرية الحرية والسيادة والاستقلال!.
عندما كان البطريرك الماروني نصر الله صفير في الولايات المتحدة، نشط وليد جنبلاط في لبنان على خط العلاج المسبق للازمة الرئاسية. وهو افترض انه يمكن القيام بخطوة احترازية تحت عنوان عدم الذهاب بعيدا في ترجمة انتصارات المعارضة. وخلص الى فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تتيح تفاهما مع الاطراف كافة، داخليا وخارجيا ويفتح الباب امام تسويات من نوع مختلف عما هو سائد حاليا، وما يجعل الاستحقاق الانتخابي النيابي اقل حدة برغم كل التوتر السياسي في البلاد. ولكن جنبلاط كان يعرف ويقول منذ اللحظة الاولى ان شرط هذا المشروع الوحيد هو استقالة الرئيس اميل لحود.
واذ تبين ان بين الشخصيات المسيحية المعارضة من رحب بهذه الفكرة وناقشها تفصيليا مع جنبلاط نفسه ومع مرجعيات اخرى، برزت ردود فعل من جانب آخر من نفس قوى المعارضة تقول بان هذا المشروع سيؤدي حتما الى انقسام في صفوف المعارضة، كما سوف يتيح لسوريا ان تضغط باتجاه رئيس يعيش تحت مظلتها، وان بقاء لحود الان ولاشهر عدة اهون من استقالته الان. وجرى اختصار هذا الموقف على شكل رفض لتقديم الملف الرئاسي على غيره. وهو الامر الذي تبناه صفير وناقشه مع المسؤولين الاميركيين في الولايات المتحدة.
وحسب المعنيين فان واشنطن لم تكن تحتاج الى من يحدد لها الطريق. وهي قالت لصفير، ثم لم تنتظر عودته الى بيروت حتى ارسلت سفيرها جيفري فيلتمان الى المختارة، بعد ان اجتمع بعدد من الشخصيات المعارضة في بيروت، ابلغ الجميع ان الولايات المتحدة لا ترى ضرورة لاجراء الانتخابات الرئاسية الان، وان الاهم من كل ذلك هو استمرار الضغط لانجاز الانسحاب السوري الكامل من لبنان، وان هذا يتطلب وحدة المعارضة من جهة وتماسك الوجهة السياسية لها من جهة ثانية. وان واشنطن تعتقد انه من المفيد الان التركيز على كيفية تسهيل قيام حكومة محايدة تؤمن اجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها وليصار لاحقا الى البت بالعناوين الاخرى.
ومع ان جنبلاط نفى ان يكون تبدل موقفه من الملف مرتبطا بزيارة فيلتمان له، قال ان السفير الاميركي سبق ان اثار معه الملف نفسه في وقت سابق وليس في تلك الزيارة. ولما سأل معارضون جنبلاط عن سر التحول في موقفه والعمل بما قاله صفير، اجاب جنبلاط: المهم بالنسبة لي هو وحدة المعارضة، وما أخشاه هو تفرق صفوف المعارضة. وأنا لا أريد حصول ذلك. ولكنني لم أتراجع عن موقفي من ضرورة صنع تفاهم على الرئيس المقبل.
وبحسب من تابع هذا الأمر، فان جنبلاط كان قد وجد في الاقتراح الفكرة، فرصة لكسر الحلقة المفرغة في الحوار مع الآخرين، وكان هذا العنوان مدار بحث في جلسات كثيرة غير معلنة بين موفدين منه وبين قيادة <<حزب الله>> عدا عن بعض الرسائل التي نقلت أيضا إلى القيادة السورية، ومن ثم تولى وزير سابق ونائب معارض ادارة جانب من هذه الاتصالات. وكان الكل يعتقد ان المهمة الاولى هي توفير أرضية لتفاهم سياسي يشمل القوى البارزة في الطوائف كافة، وهو كلام يعني كلا من جنبلاط وكتلته ونواب <<المستقبل>> ونواب <<أمل>> و<<حزب الله>> وقسم غير قليل من نواب المعارضة المسيحية، وان هذا التفاهم يشمل ايضا سوريا باعتبارها طرفا أساسيا في المعادلة، ويتم ايضا العمل على الجانبين الفرنسي والاميركي بما يضمن عدم <<إضاعة ما بذلته الدولتان من جهد مركزي في المرحلة الأخيرة>> وان تنتهي الآلية إلى ترشيحات من جانب قوى المعارضة، أي عمليا من قبل البطريرك الماروني، فيما يكون التصويت من قبل الآخرين.
على أن احد المعارضين من الفريق الرافض لهذه الفكرة يقول ان رفض صفير ومن معه لاقتراح الانتخابات الرئاسية المبكرة يعود الى معادلة بسيطة: في هذا المجلس، يمكن لسوريا ان تلعب دورا كبيرا، ويمكن لفريق من النواب المسيحيين وغير المسيحيين من الذين يعرفون انهم لن يعودوا الى البرلمان ان يلعبوا دورا. وبالتالي فان التأثير الاميركي والفرنسي على اهميته لن يكون بحجم التغييرات السياسية التي حصلت على الارض. وبالتالي فانه من المنطقي ان يرفض معارضون كثر ومعهم الولايات المتحدة وفرنسا هذا الاقتراح. وان يتم تأجيل الملف برمته الى ما بعد الانتخابات النيابية.
ومع ذلك، فان النقاش لم يقفل بصورة نهائية. وحسب الوزير السابق فان اجتماعاته المكثفة مع آل الحريري ومع جنبلاط و<<حزب الله>> ومع شخصيات سياسية اخرى، بينها قوى مسيحية فاعلة، ثبتت لديه قناعة بان هناك فرصة جدية للقيام بعمل ما يؤدي عمليا الى مواجهة احتمال قيام سلطة مرفوضة من قسم كبير من اللبنانيين وقد يعني هذا ان أي رئيس جديد لا يأتي ضمن تفاهم واضح ومحسوب بدقة، قد لا يجد فرصة جدية للحكم، الا اذا كان هناك من يفكر بتكرار تجارب الحقبة السورية.
غدا: ماذا لو استقال لحود
واشنطن أبلغت الجميع رفضها مشاركة سوريا في اختيار الرئيس الجديد
إبراهيم الأمين
الكل بانتظار ديفيد ساترفيلد. جيش المعارضين لسوريا والموالين لاميركا، يحجزون منذ الان مواعيد مع الضيف الكبير. والتدابير الاولى من عوكر تقول، بان خروجه لن يكون كثيرا من هناك. سوف يراعي موقعي بكركي والمختارة، لكن على البقية السير تحت جنح الظلام او وضح النهار لا يهم. ألم يتعود هؤلاء سابقا على عنجر. فما الجديد في الامر؟. والتباري حول جدول اعمال المندوب السامي الجديد يشبه الاختلافات حول عمر القمر. لكن ثمة بندا واحدا سبقه الى الجميع، وثمة كلمة واحدة سبقته الى اذان المعارضين ومن يرغب من الموالين اسمها: الانتخابات النيابية باي ثمن!.
وفي وقت سابق، ليس ببعيد، اسبوعين او اكثر، كان الكلام عن مرجعية اميركية او فرنسية لعمل المعارضة، يعني اتهاما بالتخوين او نوعا من التهويل، أي لجوء المعارضين اياهم الى الاسطوانة المملة عند كل نقاش معهم: انتم تهولون وتخونون. ثم يتحول النقاش الى اسئلة كيدية، ولعبة أحجية من النوع الذي لا يقود الى خلاصة. اما الآن، فالصورة باتت مختلفة، ولم يعد هناك ما يبرر هذا التهرب، حتى ان معارضا بارزا قاد اتصالات بين مرجعيات عدة روى في مطالعة طويلة بعض ما يجري من اتصالات، متحدثا بشكل عادي عن الدور الاميركي والفرنسي التفصيلي، من دون ان ينكر الامر او يغلفه بصورة بدائية كالتي يفعلها بعض أقطاب المعارضة من مدرسي نظرية الحرية والسيادة والاستقلال!.
عندما كان البطريرك الماروني نصر الله صفير في الولايات المتحدة، نشط وليد جنبلاط في لبنان على خط العلاج المسبق للازمة الرئاسية. وهو افترض انه يمكن القيام بخطوة احترازية تحت عنوان عدم الذهاب بعيدا في ترجمة انتصارات المعارضة. وخلص الى فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تتيح تفاهما مع الاطراف كافة، داخليا وخارجيا ويفتح الباب امام تسويات من نوع مختلف عما هو سائد حاليا، وما يجعل الاستحقاق الانتخابي النيابي اقل حدة برغم كل التوتر السياسي في البلاد. ولكن جنبلاط كان يعرف ويقول منذ اللحظة الاولى ان شرط هذا المشروع الوحيد هو استقالة الرئيس اميل لحود.
واذ تبين ان بين الشخصيات المسيحية المعارضة من رحب بهذه الفكرة وناقشها تفصيليا مع جنبلاط نفسه ومع مرجعيات اخرى، برزت ردود فعل من جانب آخر من نفس قوى المعارضة تقول بان هذا المشروع سيؤدي حتما الى انقسام في صفوف المعارضة، كما سوف يتيح لسوريا ان تضغط باتجاه رئيس يعيش تحت مظلتها، وان بقاء لحود الان ولاشهر عدة اهون من استقالته الان. وجرى اختصار هذا الموقف على شكل رفض لتقديم الملف الرئاسي على غيره. وهو الامر الذي تبناه صفير وناقشه مع المسؤولين الاميركيين في الولايات المتحدة.
وحسب المعنيين فان واشنطن لم تكن تحتاج الى من يحدد لها الطريق. وهي قالت لصفير، ثم لم تنتظر عودته الى بيروت حتى ارسلت سفيرها جيفري فيلتمان الى المختارة، بعد ان اجتمع بعدد من الشخصيات المعارضة في بيروت، ابلغ الجميع ان الولايات المتحدة لا ترى ضرورة لاجراء الانتخابات الرئاسية الان، وان الاهم من كل ذلك هو استمرار الضغط لانجاز الانسحاب السوري الكامل من لبنان، وان هذا يتطلب وحدة المعارضة من جهة وتماسك الوجهة السياسية لها من جهة ثانية. وان واشنطن تعتقد انه من المفيد الان التركيز على كيفية تسهيل قيام حكومة محايدة تؤمن اجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها وليصار لاحقا الى البت بالعناوين الاخرى.
ومع ان جنبلاط نفى ان يكون تبدل موقفه من الملف مرتبطا بزيارة فيلتمان له، قال ان السفير الاميركي سبق ان اثار معه الملف نفسه في وقت سابق وليس في تلك الزيارة. ولما سأل معارضون جنبلاط عن سر التحول في موقفه والعمل بما قاله صفير، اجاب جنبلاط: المهم بالنسبة لي هو وحدة المعارضة، وما أخشاه هو تفرق صفوف المعارضة. وأنا لا أريد حصول ذلك. ولكنني لم أتراجع عن موقفي من ضرورة صنع تفاهم على الرئيس المقبل.
وبحسب من تابع هذا الأمر، فان جنبلاط كان قد وجد في الاقتراح الفكرة، فرصة لكسر الحلقة المفرغة في الحوار مع الآخرين، وكان هذا العنوان مدار بحث في جلسات كثيرة غير معلنة بين موفدين منه وبين قيادة <<حزب الله>> عدا عن بعض الرسائل التي نقلت أيضا إلى القيادة السورية، ومن ثم تولى وزير سابق ونائب معارض ادارة جانب من هذه الاتصالات. وكان الكل يعتقد ان المهمة الاولى هي توفير أرضية لتفاهم سياسي يشمل القوى البارزة في الطوائف كافة، وهو كلام يعني كلا من جنبلاط وكتلته ونواب <<المستقبل>> ونواب <<أمل>> و<<حزب الله>> وقسم غير قليل من نواب المعارضة المسيحية، وان هذا التفاهم يشمل ايضا سوريا باعتبارها طرفا أساسيا في المعادلة، ويتم ايضا العمل على الجانبين الفرنسي والاميركي بما يضمن عدم <<إضاعة ما بذلته الدولتان من جهد مركزي في المرحلة الأخيرة>> وان تنتهي الآلية إلى ترشيحات من جانب قوى المعارضة، أي عمليا من قبل البطريرك الماروني، فيما يكون التصويت من قبل الآخرين.
على أن احد المعارضين من الفريق الرافض لهذه الفكرة يقول ان رفض صفير ومن معه لاقتراح الانتخابات الرئاسية المبكرة يعود الى معادلة بسيطة: في هذا المجلس، يمكن لسوريا ان تلعب دورا كبيرا، ويمكن لفريق من النواب المسيحيين وغير المسيحيين من الذين يعرفون انهم لن يعودوا الى البرلمان ان يلعبوا دورا. وبالتالي فان التأثير الاميركي والفرنسي على اهميته لن يكون بحجم التغييرات السياسية التي حصلت على الارض. وبالتالي فانه من المنطقي ان يرفض معارضون كثر ومعهم الولايات المتحدة وفرنسا هذا الاقتراح. وان يتم تأجيل الملف برمته الى ما بعد الانتخابات النيابية.
ومع ذلك، فان النقاش لم يقفل بصورة نهائية. وحسب الوزير السابق فان اجتماعاته المكثفة مع آل الحريري ومع جنبلاط و<<حزب الله>> ومع شخصيات سياسية اخرى، بينها قوى مسيحية فاعلة، ثبتت لديه قناعة بان هناك فرصة جدية للقيام بعمل ما يؤدي عمليا الى مواجهة احتمال قيام سلطة مرفوضة من قسم كبير من اللبنانيين وقد يعني هذا ان أي رئيس جديد لا يأتي ضمن تفاهم واضح ومحسوب بدقة، قد لا يجد فرصة جدية للحكم، الا اذا كان هناك من يفكر بتكرار تجارب الحقبة السورية.
غدا: ماذا لو استقال لحود