إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

رمزية الكوفة في جهاد السيد محمد الصدر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رمزية الكوفة في جهاد السيد محمد الصدر

    رمزية الكوفة في جهاد السيد محمد الصدر



    بسم الله الرحمن الرحيم

    (والذين قُتلوا في سبيل الله فلن يُضل أعمالهم * سيهديهم ويصلح بالهم * ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم).

    «محمد 4 ـ 6»

    حينما بدأ الشهيد السعيد السيد محمد محمد صادق الصدر نشاطه الشعبي في أوساط الأمّة كمرجع مسؤول في العراق، كانت صلاة الجمعة العلامة الفارقة بين مرحلتين، الأولى هي مرحلة الحذر والترقب، والأخرى مرحلة التطلع والاقدام. ومن أبرز ملامحها إقامة صلاة الجمعة في مساجد الشيعة في وسط وجنوب العراق. وكانت هذه الفريضة المقدسة قد تعطّلت في العراق بسبب الظروف التي كانت تحيط بالناس رغم إنّ وجوبها ورد في القرآن الكريم [1]، وفي السنّة الشريفة وردت أحاديث نبوية كثيرة في وجوب صلاة الجمعة منها قوله (ص): «كتبت عليكم الجمعة فريضة واجبة إلى يوم القيامة»، ومنها قوله «ص»: «إنّ الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الجمعة، فمن تركها في حياتي أو بعد موتي وله إمام عادل استخفافاً بها أو جحوداً لها فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حجّ له، ألا ولا صوم له، ألا ولا برّ له حتى يتوب». ومنها ما ورد في صحيحة زرارة بن أعين عن أبي جعفر الباقر «ع» قال: «صلاة الجمعة فريضة والاجتماع إليها فريضة مع الإمام، فإن ترك رجل من غير علّة، ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علّة إلاّ منافق». وفي صحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الباقر «ع» قال: «من ترك الجمعة ثلاث جمع متوالية طبع الله على قلبه». [2] وفي حديث للإمام الباقر «ع» إنّه قال: «تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين» [3]، ويحدّث أحد أصحاب الإمام الباقر عنه انّه قال: «مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله. قال: قلت كيف أصنع، قال صلاة جماعة، يعني صلاة الجمعة». [4]

    هذا ما يتعلق بوجوب صلاة الجمعة، أمّا فوائد هذه الفريضة فالسيد الشهيد محمد الصدر، يوضح في خطب الجمعة الأخيرة التي سبقت اغتياله ذلك بقوله: «إنّنا عهدها الاستعمار والمستعمرين منذ وُجدوا يكرهون الإسلام الحنيف والمذهب الجليل ويكيدون ضده مختلف المكائد والدسائس، ويريدون إضعافه بكل وسيلة، ويكرهون شعائره وطقوسه، ويحاولون تقليلها إلى أقل مقدار ممكن بل إلغاءها بالمرة، بما في ذلك مراسم الزيارة واصدار الكتب والنشرات وإلقاء الخطب والصلوات. ومن هنا كانت صلاة الجمعة شوكة في عيون المستعمرين عامة وإسرائيل خاصة، لما كان فيها وما زال من عزّ للمذهب والدين وهداية الناس والتسبب في لمِّ الشمل وجمع الكلمة على الحق».

    وبمناسبة مرور عام على اقامة صلاة الجمعة في وسط وجنوب العراق، قال الشهيد الصدر: «والآن نحاول أن نستفيد العبرة من هذه التجارب الدينية والاجتماعية التي حصلت من خلال صلاة الجمعة في هذا العام.. ولئن جعلنا هذه التجارب مرقاة، وإن شاء الله نجعلها مرقاة إلى رضا الله تعالى، ومقدمة للمزيد من عبادته، ومن هذه العبر، العزة والشرف والرفعة الاجتماعية والدينية التي حصلت للمذهب في كل العالم وفي العراق خاصة، ورفع ما كان ذلة وقنوطاً وخنوعاً واقتصاراً على الشؤون الشخصية والارزاق التجارية والاسرية». ومن فوائد هذه الفريضة، أن شارك فيها العشرات من أئمة المساجد. وحسب قول الصدر فإنّ صلاة الجمعة «فتحت أفواه جماعة من الخطباء قد يصلون إلى السبعين في الموعظة والارشاد والتذكير في الامور الدينية والفقهية».

    وينتقد بعض الجهات الدينية التي عارضت هذه الفريضة واعتبرتها «فتنة»، فيقول: «قالت جماعة من الحوزة ـ ولعلها لا زالت تقول ـ إنّ اقامة صلاة الجمعة فتنة.. إنّما الفتنة هم الذين فتحوها بإصرارهم على عدم الحضور، ولو حضروا لكان الانتصار أكثر واتحاد الحوزة والمذهب أكثر... فهم بعدم حضورهم قد القحوا الفتنة وأوجدوها ونصروا أعداء الدين والمذهب مع شديد الأسف، من حيث يعلمون أو لا يعلمون». وطالب بضرورة استمرار الصلاة حتى بعد استشهاده قائلاً: «قلت أكثر من مرّة استمروا على صلاة الجمعة حتى لو مات السيد محمد الصدر، لأنّه لا يجوز لكم أن تجعلوا موت السيد محمد الصدر سبباً وذريعة لذلّة الإسلام والشريعة وتفرّق الكلمة». [5]

    اختار الشهيد السيد محمد الصدر مسجد الكوفة وهو المسجد الجامع ويسمى المسجد الأعظم، ليكون منطلقاً لصلاة الجمعة. وفي هذا الاختيار دلالات دينية مهمة تاريخية وحاضرة ومستقبلية. فمدينة الكوفة التي يتسع معناها الأوسع لمدينة النجف الأشرف وضواحيها تعتبر من أهم مراكز التشيع منذ تمصيرها عام 17 للهجرة. وقد اتخذها الإمام علي «ع» مقراً لحكمه، وستكون عاصمة لدولة العدل العالمية التي سيقيمها الإمام الحجة المنتظر «عج» في المستقبل.

    والكوفة «معدن الشيعة ومحبي أهل البيت اشتهرت بذلك قديما وحديثاً، وتكلم رجل على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فقال له آخر: لو تكلّمت بهذا في الكوفة لأخذتك الـنِّعال من كل جانب». [6] وعن أمير المؤمنين علي «ع» قال: «هذه مدينتنا ومحلنا ومقر شيعتنا» [7]. وورد في نهج البلاغة أنّه قال في خطبة له «كأنّي بك يا كوفةُ تُمَدِّين مدَّ الأديم العكاظي تعْرَكين بالنوازل وتُرْكبين بالزلازل، وإنّي لأعلمُ أنّه ما أراد بك جبار سوءاً إلاّ ابتلاهُ اللهُ بشاغل ورماه بقاتل». ووصف أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة لحرب الجمل في كتاب له إليهم قائلاً: «من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة جبهةِ الأنصار وسَنَام العرب». وكتب لهم بعد وقعة الجمل قائلاً: «وجزاكم اللهُ من أهل مصر عن أهل بيتِ نبيكم أحسن ما يجزي العاملين بطاعته، والشاكرين لنعمته، فقد سمعتم وأطعتم ودُعيتم فأجبتم». [8]

    وقال الإمام الصادق «ع»: «أهل الكوفة أوتادنا وأهل هذا السواد منّا ونحن منهم». وعن عبدالله بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبدالله (الإمام الصادق) عليه السلام فسلّمنا عليه وجلسنا بين يديه فسألنا من أنتم؟ فقلنا: من أهل الكوفة، فقال: «أما إنّه ليس بلد من البلدان أكثر محباً لنا من أهل الكوفة، ثمّ هذه العصابة خاصة إنّ الله هداكم لأمر جهله الناس، أحببتمونا وأبغضنا الناس وصدقتمونا وكذّبنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس، فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا». [9]

    مُصّرت الكوفة عام 17 هـ (638 م) ومصّرها سعد بن أبي وقّاص بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب «رض» في الجانب الغربي من الفرات على بضعة أميال إلى الجهة الشمالية الشرقية من مدينة الحيرة في السهل المحصور ما بين الفرات شرقاً والبادية المطلة على مشارف الشام وعمان غرباً. وما أن حطت القبائل رحالها في المصر الجديد وبدأ العمران حتى توافد عليها الناس من كل صوب، ثم نمت الكوفة بعد ذلك وتحضرت وازدهر فيها العمران حتى صارت قبلة أنظار العرب وزعمائهم. [10] ويقول مؤرخ معاصر: «إنّ جودة الكوفة موضع الكوفة وهواؤها النقي ومواردها المائية الطيبة، كل ذلك كالت له كتب الأدب المديح». ويعود قائلاً: «إنّ تربة الكوفة لم تكن معدة للزراعة بل للاستقرار البشري، فاستقر العرب فيها. وعلى هذه المواضع الهادئة اقيم في أواخر 17 هـ تجمع هائل من القبائل العربية.. فجعلوا منها مكاناً سامياً للتاريخ المضطرب ورحماً أساسياً للحضارة والثقافة الإسلامية قاطبة». وعليه «فالكوفة تشكلت عندئذ بوصفها مدينة وافرزت الحدث بصورة صاخبة بصفتها موضع تاريخ». [11]

    هذه هي الكوفة في التاريخ، وكوفة الحاضر أراد لها الشهيد الصدر أن تكون رابطاً قوياً بين محطتين محطة الماضي العريق الزاخر بالعطاء ومحطة المستقبل المنير الذي ستكون فيه الكوفة عاصمة للعالم حيث دولة العدل، فأكد على:

    1ـ إنّ المنطقة الرئيسة لوجود الإمام المهدي المنتظر «عج» بعد مكة المكرّمة هي الكوفة وهي حسب تقديره تشمل النجف وضواحيها. ويروى حديث للإمام الباقر «ع» جاء فيه: «إذا قام القائم «ع» سار إلى الكوفة فوسّع مساجدها».

    2ـ اجتماع المؤمنين في الكوفة نصرةً وتأييداً للإمام القائم «عج». سأل المفضل ابن عمر الإمام الصادق «ع» قائلاً: «يا سيدي فأين يكون دار المهدي؟، قال: دار ملكه الكوفة ومجلس حكمه جامعها وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة... قال المفضّل يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة قال: إي والله لا يبقى مؤمن إلاّ كان بها أو حواليها».

    3ـ إنّ الخطاب الأساسي الذي سيوجهه الإمام القائم سيكون من مسجد الكوفة، ففي رواية عمر بن شمر عن أبي جعفر «ع» قال: ذكر المهدي فقال: «يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت، فتصفو له، ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء».

    4ـ إنّ الشعب الكوفي والنجفي سيخضع للمهدي «ع» بسهولة ويؤيده بحرارة.

    5ـ إنّ المهدي «ع» يصلّي بالناس صلاة الجمعة.

    6ـ إنّ الكوفة هي منطلق الإمام لغزو العالم وذلك «بإرسال السرايا وبثّ الجيوش المتكاملة للقيام بهذه المهمة». [12]

    أدرك السيد محمد الصدر أهمية الكوفة وقدسية مكانها منذ زمن طويل سبق تصديه للمواجهة، فقد كتب موسوعته عن الامام المهدي «عج» في السبعينات وضمنها آراءه وتوجهاته. ومنذ ذلك الوقت كان الصدر يرى في الكوفة رمزاً لابدّ من الاستفادة من عطاءاته بأقصى قدره ولابدّ من اعادة الوعي الشيعي الصحيح الذي يربط حاضر الشيعة بمستقبل زاهر سيكون مركزه المؤكد هو الكوفة. لم يختر السيد الصدر الكوفة كمدينة فحسب بل اختار مسجدها الأعظم ليكون منطلقاً لتحركه الواسع. ويكنّ المسلمون لهذا المسجد احتراماً كبيراً، و«للمسجد الأعظم وضع خاص، لا لأنّه كان أوسع من غيره بل لما كان له من وظائف ولرمزيته العظيمة». [13]

    فقد وردت روايات عديدة تعظّم من شأن هذا المسجد، الذي شُيّد بعد فتح الكوفة وتمصيرها في موقعه الحالي وبعد أن كتب الخليفة عمر بن الخطاب إلى واليه سعد بن أبي وقّاص يأمره بأن يخط المسجد بحيث يتسع للمقاتلة، فخطه بحيث يتسع لأربعين ألفاً. وفي عام 50 هـ تمت توسعة المسجد ليتسع لستين ألفاً [14]. تذكر الروايات انّ مسجد الكوفة كان موجوداً قبل أن يتم تخطيطه، وقد ذكر مؤلف كتاب تاريخ الكوفة [15] أحاديث عديدة، نذكر منها ما ورد عن عبدالله ابن مسعود إنّه قال: «قال رسول الله «ص»: يا بن مسعود لما اُسري بي إلى السماء الدنيا أراني مسجد الكوفة فقلت يا جبرائيل ما هذا؟ قال: مسجد مبارك كثير الخير عظيم البركة اختاره الله لأهله وهو يشفع لهم يوم القيامة». وقال أمير المؤمنين «ع»: «لا يشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة». وقال الإمام أبو جعفر الباقر «ع» مخاطباً أبا عبيدة: «لا تدع يا با عبيدة الصلاة في مسجد الكوفة ولو أتيته حبواً، فإنّ الصلاة فيه تعدل سبعين صلاة في غيره من المساجد». وعنه «ع» قال: «لو يعلم الناس ما في مسجد الكوفة لأعدوا له الزاد والراحلة من مكان بعيد». وقال «صلاة الفريضة فيه تعدل حجة وصلاة النافلة تعدل عمرة».

    ذكر أبو سعد الخراساني إنّ الامام علي بن موسى الرضا «ع» قال له: «أين تسكن؟ قال: قلت الكوفة، قال: فإنّ مسجد الكوفة بيت نوح لو دخله الرجل مائة مرة لكتب الله مائة مغفرة لأنّ فيه دعوة نوح حيث قال (ربّي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً)، قلت من عنى بوالديه؟ قال: آدم وحواء». وقال الإمام أبو عبدالله الصادق «ع» لأحد أصحابه (هارون بن خارجة): «كم بينك وبين مسجد الكوفة، يكون ميلاً؟، قلت: لا، قال: فتصلي فيه الصلاة كلها؟ قلت: لا، قال: أما لو كنت حاضراً بحضرته لرجوت أن لا تفوتني فيه صلاة، أوتدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من نبي ولا عبد صالح إلاّ وقد صلى في مسجد الكوفة، حتى رسول الله «ص»». ويقول الصادق «ع»: «وإنّ مقدمه لروضة من رياض الجنّة، وميمنته وميسرته لروضة من رياض الجنّة، وإنّ وسطه لروضة من رياض الجنّة، وإنّ مؤخره لروضة من رياض الجنّة، والصلاة فيه فريضة تعدل بألف صلاة والنافلة فيه بخمسمائة صلاة».

    جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «ع» وهو في مسجد الكوفة، فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فرد عليه السلام، فقال: جعلت فداك، إنّي اردت المسجد الأقصى فأردت أن اسلّم عليك وأودعك، فقال: وأي شيء اردت بذلك؟ فقال: الفضل جعلت فداك، قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد، فإنّ الصلاة المكتوبة فيه بحجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة والبركة منه على اثني عشر ميلاً، منه سارت سفينة نوح وصلى فيه سبعون نبياً وسبعون وصياً أنا أحدهم، وقال: ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلاّ أجابه الله وفرّج عنه كربته».

    وقال مخاطباً أهل الكوفة: «يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عزّ وجلّ بما لم يحب به أحداً ففضل مصلاّكم، وهو بيت آدم وبيت نوح وبيت ادريس ومصلى ابراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر ومصلاي، وإنّ مسجدكم هذا أحد المساجد الأربعة التي اختارها الله عزّ وجلّ لأهلها، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلاّ كان به أو حنّ قلبه إليه، فلا تهجرنه، وتقربوا إلى الله عزّ وجلّ بالصلاة فيه وارغبوا اليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبواً على الثلج».

    لقد كان اختيار الشهيد محمد الصدر للكوفة ومسجدها معبراً عن حاجة لربط الماضي بالمستقبل عبوراً بالحاضر. وهذا الربط لا يعني فقط وجود حاجة آنية لمسجد يسع حشداً من الجماهير يصل إلى عشرات الآلاف من الناس، وانما يعبر عن معرفة تاريخية نافذة وقدرة ذكية على تسخير الماضي في خدمة الحاضر. كما انه محاولة ستؤدي غرضها حينما يحاول عالم ومرجع أن يستخدم قدسية المكان لتحقيق عملية التغيير في الجمهور، لا في عراق اليوم وحده وإنّما ليكونوا من يمهد لنشر العدل الإلهي على ربوع البسيطة.

    إنّ صلاة الجمعة التي اتسعت ظاهرتها بدفع الشهيد محمد الصدر، كانت محاولة تتسم بالجرأة والحنكة لتوعية الأمّة، وتذكيرها بأمجادها وأعدائها لتحمل مهمات المستقبل المناطة بهذه الصلاة وبهذه المدينة المبجلة ومسجدها الأعظم. فهذه المدينة شهدت حكم العدل على يدي الإمام علي بن أبي طالب وستكون مركز القيادة المستقبلية.

    لقد أفلح السيد محمد الصدر في اعادة الكوفة إلى الموقع المركزي في نفوس الشيعة، وكانت صلاة الجمعة في مسجدها منبهاً قوياً إلى هذا الموقع المقدس، الذي سيكون منبره مركز حكم سيمتد في عدله على العالم وستسعد البشرية في المستقبل بواسطة المخلصين الدائبي العمل في مدينة الكوفة، مدينة الأمل الخالد التي أعادت لمسات الشهيد الصدر وخطواته الجريئة بعضاً منه ووضعتها على الطريق الصائب الذي لا يمكن تجاوز أهميته أو التغافل عن عطاءاته الروحية المقدسة.



    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) «الجمعة: 9».

    [2] البحراني، الفقيه المحدث الشيخ يوسف: الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج9، ص: 414 و411 (باب صلاة الجمعة في زمن الغيبة)، دار الأضواء، بيروت، ط2، (1405 هـ ـ 1985م)، حققه وعلّق عليه محمد تقي الإيرواني.

    [3] الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج3، ص: 419 (باب وجوب الجمعة)، دار الأضواء، بيروت (1405هـ ـ 1985م).

    [4] الصدر، السيد محمد: ما وراء الفقه، ج1، ص: 452 ـ 453 (فصل إمام الجمعة)، دار الأضواء، ط1 (1420 هـ ـ 1999م).

    [5] الأسدي، مختار: الصدر الثاني.. الشاهد والشهيد: الظاهرة وردود الفعل، ص: 67 ـ 70، مؤسسة الأعراف، (1420هـ ـ 1999م).

    [6] الأمين، الإمام السيد محسن: أعيان الشيعة، المجلد الأول، ص: 207، دار التعارف، بيروت، (1406 هـ ـ 1986م)، حققه وأخرجه واستدرك عليه: حسن الأمين.

    [7] البراقي النجفي، السيد حسين ابن السيد أحمد: تاريخ الكوفة، ص: 63، دار الأضواء، بيروت، ط4 (1407 هـ ـ 1987م)، حرره السيد محمد صادق بحر العلوم.

    [8] بيضون، لبيب: تصنيف نهج البلاغة، ص: 536 ـ 537 (الكوفة وأهل الكوفة والعراق)، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، قم، ط3 (1417 هـ).

    [9] البراقي النجفي، تاريخ الكوفة، ص: 61 ـ 62.

    [10] الأمين، حسن: دائرة المعارف الإسلامية الشيعية، ج3، ص: 364 ـ 365، دار التعارف، بيروت، ط2 (1401 هـ ـ 1981م).

    [11] جعيط، هشام: الكوفة: نشأة المدينة العريقة الإسلامية، ص: 71 و83، دار الطليعة، بيروت، ط2 (1993).

    [12] الصدر، محمد: تاريخ ما بعد الظهور (موسوعة الإمام المهدي ـ 3)، ص: 311 ـ 316، دار التعارف، بيروت، ط2 (1408 هـ ـ 1987م).

    [13] جعيط: مصدر سابق، ص: 312.

    [14] الأمين، حسن: مصدر سابق، ص: 365.

    [15] البراقي النجفي، مصدر سابق، ص: 24 ـ 51.
    http://alsader.com/derasat.htm
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة altooby; الساعة 25-03-2005, 01:39 AM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
ردود 2
13 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
استجابة 1
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X