قراءة قانونية وسياسية لمدلولات تقرير فيتزجيرالد
المصري: ذاهبون إلى المحكمة الجنائية الدولية
السيد حسين: نخشى إدخال لبنان في نفق التدويل
علي الموسوي
يترقب اللبنانيون بحذر تبني مجلس الأمن في اجتماعه المقرّر في الأسبوع المقبل، للاقتراح الذي وضعه الضابط الايرلندي بيتر فيتزجيرالد في تقرير فريقه الدولي المكلف جمع المعلومات والاستقصاء في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والرامي إلى وجوب إجراء تحقيق دولي آخر واكثر شمولا تقوم به لجنة دولية خاصة من أجل التوصّل سريعاً إلى كشف كلّ الملابسات التي أحاطت هذه الجريمة.
والحذر متأت في الدرجة الأولى من هذه اللجنة ذات الصلاحيات الواسعة، والتحقيقات التي ستقوم بها في ظلّ غطاء دولي يخوّلها استجواب الكبير والصغير في السلطة وخارجها، سياسياً كان أم أمنياً، وتوجيه أصابع الاتهام لمن تراه ضالعاً أو متدخّلاً أو محرّضاً أو مساهماً أو مهملاً في واجباته، قبل الانتقال بشكل تدريجي، إلى محكمة خاصة أو المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت بموجب اتفاقية روما لمحاكمة قادة الدول طالما أنّ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يقع تحت بند الإرهاب.
ما هي القراءة القانونية والسياسية الأولية لمدلولات التقرير الدولي والنتائج المترتبة عليه؟ وماذا يمكن لبنان أن يفعل؟ وهل يمكنه التجاوب مع لجنة التحقيق القضائي الدولي؟
يرى الأستاذ في القانون الدولي الدكتور شفيق المصري في حديث مع <<السفير>> أن التقرير الدولي توزع على ثلاثة محاور تتعلق بالأسباب والظروف والنتائج ولهذا أيضاً تحدّث عن أوضاع سياسية وأوضاع تقنية في الوقت نفسه، معتبراً أنّه لا يشكّل تحقيقاً قضائياً أو أيّ إلزام قانوني بحدّ ذاته.
ويترقب المصري قرار مجلس الأمن الذي تسلّم نسخة من التقرير من انان، آخذاً في عين الاعتبار ثلاثة معطيات هي التقرير المذكور والخلاصات التي استنتجها والتوصيات التي اقترحها، والخلاصة التي يفترض أن يكون أنان قد أرفقها مع التقرير لمجلس الامن، وكيفية متابعة البيان الرئاسي الذي صدر في 15 شباط الفائت وإشارته إلى أنّ الجريمة التي ارتكبت إنّما تشكّل عملاً إرهابيّا، والارهاب بنظر مجلس الأمن يشكل تهديداً للسلام وكل هذه التحقيقات والاوضاع يجب ألا تحول دون إجراء انتخابات نيابية لبنانية بشكل شفاف وحر وديموقراطي.
ويتوقع المصري ان يصدر مجلس الامن قراراً حول هذه المعطيات <<لتبدأ التساؤلات ويترتب على كل تساؤل مستوى من الإلزامية. فإذا كان مجلس الامن سيتابع الموضوع على مستوى الفصل الثامن أي الفصل الذي أعلن بيانه الرئاسي في 15 شباط فإنّ كلّ إجراء لاحق بما في ذلك لجنة التحقيق المطلوبة ستخضع الدولة اللبنانية له وبالتنسيق معها، أما إذا كان المجلس سيحرص على تشكيل هذه اللجنة بحيث تعطى صلاحيات واسعة من دون أي قيود فهو سيعمد إلى إصدار قرار مستند إلى الفصل السابع بحيث يصبح ملزماً قانونياً بحد ذاته وبحيث تتمكن لجنة التحقيق المقبلة من القيام بكافة صلاحياتها وبصرف النظر عن موقف الحكومة اللبنانية منها، مما يعني أنّ الأمر يتوقّف على المستوى القانوني لقرار مجلس الأمن>>.
وإذ يرجّح المصري موافقة مجلس الأمن على تشكيل هيئة تحقيق قضائي، يتوقع أن <<يجري تكليف الفريق الدولي نفسه بالبناء على تقريره الأول ومتابعة العمل ليشمل تقنيات قضائية أخرى بما فيها الاستجوابات، أو أن يكلَّف فريق آخر من الخبراء. ومهما يكن فإنّ لجنة التحقيق هذه ليست في موقع المحاكمة النهائية وإنما هي تمهيد لهذه المحاكمة إذا تسنى لها التأكيد على بعض المتهمين وان تحدد مسؤولية الأجهزة الأمنية الرسمية بالضبط>>، مشدّداً على أنه في هذه الحال يكون لدى مجلس الأمن <<سلوك مسارين، الأول يتعلّق بمسؤولية الدولة اللبنانية مع شموله مسؤولية الأجهزة الأمنية السورية في لبنان، والثاني يتعلّق بوضع المتهمين إذا أمكن التعرّف إليهم، وعندها يمكن للمجلس أن يشكّل محكمة خاصة لمحاكمة هؤلاء أو أنْ يحيل المتهمين على المحكمة الجنائية الدولية>>.
ويذكّر المصري بأنّ صلاحية الإحالة محفوظة قانوناً لمجلس الأمن حتّى ولو كانت الدولة غير منتسبة إلى اتفاقية روما شرط أنْ يصدر ذلك بموجب مستند إلى الفصل السابع.
ويلفت المصري النظر إلى أنّه يمكن لمجلس الامن ان يذكّر بضرورة اقتراح <<البند المتعلق بالانتخابات النيابية لأنّها وردت في البيان الرئاسي على أن تجري في موعدها المحدّد وبشكل شفّاف وديموقراطي وحرّ، كما أنّه يمكن للمجلس أن يقترح إرسال مراقبين دوليين، ولكن هذا يخضع لموافقة السلطات اللبنانية إذا بقي على مستوى الفصل السادس وإلاّ صار ملزماً إذا صدر في سياق قرار مستند إلى الفصل السابع بصرف النظر عن موقف الحكومة اللبنانية منه>>.
السيد حسين
أما الدكتور عدنان السيد حسين فيؤكد ان تقرير فيتزجيرالد يكشف <<ضعف الحماية الامنية داخل لبنان ومحدودية دور الأجهزة المولجة بحفظ الأمن مما يطرح سؤالين عن دورها منذ خمسة عشر عاماً حيث أنفق عليها المال الوفير، وعن قدرتها على حماية الأمن في الداخل وعلى الحدود مع إسرائيل>>.
ويعتبر السيد حسين ان هذا التقرير هو مقدمة لإجراء تحقيق دولي مما يعني أن مجلس الامن يضع يده على قضية اغتيال الرئيس الحريري وما ينتج عنها من اوضاع امنية داخل لبنان. وهناك احتمال في ما لو تكشفت جهات وأسماء مسؤولة عن تردي الوضع الأمني بأن يجري الادعاء ضدها أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ويحذّر من أنّ الخطورة الحقيقية تكمن في ما لو حاولت الادارة الاميركية ربط هذا التقرير ومن ثم التحقيق الدولي بالقرار 1559 الصادر عن مجلس الامن>>، <<مع انه لا يوجد برأيي أي ربط بين هذا وذاك. ولكن يُخشى أن تؤدي سيطرة الولايات المتحدة الاميركية على مجلس الامن إلى هذا الربط الذي من شأنه إدخال لبنان في نفق مظلم تحت عنوان كبير هو التدويل>>.
ولا يجد السيد حسين فارقاً كبيراً بين التدويل والأمركة خصوصاً بعد حوادث أفغانستان والعراق وحديث وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس عن ان الديموقراطية سوف تصل إلى بيروت، متمنيا <<لو أنّ هناك نظاماً إقليمياً عربياً يقوم بمعالجة الاوضاع اللبنانية والعلاقات اللبنانية السورية في إطار المصالح المشتركة، بيد ان هذا النظام غير قائم ويمكن للبنان وسوريا أنْ يدفعا معاً ثمن غياب هذا النظام>>.
ويستدرك السيد حسين ليقول إنّ الامل غير مقطوع ففسحته الوحيدة برأيه <<تكمن في وحدة اللبنانيين وتضامنهم الوطني بعيداً من الاصطفاف الطائفي وبعيداً من استغلال اغتيال الرئيس الحريري بهذه الطريقة المروّعة. والمسؤولية الوطنية تقتضي تجنب الوصول إلى فراغ دستوري وضبط الوضع الأمني في كلّ المناطق وتجنيب سلاح المقاومة في هذه المرحلة أي تجاذبات>>، آملاً من قيادة حزب الله أن تبقى بعيدة عن الغرق في الوحول الداخلية.
ويشدّد السيد حسين على أهمية صياغة وحدة وطنية فاعلة في هذه المرحلة الحساسة من عمر الوطن في ظلّ عجز السلطات اللبنانية عن كشف حقيقة الاغتيال <<لأنّ التحقيق الدولي يصبح أمراً واقعاً، وبنتيجته تترتب مسؤوليات قد يستغلّها مجلس الأمن من أجل المزيد من الضغوط على لبنان وسوريا>>.
المصري: ذاهبون إلى المحكمة الجنائية الدولية
السيد حسين: نخشى إدخال لبنان في نفق التدويل
علي الموسوي
يترقب اللبنانيون بحذر تبني مجلس الأمن في اجتماعه المقرّر في الأسبوع المقبل، للاقتراح الذي وضعه الضابط الايرلندي بيتر فيتزجيرالد في تقرير فريقه الدولي المكلف جمع المعلومات والاستقصاء في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والرامي إلى وجوب إجراء تحقيق دولي آخر واكثر شمولا تقوم به لجنة دولية خاصة من أجل التوصّل سريعاً إلى كشف كلّ الملابسات التي أحاطت هذه الجريمة.
والحذر متأت في الدرجة الأولى من هذه اللجنة ذات الصلاحيات الواسعة، والتحقيقات التي ستقوم بها في ظلّ غطاء دولي يخوّلها استجواب الكبير والصغير في السلطة وخارجها، سياسياً كان أم أمنياً، وتوجيه أصابع الاتهام لمن تراه ضالعاً أو متدخّلاً أو محرّضاً أو مساهماً أو مهملاً في واجباته، قبل الانتقال بشكل تدريجي، إلى محكمة خاصة أو المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت بموجب اتفاقية روما لمحاكمة قادة الدول طالما أنّ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يقع تحت بند الإرهاب.
ما هي القراءة القانونية والسياسية الأولية لمدلولات التقرير الدولي والنتائج المترتبة عليه؟ وماذا يمكن لبنان أن يفعل؟ وهل يمكنه التجاوب مع لجنة التحقيق القضائي الدولي؟
يرى الأستاذ في القانون الدولي الدكتور شفيق المصري في حديث مع <<السفير>> أن التقرير الدولي توزع على ثلاثة محاور تتعلق بالأسباب والظروف والنتائج ولهذا أيضاً تحدّث عن أوضاع سياسية وأوضاع تقنية في الوقت نفسه، معتبراً أنّه لا يشكّل تحقيقاً قضائياً أو أيّ إلزام قانوني بحدّ ذاته.
ويترقب المصري قرار مجلس الأمن الذي تسلّم نسخة من التقرير من انان، آخذاً في عين الاعتبار ثلاثة معطيات هي التقرير المذكور والخلاصات التي استنتجها والتوصيات التي اقترحها، والخلاصة التي يفترض أن يكون أنان قد أرفقها مع التقرير لمجلس الامن، وكيفية متابعة البيان الرئاسي الذي صدر في 15 شباط الفائت وإشارته إلى أنّ الجريمة التي ارتكبت إنّما تشكّل عملاً إرهابيّا، والارهاب بنظر مجلس الأمن يشكل تهديداً للسلام وكل هذه التحقيقات والاوضاع يجب ألا تحول دون إجراء انتخابات نيابية لبنانية بشكل شفاف وحر وديموقراطي.
ويتوقع المصري ان يصدر مجلس الامن قراراً حول هذه المعطيات <<لتبدأ التساؤلات ويترتب على كل تساؤل مستوى من الإلزامية. فإذا كان مجلس الامن سيتابع الموضوع على مستوى الفصل الثامن أي الفصل الذي أعلن بيانه الرئاسي في 15 شباط فإنّ كلّ إجراء لاحق بما في ذلك لجنة التحقيق المطلوبة ستخضع الدولة اللبنانية له وبالتنسيق معها، أما إذا كان المجلس سيحرص على تشكيل هذه اللجنة بحيث تعطى صلاحيات واسعة من دون أي قيود فهو سيعمد إلى إصدار قرار مستند إلى الفصل السابع بحيث يصبح ملزماً قانونياً بحد ذاته وبحيث تتمكن لجنة التحقيق المقبلة من القيام بكافة صلاحياتها وبصرف النظر عن موقف الحكومة اللبنانية منها، مما يعني أنّ الأمر يتوقّف على المستوى القانوني لقرار مجلس الأمن>>.
وإذ يرجّح المصري موافقة مجلس الأمن على تشكيل هيئة تحقيق قضائي، يتوقع أن <<يجري تكليف الفريق الدولي نفسه بالبناء على تقريره الأول ومتابعة العمل ليشمل تقنيات قضائية أخرى بما فيها الاستجوابات، أو أن يكلَّف فريق آخر من الخبراء. ومهما يكن فإنّ لجنة التحقيق هذه ليست في موقع المحاكمة النهائية وإنما هي تمهيد لهذه المحاكمة إذا تسنى لها التأكيد على بعض المتهمين وان تحدد مسؤولية الأجهزة الأمنية الرسمية بالضبط>>، مشدّداً على أنه في هذه الحال يكون لدى مجلس الأمن <<سلوك مسارين، الأول يتعلّق بمسؤولية الدولة اللبنانية مع شموله مسؤولية الأجهزة الأمنية السورية في لبنان، والثاني يتعلّق بوضع المتهمين إذا أمكن التعرّف إليهم، وعندها يمكن للمجلس أن يشكّل محكمة خاصة لمحاكمة هؤلاء أو أنْ يحيل المتهمين على المحكمة الجنائية الدولية>>.
ويذكّر المصري بأنّ صلاحية الإحالة محفوظة قانوناً لمجلس الأمن حتّى ولو كانت الدولة غير منتسبة إلى اتفاقية روما شرط أنْ يصدر ذلك بموجب مستند إلى الفصل السابع.
ويلفت المصري النظر إلى أنّه يمكن لمجلس الامن ان يذكّر بضرورة اقتراح <<البند المتعلق بالانتخابات النيابية لأنّها وردت في البيان الرئاسي على أن تجري في موعدها المحدّد وبشكل شفّاف وديموقراطي وحرّ، كما أنّه يمكن للمجلس أن يقترح إرسال مراقبين دوليين، ولكن هذا يخضع لموافقة السلطات اللبنانية إذا بقي على مستوى الفصل السادس وإلاّ صار ملزماً إذا صدر في سياق قرار مستند إلى الفصل السابع بصرف النظر عن موقف الحكومة اللبنانية منه>>.
السيد حسين
أما الدكتور عدنان السيد حسين فيؤكد ان تقرير فيتزجيرالد يكشف <<ضعف الحماية الامنية داخل لبنان ومحدودية دور الأجهزة المولجة بحفظ الأمن مما يطرح سؤالين عن دورها منذ خمسة عشر عاماً حيث أنفق عليها المال الوفير، وعن قدرتها على حماية الأمن في الداخل وعلى الحدود مع إسرائيل>>.
ويعتبر السيد حسين ان هذا التقرير هو مقدمة لإجراء تحقيق دولي مما يعني أن مجلس الامن يضع يده على قضية اغتيال الرئيس الحريري وما ينتج عنها من اوضاع امنية داخل لبنان. وهناك احتمال في ما لو تكشفت جهات وأسماء مسؤولة عن تردي الوضع الأمني بأن يجري الادعاء ضدها أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ويحذّر من أنّ الخطورة الحقيقية تكمن في ما لو حاولت الادارة الاميركية ربط هذا التقرير ومن ثم التحقيق الدولي بالقرار 1559 الصادر عن مجلس الامن>>، <<مع انه لا يوجد برأيي أي ربط بين هذا وذاك. ولكن يُخشى أن تؤدي سيطرة الولايات المتحدة الاميركية على مجلس الامن إلى هذا الربط الذي من شأنه إدخال لبنان في نفق مظلم تحت عنوان كبير هو التدويل>>.
ولا يجد السيد حسين فارقاً كبيراً بين التدويل والأمركة خصوصاً بعد حوادث أفغانستان والعراق وحديث وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس عن ان الديموقراطية سوف تصل إلى بيروت، متمنيا <<لو أنّ هناك نظاماً إقليمياً عربياً يقوم بمعالجة الاوضاع اللبنانية والعلاقات اللبنانية السورية في إطار المصالح المشتركة، بيد ان هذا النظام غير قائم ويمكن للبنان وسوريا أنْ يدفعا معاً ثمن غياب هذا النظام>>.
ويستدرك السيد حسين ليقول إنّ الامل غير مقطوع ففسحته الوحيدة برأيه <<تكمن في وحدة اللبنانيين وتضامنهم الوطني بعيداً من الاصطفاف الطائفي وبعيداً من استغلال اغتيال الرئيس الحريري بهذه الطريقة المروّعة. والمسؤولية الوطنية تقتضي تجنب الوصول إلى فراغ دستوري وضبط الوضع الأمني في كلّ المناطق وتجنيب سلاح المقاومة في هذه المرحلة أي تجاذبات>>، آملاً من قيادة حزب الله أن تبقى بعيدة عن الغرق في الوحول الداخلية.
ويشدّد السيد حسين على أهمية صياغة وحدة وطنية فاعلة في هذه المرحلة الحساسة من عمر الوطن في ظلّ عجز السلطات اللبنانية عن كشف حقيقة الاغتيال <<لأنّ التحقيق الدولي يصبح أمراً واقعاً، وبنتيجته تترتب مسؤوليات قد يستغلّها مجلس الأمن من أجل المزيد من الضغوط على لبنان وسوريا>>.
تعليق