برسم من يعول على التدخل الاميركي لانقاذ لبنان
اللوبي اللبناني الأميركي: محاولات تكريس خط أكثر اعتدالا وتفهما للواقع السياسي في بيروت
واشنطن - جويس كرم الحياة 2005/03/28
من جمع التبرعات المالية، الى حشد التظاهرات الشعبية والزيارات المتتابعة للكونغرس وغرف القرار في الولايات المتحدة، حقق اللوبي اللبناني في واشنطن قفزة نوعية في عمله السياسي والتنظيمي في السنوات الماضية انعكست بوضوح على الأرض بعد اغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري وزيارة البطريرك الماروني نصر الله صفير الأخيرة الى الولايات المتحدة. اذ برزت خلالها محاولات متلاحقة لرص صفوف الجالية في المتحدة وتوحيد الخطاب السياسي بالتحول عن شعارات متشددة ترفعها أقلية في اللوبي تدعو الى اطاحة النظام السوري وابرام اتفاقية سلام مع اسرائيل، وتكريس خط أكثر اعتدالا وتفهما للواقع السياسي في بيروت.
ويوضح مدير المركز العربي الأميركي جايمس زغبي أن «قسما من المعارضة اللبنانية» في الجالية البالغ عددها تقريبا ثلاثة ملايين نسمة، يشبه اليوم «المعارضين الكوبيين في ولاية فلوريدا، الذين دفعت تحركاتهم الى فرض حظر أميركي اقتصادي وجوي على هافانا منذ العام 1968، لم يحقق هدفه الفعلي باسقاط نظام فيديل كاسترو ولم يساعد ملايين الكوبيين في تحسين ظروف معيشتهم». ويشير الى أن «فئة كبيرة من اللبنانيين هاجرت أثناء الحرب الأهلية وانقطعت عن الواقع السياسي والتحولات القائمة في بلدها الام».
ويقول رئيس «المجلس الأميركي اللبناني للديموقراطية» توني حداد أن التحركات الأخيرة ومواقف الرئيس بوش والادارة الأميركية الداعمة للانسحاب السوري للبنان والضاغطة على دمشق تأتي بعد «15 عاما من العمل اليومي لاخراج القضية اللبنانية من الادراج الأميركية الى الطاولة.» ويؤكد حداد «أن المسألة مكلفة ماديا وعمليا» وتقتضي «زيارات يومية للكونغرس الأميركي للتذكير بمشروع قرار أو العمل على آخر». ويؤكد ان الكونغرس حلقة رئيسية للوصول الى البيت الأبيض، اذ أن «مشوار» القرار يبدأ في مكتب أحد النواب، قبل أن يطرح على اللجان المختصة التي بدورها تعرضه للتصويت على أعضاء المجلس. وفي حال نال موافقة الأكثرية، يحول الى لجنة مختصة في مجلس الشيوخ قبل التصويت عليه هناك ومن ثم يقدم الى البيت الأبيض كمشروع قانون تنفيذي يوقعه الرئيس.
ويعمل حداد عن كثب مع مكتبي رئيسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط النائبة ايلانا روس ليتنن والنائب اليوت انجل اللذين أشرفا على صوغ وتبني مشروع «قانون محاسبة سورية» الذي وقعه البيت الأبيض وباشر الرئيس جورج بوش في أيار (مايو) الماضي بتنفيذه وتطبيق عقوبتين اقتصاديتين على دمشق. كما ساعد هؤلاء النواب في التهييئ لقرار مجلس الأمن 1559، وأخيراً في طرح مشروع «تحرير سورية ولبنان» المشابه لقانون «تحرير العراق» الذي يزيد العقوبات الاقتصادية على دمشق ويستحدث أخرى ديبلوماسية تحاصر المندوبين السوريين في الأمم المتحدة، اضافة الى القرار 32 الذي وصل الى مجلس الشيوخ أخيرا والداعي الى تجميد أموال المسؤولين اللبنانيين «الموافقين على الوصاية السورية» في المصارف الأميركية.
ونوه حداد بأهمية جمع التبرعات والمشاركة السياسية الفعلية لدعم أعضاء الكونغرس أو البيت الأبيض. وأكد أن تنظيمه جمع أكثر من 300 ألف دولار للرئيس بوش في الحملة الرئاسية الأخيرة ويسعى بطاقاته المادية والبشرية لدعم حملات ليتنن وأنجل وغيرهما في الكونغرس عام 2006. ويشير حداد الى أن «الانسحاب السوري، ونزع سلاح الميليشيات وارساء الديموقراطية العلمانية بعيدا عن الاقطاعية الطائفية والسياسية» هي العناوين العريضة للعمل اليوم. ويؤكد أن الخطوات المقبلة تتمثل بمشروع قانون لرفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وحل المسألة دوليا «على رغم عدم شعبية الطرح في واشنطن».
من جهته يشير سيرج سلوان مفوض «حزب الوطنيين الأحرار» في الولايات المتحدة الى أن الهدف الأساس للوبي اليوم هو «تقريب وجهات النظر بين الادارة الأميركية والواقع السياسي في لبنان» وجمع الجالية تحت «مظلة الثوابت الوطنية». والمعترفة بانجازات «حزب الله» على الساحة الوطنية ولبنانية مزارع شبعا انما مع «ضرورة الانسحاب السوري اليوم وجمع سلاح كل الأطراف واستيعابها في اللعبة السياسية وتحرير شبعا ديبــلوماســيا».
ويوضح سلوان أنه على اتصال دائم مع مكاتب شؤون الشرق الأوسط في الادارة والتي «أثمرت بعد اجتماعات عدة عن تقبل وجهات النظر حول كون حزب الله طرفا مهما في الساحة اللبنانية». وبرز في اللقاءات والمناسبات التي تلت استشهاد الحريري في واشنطن، حضور مسؤولين بارزين من الادارة مثل نائب وزير الدفاع بول وولفويتز والمبعوث الأميركي لدى المنطقة دايفيد ساترفيلد.
ويتحدث حداد وسلوان عن «المحسوبين على اللوبي»، الذين «يمثلون أقلية اليوم ويبالغون بقدراتهم السياسية»، ويوضحان «أن علاقاتهم مقطوعة مع المعارضة اللبنانية في بيروت وضعيفة مع الادارة الحالية في واشنطن». وكانت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية تناقلت معلومات مطلع الشهر الجاري حول اتصالات أجراها أعضاء في اللوبي اللبناني الأميركي بشخصيات رسمية اسرائيلية بينها مستشار الحكومة أوري لوبراني.
ولا ينفي رجل الأعمال اللبناني الأميركي زياد عبد النور الذي يرأس «مجموعة فريق عمل الولايات المتحدة لتحرير لبنان» خطه المتشدد والانقلابي حيال الوضع مؤكدا أن اللوبي اللبناني «في غاية الشراسة». ويؤكد عبد النور أن «ليس هناك أي خلاف متجذر مع اسرائيل بعد اتمام الانسحاب من الجنوب أو مانع للاجتماع معهم»، ويدعو الى توقيع معاهدة سلام مع الدولة العبرية «فور سقوط السلطة غير الشرعية في لبنان اليوم».
ويعتبر عبد النور أن «هناك اجماعا وطنيا لبنانيا ضد السوريين وأن 99 في المئة من اللبنانيين يحقدون على القيادة البعثية» ولا يرى «أي معضلة مع الجانب الاسرائيلي، ومن الضروري أن تأتي مصلحة لبنان أولا بتوقيع اتفاقية سلام مع تل أبيب على غرار مصر والأردن.» ويشير الى أن «اسقاط النظام السوري» من «حتميات» المرحلة المقبلة، بعد «ثبوت عدم امكان تعايش العالم الحر والولايات المتحدة مع الأنظمة القمعية».
ويتعهد عبد النور باستثمار ثروته المقدرة بنصف بليون دولار «لدعم القوى الشعبية والرئيس بوش». وتتمتع الجالية اللبنانية برخاء مادي في الولايات المتحدة، يساعد في تحويل نحو 11 بليون دولار للوطن سنويا بحسب أرقام السفارة اللبنانية في واشنطن.
ويشبه الزغبي نشاط هؤلاء بنشاط لوبي عراقيي المنفى, وتحديدا زعيم «المؤتمر الوطني العراقيِ» أحمد الجلبي ابان التحضير لغزو العراق والذين يتهمهم عدد من أعضاء الكونغرس بتضليل البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) عبر المبالغة في خطر أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها نظام صدام حسين، وهو ما ثبت عدم صحته لاحقا.
وتبرز في الجالية اللبنانية قيادات معروفة مثل رئيس «التجمع اللبناني الثقافي» البروفسور وليد فارس، الذي التقى اعضاء في مجلس الأمن مطلع الشهر الجاري «ممثلاً أكثر من 12 مليون لبناني في المهجر»!. وبالرجوع الى محاضرات فارس اللاحقة لاغتيال الحريري واخرى في صحف اسرائيلية (جيروزاليم بوست) سابقة للعملية، يشدد فارس على «المصائب المتلاحقة من النظام البعثي السوري» ويضمنها دعوات لنزع سلاح «حزب الله» و»اغلاق الجبهة اللبنانية التي تستعملها دمشق للضغط على اسرائيل» تمهيدا لاتفاق سلام.
ويلوم فارس في مقالة رأي في صحيفة «جيروزالم بوست» تحت عنوان «مطاردة الموارنة» في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) 2003، الرئيس السابق بيل كلينتون ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك على «هجر لبنان»، واخلاء الساحة «لأنصار الخميني والجهاد الاسلامي «، أي بمفردات أخرى على الانسحاب من الجنوب في العام 2000 واخضاعه لسيطرة حزب الله. ويتهم «حزب الله» و«المتطرفين الفلسطينيين بمطاردة المسيحيين في المنفى».
وينبه الزغبي الى العلاقة المقربة بين هذا الخط المتشدد والادارة الأميركية الحالية التي «تعطي أذنا صاغية لهذا التيار»، خصوصاً أعضاء بارزين في البنتاغون مثل دوغلاس فايث مساعد وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وآخرين في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض مثل أليوت أبرامز والسفير الأميركي الجديد لدى الأمم المتحدة جون بولتون الذين يدعمون خطط اطاحة الأنظمة. وعمل فايث مع وجوه أحرى بارزة في تيار المحافظين الجدد عام 1996 على اعداد تقرير خاص لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو تحض على «اضعاف واحتواء وحتى اطاحة النظام السوري.»
وساعدت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 والحرب التي أعلنها الرئيس بوش ضد الارهاب في تقوية هذا الخط، ودفعت بنائب وزير الدفاع بول وولفويتز في نيسان (أبريل) 2003 ليكون أول مسؤول رفيع أميركي يقترح توجيه ضربة عسكرية ضد دمشق، «لايوائها منظمات ارهابية وبناء لتقارير تتهم الحكومة السورية بحيازة أسلحة للدمار الشامل وحماية قيادات من النظام العراقي السابق»، وشدد وولفويتز على «ضرورة التغيير في سورية».
ويؤكد سلوان أن «اللوبي على العموم لا يشجع على خطط عسكرية لضرب دمشق، وأن هدفه الأساس «انقاذ وتحسين الوضع اللبناني». فيما يرى رئيس غرفة التجارة العربية في مدينة ديترويت أحمد شيباني أن الخطوط العريضة ومتطلبات الجالية في ديترويت (حوالي 75 ألف لبناني) تتمثل «بانسحاب سوري، وحوار معتدل ومتزن مع دمشق يؤمن مصلحة البلدين». ويلفت الى أن الجالية اللبنانية تحركت بقوة بعد اغتيال الحريري ونظمت تظاهرات ومسيرات بالتنسيق «غير المسبوق» مع فئات لبنانية أخرى في واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا. ويرفـــض في شكل قاطع مبدأ عقد اتفاق سلام مع اســـرائيل، لأنه «سيحول لبنان شوكة في الخـــاصرة السورية ووكيلا أمنيا لاسرائيل.» ويشـــير أن «الجالية متمسكة بعروبة لبنان وتظاهرت في السابق ضد الحرب على العـــراق وقبله احتفالا بتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي». ويعرب عن اعتقاده بأن «الحرب على العراق غيرت في توجه الرئيس بوش وجعلت ادارته أكثر حذرا في توجيه ضربات عســكرية».
ويتفق مطران أبرشية بروكلين المارونية غريغوري منصور مع شيباني في تحديد الأولويات، ويؤكد أن «عظاته في الكنيسة وجولاته الروحية على الموارنة اللبنانيين الاميركيين (حوالي 200 ألف) تكرس هذا الخط».
كما برزت تحولات في الكونغرس بعد عملية الاغتيال أبرزها تضامن أكبر بين النواب العرب الأميركيين مع قضايا اللوبي، والتي عبر عنها نواب لبنانيو الأصل مثل داريل عيسى ونيك رحال وراي لحود من خلال تبني مشروع قرار رقم 91 الذي دان العملية وأكد الوقوف مع «القرار اللبناني الحر»، وتمت الموافقة عليه من الغالبية الساحقة في مجلس النواب.
اللوبي اللبناني الأميركي: محاولات تكريس خط أكثر اعتدالا وتفهما للواقع السياسي في بيروت
واشنطن - جويس كرم الحياة 2005/03/28
من جمع التبرعات المالية، الى حشد التظاهرات الشعبية والزيارات المتتابعة للكونغرس وغرف القرار في الولايات المتحدة، حقق اللوبي اللبناني في واشنطن قفزة نوعية في عمله السياسي والتنظيمي في السنوات الماضية انعكست بوضوح على الأرض بعد اغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري وزيارة البطريرك الماروني نصر الله صفير الأخيرة الى الولايات المتحدة. اذ برزت خلالها محاولات متلاحقة لرص صفوف الجالية في المتحدة وتوحيد الخطاب السياسي بالتحول عن شعارات متشددة ترفعها أقلية في اللوبي تدعو الى اطاحة النظام السوري وابرام اتفاقية سلام مع اسرائيل، وتكريس خط أكثر اعتدالا وتفهما للواقع السياسي في بيروت.
ويوضح مدير المركز العربي الأميركي جايمس زغبي أن «قسما من المعارضة اللبنانية» في الجالية البالغ عددها تقريبا ثلاثة ملايين نسمة، يشبه اليوم «المعارضين الكوبيين في ولاية فلوريدا، الذين دفعت تحركاتهم الى فرض حظر أميركي اقتصادي وجوي على هافانا منذ العام 1968، لم يحقق هدفه الفعلي باسقاط نظام فيديل كاسترو ولم يساعد ملايين الكوبيين في تحسين ظروف معيشتهم». ويشير الى أن «فئة كبيرة من اللبنانيين هاجرت أثناء الحرب الأهلية وانقطعت عن الواقع السياسي والتحولات القائمة في بلدها الام».
ويقول رئيس «المجلس الأميركي اللبناني للديموقراطية» توني حداد أن التحركات الأخيرة ومواقف الرئيس بوش والادارة الأميركية الداعمة للانسحاب السوري للبنان والضاغطة على دمشق تأتي بعد «15 عاما من العمل اليومي لاخراج القضية اللبنانية من الادراج الأميركية الى الطاولة.» ويؤكد حداد «أن المسألة مكلفة ماديا وعمليا» وتقتضي «زيارات يومية للكونغرس الأميركي للتذكير بمشروع قرار أو العمل على آخر». ويؤكد ان الكونغرس حلقة رئيسية للوصول الى البيت الأبيض، اذ أن «مشوار» القرار يبدأ في مكتب أحد النواب، قبل أن يطرح على اللجان المختصة التي بدورها تعرضه للتصويت على أعضاء المجلس. وفي حال نال موافقة الأكثرية، يحول الى لجنة مختصة في مجلس الشيوخ قبل التصويت عليه هناك ومن ثم يقدم الى البيت الأبيض كمشروع قانون تنفيذي يوقعه الرئيس.
ويعمل حداد عن كثب مع مكتبي رئيسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط النائبة ايلانا روس ليتنن والنائب اليوت انجل اللذين أشرفا على صوغ وتبني مشروع «قانون محاسبة سورية» الذي وقعه البيت الأبيض وباشر الرئيس جورج بوش في أيار (مايو) الماضي بتنفيذه وتطبيق عقوبتين اقتصاديتين على دمشق. كما ساعد هؤلاء النواب في التهييئ لقرار مجلس الأمن 1559، وأخيراً في طرح مشروع «تحرير سورية ولبنان» المشابه لقانون «تحرير العراق» الذي يزيد العقوبات الاقتصادية على دمشق ويستحدث أخرى ديبلوماسية تحاصر المندوبين السوريين في الأمم المتحدة، اضافة الى القرار 32 الذي وصل الى مجلس الشيوخ أخيرا والداعي الى تجميد أموال المسؤولين اللبنانيين «الموافقين على الوصاية السورية» في المصارف الأميركية.
ونوه حداد بأهمية جمع التبرعات والمشاركة السياسية الفعلية لدعم أعضاء الكونغرس أو البيت الأبيض. وأكد أن تنظيمه جمع أكثر من 300 ألف دولار للرئيس بوش في الحملة الرئاسية الأخيرة ويسعى بطاقاته المادية والبشرية لدعم حملات ليتنن وأنجل وغيرهما في الكونغرس عام 2006. ويشير حداد الى أن «الانسحاب السوري، ونزع سلاح الميليشيات وارساء الديموقراطية العلمانية بعيدا عن الاقطاعية الطائفية والسياسية» هي العناوين العريضة للعمل اليوم. ويؤكد أن الخطوات المقبلة تتمثل بمشروع قانون لرفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وحل المسألة دوليا «على رغم عدم شعبية الطرح في واشنطن».
من جهته يشير سيرج سلوان مفوض «حزب الوطنيين الأحرار» في الولايات المتحدة الى أن الهدف الأساس للوبي اليوم هو «تقريب وجهات النظر بين الادارة الأميركية والواقع السياسي في لبنان» وجمع الجالية تحت «مظلة الثوابت الوطنية». والمعترفة بانجازات «حزب الله» على الساحة الوطنية ولبنانية مزارع شبعا انما مع «ضرورة الانسحاب السوري اليوم وجمع سلاح كل الأطراف واستيعابها في اللعبة السياسية وتحرير شبعا ديبــلوماســيا».
ويوضح سلوان أنه على اتصال دائم مع مكاتب شؤون الشرق الأوسط في الادارة والتي «أثمرت بعد اجتماعات عدة عن تقبل وجهات النظر حول كون حزب الله طرفا مهما في الساحة اللبنانية». وبرز في اللقاءات والمناسبات التي تلت استشهاد الحريري في واشنطن، حضور مسؤولين بارزين من الادارة مثل نائب وزير الدفاع بول وولفويتز والمبعوث الأميركي لدى المنطقة دايفيد ساترفيلد.
ويتحدث حداد وسلوان عن «المحسوبين على اللوبي»، الذين «يمثلون أقلية اليوم ويبالغون بقدراتهم السياسية»، ويوضحان «أن علاقاتهم مقطوعة مع المعارضة اللبنانية في بيروت وضعيفة مع الادارة الحالية في واشنطن». وكانت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية تناقلت معلومات مطلع الشهر الجاري حول اتصالات أجراها أعضاء في اللوبي اللبناني الأميركي بشخصيات رسمية اسرائيلية بينها مستشار الحكومة أوري لوبراني.
ولا ينفي رجل الأعمال اللبناني الأميركي زياد عبد النور الذي يرأس «مجموعة فريق عمل الولايات المتحدة لتحرير لبنان» خطه المتشدد والانقلابي حيال الوضع مؤكدا أن اللوبي اللبناني «في غاية الشراسة». ويؤكد عبد النور أن «ليس هناك أي خلاف متجذر مع اسرائيل بعد اتمام الانسحاب من الجنوب أو مانع للاجتماع معهم»، ويدعو الى توقيع معاهدة سلام مع الدولة العبرية «فور سقوط السلطة غير الشرعية في لبنان اليوم».
ويعتبر عبد النور أن «هناك اجماعا وطنيا لبنانيا ضد السوريين وأن 99 في المئة من اللبنانيين يحقدون على القيادة البعثية» ولا يرى «أي معضلة مع الجانب الاسرائيلي، ومن الضروري أن تأتي مصلحة لبنان أولا بتوقيع اتفاقية سلام مع تل أبيب على غرار مصر والأردن.» ويشير الى أن «اسقاط النظام السوري» من «حتميات» المرحلة المقبلة، بعد «ثبوت عدم امكان تعايش العالم الحر والولايات المتحدة مع الأنظمة القمعية».
ويتعهد عبد النور باستثمار ثروته المقدرة بنصف بليون دولار «لدعم القوى الشعبية والرئيس بوش». وتتمتع الجالية اللبنانية برخاء مادي في الولايات المتحدة، يساعد في تحويل نحو 11 بليون دولار للوطن سنويا بحسب أرقام السفارة اللبنانية في واشنطن.
ويشبه الزغبي نشاط هؤلاء بنشاط لوبي عراقيي المنفى, وتحديدا زعيم «المؤتمر الوطني العراقيِ» أحمد الجلبي ابان التحضير لغزو العراق والذين يتهمهم عدد من أعضاء الكونغرس بتضليل البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) عبر المبالغة في خطر أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها نظام صدام حسين، وهو ما ثبت عدم صحته لاحقا.
وتبرز في الجالية اللبنانية قيادات معروفة مثل رئيس «التجمع اللبناني الثقافي» البروفسور وليد فارس، الذي التقى اعضاء في مجلس الأمن مطلع الشهر الجاري «ممثلاً أكثر من 12 مليون لبناني في المهجر»!. وبالرجوع الى محاضرات فارس اللاحقة لاغتيال الحريري واخرى في صحف اسرائيلية (جيروزاليم بوست) سابقة للعملية، يشدد فارس على «المصائب المتلاحقة من النظام البعثي السوري» ويضمنها دعوات لنزع سلاح «حزب الله» و»اغلاق الجبهة اللبنانية التي تستعملها دمشق للضغط على اسرائيل» تمهيدا لاتفاق سلام.
ويلوم فارس في مقالة رأي في صحيفة «جيروزالم بوست» تحت عنوان «مطاردة الموارنة» في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) 2003، الرئيس السابق بيل كلينتون ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك على «هجر لبنان»، واخلاء الساحة «لأنصار الخميني والجهاد الاسلامي «، أي بمفردات أخرى على الانسحاب من الجنوب في العام 2000 واخضاعه لسيطرة حزب الله. ويتهم «حزب الله» و«المتطرفين الفلسطينيين بمطاردة المسيحيين في المنفى».
وينبه الزغبي الى العلاقة المقربة بين هذا الخط المتشدد والادارة الأميركية الحالية التي «تعطي أذنا صاغية لهذا التيار»، خصوصاً أعضاء بارزين في البنتاغون مثل دوغلاس فايث مساعد وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وآخرين في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض مثل أليوت أبرامز والسفير الأميركي الجديد لدى الأمم المتحدة جون بولتون الذين يدعمون خطط اطاحة الأنظمة. وعمل فايث مع وجوه أحرى بارزة في تيار المحافظين الجدد عام 1996 على اعداد تقرير خاص لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو تحض على «اضعاف واحتواء وحتى اطاحة النظام السوري.»
وساعدت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 والحرب التي أعلنها الرئيس بوش ضد الارهاب في تقوية هذا الخط، ودفعت بنائب وزير الدفاع بول وولفويتز في نيسان (أبريل) 2003 ليكون أول مسؤول رفيع أميركي يقترح توجيه ضربة عسكرية ضد دمشق، «لايوائها منظمات ارهابية وبناء لتقارير تتهم الحكومة السورية بحيازة أسلحة للدمار الشامل وحماية قيادات من النظام العراقي السابق»، وشدد وولفويتز على «ضرورة التغيير في سورية».
ويؤكد سلوان أن «اللوبي على العموم لا يشجع على خطط عسكرية لضرب دمشق، وأن هدفه الأساس «انقاذ وتحسين الوضع اللبناني». فيما يرى رئيس غرفة التجارة العربية في مدينة ديترويت أحمد شيباني أن الخطوط العريضة ومتطلبات الجالية في ديترويت (حوالي 75 ألف لبناني) تتمثل «بانسحاب سوري، وحوار معتدل ومتزن مع دمشق يؤمن مصلحة البلدين». ويلفت الى أن الجالية اللبنانية تحركت بقوة بعد اغتيال الحريري ونظمت تظاهرات ومسيرات بالتنسيق «غير المسبوق» مع فئات لبنانية أخرى في واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا. ويرفـــض في شكل قاطع مبدأ عقد اتفاق سلام مع اســـرائيل، لأنه «سيحول لبنان شوكة في الخـــاصرة السورية ووكيلا أمنيا لاسرائيل.» ويشـــير أن «الجالية متمسكة بعروبة لبنان وتظاهرت في السابق ضد الحرب على العـــراق وقبله احتفالا بتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي». ويعرب عن اعتقاده بأن «الحرب على العراق غيرت في توجه الرئيس بوش وجعلت ادارته أكثر حذرا في توجيه ضربات عســكرية».
ويتفق مطران أبرشية بروكلين المارونية غريغوري منصور مع شيباني في تحديد الأولويات، ويؤكد أن «عظاته في الكنيسة وجولاته الروحية على الموارنة اللبنانيين الاميركيين (حوالي 200 ألف) تكرس هذا الخط».
كما برزت تحولات في الكونغرس بعد عملية الاغتيال أبرزها تضامن أكبر بين النواب العرب الأميركيين مع قضايا اللوبي، والتي عبر عنها نواب لبنانيو الأصل مثل داريل عيسى ونيك رحال وراي لحود من خلال تبني مشروع قرار رقم 91 الذي دان العملية وأكد الوقوف مع «القرار اللبناني الحر»، وتمت الموافقة عليه من الغالبية الساحقة في مجلس النواب.
تعليق