الكثير منهم تحولوا إلى "ايتام" بعد رفض آبائهم الاعتراف بهم
ربع مليون طفل مجهولي النسب ينتظرهم مصير غامض في مصر
نسبة الأطفال مجهولي النسب في ازدياد مطرد
دبي - العربية. نت
أوضحت رئيسة جمعية نهوض المرأة د. إيمان بيبرس أنها رفعت عدة تقارير للهيئات الحكومية المصرية تشير فيها أن نسبة الأطفال مجهولي النسب في ازدياد مضطرد خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأوضحت بيبرس أن أطفال الشوارع مجهولي النسب يتحولون لأطفال دون مأوى ودون أهل، وهي المشكلة التي قد تنافس مشكلة البطالة خلال الخمسة عشر عاماً القادمة.
ويأتي كلام بيبرس في ظل دراسات تؤكد وجود حوالي 270 الف طفل مصري مجهولي النسب بحسب ما ذكرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية، والتي أوردت على لسان استاذة علم الاجتماع ليلى حمدي أن المجتمع ما زال يتعامل مع مثل هذه القضايا بضيق أفق شديد.
واضافت حمدي، "إذا كان القضاء المصري واضحا وحازما في أثبات النسب أو نفيه حسب كل واقعة، فإن المعوق الرئيسي هو عدم معرفة كثير من السيدات لحقوقها، وبالتالي عدم قدرتهن علي إثبات نسب اطفالهن الذين يكونون بالفعل ثمرة زواج غير موثق، وأحياناً أخري يكونون ثمرة علاقات آثمة لا نعتقد ان علي هؤلاء الأطفال ان يتحملوا ذنبا ليس لهم فيه ناقة ولا جمل".
تقليص نسبة الأيتام
من جانبها، أكدت سامية زاهر مديرة جمعية الطفولة السعيدة للقدس العربي أن 80% من الأيتام الذين يحولون إليهم يأتون من مستشفيات عامة هربت أمهاتهم بعد ولادتهم بعدما رفض أباؤهم الاعتراف بنسبهم .
وشددت زاهرعلى أن مسألة عدم اعتراف الأب بالنسب لو وضعت لها ضوابط، وأعطيت الأم الحق في مواجهة نفي الأب الحقيقي لطفله لتقلصت نسبة الأيتام الذين يتحولون فيما بعد لأطفال شوارع، وتعتقد سامية زاهر أن قضية نفي النسب وكيفية التعاطي معها أمام المحاكم مرتبطة ارتباطاً عكسياً بحجم الأطفال الموجودين في الشوارع غير معترف بنسبهم .
وحول تحركات جمعيات المرأة خلال الفترة القادمة، خصوصاً بعد المعركة التي خاضتها تلك الجمعيات من مناصرة هند الحناوي وتحويل قضيتها للرأي العام قبل ساحات القضاء. يؤكد د. عبد الرؤوف حسن أستاذ القانون في جامعة القاهرة: هناك كثيرات من العاملات في حقل العمل الأهلي والمدني لا يعرفون ابعاداً كثيرة عن نتائج بعض مطالباتهن .
ويلفت د. عبد الرؤوف النظر إلى أن إطلاق قيود النسب ممكن أن تؤدي لفوضى علي الصعيد العملي، مع لفت النظر أيضاً إلي أن إطلاق ما يتعلق بإثبات النسب حسب بعض الدعوات قد تثير ما لا تحمد عقباه في هذا المجال علي الصعيد القانوني والصعيد العملي أيضاً .
ويضيف عبد الرؤوف: " حتى الآن لا تحول المحكمة المختصة كثيرا من الحالات المتنازعة علي النسب بالنفي أو بالإثبات إلا في وجود محددات مختلفة حددها القانون، وأقرها الشرع ايضاً، لكن مجرد دعوة إثبات نسب دون أوراق ودون مكاتيب ودون أية مستندات تؤكد التلاقي لا يمكن الاعتداد بها".
ويعود الدكتور عبد الرؤوف للتأكيد على أن خطأ المرأة في تسليم نفسها بنفسها بدون إكراه لرجل تعرف ان زواجها منه غير موثق، مما يترتب عليها احتمال نفي نسب ما يسفر عنه من أطفال لا يجب ان يتعاطي معه القانون علي أنه حالة عادية لكنه يتعامل معه على انه استثناء وأن هذا الاستثناء أو أي استثناء آخر يجب ان يخضع لضوابط وإلا تحولت الأمور لفوضى، خصوصاً وأن القاعدة الأساسية هي البينة علي من ادعى، ومادامت المرأة المطالبة بإثبات نسب طفلها المدعي عليه رجل، فالبينة عليها، مع الوضع في الاعتبار تفريطها في حق قانوني لها توثيق الزواج في البداية، ومعرفتها ما يترتب علي تفريطها في هذا الحق من تداعيات .
وينهي كلامه د. عبد الرؤوف مؤكداً أن: موضوع اطفال الشوارع لا يجب أن يرتبط من بعيد أو من قريب بموضوع كيفية التعاطي القانوني مع الإجراءات القانونية للتعاطي مع هذا الموضوع .
مثل أي قضية أخرى
من جانبه أشار د. حامد غزالي استاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق إلى أن دعوات الجمعيات النسائية لفتح المناقشات حول موضوع إثبات النسب في المقام الأول يجب ألا يكون مثله مثل التعاطي مع أي قضية اخرى، لأن قضايا النسب من اكثر القضايا القانونية الدينية لتعلقها بالنسب والذي وضع له الفقه الإسلامي مرتبة عالية من الترتيب والتنظيم مستنداً علي أساس الكتاب الكريم.
وفي سؤال حول القضايا المعروضة أمام القضاء وما يترتب عليها من نتائج تنتهي باطفال الشوارع يقول د. حامد غزالي: "لا اعتقد أن القضاء يمكن أن يفصل بغير ما يفصل في عدة حالات تكون فيها الأم غير قادرة على إثبات اللقاء بينها وبين من تود أن تنسب له رضيعها، إما لانعدام شهود أو لانعدام أوراق او مكاتيب أو أي قرائن تشير إلي إمكانية التلاقي، وهو ما يجعل المحكمة عادة ما تحكم بنفي النسب لرضيع خاص في الدعوي المقامة على المدعي عليه والتي تدفع الأم بأبوته للطفل".
وذكرت "القدس العربي" أنه حتى فترة طويلة كانت قضايا إثبات النسب ترفض في معظم الأحيان، حتى أن المحاكم كانت لا تحول القضايا وأطرافها للطب الشرعي إلا إذا كانت الدعوى مستوفاة للأوراق والقرائن التي تجعل القضية مقبولة مطمئنة إليها الهيئة القضائية، ويبدو أن الحملة الإعلامية التي ساندت قضية هند الحناوي وأحمد الفيشاوي بتحويل المدعي والمدعي عليه لتحليل الحمض النووي دون وجود أوراق أو مكاتيب تعتبر قرائن لابد أنها سوف ترمي حجر في بحيرة راكدة سوف تتفاعل معها جمعيات حقوق الطفولة والأمومة لمزيد من الطلبات حول ضرورة إجراء تعديلات تشريعية بهذا الخصوص، فيما سوف يصر الآخرون على أن إطلاق قيود إثبات النسب القانونية لن يكون محمود العواقب، حتى مع وجود 270 ألف طفل في الشوارع مجهولي النسب، ربما يزدادون خلال الأعوام القليلة القادمة.
العربية نت
تحياتي