كتاب مفتوح إلى المستر ساترفيلد
البير فرحات
السيد نائب مساعد وزيرة الخارجية،
بعد التحية،
الحقيقة أني لا ادري الى اين يجب ان اوجه اليكم هذه الرسالة، فانتم متواجدون في عوكر بصورة مخالفة للنصوص والاعراف الدبلوماسية، وخصوصا معاهدة فيينا.
ذلك ان سفيركم المعتمد قد غادر لقضاء حاجاته الشخصية في وطنه، وجئتم انتم كي تحلوا محله عندنا لقضاء حاجات السيدة كوندوليسا رايس في ارضنا ولالحاق سفارة بلادكم بشخصكم الكريم دون ان تطلبوا موافقة السلطات اللبنانية على اعتمادكم الذي يشكل سابقة في تاريخ العلاقات الدولية غير لائقة بدولة كبرى تدعي، في ما تدعيه، حرصها على السيادة الوطنية للبنان، ويفترض فيها ايضا ان تحترم لياقات الضيافة.
بل انكم اقمتم غرفة عمليات سياسية امنية تتدخلون من خلالها وبصورة يومية في شؤوننا الداخلية. وحتى اذا سلمنا جدلا، بان الغاية من ذلك هي غاية حميدة، فقد اجمع الناس على ان الغاية لا تبرر الوسيلة. فهل لكم بعد ذلك ان تستهولوا القول بان عوكر مثل عنجر، بل وفي رأينا اسوأ؟
غيرتكم على سيادة لبنان من خلال الدعوة لانسحاب القوات السورية من لبنان هي عاطفة لا بد من ان نشكركم عليها، لولا انكم لم تبدوا مثيلا لها في الماضي عندما كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي، في قلب العاصمة بيروت، ولا في الحاضر ازاء الاحتلال الاسرائيلي لمزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا وعندما يقوم الطيران الاسرائيلي يوميا بانتهاك اجوائنا معربدا فوق رؤوسنا ورؤوسكم. صرحتم البارحة بان الانسحاب من تلك الاراضي اللبنانية غير خاضع للقرار 425 بل للقرار 242 اي لوضع مرتفعات الجولان. هذا الاجتهاد لا يستند الى اي اساس من القانون والمنطق. انه اساءة الى الحقيقة والى العقل غايتها معروفة، اي خدمة الاحتلال الاسرائيلي لكل من اراضينا واراضي سوريا.
تدّعون ان غايتكم هي نصرة الديموقراطية وحقوق الانسان. ولكن سجلّ بلادكم، في هذين المضمارين، لا يؤهلكم لمثل هذا الادعاء، سواء في ما يختص بالديموقراطية وحقوق الانسان في بلادكم نفسها، او في ما يتعلق ايضا بجرائم الحرب وجرائم الابادة والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتموها في افغانستان والتي ترتكبونها اليوم في العراق.
هل ان قولنا هذا يشكل تحاملا عليكم؟ ربما. ولكن هل تستطيعون ان تفسروا لنا ما هو السبب في ان دولتكم هي الوحيدة بين الدول الكبرى التي لم تنضم الى معاهدة روما التي انشئت بموجبها المحكمة الجزائية الدولية والتي تطاول صلاحياتها اشد الجرائم خطورة من نوع جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، وجريمة الابادة الجماعية، وجريمة العدوان. يقول المثل العربي: <<يكاد المريب يقول خذوني>>. بدلا من ذلك تقيمون الدنيا لجرائم اقل هولا عندما ترتكبها <<دول مارقة>> او دول تنتسب الى <<محور الشر>>، وهي جرائم لا شك في ضرورة التنديد بها ومعاقبتها بصرف النظر عمن يرتكبها. ولكنكم هنا ايضا تزنون بميزانين وتكيلون بكيلين، وهو ما عبر عنه الشاعر العربي بقوله:
<<قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر/
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر>>.
تدّعون ايضا انكم تريدون انقاذ البشرية من الارهاب وترفضون تعريفا دوليا لهذه الآفة وتمارسون مع حليفتكم الاستراتيجية ارهاب دولة منظما في فلسطين وغيرها من البلدان. بالله عليكم ألم تسمعوا بالاحتفال الذي اقامه شارون منذ بضعة ايام وتحت انوف العالم تكريما لمرور خمسين عاما على بطولة اولئك الذين قاموا باعمال ارهابية موصوفة في مصر ودكوا مؤسسات اميركية وغربية بغية إلصاقها بالمصريين من اجل استعدائكم على ذلك البلد المسالم؟
ولماذا هذا الفصل المصطنع على مستوى التصور بين الظاهرة واسبابها والاكتفاء بالتعامل مع النتائج؟ كيف تريدون الا يتأثر الناس بسياساتكم الظالمة؟ هل تريدون من الاجيال العربية الشابة ان تشكركم على انحيازكم الاعمى ضد بلدانها وقضاياها وحقوقها؟ وماذا تتصورون رد الشباب المسلم على دعوة رئيسكم الى شن حرب صليبية ضد الاسلام وعلى التصريحات العنصرية الوقحة الصادرة عن قياداتكم السياسية ومفكريكم التي تضع العرب والمسلمين في مستوى الحيوانات.
ألا تعلمون ان تقارير الهيئات الدولية المختصة قد اظهرت ان نصف سكان المعمورة يعيش تحت خطر الفقر، وان اكثر من الثلث يعيش في البؤس، وان 800 مليون انسان يعاني من سوء التغذية، وان عدد الأميين يتجاوز المليار ونصف مليار انسان، وان هناك مثل هذا العدد ممن لا تتوفر لهم مياه صالحة للشرب، وان ثمة مليارين لم تصل اليهم الكهرباء بعد، وان <<اليونيسف>> تقول بان ضحايا تجارة الرقيق الابيض من النساء والاطفال يبلغون مليون ونصف المليون ضحية سنويا. نعم سنويا؟
في نفس الوقت تحقق احتكارات الصناعة الحربية وصناعة النفط ارباحا اسطورية تقدر سنويا بتريليونات الدولارات على حساب الشعوب والفقراء. ان سعر طائرة واحدة من طائرات AC - 031 التي تفتخرون بكونها طائرة ومدرعة وسفينة وغواصة يساوي 1,5 مليار دولار يُدفع الى تلك الاحتكارات التي ترى الحرب <<نعمة اقتصادية>>.
اننا لا نتجنى عليكم. فلسنا نحن من قال، بل هو جون كينيث غالبرايت، المستشار الاقتصادي السابق للرئيس كنيدي، تبريرا للانفاق الحربي: <<... ذلك انه لم يوجد عندنا من وضع برنامجا اقتصاديا بديلا عن الانفاق العسكري>>
Who Fools These mortels be (Shakespear)
تريدون تحقيقا دوليا من نوع خاص يفسح لكم في المجال ليس للوصول الى الحقيقة وهو ما يجمع عليه اللبنانيون، بل لمآرب اخرى. ولكن هل بامكانكم كشف الحقيقة عمن قتل الرئيس جون كنيدي، وقاتله، وقاتل قاتله؟
سياستكم الخارجية؟ لقد سبق لاحد مهندسيها تيودور روزفلت (وهو غير الرئيس فرانكلين روزفلت) ان قال لدبلوماسييكم: <<تكلموا بهدوء، واحملوا عصا غليظة. عندها يمكنكم ان تتوغلوا بعيدا>>. لقد تذكرنا ذلك القول عندما قرأنا وسمعنا منذ بضعة ايام عن عبور 6 سفن حربية اميركية قناة السويس الى البحر المتوسط، وتتألف هذه <<الارمادا>> من حاملة الطائرات هاري ترومان التي تبلغ حمولتها 112 الف طن، ومن مدمرتين وفرقاطتين وسفينة تموين جاءت لتنضم الى الاسطول السادس في البحر المتوسط. انها العصا الغليظة...
ليس لنا ان نقدم نصيحة لدولة عظمى كدولتكم، ولكن العديد من اهل الرأي ومن الناس العاديين يعتقدون انكم سوف تقدمون على حماقة جديدة اذا ما سوّلت لكم نفوسكم ان تكرروا عندنا ما اقدمتم عليه في العراق. ليس سرا ان شعبنا هو شعب مقاوم وانه لن يقف مكتوف اليدين ازاء اي عدوان من قبلكم وحدكم او من قبلكم مع حلف الاطلسي.
نحن نعرف ان العين لا تقاوم المخرز، ولكن عليكم انتم ان تدركوا ان هذه العين قد نبت لها ظفر وناب. لقد وصلت بلادكم الى ظروف اصبح فيها كل <<انتصار>> عسكري تحرزه ينعكس عليها هزيمة سياسية ويزيد من عزلتها ومن غرقها في المستنقع.
ان شعبنا لا يكره شعبكم وهو يعرف مدى الاسهام الذي قدمه للحضارة الانسانية، ولقد اسهم ويسهم العديد من خيرة ابناء شعبنا على قدر عزائمنا في تقدم بلادكم بدءا من العالم حسن كامل الصباح الذي لاقى في بلادكم مصيرا مأساويا لم يكشف عن حقيقته بعد وصولا الى الالوف بل عشرات الالوف من الادمغة التي <<تستوردونها>> من عندنا. غير ان سياساتكم تؤدي الى التباعد بين شعبينا. لا تنظرون الينا كدولة الا من منظار مصالحكم الضيقة ومصالح اسرائيل. هنيئاً لكم.
يبدو ان الكلام قد طال ويجب ان يختم. وفي الخاتمة لا اعرف لماذا خطر في ذهني اصحاح من العهد القديم للكتاب المقدس وهو ذلك الذي يتحدث عن احد ملوك اسرائيل الذي تحملون اسمه.
ذلك الملك ارسل حارسه الامين <<اوريا>> الى الجبهة وطلب من القائد ان يضعه في المقدمة عساه يموت ويخلو له الجو مع خليلته امرأة <<أوريا>> هذا. كلا، يا سعادة مساعد النائب. لن يكون لبنان <<اوريا>> هذه الايام، ولا زوجته.
رافقتكم السلامة.
البير فرحات
السيد نائب مساعد وزيرة الخارجية،
بعد التحية،
الحقيقة أني لا ادري الى اين يجب ان اوجه اليكم هذه الرسالة، فانتم متواجدون في عوكر بصورة مخالفة للنصوص والاعراف الدبلوماسية، وخصوصا معاهدة فيينا.
ذلك ان سفيركم المعتمد قد غادر لقضاء حاجاته الشخصية في وطنه، وجئتم انتم كي تحلوا محله عندنا لقضاء حاجات السيدة كوندوليسا رايس في ارضنا ولالحاق سفارة بلادكم بشخصكم الكريم دون ان تطلبوا موافقة السلطات اللبنانية على اعتمادكم الذي يشكل سابقة في تاريخ العلاقات الدولية غير لائقة بدولة كبرى تدعي، في ما تدعيه، حرصها على السيادة الوطنية للبنان، ويفترض فيها ايضا ان تحترم لياقات الضيافة.
بل انكم اقمتم غرفة عمليات سياسية امنية تتدخلون من خلالها وبصورة يومية في شؤوننا الداخلية. وحتى اذا سلمنا جدلا، بان الغاية من ذلك هي غاية حميدة، فقد اجمع الناس على ان الغاية لا تبرر الوسيلة. فهل لكم بعد ذلك ان تستهولوا القول بان عوكر مثل عنجر، بل وفي رأينا اسوأ؟
غيرتكم على سيادة لبنان من خلال الدعوة لانسحاب القوات السورية من لبنان هي عاطفة لا بد من ان نشكركم عليها، لولا انكم لم تبدوا مثيلا لها في الماضي عندما كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي، في قلب العاصمة بيروت، ولا في الحاضر ازاء الاحتلال الاسرائيلي لمزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا وعندما يقوم الطيران الاسرائيلي يوميا بانتهاك اجوائنا معربدا فوق رؤوسنا ورؤوسكم. صرحتم البارحة بان الانسحاب من تلك الاراضي اللبنانية غير خاضع للقرار 425 بل للقرار 242 اي لوضع مرتفعات الجولان. هذا الاجتهاد لا يستند الى اي اساس من القانون والمنطق. انه اساءة الى الحقيقة والى العقل غايتها معروفة، اي خدمة الاحتلال الاسرائيلي لكل من اراضينا واراضي سوريا.
تدّعون ان غايتكم هي نصرة الديموقراطية وحقوق الانسان. ولكن سجلّ بلادكم، في هذين المضمارين، لا يؤهلكم لمثل هذا الادعاء، سواء في ما يختص بالديموقراطية وحقوق الانسان في بلادكم نفسها، او في ما يتعلق ايضا بجرائم الحرب وجرائم الابادة والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتموها في افغانستان والتي ترتكبونها اليوم في العراق.
هل ان قولنا هذا يشكل تحاملا عليكم؟ ربما. ولكن هل تستطيعون ان تفسروا لنا ما هو السبب في ان دولتكم هي الوحيدة بين الدول الكبرى التي لم تنضم الى معاهدة روما التي انشئت بموجبها المحكمة الجزائية الدولية والتي تطاول صلاحياتها اشد الجرائم خطورة من نوع جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، وجريمة الابادة الجماعية، وجريمة العدوان. يقول المثل العربي: <<يكاد المريب يقول خذوني>>. بدلا من ذلك تقيمون الدنيا لجرائم اقل هولا عندما ترتكبها <<دول مارقة>> او دول تنتسب الى <<محور الشر>>، وهي جرائم لا شك في ضرورة التنديد بها ومعاقبتها بصرف النظر عمن يرتكبها. ولكنكم هنا ايضا تزنون بميزانين وتكيلون بكيلين، وهو ما عبر عنه الشاعر العربي بقوله:
<<قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر/
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر>>.
تدّعون ايضا انكم تريدون انقاذ البشرية من الارهاب وترفضون تعريفا دوليا لهذه الآفة وتمارسون مع حليفتكم الاستراتيجية ارهاب دولة منظما في فلسطين وغيرها من البلدان. بالله عليكم ألم تسمعوا بالاحتفال الذي اقامه شارون منذ بضعة ايام وتحت انوف العالم تكريما لمرور خمسين عاما على بطولة اولئك الذين قاموا باعمال ارهابية موصوفة في مصر ودكوا مؤسسات اميركية وغربية بغية إلصاقها بالمصريين من اجل استعدائكم على ذلك البلد المسالم؟
ولماذا هذا الفصل المصطنع على مستوى التصور بين الظاهرة واسبابها والاكتفاء بالتعامل مع النتائج؟ كيف تريدون الا يتأثر الناس بسياساتكم الظالمة؟ هل تريدون من الاجيال العربية الشابة ان تشكركم على انحيازكم الاعمى ضد بلدانها وقضاياها وحقوقها؟ وماذا تتصورون رد الشباب المسلم على دعوة رئيسكم الى شن حرب صليبية ضد الاسلام وعلى التصريحات العنصرية الوقحة الصادرة عن قياداتكم السياسية ومفكريكم التي تضع العرب والمسلمين في مستوى الحيوانات.
ألا تعلمون ان تقارير الهيئات الدولية المختصة قد اظهرت ان نصف سكان المعمورة يعيش تحت خطر الفقر، وان اكثر من الثلث يعيش في البؤس، وان 800 مليون انسان يعاني من سوء التغذية، وان عدد الأميين يتجاوز المليار ونصف مليار انسان، وان هناك مثل هذا العدد ممن لا تتوفر لهم مياه صالحة للشرب، وان ثمة مليارين لم تصل اليهم الكهرباء بعد، وان <<اليونيسف>> تقول بان ضحايا تجارة الرقيق الابيض من النساء والاطفال يبلغون مليون ونصف المليون ضحية سنويا. نعم سنويا؟
في نفس الوقت تحقق احتكارات الصناعة الحربية وصناعة النفط ارباحا اسطورية تقدر سنويا بتريليونات الدولارات على حساب الشعوب والفقراء. ان سعر طائرة واحدة من طائرات AC - 031 التي تفتخرون بكونها طائرة ومدرعة وسفينة وغواصة يساوي 1,5 مليار دولار يُدفع الى تلك الاحتكارات التي ترى الحرب <<نعمة اقتصادية>>.
اننا لا نتجنى عليكم. فلسنا نحن من قال، بل هو جون كينيث غالبرايت، المستشار الاقتصادي السابق للرئيس كنيدي، تبريرا للانفاق الحربي: <<... ذلك انه لم يوجد عندنا من وضع برنامجا اقتصاديا بديلا عن الانفاق العسكري>>
Who Fools These mortels be (Shakespear)
تريدون تحقيقا دوليا من نوع خاص يفسح لكم في المجال ليس للوصول الى الحقيقة وهو ما يجمع عليه اللبنانيون، بل لمآرب اخرى. ولكن هل بامكانكم كشف الحقيقة عمن قتل الرئيس جون كنيدي، وقاتله، وقاتل قاتله؟
سياستكم الخارجية؟ لقد سبق لاحد مهندسيها تيودور روزفلت (وهو غير الرئيس فرانكلين روزفلت) ان قال لدبلوماسييكم: <<تكلموا بهدوء، واحملوا عصا غليظة. عندها يمكنكم ان تتوغلوا بعيدا>>. لقد تذكرنا ذلك القول عندما قرأنا وسمعنا منذ بضعة ايام عن عبور 6 سفن حربية اميركية قناة السويس الى البحر المتوسط، وتتألف هذه <<الارمادا>> من حاملة الطائرات هاري ترومان التي تبلغ حمولتها 112 الف طن، ومن مدمرتين وفرقاطتين وسفينة تموين جاءت لتنضم الى الاسطول السادس في البحر المتوسط. انها العصا الغليظة...
ليس لنا ان نقدم نصيحة لدولة عظمى كدولتكم، ولكن العديد من اهل الرأي ومن الناس العاديين يعتقدون انكم سوف تقدمون على حماقة جديدة اذا ما سوّلت لكم نفوسكم ان تكرروا عندنا ما اقدمتم عليه في العراق. ليس سرا ان شعبنا هو شعب مقاوم وانه لن يقف مكتوف اليدين ازاء اي عدوان من قبلكم وحدكم او من قبلكم مع حلف الاطلسي.
نحن نعرف ان العين لا تقاوم المخرز، ولكن عليكم انتم ان تدركوا ان هذه العين قد نبت لها ظفر وناب. لقد وصلت بلادكم الى ظروف اصبح فيها كل <<انتصار>> عسكري تحرزه ينعكس عليها هزيمة سياسية ويزيد من عزلتها ومن غرقها في المستنقع.
ان شعبنا لا يكره شعبكم وهو يعرف مدى الاسهام الذي قدمه للحضارة الانسانية، ولقد اسهم ويسهم العديد من خيرة ابناء شعبنا على قدر عزائمنا في تقدم بلادكم بدءا من العالم حسن كامل الصباح الذي لاقى في بلادكم مصيرا مأساويا لم يكشف عن حقيقته بعد وصولا الى الالوف بل عشرات الالوف من الادمغة التي <<تستوردونها>> من عندنا. غير ان سياساتكم تؤدي الى التباعد بين شعبينا. لا تنظرون الينا كدولة الا من منظار مصالحكم الضيقة ومصالح اسرائيل. هنيئاً لكم.
يبدو ان الكلام قد طال ويجب ان يختم. وفي الخاتمة لا اعرف لماذا خطر في ذهني اصحاح من العهد القديم للكتاب المقدس وهو ذلك الذي يتحدث عن احد ملوك اسرائيل الذي تحملون اسمه.
ذلك الملك ارسل حارسه الامين <<اوريا>> الى الجبهة وطلب من القائد ان يضعه في المقدمة عساه يموت ويخلو له الجو مع خليلته امرأة <<أوريا>> هذا. كلا، يا سعادة مساعد النائب. لن يكون لبنان <<اوريا>> هذه الايام، ولا زوجته.
رافقتكم السلامة.