إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التشيع والعدو الأول

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التشيع والعدو الأول

    التشيع والعدو الأول

    سيد حسن الحسن

    ما بين قول النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه المهاجرين للحبشة بسبب بطش قريش : " اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملك عادل لا يُظلم عنده أحد " ، وبين القول المنسوب له (صلّى الله عليه وآله وسلم) : " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب " تكون كلمة الفصل بين الشيعة والآخرين في تشخيص العدو الأول للأمة ..



    فإنّ المحرّض للمقاومة والجهاد في حالة الثاني هو الكافر أو المشرك ، والظالم في حالة الأول .



    إنّ التشيع يرفع شعار المعارضة والمقاومة أمام الظلم ومن يمثله كان كافراً أو حتى لو كان مسلماً أو يرفع شعار الإسلام ، بل وحتى لو كان بالعنوان الشيعي يتعنون.



    في المقابل فإنّ الآخر يقع بالمتناقض من الفكر ، فهو يريد طرد الكافر من بلاد المسلمين ثم يلجأ إليه عندما تضيق به الدنيا في بلاده ومن هناك يرفع عقيرته بالمقاومة لأنظمة بلاده ..



    والإشكال الآخر فإنه يرفع سيف "خوف الفتنة" أمام كل من يرفض الظلم والظالم إذا كان هذا الظالم مسلماً ! في حين يعيث فساداً بأرض المسلمين وقتلاً للمسلمين وبث فتنة عمياء بين المسلمين بحجة طرد الكافر من بلاد المسلمين ! ..



    والإشكال ينادي بالإشكال ، والتطرف يجر بالتطرف ، فمعيّة مقاومة الكفار استدعاء كل من يتعاون معه أو يقبل به أو حتى يُجبر به ويضطر للعمل في مؤسساته ويصل التكفير وتحليل القتل إلى الخبّاز المسلم لماذا يخبز ولا يقود سيارات الموت !، ثم استدعاء المختلف عقائدياً معهم لضمهم مع الكفار ، وأخيراً وليس آخراً ضم المتشابه عقائدياً معهم ممن لا يرى برأيهم وسحق الجميع في دوامة فتنة دامية ، وسوف نرى كيف يصل الدور بهذا التطرف إلى تكفير بعضه البعض وقتله صديق الأمس ، وهذه النهاية الحمراء للبداية السوداء في التفكير والتحليل والتشخيص .



    إنّ ما يميّز التشيع وفكر أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) أنّ قواعده متينة وبنيانه قويم ، لذا لا ترى هذا البون الشاسع بين مدارسه –كما تراها في غيره من الفرق الإسلامية- بل ترى خطاً عاماً يضم الجميع ويصفّ أتباعه عليه مع وجود ما يمكن الاختلاف حوله في فسحة من الاجتهاد الذي لا يصل إلى حد تراشق التكفير المتبادل كما يحدث في المذاهب الأخرى .



    فالجدل في عنوان العدو عندهم وصل إلى طريق مسدود ، فمخرج " المعاهِد " لم يحل المشكِل في قبول وجود الكافر في بعض بلاد المسلمين وانقلب عليه طائفة ، ولم تشفع المخارج الأخرى في تفتيت الإشكال .



    ولأن كرامة الإنسان مصانة في الشريعة الإسلامية وهي منطلق الشريعة في تشخيص المواضيع الاجتماعية والسياسية { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } ، والعلاقة بين الناس هي أولاً: التعارف (أي: الاعتراف ببعضهم ) ، ثانياً: التنافس على الكرامة واستخراج كوامن نفوسهم ، ثالثاً: التعاون ، من هنا فإنّ التشيع ينطلق في موضوعة تشخيص العدو المحارب الذي يستدعي المقاومة من عنوان الظلم .



    فالمسلم أينما تحققت إنسانيته وسلمت كرامته من الأذى والضرر وحُفظ دينه فعليه أن يسالم هذه البلاد ولو كان في بلد الكفار ، والعكس صحيح أيضاً ، وهذا جلي في قصة النجاشي .



    ومناط الجدل في موضوع الكرامة هو : أيهما يُقدّم : كرامة الفرد أم كرامة الأمة ، فمن يقول كرامة الأمة اليوم تحت الأقدام فهي مستضعفة مهانة مسلوبة والكافر يحتل ويستبيح أرضها وخيراتها ، ومن هنا يستدعي مفهوم الجهاد ولو كان ذلك على حساب أمن الأفراد وحياتهم ، ومن ينظر إلى الموضوع من زاويتها الأخرى ويقيس مساحة الحرية والأمن والعدالة بين الحالين فإنه يصل إلى التحليل بأنّ المهانة والاستضعاف والتخلف سببه الرئيسي ليس الكافر بل السبب داخلي ، وإلا ماذا تعني لك قصور العار بما تحوي من صنوف الفساد ؟ ، وماذا في سجون الذل حيث يُداس فيها كل كرامات المسلم ؟ ، سوى الاستئثار وسحق حقوق الإنسان وسلب الأقليات أبسط حقوقها ومنع الأحزاب والمؤسسات وفتح الأبواب أمام جيوش المومسات .. هل هذه الظواهر بسبب الكافر أم نحن إزائها صم بكم كرمال عيون الحاكم لأنه مكتوب في شهادة ميلاده "مسلم" ! .



    مع ملاحظة أنّ عماد كرامة الإنسان هو استقلاله عن الجبت والطاغوت وتقدمه في تسخير ما في الدنيا للتخلص من آفات الزمان من الفقر والمرض والنكبات, ولن يتحقق الاستقلال ولا التقدم إلاّ من خلال ثلاث قيم هي بالترتيب: الحرية والعدالة والأمن.



    فالأمن وسيلة تحقق العدل، والحرية هدف العدل، وهي بدورها وسيلة الكرامة. وليس من الصحيح جعل الأمن الهدف الأساسي للنظام السياسي إذ أن اعتزاز الإنسان بكرامته يفوق حاجته إلى الأمن، وهو يضحي بأمنه بل بحياته من أجل كرامته (الموت أولى من ركوب العار) كما جاء على لسان سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) وكما قال في موقف آخر (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل) .



    إن الكرامة تتصل بروح الأمة وثقافتها التي يبثها فيها الرواد الحضاريون من الحكماء والعلماء والحركات الاجتماعية المخلصة ، ومن هنا فالمطلوب من أولي البصائر والوعي في الأمة أن يقوموا بعمل كبير من أجل بلورة إحساس الشعب بكرامته ، لكي يتحقق الأمرين : كرامة الفرد وكرامة المجتمع والأمة .



    وفي سيرة السيد السبط أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) صورة متكاملة لهذا المنهج ، فهو رفض بيعة يزيد لأن حكمه يعني تحطيم مقومات الأمة ومكتسباتها كلها التي بناها النبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلم) واستجاب لمطلب الأمة بالقدوم وحكمها بالحكم العادل واستشهد دون أن يتنازل عن هدفه وحفظ كرامة الأمة إلى يوم الدين .



    فالسلام على الشيب الخضيب ، والسلام على الخد التريب ..


    نقلا عن منتدى القران الكريم
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X