بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين عن الرجس والزلل.
قال الله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ).
بالنسبة للروايات القائلة في نزولها في الإمام علي(ع) فهي كثيرة ومستفيضة ، واذكر في البداية بعض تلك المصادر من اهل السنة والجماعة :
ذخائر العقبى لاحمد بن عبدالله الطبري / ص 102 ، مجمع الزوائد للهيثمى : ج 7 / ص 17 ، المعيار والموازنة لأبوجعفر الإسكافي / ص 75 ، المعجم الأوسط للطبراني : ج 6 / ص 218 ، معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري / ص 102 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي / ص 86 ، كنز العمال للمتقي الهندي : ج 13 / ص 108 ، جامع البيان لإبن جرير الطبري : ج 6 / ص 389 ، أحكام القرآن للجصاص : ج 2 / ص 557 ، أسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري / ص 133 ، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني : ج 1 / ص 209 ، زاد المسير لابن الجوزي : ج 2 / ص 292 ، تفسير القرطبي للقرطبي : ج 6 / ص 221 ، تفسير ابن كثير لابن كثير : ج 2 / ص 73 ، فتح القدير للشوكاني : ج 2 / ص 53 ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر : ج 42 / ص 356 ، انساب الاشراف للبلاذري / ص 150 ، البداية والنهاية لابن كثير : ج 7 / ص 394 ، المناقب للموفق الخوارزمي / ص 199 ، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (ع) لابن الدمشقي : ج 1 / ص 75 ، ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي : ج 1 / ص 343.
بالنسبة للمصادر الشيعية فهذه بعضها :
الكافي للشيخ الكليني : ج 1 / ص 288 ، الأمالي للشيخ الصدوق / ص 186 ، الارشاد للشيخ المفيد : ج 1 / ص 6 ، كنزالفوائد لأبو الفتح الكراجكي / ص 154 ، بحار الأنوار للعلامة المجلسي : ج 5 / ص 21 ، تفسير القمي لعلي بن ابراهيم القمي : ج 1 / ص 170.
صحة الحديث لدى أهل السنة :
روى ابن أبي حاتم في تفسير : ج4 / ص1162 :
عن أبي سعيد الاشج، عن الفضل بن دكين، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل قال: تصدّق علي بخاتمه وهو راكع فنزلت الاية : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ).
لنرى في وثاقة الرجال :
أبو سعيد الأشج :
عبدالله بن سعيد بن حصين الكندي ابو سعيد الأشج الكوفي ، ثقة. ( تقريب التهذيب : ج1 / ص497 ).
الفضل بن دكين :
الفضل بن دكين الكوفي واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير التيمي مولاهم الأحول أبو نعيم الملائي بضم الميم مشهور بكنيته ، ثقة ثبت.( تقريب التهذيب : ج2 / ص11 )
موسى بن قيس الحضرمي :
موسى بن قيس الحضرمي أبو محمد الفراء الكوفي يلقب عصفور الجنة ، صدوق رمي بالتشيع.(تقريب التهذيب : ج2 / ص227)
سلمة بن كهيل :
سلمة بن كهيل الحضرمي أبو يحيى الكوفي ، ثقة.(تقريب التهذيب : ج1 / ص378 )
ننظر الآن الى صحة الحديث لدى الشيعة :
روى ثقة الإسلام الكليني في الكافي : ج1 / ص288 :
علي بن إبراهيم ، عن ابيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن زرارة والفضيل بن يسار ، وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال : أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة " وفرض ولاية أولي الامر ، فلم يدروا ما هي ، فأمر الله محمدا صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية ، كما فسر لهم الصلاة ، والزكاة والصوم والحج ، فلما أتاه ذلك من الله ، ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " فصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم ، فنادى الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب . - قال عمر بن اذينة : قالوا جميعا غير أبي الجارود - وقال أبو جعفر عليه السلام : وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى وكانت الولاية آخر الفرائض ، فأنزل الله عز وجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " قال أبو جعفر عليه السلام : يقول الله عز وجل : لا انزل عليكم بعد هذه فريضة ، قد أكملت لكم الفرائض .
وننظر الآن في رجال الحديث :
علي بن إبراهيم :
قال النجاشي : علي بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمي ، ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح المذهب. ( معجم رجال الحديث للخوئي : ترجمة رقم (7652) )
أبيه :
إبراهيم بن هاشم ، أبو اسحاق القمي ، وكان أول من نشر حديث الكوفيين بقم ، ثقة ، خير ، جيد.( فائق المقال في الحديث والرجال : ص80 ). وكذلك السيد الخوئي ذكر عدة نقاط تثبت وثاقته.
ابن أبي عمير :
محمد بن أبي عمير زياد بن عيسى الأزدي ، وكان أوثق الناس عند الخاصة والعامة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، عابدا ، ورعا ، زاهدا ، أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه والإقرار له بالفقه.(فائق المقال في الحديث والرجال : ص143 ).
* ونعرف أن قاعدة ( تصحيح ما يصح عنه ) تفيد معنيين : أما ان الرواية تكون صحيحة ، إذا كان الطريق الى من اتصف بهذه القاعدة صحيح ، دون الحاجة الى النظر في الرواة من بعده ، أو أن من يتصف بهذه القاعدة ، إذا روى عن شخص فهذا الشخص ثقة.
فإن قلنا المعنى الأولى ، قلنا بصحة الرواية دون الحاجة الى النظر في باقي الرجال ، وان قلنا بالمعنى الثاني ، قلنا بوثاقة عمر بن أذينة.( وهو موثق في كتب الرجال كذلك "أنظر كتاب معجم رجال الحديث للخوئي : ترجمة رقم (8532)" )
وعمر بن أذينة يروي الرواية عن ستة رجال ، نكتفي براوي واحد وهو زرارة :
زرارة :
زرارة بن أعين بن سنسن ، شيخ أصحابنا في زمانه ومقدمهم ، وكان قارئاً ، فقهيا ، متكلماً ، شاعراً ، أديباً ، وقد اجتمعت في خصال الفضل والدين ، صادق فيما يرويه، ... ، ثم قال الكشي : ( أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّابين من أصحاب الباقر والصادق(عليهما السلام) وانقادوا لهم بالفقه ).( فائق المقال في الحديث والرجال : ص112 ).
إثبات أن ( وليكم ) في الآية بمعنى ( الأولى بكم من انفسكم ) :
1_ لو كان المراد من الولي هو الناصر أو المحب يلزم الإكتفاء بقوله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) من دون الحاجة إلى التقييد بإيتاء الزكاة حال الركوع ( لأن كل مؤمن ناصر ومحب لأخوهالمؤمن وإن لم يأتي الزكاة وهو راكع )
2_ لو كان الولي بمعنى الناصر أو المحب يلزم وحدة الولي والمولى عليه في قوله ( والذين آمنوا ) وما هذا إلا لأن كل مؤمن ناصر لأخيه المؤمن ومحب له ، مع أن ظاهر الآية أن هناك ثلاثة أولياء ، وهم : الله ، ورسوله ، والمؤمنون بالشروط الثلاثة ، ولا يتحقق ذلك إلا بتقسيم الولي الزعيم والمتصرف في شؤون المولّى عليه ، فهؤلاء الثلاثة أولياء وغيرهم مولّلى عليهم.( نقلا عن كتاب المذاهب الإسلامية للفقيه جعفر سبحاني )
إثبات ان الواو في ( وهم راكعون ) واو حال :
1_ اللغة العربية تقول أن الواو هنا واو حال ، لأن كما نعلم الأسماء بعد المعرفات أحوال ، ونعلم ان الحال قد ياتي جملة إسمية او فعلية أو شبه جملة ، وفي الإعراب نقول الجملة الفعلية او الإسمية أو شبه الجملة في محل نصب حال ، والمؤمنون معرّفون ، فبالتالي اللغة تثبت ما نقول.
2_ وجود في بعض الروايات ( تصدق علي وهو راكع ) ، وهذه توضح أن في حال الركوع في الصلاة.
شبهات وردود :
1_ كيف للإمام علي(ع) وهو أخشع الخاشعين ، ولا يمكن أن يشتغل في الصلاة بشيء غير ذكر الله ، كيف يمكن أن يسمع صوت الفقير ويعطيه الخاتم؟.
الجواب :
ما فعله الإمام علي(ع) لم يكن خدش في الخشوع ، وإنما كانت عبادة في عبادة ، الإنسان الذي يتوجه الى ربه بقلبه ، فهو يسمع صرخة كل فقير ، فالإمام(ع) يتجرد عما حوله ، ويتجه الى ربه ، ونعلم ان إعانة الفقير هو عين الإتجاه الى الله.
وأيضا نعلم ، ان حمل الطفل ووضعه في الصلاة ، كما روى أهل السنة عن ان النبي(ص) كان يحمل أمامة بنت العاص فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها(البخاري ج5 / ص2235 ، صحيح مسلم : ج1 / ص385 ) ، وقتل العقرب ، وغيرها من الأفعال ، لا تعتبر خدش في خشوع الصلاة ، ولا تعتبر شغل عن الصلاة ، فكيف بما فعله الإمام علي(ع) وهو إشارة بإصبعه كما في بعض الروايات ، أو إنه خلع الخاتم وأعطاه إياه ، يعتبر خدش في خشوع الإمام(ع).
2_ كيف يكون المقصود الإمام علي(ع) في الآية ، مع أن ( الذين آمنوا ) جمع؟!
الجواب :
1_ نعلم حق العلم ان في اللغة العربية ، يجوز أن تأتي صيغة الجمع ، ويكون المقصود شخص واحد ، وذلك لتعظيم منزلة هذا الشخص أو لتعظيم فعله أو ما شابه.
2_ لقد ورد في كثير من الآيات صيغة الجمع ، وكان المقصود واحد ، بإعتراف المفسرين ، مثل :
أ : قال الله تعالى : (ومِنُهمُ الَّذِينَ يُؤذُونَ النْبيَّ ويَقُولُونَ هو اُذُنٌ).
نزلت في رجل من المنافقين إمّا في الجلاس بن سويلا، أو: في نبتل بن الحرث أو: عتاب بن قشير.
راجع تفسير القرطبي 8/192، تفسير الخازن 2/253، الاصابة 3/549.
ب_(والَّذين يَبتغونَ الكتابَ ممّا مَلكت أيمانكم فَكاتبوهم إنْ علمتم فيهم خيراً).
نزلت في صبيح مولى حويطب بن عبد العزّى، قال: كنت مملوكاً لحويطب فسألته الكتابة، ففيَّ انزلت والذين يبتغون الكتاب.
اخرجه ابن مندة، وابو نعيم، والقرطبي كما في تفسيره 12 / 244، اسد الغابة 3 / 11، الاصابة 2 / 176.( نقلا عن كتاب : نظرة في كتاب منهاج السنة النبوية للعلامة الأميني).
أتمنى ان لا اكون قد قصرت في توضيح النقاط ، والله ولي التوفيق.
اللهم صل وسلم وبارك وزد على رسول الله وعلى آله الأطهار الابرار المنتجبين المعصومين عن الرجس والزلل.
تعليق