فاطمة بنت الحسن (عليه السلام):صدِّيقة لم يدرك في آل الحسن مثلها
بقلم: جومانةعساف
بقلم: جومانةعساف
ما تزال مشكلتنا مع التاريخ، ذلك الصديق الذي يبخل بما يعرف، ويخفي أكثر مما يذكر، ويواصل مسيرته في ظلم كثير من الشخصيات التاريخية الهامة. منها، هذه الشخصية المظلومة تاريخياً، والدة باقر علوم أهل البيت (عليهم السلام)، السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، حضن الإمامة الرابع، تلك الكريمة التي خُصّت بعظيم الشأن والشرف، والعلم والتقوى.
للتعرف على حياتها، واستكشافاً لأخبارها، التي أخفى التاريخ فيها حبر قلمه، سيكون الحديث عنها مقصراً.
* من هي والدة الإمام الباقر (عليه السلام)؟
هي إحدى العلويات، والصدِّيقات الطاهرات، ذات علم وفضل وشرف، وحياء وكمال؛ فهي بنت الإمام الحسن، وعمها الإمام الحسين، وجدّها الإمام علي بن أبي طالب، وزوجها زين العابدين علي بن الحسين (عليهم السلام)، وهي أم باقر علوم أهل البيت، الإمام محمد بن علي (عليه السلام) . وهي أول علوية ولدت علوياً، سميت بالصدِّيقة ، تُلقّب بأم عبد الله وأم الحسن . ولها من أبيها وجدّها أسمى مراتب الشرف، وأعلى درجات الكمال، فهي ابنة معصوم وأم معصوم وزوجة معصوم. في حين أنّ السيّدة الزهراء (عليها السلام) أول من جمعت هذا اللقب (أم معصوم، وزوجة معصوم، وابنة معصوم).
والدة السيدة فاطمة بنت الحسن (عليها السلام)، هي أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر .
*كراماتها:
التاريخ لم ينقل لنا إلاَّ النذر اليسير بحق هذه السّيدة الجليلة؛ لقلة الحديث عنها. ولكن هناك كرامة تروي مدى أهميتها وشأنها عند الله سبحانه وتعالى. ما رواه الكليني عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
"كانت أمي قاعدة عند جدار، فتصدع الجدار وسمعنا هدّة شديدة، فأشارت بيدها وقالت: لا وحق المصطفى ما آذن الله لك في السقوط، فبقي (الحائط) معلقاً حتى جازته، فتصدق عنها أبي بمئة دينار" .
هذه الرواية تثبت أنّ فاطمة بنت الإمام الحسن (عليها السلام) لها كرامة وشأن عظيمان، وذلك بمجرد أن أقسمت بعدم سقوطه، توقف الحائط عن السقوط.
قد تتبادر بعض الأسئلة حول حياة السيدة الجليلة فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام) وشخصيتها فيقال: ما دامت السيدة فاطمة بهذه الكرامة، لماذا لم يتحدث عنها التاريخ بشكل أوسع وأشمل، في حين ذكر العديد ممن لا يحملون أية أهمية تاريخية، ولكن ما وصلنا عن حياتها مجرد مقتطفات؟
هل نعتبر أن التاريخ غافل عن هذا الأمر؟ فلو كان هناك وعي لأهمية معرفتها أكثر من ذلك، لكان تحدث عنها وفيراً، لكن إهمال التاريخ لهذه المرأة الجليلة لا يعفينا من البحث عن أخبارها، وإن كانت أخباراً متواضعة قليلة. خصوصاً، أن هناك رواية عن أبي جعفر (عليه السلام)، تظهر جليل مكانتها، وتثيرنا حول معرفتها: "لم يدرك في آل الحسن مثلها" فهي أفضل نساء آل الحسن قاطبة.
*روايتها للحديث:
كانت من رواة الحديث؛ تنقل الأحاديث العبادية، حيث، ذكرت في سند رواية تحتوي على دعاء يُقال عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال "عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أمهما (أمه) فاطمة بنت الحسن عن أبيها الحسن بن علي (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعو بهذا الدعاء بين كل ركعتين في صلاة الزوال..." هذه الرواية تؤكد أنها كانت من الرواة، بدليل ذكر اسمها بهذه الرواية مع الرواة.
*جمعت نسل الحسن والحسين عليهما السلام:
من المعروف أنّ الإمامة كانت في نسل الإمام الحسين (عليه السلام)، وتحديداً في الأئمة المعصومين من ولده، وعددهم تسعة أئمة.
لكن وردت رواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديثه عن الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام): "إنّ منهما مهدي هذه الأمة" مما يعني أن الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ينتسب إليهما معاً، فهو حسني وحسيني؛ وذلك لانتسابه إلى الإمام الباقر (عليه السلام)، فهو حسيني من جهة الأب الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وحسني من جهة الأم، السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام).
* مكان دفنها:
لم ينقل شيء عن مدفنها بشكل مؤكد، لكن يُنقل أنّ هناك مرقداً في شيراز، باسم فاطمة بنت الحسن (عليه السلام) ، إلاّ أنّ ذلك يتقرر بحسب معرفة أحوالها، ومكان عيشها، وعمرها، وهل أقامت في المدينة أم هاجرت عنها؟
كان هذا الحديث المتواضع موجزاً عن هذه السيدة العظيمة، واستعراضاً لأخبارها القليلة مما لم يذكر عنه شيء كافٍ، لمن يريد أن يتعرف على أمهات أئمتنا (عليهم السلام)، لكن تبقى حياتهن مثاراً للسؤال والبحث.
ــــــــــــــــــــ
الهوامش:,
* طالبة سابقة في المعهد.
1-يراجع: الحسون، محمد. ومشكور، أم علي: أعلام النساء المؤمنات، ط1، انتشارات أسوة (التابعة لمنظمة الحج والأوقاف والشؤون الخيرية). (د.م)، (د.ت)، ص498.
2-يراجع: الطبري، محمد بن جرير: دلائل الإمامة. (د.ط)، دار الذخائر للمطبوعات، قم، 1383هـ. ص94، معرفة ولادة أبي جعفر محمد الباقر (عليهم السلام). نقلاً عن، نور2 (جامع الأحاديث) (CD). مركز البحوث الكمبيوترية للعلوم الإسلامية، طهران.
3-يراجع: الإربلي، علي بن عيسى: كشف الغمة في معرفة الأئمة. (د.ط)، مكتبة بني هاشمي، تبريز، 1381هـ. ق. ج2، ص117، نسبه أماً وأباً، نقلاً عن نور2 (جامع الأحاديث) (CD)، م.س.
4-يراجع، الأمين، حسن (السيد): أعيان الشيعة. (لا.ط)، الدار الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1986م. ج8، ص390.
5-القمي، عباس (الشيخ): منتهى الآمال في تواريخ النبي (ص) والآل (ع). (لا. ط) الدار الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، (1414هـ-1994م). ج2، ص113.
6-المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار. ط2، مؤسسة الوفاء للنشر، بيروت، (1403هـ- 1983م). ج46، ص 215.
7-الحلي, علي بن طاووس: فلاح السائل. (د.ط)، مكتب الإعلام الإسلامي في الحوزة العلمية، قم، (د.ت). ص138. نقلاً عن نور2 (جامع الأحاديث)، (CD)، (م.س). ويراجع، المجلسي، م. س. ج84، ص64. باب نوافل الزوال، ورد في الرواية: "أمها" بدلاً من أمهما، و"أبيه" بدلاً من أبيها.
8-المجلسي، (م.ن)، ج51، ص78-79.
9-يراجع، الموقع على الإنترنت: www.imambaqer.net/ara، شيراز/ البقاع والمزارات والمناطق السياحية المشهورة في شيراز. مركز آل البيت العالمي للمطبوعات.
تعليق