التطويع الأميركي للمنظمة الدولية: بكل السبل غير المشروعة
--------------------------------------------------------------------------------
من خرافات الأزمنة الحديثة، هنالك خرافة اسمها الأمم المتحدة. تلك هي النتيجة التي توصل إليها الصحافي الفرنسي بيار إدوار ديلديك في كتابه "خرافة الأمم المتحدة" المنشور عام 1994 والذي يقر فيه بأن الأمم المتحدة أصبحت غير موجودة بما هي كذلك في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، بمقدار ما أصبح مجلس الأمن، في ظل الصفة غير الملزمة لقرارات الجمعية العمومية، عبارة عن منتدى للدول الكبرى، يفرضون من خلاله ما يتوافقون عليه بالإجماع، ويعطلونه بالفيتو عندما يستحيل التوافق المذكور. والحقيقة أن عملية التعطيل أخذت أشكالاً متعددة منذ نشوء المنظمة، لعل أول مظاهرها، قبل مئات المرات التي استخدم فيه الفيتو لأغراض تعطيلية، هو ما تمثل باغتيال موفدها إلى فلسطين عام 1948 الوسيط الدولي فولكه برنادوت الذي قتله "الإرهابيون اليهود"، على ما تقرره القواميس والموسوعات المختصة، في وقت لم يكن فيه مدلول كلمة "إرهاب" قد ترجم بعد إلى اللغة العربية. وإلى برنادوت، تضاف أسماء كثيرة لمبعوثي الأمم المتحدة ومراقبيها الذين قتلهم الإسرائيليون لإخفاء الأدلة على جرائمهم في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، أو في المساعي الهادفة لإخضاع المنظمة الدولية وإجبارها على تنفيذ سياساتهم. عملية الاخضاع والاجبار هذه لم يلبث أن تعلمها الأميركيون عندما استفادوا من المقاطعة الموقتة لمجلس الأمن من قبل الإتحاد السوفياتي ومن هيمنتهم على الجمعية العمومية يوم كان عدد أعضائها 51 دولة خمسها فقط من بلدان العالم الثالث، لتشن تحت رايات الأمم المتحدة، بين العام 1950 و1953 أولى الحروب الكبرى في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أي الحرب الكورية التي انتهت بالتقسيم الذي لا تزال توتراته مصدراً لعدم الاستقرار في شرقي آسيا حتى اليوم. وفي إفريقيا التي كانت قد بدأت تستفيق على الاستقلال، لعبت القوات الدولية، بدفع من الدوائر الأميركية، دوراً واضحاً في زعزعة واحدة من أوائل التجارب الاستقلالية الإفريقية عبر مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عن اغتيال الرئيس باتريس لومومبا، رائد الاستقلال الكونغولي، وأحد أهم رموز التحرر الوطني في العالم، فاتحة بذلك على إفريقيا باب التناحرات العرقية والمذهبية والمحلية التي أوصلت القارة إلى أوضاعها المأساوية الحالية، والتي أسهمت الأمم المتحدة في خلقها بأشكال أو بأخرى. أما اليوم، فإن عملية التطويع الأميركي للأمم المتحدة تتم خصوصاً عبر استغلال النفوذ في الإستيلاء على المناصب الأساسية، وعبر الضغط المالي من خلال تقليص الإسهامات المالية أو تأخير المدفوعات.
--------------------------------------------------------------------------------
من خرافات الأزمنة الحديثة، هنالك خرافة اسمها الأمم المتحدة. تلك هي النتيجة التي توصل إليها الصحافي الفرنسي بيار إدوار ديلديك في كتابه "خرافة الأمم المتحدة" المنشور عام 1994 والذي يقر فيه بأن الأمم المتحدة أصبحت غير موجودة بما هي كذلك في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، بمقدار ما أصبح مجلس الأمن، في ظل الصفة غير الملزمة لقرارات الجمعية العمومية، عبارة عن منتدى للدول الكبرى، يفرضون من خلاله ما يتوافقون عليه بالإجماع، ويعطلونه بالفيتو عندما يستحيل التوافق المذكور. والحقيقة أن عملية التعطيل أخذت أشكالاً متعددة منذ نشوء المنظمة، لعل أول مظاهرها، قبل مئات المرات التي استخدم فيه الفيتو لأغراض تعطيلية، هو ما تمثل باغتيال موفدها إلى فلسطين عام 1948 الوسيط الدولي فولكه برنادوت الذي قتله "الإرهابيون اليهود"، على ما تقرره القواميس والموسوعات المختصة، في وقت لم يكن فيه مدلول كلمة "إرهاب" قد ترجم بعد إلى اللغة العربية. وإلى برنادوت، تضاف أسماء كثيرة لمبعوثي الأمم المتحدة ومراقبيها الذين قتلهم الإسرائيليون لإخفاء الأدلة على جرائمهم في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، أو في المساعي الهادفة لإخضاع المنظمة الدولية وإجبارها على تنفيذ سياساتهم. عملية الاخضاع والاجبار هذه لم يلبث أن تعلمها الأميركيون عندما استفادوا من المقاطعة الموقتة لمجلس الأمن من قبل الإتحاد السوفياتي ومن هيمنتهم على الجمعية العمومية يوم كان عدد أعضائها 51 دولة خمسها فقط من بلدان العالم الثالث، لتشن تحت رايات الأمم المتحدة، بين العام 1950 و1953 أولى الحروب الكبرى في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أي الحرب الكورية التي انتهت بالتقسيم الذي لا تزال توتراته مصدراً لعدم الاستقرار في شرقي آسيا حتى اليوم. وفي إفريقيا التي كانت قد بدأت تستفيق على الاستقلال، لعبت القوات الدولية، بدفع من الدوائر الأميركية، دوراً واضحاً في زعزعة واحدة من أوائل التجارب الاستقلالية الإفريقية عبر مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عن اغتيال الرئيس باتريس لومومبا، رائد الاستقلال الكونغولي، وأحد أهم رموز التحرر الوطني في العالم، فاتحة بذلك على إفريقيا باب التناحرات العرقية والمذهبية والمحلية التي أوصلت القارة إلى أوضاعها المأساوية الحالية، والتي أسهمت الأمم المتحدة في خلقها بأشكال أو بأخرى. أما اليوم، فإن عملية التطويع الأميركي للأمم المتحدة تتم خصوصاً عبر استغلال النفوذ في الإستيلاء على المناصب الأساسية، وعبر الضغط المالي من خلال تقليص الإسهامات المالية أو تأخير المدفوعات.