إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

وجود الإمام المهدي ( عليه السلام )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وجود الإمام المهدي ( عليه السلام )

    الاستدلال على وجود الإمام المهدي ( عليه السلام )
    إن فكرة المهدي ( عليه السلام ) بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلى الأفضل ، قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) عموماً ، وفي روايات أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) خصوصاً ، وأكَّدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن أن يرقى إليها الشك .

    وأما تجسيد هذه الفكرة في الإمام الثاني عشر ( عليه السلام ) فهذا ما توجد مبررات كافية وواضحة للاقتناع به .

    ويمكن تلخيص هذه المبررات في دليلين :

    الدليل الإسلامي :
    بالدليل الإسلامي نثبت وجود القائد المنتظر ( عليه السلام ) ، ويتمثّل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) .

    والتي تدلُّ على تعيين الإمام المهدي ( عليه السلام ) وكونه من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأنه ( عليه السلام ) من ولد فاطمة ، ومن ذرية الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأنه ( عليه السلام ) التاسع من ولد الإمام الحسين .

    فإن هذه الروايات تحدِّد تلك الفكرة العامة وتشخيصها في الإمام الثاني عشر ( عليه السلام ) من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .

    وهذه الروايات بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار ، على الرغم من تحفظ الأئمة ( عليهم السلام ) واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام ، وقايةً لللخلف الصالح من الاغتيال أو الإجهاز السريع على حياته ( عليه السلام ) .

    وليست الكثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها ، بل هناك إضافة إلى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها .

    فالحديث النبوي الشريف عن الأئمة أو الخلفاء أو الأمراء بعده ، وأنهم اثنا عشر إماماً أو خليفةً أو أميراً - على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة - قد أحصى بعض المؤلفين ـ لعلي محمد علي دخيل في كتابه الإمام المهدي ( عليه السلام ) ـ رواياته فبلغت أكثر من مائتين وسبعين رواية في أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنة .

    ويلاحظ أنّ البخاري ـ الذي ذكر حديث الخلفاء الإثنى عشر ، في صحيحه 9 / 101 ـ كان معاصراً للإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري ( عليهم السلام ) ، وفي ذلك مغزىً كبير ; لأنه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سُجّل عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبل أن يتحقق مضمونه ، وتكتمل فكرة الأئمّة الإثني عشر فعلاً .

    وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له ; لأنّ الأحاديث المزيفة التي تنسب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ـ وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً ـ لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكّل انعكاساً له ، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمّة الاثني عشر ، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الإثني عشري ، أمكننا أن نتأكد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع ، وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوى ، فقال : ( إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر ) ، وجاء الواقع الإمامي الإثني عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاءً بالمهدي ، ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف .

    الدليل العلمي :
    وبالدليل العلمي نبرهن على أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) ليس مجرد أُسطورة وافتراض ، بل هو حقيقة ثبت وجودها بالتجربة التاريخية .

    فالغيبة الصغرى ، هي تجربة عاشتها أمة من الناس ، فترة امتدَّت سبعين سنة تقريباً ، وعبَّر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم من الآخرين ، ولم يلحظ عليهم أحدٌ كل هذه المدة تلاعباً في الكلام ، أو تحايلاً في التصرف ، أو تهافتاً في النقل .

    فهل بإمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاماً ، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب ، كلهم يتفقون عليها ، ويظلون يتعاملون على أساسها وكأنها قضية يعيشونها بأنفسهم ، ويرونها بأعينهم ، دون أن يبدر منهم أي شيء يثير الشك ، ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميزة ، تتيح لهم نحواً من التواطؤ ، ويكسبون من خلال ما يتصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع ، وإيمانهم بواقعية القضية التي يدعون أنهم يحسونها ويعيشون معها ؟! .

    لقد قيل قديماً : إن حبل الكذب قصير ، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أن من المستحيل عمليّاً بحساب الاحتمالات أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل ، وكل هذه المدة ، وضمن كل تلك العلاقات والأخذ والعطاء ، ثم تكسب ثقة جميع من حولها .

    وهكذا نعرف أن ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعي ، والتسليم بالإمام القائد ( عليه السلام ) وبولادته ، وحياته وغيبته ، وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ، ولم يكشف نفسه لأحد .


    يتبع...............

  • #2
    الاعتقاد بالإمام المهدي ( عليه السلام ) فكرة عالمية

    الاعتقاد بالإمام المهدي ( عليه السلام ) فكرة عالمية



    إن فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان ، ويقضي على الظلم والاضطهاد في أرجاء العالم ، ويحقق العدل والمساواة في دولته ، هي فكرة آمن بها أهل الأديان الثلاثة ، واعتنقها معظم الشعوب .


    فقد آمن اليهود بها ، كما آمن النصارى بعودة عيسى ( عليه السلام ) ، وإلى جانب هذا نجد التصريح من عباقرة الغرب وفلاسفته ، بأن العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الأمور ، ويوحِّد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد .


    فمن أولئك العباقرة هو الفيلسوف الإنجليزي ( برتراند راسل ) ، حيث يقول : إن العالم في انتظار مصلح يوحِّد العالم تحت علم واحد وشعار واحد .


    ومنهم العالم ( آينشتاين ) ، حيث يقول : إن اليوم الذي يَسُود العالم كله الصلح والصفاء ، ويكون الناس مُتَحَابِّينَ مُتَآخِينَ ليس ببعيد .


    والأكثر من هذا كله هو ما جاء به الفيلسوف الإنجليزي ( برناردشو ) ، حيث بشَّر بمجيء المصلح في كتابه ( الإنسان والسوبر مان ) .


    أما عن المسلمين ، فَهُم على اختلاف مذاهبهم وفِرَقِهِم يعتقدون بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) في آخر الزمان على طِبق ما بشَّر به النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) .


    ولا يختص هذا الاعتقاد بمذهب دون آخر ، ولا فِرقة دون أخرى .


    وما أكثر المصرِّحين من علماء العامَّة ابتداءً من القرن الثالث الهجري وإلى اليوم بأن فكرة الظهور محلُّ اتفاقهم ، وبل ومن عقيدتهم أجمع .


    ويقول ابن خلدون في تاريخه معبِّراً عن عقيدة المسلمين بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) :


    إعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرِّ الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، يؤيد الدين ، ويُظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويُسمَّى
    بـ( المهدي ) .


    وقد وافقه على ذلك الأستاذ أحمد أمين الأزهري المصري – على الرغم مما عُرف عنهما من تطرُّف إزاء هذه العقيدة – إذ قال في كتابه ( المهدي والمهدوية ) معبِّراً عن رأي العامَّة بها : فأما أهل السُّنة فقد آمنوا بها أيضاً .


    ثم ذكر نصَّ ما ذكره ابن خلدون ، ثم قال : وقد أحصى ابن حجر الأحاديث المروية في المهدي ( عليه السلام ) ، فوجدها نحو الخمسين .


    فإذن لا فرق بين الشيعة والعامَّة من حيث الإيمان بظهور المنقذ ، ما دام العامَّة قد وجدوا خمسين حديثاً من طرقهم ، وعدُّوا المهدي ( عليه السلام ) من أشراط الساعة ، وأنهم ألَّفوا في الردِّ أو القول بالتواتر كتباً ورسائل .


    بل لا فرق بين جميع المسلمين وبين غيرهم من أهل الأديان والشعوب الأخرى من حيث الإيمان بأصل الفكرة ، وإن اختلفوا في مصداقها .


    وقد اتفق المسلمون على أن اسمه ( مُحَمَّد ) كاسم النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، ولقبه عندهم هو ( المهدي ) .


    كما أن اعتقاد أهل الكتاب بظهور المنقذ في آخر الزمان لا يبعد أن يكون من تبشير أديانهم بمهدي أهل البيت ( عليهم السلام ) كتبشيرها بنبوَّة نبيِّنا الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، إلا أنهم أخفوا ذلك عِناداً وتكبُّراً ، إلا من آمن منهم بالله واتَّقى .


    ويدل على ذلك وجود ما يشير في أسفار التوراة كـ ( سفر أرميا ) ، وإليكم نصُّه :


    إصعدي أيتها الخيل وهيِّجي المركبات ، ولتخرج الأبطال : كوش وقوط القابضان المجنّ ، واللوديُّون القابضون القوس ، فهذا اليوم للسيد ربِّ الجنود ، يوم نقمة للانتقام من مبغضيه ، فيأكل السيف ويشبع .. لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات .


    وقد تتبَّع أهل الكتاب أخبار الإمام المهدي ( عليه السلام ) كما تتبَّعوا أخبار جدِّه المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) .


    فدلَّت أخبار ( سفر الرؤيا ) إلى امرأة يخرج من صُلبها إثنا عشر رجلاً ، ثم أشار إلى امرأة أخرى [ أي التي تلد الرجل الأخير الذي هو من صُلب جدته ] .


    فقال السفر : إن هذه المرأة الأخيرة ستحيط بها المخاطر .


    ورَمَزَ للمخاطر باسم ( التنين ) ، وقال : والتنين وقف أما المرأة العتيدة حتى تلد ليبتلع ولدها ثم ولدت . [ سفر الرؤيا : 12 : 3 ] .


    أي أن السلطة كانت تريد قتل هذا الغلام ، ولكن بعد ولادة الطفل .


    ويقول ( باركلي ) في تفسيره : عندما هجمت عليها المخاطر اختطف الله ولده وحفظه .


    والنص هو : ( واختطف الله ولدها ) . [ سفر الرؤيا 12 : 5 ] .


    أي أن الله غيَّب هذا الطفل كما يقول ( باركلي ) .


    وذكر السفر أن غيبة الغلام ستكون ألفاً ومئتين وستين يوماً ، وهي مدَّة لها رموزها عند أهل الكتاب .


    هذا وإن لم يصحُّ لمسلم الاحتجاج به ، لِمَا مُنيت به كتب العهدين من تحريف وتبديل .


    إلا أنه يدل بوضوح على معرفة أهل الكتاب بالإمام المهدي ( عليه السلام ) ، ثم اختلافهم فيما بعد في تشخيصه ، إذ ليس كل ما جاء به الإسلام قد تفرَّد به عن الأديان السابقة .


    فكثير من الأمور الكلِّية التي جاء بها الإسلام كانت في الشرائع السابقة قبله .


    فقال الشاطبي المالكي في كتابه ( الموافقات ) : وكثير من الآيات أُخبر فيها بأحكام كلِّية كانت في الشرائع المتقدمة وهي في شريعتنا ، ولا فرق بينهما .


    وإذا تقرَّر هذا فلا يضرُّ اعتقاد المسلم بصحة ما بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) من ظهور رجل من أهل بيته ( عليهم السلام ) في آخر الزمان ، بأن يكون هذا المعتقد موجوداً عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، أو عند غيرهم ممَّن سبق الإسلام .


    ولا يخرج هذا المعتقد عن إطاره الإسلامي ، بعد أن بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وبعد الإيمان بأنه ( صلى الله عليه وآله ) :


    ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى ) [ النجم : 3 – 4 ] .


    وأما عن اعتقادات الشعوب المختلفة بأصل هذه الفكرة كما مرَّ فيمكن تفسيرها على أساس أن فكرة ظهور المنقذ لا تتعارض مع فطرة الإنسان ، وطموحاته وتطلُّعاته .


    ولو فكَّر الإنسان قليلاً في اشتراك معظم الشعوب بأصل الفكرة لأدرك أن وراء هذا الكون حكمة بالغة في التدبير .


    ويستمدُّ عندئذٍ من خلالها قوَّته في الصمود إزاء ما يرى من انحراف وظلم وطغيان ، ولا يُترك فريسة يأسه دون أن يُزوَّد بخيوط الأمل والرجاء بأن العدل لابد له أن يسود .


    وأما عن اختلاف أهل الأديان السابقة والشعوب في تشخيص اسم المنقذ المنتظر ، فلا علاقة له في إنكار ما بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) .


    وليس هناك ما يدعو إلى بيان فساد تشخيصهم لاسم المنقذ ، ما دام الإسلام قد تصدَّى بنفسه لهذه المهمَّة ، فبيَّن اسمه ، حسبه ، ونسبه ، وأوصافه ، وسيرته ، وعلامات ظهوره ، وطريقة حُكمه ، حتى تواترت بذلك الأخبار ، واستفاضت بكثرة رواتها من طرق الشيعة والعامَّة أيضاً ، كما صرَّح بذلك أعلامهم وحُفَّاظهم وفقهاؤهم ومحدِّثوهم .


    وقد رُوي من تلك الأخبار عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما يزيد على خمسين صحابياً .


    وأما عن اختلاف المسلمين فيما بينهم من حيث تشخيص اسم ( المهدي ) كما هو معلوم بين الشيعة والعامَّة .


    فليس فيه أدنى حجة للمستشرقين وأذنابهم ، بل هو من الأدلة القاطعة عليه ، وذلك لأنه من قبيل الاختلاف في تفاصيل شيء متحقق الوجود .


    فإنه كاختلافهم في القرآن الكريم بين القول بِقِدَمِهِ وحُدُوثِهِ من الله تعالى ، مع اتفاقهم على تَكفِير مُنكره .


    وقِسْ عليه سائر اختلافاتهم الأخرى في تفاصيل بعض العقائد دون أصولها .


    يتبع.........
    التعديل الأخير تم بواسطة ibrahim aly awaly; الساعة 18-04-2005, 08:26 AM.

    تعليق


    • #3
      إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) المبكرة
      إن الإمام المهدي ( عليه السلام ) خلف أباه في إمامة المسلمين ، وهذا يعني أنه كان إماماً بكل ما في الإمامة من محتوىً فكري وروحي ، في وقت مبكر جداً من حياته الشريفة .

      والإمامة المبكرة ظاهرة سبقهُ إليها عددٌ من آبائه ( عليهم السلام ) ، فالإمام محمد الجواد ( عليه السلام ) تولَّى الإمامة وهو في الثامنة من عمره .

      والإمام علي الهادي ( عليه السلام ) تولَّى الإمامة وهو في التاسعة من عمره ، والإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) تولَّى الإمامة وهو في الثانية والعشرين من عمره .

      ويلاحظ أن ظاهرة الإمامة المبكرة بلغت ذروتها في الإمام المهدي والإمام الجواد ( عليهما السلام ) وهي ظاهرة .

      لأنها كانت بالنسبة إلى عدد من آباء الإمام المهدي ( عليه السلام ) تشكل مدلولاً حسيّاً عملياً عاشه المسلمون ، ووعوه في تجربتهم مع الإمام ( عليه السلام ) بشكل وآخر ، ولا يمكن أن نُطالب بإثبات لظاهرة من الظواهر أوضح وأقوى من تجربة أُمة .

      الإمامة المبكِّرة ظاهرة واقعية :
      إن الإمام الذي يبرز على المسرح وهو صغير فيعلن عن نفسه إماماً روحيّاً وفكرياً للمسلمين ، ويدين له بالولاء والإمامة كلُّ ذلك التيار الواسع ، لابد أن يكون على قدر واضح وملحوظ - بل وكبير - من العلم والمعرفة ، وسعة الأفق ، والتمكن من الفقه ، والتفسير ، والعقائد ، لأنه لو لم يكن كذلك لما أمكن أن تقتنع تلك القواعد الشعبية بإمامته .

      مع أنَّ الأئمة كانوا في مواقع تتيح لقواعدهم التفاعل معهم ، وللأضواء المختلفة أن تُسلّط على حياتهم وموازين شخصيتهم .

      فهل من المعقول أن صبيّاً يدعو إلى إمامة نفسه وينصب منها علماً للإسلام وهو على مرأىً ومسمع من جماهير قواعده الشعبية ، فتؤمن به وتبذل في سبيل ذلك الغالي ، من أمنها وحياتها ، بدون أن تكلِّف نفسها اكتشاف حاله ، وبدون أن تهزّها ظاهرة هذه الإمامة المبكرة لاستطلاع حقيقة الموقف وتقويم هذا الصبيِّ الإمام ؟ .

      ولو فرضنا أنَّ الناس لم يتحركوا لاستطلاع المواقف ، فهل يمكن أن تمرَّ المسألة أياماً وشهوراً ، بل أعواماً دون أن تتكشَّف الحقيقة ، على الرغم من التفاعل الطبيعي المستمر بين الصبي الإمام وسائر الناس ؟ .

      وهل من المعقول أن يكون صبياً في فكره وعلمه حقّاً ، ثم لا يبدو ذلك من خلال هذا التفاعل الطويل ؟ .

      وإذا افترضنا أن القواعد الشعبية لإمامة أهل البيت ( عليهم السلام ) لم يُتح لها أن تكتشف واقع الأمر ، فلماذا سكتت الخلافة القائمة ولم تعمل لكشف الحقيقة إذا كانت في صالحها ؟ .

      وما كان أيسر ذلك على السلطة القائمة لو كان الإمام الصبي صبياً في فكره وثقافته كما هو المعهود في الصبيان ، وما كان أنجحه من أسلوب أن تقدم هذا الصبي إلى شيعته وغير شيعته على حقيقته ، وتبرهن على عدم كفاءته للإمامة والزعامة الروحية والفكرية .

      فلئن كان من الصعب الإقناع بعدم كفاءة شخص في الأربعين أو الخمسين قد أحاط بقدر كبير من ثقافة عصره لِتَسَلُّم الإمامة ، فليس هناك صعوبة في الإقناع بعدم كفاءة صبيٍّ اعتيادي مهما كان ذكيّاً وفطناً للإمامة بمعناها الذي يعرفه الشيعة الإماميون .

      وكان هذا أسهل وأيسر من الطرق المعقّدة وأساليب القمع ، والمجازفة التي انتهجتها السلطات وقتئذٍ .

      إن التفسير الوحيد لسكوت الخلافة المعاصرة عن اللعب بهذه الورقة ، هو أنها أدركت أن الإمامة المبكرة ظاهرة حقيقية وليست شيئاً مصطنعاً .

      وهذا معنى ما قلناه من أنَّ الإمامة المبكِّرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت ( عليهم السلام ) وليست مجرَّد افتراض .

      كما أنَّ هذه الظاهرة الواقعية لها جذورها وحالاتها المماثلة في تراث السماء الذي امتدّ عبر الرسالات والزعامات الربانية .

      ويكفي مثالاً لظاهرة الإمامة المبكِّرة في التراث الرباني لأهل البيت ( عليهم السلام ) النبي يحيى ( عليه السلام ) ، إذ قال الله سبحانه وتعالى :

      ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) مريم : 12 .

      ومتى ثبت أن الإمامة المبكرة ظاهرة واقعية ومتواجدة فعلاً في حياة أهل البيت ( عليهم السلام ) لم يعد هناك اعتراض فيما يخصُّ إمامة المهدي ( عليهم السلام ) وخلافته لأبيه وهو صغير .
      يتبع.............

      تعليق


      • #4
        انتظار الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه ) بين السلب والإيجاب

        قد يظن بعض الناس أن الظهور يتوقف على امتلاء الأرض ظلماً وجوراً انطلاقاً من النصوص التي تفيد بأن الإمام ( عليه السلام ) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجورا .


        وبالتالي فإنهم يعتقدون بأن تطور الظلم والجور في حياتنا السياسية والاقتصادية والعسكرية والإدارية والقضائية شرط وعامل مؤثر في الظهور وتعجيل الفرج .


        فإذا امتلأت الأرض ظلماً وجوراً ظهر الإمام ( عليه السلام ) ، وأعلن ثورته ضد الظالمين ، وفرّج عن المظلومين والمعذبين والمقهورين .


        ومن الواضح أن هذا الاعتقاد إن لم يؤَدِّ إلى المساهمة في توسيع رقعة الفساد والظلم والجور في الأرض ، فهو يؤدي في الحد الأدنى إلى عدم مكافحة الظلم والجور ، والخضوع للأمر الواقع الفاسد ، لأن العمل خلاف ذلك يؤدي إلى إطالة زمن الغيبة وتأخير الفرج .


        ولا شك في أن ذلك مخالف لمفاهيم القرآن الذي يدعو إلى رفض الظلم ، وعدم الركون إلى الظالمين ، فقال الله تعالى :


        ( وَلا تَركَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) [ هود : 113 ] .


        كما إن ذلك يعني تعطيل أهم فرائض الإسلام وأحكامه وتشريعاته ، كفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله ، وهي تكاليف عامة لا تختص بزمان دون زمان ، أو مكان دون آخر .


        على أنه ليس معنى ( تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً ) الواردة في بعض النصوص هو أن تنعدم قيم الحق والتوحيد والعدل على وجه الأرض ، ولا يبقى موضع يُعبد الله فيه ، فهذا الأمر مستحيل ، وهو على خلاف سنن الله .


        وإنما المقصود بهذه الكلمة طغيان سلطان الباطل على الحق في الصراع الدائر بين الحق والباطل .


        ولا يمكن أن يزيد طغيان سلطان الباطل على الحق أكثر مما هو عليه الآن ، فقد طغى الظلم على وجه الأرض وبلغ ذروته .


        فالذي يجري على مسلمين العراق وفلسطين بأيدي الظلمة أمر يقل نظيره في تاريخ الظلم والإرهاب .


        كما إن ما تمارسه الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة الإسلام والمسلمين وما تفرضه على العالم الإسلامي بلغ الذروة في الاستكبار والطغيان ، والهيمنة وفرض النفوذ والسيطرة على دول المنطقة وشعوبها ومواردها الحيوية .


        وقد كانت غيبة الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه ) بسبب طغيان الشر والفساد والظلم ، فكيف يكون طغيان الفساد والظلم شرطاً وسبباً لظهور الإمام ( عليه السلام ) وخروجه ؟


        على أن الموجود في النصوص هو :


        ( يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً ) .


        وليس :


        ( يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجورا ) .


        فليس معنى ذلك أن الإمام ( عليه السلام ) ينتظر أن يطغى الفساد والظلم أكثر مما ظهر إلى اليوم ليخرج .


        وإنما معنى النص أن الإمام ( عليه السلام ) إذا ظهر يملأ الأرض عدلاً ، ويكافح الظلم والفساد في المجتمع حتى يطهر المجتمع البشري منه ، كما امتلأ بالظلم والفساد من قبل .




        وخلاصة القول :


        إن سيطرة الظلم والجور ليست سبباً في تأخير فرج الإمام ( عليه السلام ) أو شرطاً في تعجيله .


        ولعل من أهم العوامل المؤثرة في تحقيق ظهوره ( عليه السلام ) ، بل وتقريبه وتعجيل فرجه هو توافر العدد الكافي من الأنصار والموطئين ، الذين يعدون المجتمع والأمة لظهور الإمام ( عليه السلام ) .


        فإنهم لابد أن يوطِّئون الأرض ويمهدونها لثورته الشاملة ، ويدعمون حركة الإمام ( عليه السلام ) ويسندونها .




        ومن دون هذا الإعداد وهذه التوطئة لا يمكن أن تحصل هذه الثورة الشاملة في سنن الله تعالى في التاريخ ، وذلك انطلاقاً من الحقائق التالية :


        الأولى :


        إن الإمام ( عليه السلام ) لا يقود حركة التغيير الشاملة بمفرده ، لأن الفرد الواحد مهما أوتي من قوة وكمال عقلي وجسمي وروحي ، لا يمكن أن يحقق إنجازاً كبيراً بحجم الإنجاز الضخم الذي سيحققه الإمام ( عليه السلام ) على امتداد الأرض .


        خصوصاً إذا تجاوزنا الفرضية الآتية وهي استخدام المعجزة من قبله ( عليه السلام ) من أجل تحقيق النصر .




        الثانية :


        إن الإمام ( عليه السلام ) لا يحقق الإنجازات الكبيرة التي ادخره الله لأجل تحقيقها في آخر الزمان عن طريق المعجزة والأسباب الخارقة .


        وقد نفت الروايات استخدام الإمام ( عليه السلام ) المعجزة في ثورته ، وأكدت دور السنن الإلهية في التاريخ والمجتمع في تحقيق هذه الثورة الكونية الشاملة وتطويرها
        وإكمالها .


        ولا يعني ذلك أن الله سبحانه وتعالى لا يتدخل إلى جانب هذه الثورة بألطافه وإمداده الغيبي .


        فإن ثورة الإمام ( عليه السلام ) في مواجهة الطغاة والأنظمة والمؤسسات الاستكبارية الحاكمة والمتسلطة على رقاب الناس لا تحصل من دون إمداد غيبي ، وإسناد وتأييد من قبل الله سبحانه .


        والنصوص الإسلامية تؤكد وجود هذا الإمداد الإلهي في حركة الإمام ( عليه السلام ) ، وتصف كيفيته .


        إلا أن هذا المَدَد الإلهي أحد طرفي القضية ، والطرف الآخر هو دور الأسباب الطبيعية والوسائل المادية في تحقيق هذه الثورة وحركتها .


        فإن الاعتماد على هذه الأسباب لا يتعارض مع المدد والإسناد الإلهيين ، فقال عزَّ وجل :


        ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُم وَآَخَرِينَ مِن دُونِهِم لا تَعلَمُونَهُمُ اللهُ يَعلَمُهُم ) [ الأنفال : 60 ] .

        يتبع.............

        تعليق


        • #5
          الإيمان بالإمام المهدي ( عليه السلام ) إلهام فطري
          إن ظهور الإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفكر الإنساني عموماً ، يكشف عن وجود أسس متينة قوية تستند إليها تنطلق من الفطرة الإنسانية ، بمعنى أنها تعبر عن حاجة فطرية عامة يشترك فيها بنو الإنسان عموماً .

          وهذه الحاجة تقوم على ما جبل عليه الإنسان ، من تَطَلُّعٍ مستمر للكمال بأشمل صورة ، وإن ظهور المنقذ العالمي وإقامة دولته العادلة في اليوم الموعود ، يعبر عن وصول المجتمع البشري إلى كماله المنشود .

          فليس الإمام المهدي ( عليه السلام ) تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب ، بل هو عنوان لطموح اتَّجَهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها ، وصياغة لإلهام فطري أدرك الناس من خلاله - على تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب - أن للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقَّق فيه رسالات السماء مغزاها الكبير وهدفها النهائي ، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مَرِّ التاريخ استقرارها وطمئنينتها بعد عناء طويل .

          بل لم يقتصر هذا الشعور بهذا الشعور الغيبي والمستقبل المنتظر ، على المؤمنين دنيا بالغيب ، بل امتدَّ إلى غيرهم أيضاً ، وانعكس حتى على أشدِّ الأيدلوجيات والاتجاهات الغيبية رفضاً للغيب .

          كالمادية الجدَليَّة التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات ، وآمنت بيوم موعود تصفى فيه كل التناقضات ، ويسود فيه الوئام والسلام .

          وهكذا نجد أنَّ التجربة النفسية لهذا الشعور التي مارستها الإنسانية على مرِّ الزمان ، من أوسع التجارب النفسية وأكثرها عموماً بين بني الإنسان .

          إذن ، فالإيمان بالفكرة التي يجسدها الإمام المهدي الموعود ( عليه السلام ) هي من أكثر الأفكار انتشاراً بين بني الإنسان كافة ، لأنها تستند إلى فطرة التطلع للكمال بأشمل صورة ، أي إنها تعبِّر عن حاجة فطرية ، لذلك فتحققها حتمي ، لأن الفطرة لا تطلب ما هو غير موجود كما هو معلوم .

          تعليق


          • #6
            تتويج الإمام المهدي ( عليه السلام )
            الإمام المهدي ( عليه السلام ) هو آخر أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد بشَّر به جَدُّه محمد ( صلى الله عليه وآله ) في أحاديث متواترة ، بأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلِئَت ظلماً وجوراً .

            وهو المولود الذي صدر الأمر من قبل السلطة العباسية بإلقاء القبض عليه قبل ولادته ، وكان الجواسيس يراقبون كل شاردة وواردة عن مولده .

            ولكنَّ الله عزَّ وجَلَّ نجَّاه كما نجَّى النبي موسى ( عليه السلام ) من فرعون ، ونبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) من قبضة النمرود ، وقد تَجَرَّع الشيعة عبر التاريخ الغصص فنوناً وألواناً .

            فمن الإرهاب الفكري لأنهم حَمَلوا فكر أهل البيت ( عليهم السلام ) ، إلى الحرمان الاقتصادي لأنهم عاشوا قِيَم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، إلى الاضطهاد السياسي لأنهم اتَّبعوا منهج أهل البيت ( عليهم السلام ) .

            وبالرغم من ذلك عاش في أعماق الشيعة أمَلٌ يستقطب حركتهم ، ويُلَمْلِمُ طاقاتهم ، ويجمع قِيَادَتهم ، لِتَكونَ المسيرة واحدة في خدمة الإسلام والمسلمين .

            وقد غدا في اليوم التاسع من ربيع الأول سنة ( 260 هـ ) الأمل الذي عاشوه حقيقة ، والأمنية واقعاً ، حين تمَّ تتويج الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، بعد شهادة أبيه الإمام العسكري ( عليه السلام ) ، وسيملأ ( عليه السلام ) الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلِئَتْ ظُلماً وجَوراً .

            تعليق


            • #7
              حكم من أنكر الإمام المهدي ( عليه السلام )
              لا ريب في أن أحاديث خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) متواترة بإجماع من يعتدُّ به من أهل العلم ، وأئمة الحديث .

              فإنكار هذا الأمر المتواتر جُرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة ، البالغة إلى حدِّ التواتر .

              وقد سُئل ابن حجر المَكِّي - من علماء السُنَّة - عَمَّن أنكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) الموعود به ، فأجاب : ( إنَّ ذلك إنْ كان لإنكار السُنَّة رأساً فهو كفر ، يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته ، فَيُقتل .

              وإن لم يكن لإنكار السُنَّة وإنَّما هو مَحض عناد لأئمَّة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ ، والإهانة ، بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة ، وقبح هذه الطريقة ، وفساد هذه العقيدة ، من حبس ، وضرب ، وصَفْعٍ ، وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح .

              ويرجعه إلى الحقِّ راغماً على أنفه ، ويردُّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره ) .

              وقد وقفنا على فتوىً للشيخ البهائي ( قدس سره ) في هذه المسألة ، قال – مجيباً على من سأله عن خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) بقول مطلق ، هل هو من ضروريَّات الدين ، فمنكره مرتدُّ ، أم ليس من ضروريَّاته ، لِما يُحكى من خلاف بعض المخالفين فيه ، وأنَّ الذي يخرج إنَّما هو عيسى ( عليه السلام ) ، وهل يكون خلافهم مانعاً من ضروريَّته ؟ - :

              ( الأظهر أنَّه من ضروريَّات الدين ، لأنه ممَّا انعقد عليه إجماع المسلمين ، ولم يخالف فيه إلاَّ شرذمة شاذَّة لا يعبأ بهم ، لا يعتمد عليهم ولا بخلافهم ، ولا يَقدَحُ خروج أمثال هؤلاء من ربقة الإجماع في حُجِّيَّته ، فلا مجال للتوقف في كفرهم ، إن لم تكن لَهم شبهة محتملة ) .

              ونقول : تكفير المنكِر عند الفريقين يدور على أحد أمرين :

              أوَّلهما :
              ما أشار إليه ابن حجر في ( الفتاوى الحديثيَّة ) ، وهو ما أخرجه أبو بكر الإسكاف في ( فوائد الأخبار ) عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، عنه ، قال :

              قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :

              ( مَن كَذَّبَ بالدجَّال فقد كَفَر ، ومَن كَذَّبَ بالمهديِّ فقد كَفَر ) .

              قال ابن حجر في ( القول المختصر ) - كما في ( البرهان ) - : أي حقيقةً ، كما هو المتبادر من اللفظ ، لكن إن كان تكذيبه من السُنَّة ، أو لاستهتاره بها ، أو للرغبة عنها .

              فقد قال أئمَّتنا وغيرهم : لو قيل لإنسانٍ : قُصَّ أظفارك ، فإنّه من السُنَّة .

              فقال : لا أفعله وإن كان سُنّة ، رغبةً عنها ، فقد كفر ، فكذا يقال بمثله .

              وثانيهما :
              إجماع أهل الإسلام قاطبة ، واتِّفاقهم على مَرِّ الأعصار والأعوام على خروج المهديِّ المنتظر ( عليه السلام ) ، حتى عُدَّ ذلك من ضروريات الدين ، وهو اتفاق قطعي منهم ، لا يشوبه شك ، ولا يعتريه ريب .

              اللهم إلا من شَذَّ ، مِمَّن لا يُعتدُّ بخلافه ، ولايلتفت إليه ، ولا تكون مخالفته قادحة في حُجِّيَّة الإجماع .

              مضافاً إلى تواتر أحاديث الإمام المهدي ( عليه السلام ) تواتراً قطعيّاً .

              وظاهر أنَّ من أنكر المتواتر من أُمور الشرع والغيب بعد ما ثبت عنده ثبوتاً يقينيّاً فإنّه كافر ، لردِّه ما قُطع بصـدوره ، وتحقَّقَ ثبوته عـنه ( صلى الله عليه وآله ) .

              ولا شُبهَة في كفر من ارتكب ذلك بإجماع المسلمين ، لأنّ الرادَّ عليه ( صلى الله عليه وآله ) كالرادُّ على الله تعالى ، والرادُّ على الله كافر باتِّفاق أهل المِلَّة ، وإجماع أهل القبلة .

              ودعوى التواتر صحيحة ثابتة ، كما صَرَّح بذلك جمهور أهل العلم من الفريقين .

              ولا نعلم رادّاً لها إلا بعض مَن امتطى مطيَّة الجهل ، واتَّخذ إلهه هواه ، وكابر الحق ، فكان حقيقاً بالإعراض عنه .

              ونحن نقتصر في هذا المختصر على نقل كلام جماعة من محقِّقي العلماء في تحقّق التواتر لِتَتَبيَّن جليَّة الحال .

              قال الآبري في كتاب ( مناقب الشافعي ) : قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رُوَاتها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذكر المهدي ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلاً ، وأنَّ عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجَّال ، وأنه يَؤمُّ هذه الأمَّة ، ويصلّي عيسى بن مريم خلفه .

              وقال بن حجر في ( الصواعق ) : الأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة .

              وقال السفاريني الحنبلي في ( اللوائح ) : الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى ، وأنه يخرج قبل نزول عيسى ( عليه السلام ) .

              وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي ، فلا معنى لإنكارها .

              وقال الشوكاني في ( التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجَّال والمسيح ) : الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً ، فيها الصحيح ، والحسن ، والضعيف ، والمنجبر .

              وهي متواترة بلا شكٍّ ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحرَّرة في الأصول .

              وأما الآثار عن الصحابة المصرَّحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً ، لها حكم الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك .

              خلاصة القول :
              إن إنكار مسألة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وإنكار خروجه ، أمر عظيم ، لا ينبغي التفوُّه به ، بل رُبَّما أفضى بصاحبه إلى الكفر والخـروج عن المِلَّة ، والعياذ بالله تعالى .

              والواجب تلقِّي ما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول ، والإيمان التام ، والتسليم به .

              فمتى صحَّ الخبر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يجوز لأحدٍ أن يعارضه برأيه واجتهاده ، بل يجب التسليم ، كما قال الله عزَّ وجلَّ :

              ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) النساء 65 .

              وقد أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الأمـر عن الدجَّال ، وعن الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، وعن النبي عيسى بن مريم ( عليهما السلام ) .

              ووجب تلقِّي ما قاله ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول والإيمان ، والحذر من تحكيم الرأي ، والتقليد الأعمى ، الذي يضرُّ صاحبه ولا ينفعه ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .

              ولا يسع المجال هنا لاستقصاء كلام الأئمّة ( عليهم السلام ) والعلماء في تواتر أحاديث المهدي المنتظر ( عليه السلام ) ، والتحذير من إنكار شأنه .

              لكنَّ ما ذكرناه فيه كفاية إن شاء الله تعالى ، والله الهادي إلى سواء السبيل .

              تعليق


              • #8
                طول عمر الإمام المهدي ( عليه السلام )
                إن من الأسئلة المطروحة حول الإمام المهدي ( عليه السلام ) طول عمره في فترة غيبته ، فإنه وُلِد عام ( 255 هـ ) ، فيكون عمره إلى العصور الحاضرة أكثر من ألف ومائِة وخمسين عاماً ، فهل يمكن في منطق العلم أن يعيش الإنسان هذا العمر الطويل ؟! .

                والجواب من وجهين : نقضاً وحَلاًّ :

                أما النقض : فقد دلَّ الذكر الحكيم على أن النبي نوحاً ( عليه السلام ) عاشَ قرابة ألف سنة ، فقال جلَّ وعَلا : ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ) العنكبوت : 14 .

                وقد تضمَّنَتْ التوراةُ أسماءَ جماعة كثيرة من المعمِّرين ، وذكرت أحوالهم في سِفْر التكوين .

                وقد قام المسلمون بتأليف كتب حول المعمِّرين ، كَكِتاب ( المُعمِّرين ) لأبي حاتم السجستاني .

                كما ذكر الشيخ الصدوق أسماء عدة منهم في كتاب ( كمال الدين ) ، والعلامة الكراجكي في رسالته الخاصة باسم ( البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان ) ، والعلامة المجلسي في ( بحار الأنوار ) ، وغيرهم .

                وأما الحَل : فإن السؤال عن إمكان طول العمر يعرب عن عدم معرفة مدى قدرة الله سبحانه : ( وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) الأنعام : 91 .

                فإنه إذا كانت حياته وغيبته ( عليه السلام ) ، وسائر شؤونه برعاية الله عزَّ وجل ، فأي مشكلة في أن يمدَّ الله تعالى في عمره ما شاء ، ويدفع عنه عوادي المرض ، ويرزقه عيش الهناء ؟ .

                وبعبارة أخرى : إنَّ الحياة الطويلة إمَّا ممكنة في حد ذاتها أو ممتنعة ، والثاني لم يقل به أحد ، فتعيَّن الأول ، فلا مانع من أن يقوم سبحانه بِمَدِّ عمر وليِّه ، لتحقيق غرض من أغراض التشريع .

                أضف إلى ذلك ما ثبت في علم الحياة من إمكان طول عمر الإنسان إذا كان مراعياً لقواعد حفظ الصحة ، وإنَّ مَوت الإنسان في فترة متدنِّيَة ليس لقصور الاقتضاء ، بل لعوارض تَمنعُ استمرار الحياة ، ولو أمكن تحصين الإنسان بالأدوية والمعالجات الخاصة لطال عمره .

                وهناك كلمات ضافية من مهرة علم الطب في إمكان إطالة العمر ، وتمديد حياة البشر ، نُشِرت في الكتب والمجلات العلمية المختلفة .

                وبالجملة ، فقد اتفقَت كلمة الأطباء على أن رِعاية أصول حفظ الصحة توجب طول العمر ، فكلما كثرت العناية برعاية تلك الأصول طال العمر .

                ولهذا أسِّسَت شركات تضمن حياة الإنسان إلى أمدٍ مَعلوم ، تحت مقررات خاصة وحدود معينة ، جارية على قوانين حفظ الصحة .

                فلو فُرِض في حياة شخص اجتماع موجبات الصحة من كل وجه طال عمره إلى ما شاء الله عزَّ وجلَّ .

                وإذا قرأْتَ ما تدوِّنُه أقلام الأطباء في هذا المجال يتَّضح لك معنى قوله جلَّ وعلا : ( فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) الصافات : 143 - 144 .

                فإذا كان عيش الإنسان في بطون الحيتان في أعماق المحيطات ممكناً إلى يومِ البعث ، فكيف لا يعيش إنسان على اليابسة في أجواء الطبيعة تحت رعاية الله وعنايته إلى ما شاء سبحانه ؟!! .

                تعليق


                • #9
                  ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) بين الشيعة والسنة
                  اتَّفق المسلمون على ظهور المهدي في آخر الزمان لإزالة الجَهل والظُلم والجَور ، ونشر أعلام العدل وإعلاء كلمة الحقِّ ، وإظهار الدين كله ولو كره المشركون .

                  فهو بإذن الله ينجي العالم من ذلِّ العبودية لغير الله ، ويلغي الأخلاق والعادات الذَميمة ، ويبطل القوانين الكافرة التي سَنَّتْها الأهواء ، ويقطع أواصر العصبيّات القومية والعنصرية ، ويمحو أسباب العداء والبغضاء التي صارت سبباً لاختلاف الأمَّة وافتراق الكلمة .

                  فيحقق الله سبحانه بظهوره وعده الذي وعد به المؤمنين بقوله عزَّ وجلَّ : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) النور : 55 .

                  وقوله : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) القصص : 5 .

                  وقوله : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) الأنبياء : 105 .

                  وتشهد الأمَّة بعد ظهوره ( عليه السلام ) عَصراً ذهبياًَ ، حيث لا يبقى فيه على الأرض بيت إلا ودخَلَتْه كلمة الإسلام ، ولا تبقى قرية إلا وينادَى فيها بشهادة ( لا إله إلا الله ) بُكرَةً وعشياً .

                  لقد تواتَرَتْ النُصُوص الصحيحة والأخبار المرويَّة عن طريق أهل السنة والشيعة المؤكدة على إمامة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والمشيرة صراحةً إلى أن عَدَدهم كعدَدِ نُقَباء بني إسرائيل ، وأنَّ آخر هؤلاء الأئمة هو الذي يملأ الأرض - في عهده - عدلاً وقسطاً كَمَا مُلِئَت ظُلماً وجوراً .

                  وأن أحاديث الإمام الثاني عشر المعروف بالمهدي المنتظر ( عليه السلام ) قد رواها جملة من محدِّثِي السنة في صِحَاحِهم المختلفة ، كأمثال الترمذي وأبي داود وابن ماجة وغيرهم .

                  حيث أسندوا رواياتهم هذه إلى جملة من أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصحابته ، أمثال الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وأم سلمة زوجة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، وغيرهم .

                  ونذكر من تلك الروايات ما يلي :

                  الأولى :
                  روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْرِ إِلاَّ يَوم لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً ) .

                  الثانية :
                  أخرج أبو داود عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( لاَ تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلكُ العَرَبَ رَجُلٌ مِن أهْلِ بَيْتِي ، يُواطئ اسْمُه اسْمِي ) .

                  الثالثة :
                  أخرج أبو داود عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( المَهْدِي مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَة ) .

                  الرابعة :
                  أخْرَجَ الترمذي عن ابن مسعود أنَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( يَلي رَجُلٌ منْ أهْلِ بَيْتِي يُواطئ اسْمُه اسْمي ) .

                  إلى غير ذلك من الروايات المتضافرة التي بلغت أعلى مراتب التواتر ، إذ يقول الدكتور عبد الباقي : إن المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين ، أو راوٍ أو راوِيَيْن ، إنها مجموعة من الأحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريباً ، اجْتَمَعَ على تناقلها مِئاتُ الرُواة ، وأكثر من صاحب كتاب صحيح .

                  هذا هو المهدي الذي اتَّفق المحدِّثون والمتكلِّمون عليه ، وإنما الاختلاف بين الشيعة والسنة في ولادته .

                  فالشيعة ذهبت إلى أن المهدي الموعود ( عليه السلام ) هو الإمام الثاني عشر ، الذي ولد بمدينة سامراء عام ( 255 هـ ) ، واختفى بعد وفاة أبيه عام ( 260 هـ ) ، وقد تضافرت عليه النصوص من آبائه ، على وجهٍ ما تَرَك شَكّاً ولا شُبْهَة ، ووافقتهم جماعة من علماء أهل السنة ، وقالوا بأنه وَلَد ، وأنه محمَّد بن الحسن العسكري .

                  والكثير منهم قالوا : سيولَدُ في آخر الزمان ، وبِمَا أنَّ أهل البيت ( عليهم السلام ) أدرى بما في البيت ، فمن رجع إلى روايات أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) في كتبهم يظهر له الحق ، وأنَّ المولود للإمام العسكري ( عليه السلام ) هو المهدي الموعود ( عليه السلام ) .

                  ونذكر ممن وافق من علماء أهل السنة بأن وليد بيت العسكري هو المهدي الموعود ( عليه السلام ) فيما يلي :

                  1- محمد بن طلحة بن محمد القرشي الشافعي في كتابه ( مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ) .

                  2– محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي في كتابيه ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) ، و( كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب ) .

                  3- نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي في كتابه ( الفصول المهمة في معرفة الأئمة ) .

                  4- سبط ابن الجوزي في كتابه ( تذكرة الخواص ) .

                  وإلى غير ذلك من علماء وحفاظ ذكر أسماءهم وكلماتهم السيد الأمين في كتابه ( أعيان الشيعة ) ، وأنهاها إلى ثلاثة عشر .

                  ثم قال : والقائلون بوجودِ المَهْدي من علماء أهل السنة كثيرون ، وفيما ذكرناه منهم كفاية ، ومن أراد الاستقصاء فليرجع إلى كتاب ( البرهان على وجود صاحب الزمان ) ، ورسالة ( كشف الأستار ) للشيخ حسين النوري .

                  تعليق


                  • #10
                    علامات ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام )
                    إن ما جاء في كتب الأحاديث من الحوادث والفتن الواقعة في آخر الزمان على قسمين :

                    الأول : من أشراط الساعة ، وعلامات دُنُوّ القيامة .

                    الثاني : ما يقع قبل ظهور المهدي المنتظر ( عليه السلام ) .

                    وربما وقع الخلط بينهما في الكتب ، ونحن نذكر القسم الثاني منهما ، وهو عبارة عن أمور عِدَّة ، منها :

                    1 - النداء في السماء .

                    2 - الخسوف والكسوف في غير موقِعِهما .

                    3 - الشقاق والنفاق في المجتمع .

                    4 - ذيوع الجَور والظُلم والهَرَجِ والمَرَجِ في الأمة .

                    5 - ابتلاء الإنسان بالموت الأحمر والأبيض .

                    6 - قتل النفس الزكيَّة .

                    7 - خروج الدجال .

                    8 - خروج السُفيَاني .

                    وغير ذلك مما جاء في الأحاديث الشريفة .

                    هذه هي علامات ظهوره ، ولكن هناك أمور تمهِّد لظهوره ، وتسهِّل تحقيق أهدافه ( عليه السلام ) ، ونشير إلى أبرزها فيما يلي :

                    أولاً : الاستعداد العالمي :
                    كما أنَّ المجتمع الإنساني - وبِسَبب شيوع الفساد - يصلُ إلى حَدٍّ يقنط معه من تحقق الإصلاح بيد البشر عن طريق المنظمات العالمية التي تحمل مُسَمَّيَات مختلفة .

                    وأن ضغط الظُلم والجور على الإنسان يحمله إلى أن يُذعِن ويقرُّ بأن الإصلاح لا يتحقَّق إلا بظهور إعجاز إلهي ، وحُضورِ قوَّةٍ غيبية ، تدمِّر كل تلك التكتُّلات البشرية الفاسدة التي قُيِّدَت بمخطَّطاتِها أعناق البشر .

                    ثانياً : تكامل العقول :
                    إنَّ الحكومة العالمية للإمام المهدي ( عليه السلام ) لا تتحقَّقُ بالحروب ، والنيران ، والتدمير الشامل للأعداء ، وإنما تتحقَّقُ برغبة الناس إليها ، وتأييدهم لها ، لِتكامل عقولهم ومعرفتهم .

                    فيقول الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( إذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ اللهُ يَدَهُ عَلَى رُؤوس العِبَاد ، فَيَجْمَعُ بِهَا عُقولَهُم ، وتَكْتَمِلُ بِه أحْلامُهُم ) .

                    فقوله ( عليه السلام ) : ( فَيَجْمَعُ بِهَا عُقولَهُم ) : بمعنى أنَّ التكامل الاجتماعي يبلغ بالبشر حَداً يقبل به تلك الموهبة الإلهية ، ولن يترصد للثورة على الإمام ( عليه السلام ) والانقلاب عليه ، أو قتله أو سجنه .

                    ثالثاً : تكامُل الصناعات :
                    إنَّ الحكومة العالمية الموحدة لا تتحقَّق إلاَّ بتكامل الصناعات البشرية ، بحيث يسمع العالم كله صوته ونداءه ، وتعاليمه وقوانينه ( عليه السلام ) ، في يوم واحد ، وزمن واحد .

                    فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنَّ المُؤمِنَ في زَمَانِ القَائِمِ وَهو بِالمَشْرِقِ يَرَى أخَاهُ الَّذِي فِي المَغْرِبِ ، وكَذَا الَّذِي فِي المَغْرِب يَرَى أخَاهُ الَّذِي بِالمَشْرِقِ ) .

                    رابعاً : الجيش الثوري العالمي :
                    إنَّ حكومة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وإنْ كانت قائمة على تكامل العقول ، ولكن الحكومة لا تستغني عن جيش فدائي ثائر وفعَّال ، يمهِّد الطريق للإمام ( عليه السلام ) ، ويواكبه بعد ظهوره إلى تحقُّقِ أهدافه وغاياته المتوَخَّاة .

                    تعليق


                    • #11
                      غيبة الإمام المهدي ( عليه السلام )
                      إن ظهور الإمام المهدي بين الناس يترتب عليه من الفائدة ما لا يترتب عليه في زمن الغيبة ، فلماذا غابَ عن الناس حتى حُرموا من الاستفادة من وجوده ؟ وما هي المصلحة التي أخفَتْه عن أعيُن الناس ؟

                      والجواب بالنقض والحَلّ :

                      أما النقض : فإنَّ قُصور عقولنا عن إدراك أسباب غيبته لا يَجرُّنا إلى إنكار المتضافرات من الروايات ، فالاعتراف بقصور أفهامنا أولى من رَدِّ الروايات المتواترة ، بل هو المتعيَّن .

                      وأما الحل : فإنَّ أسباب غَيبَته واضحة لمن أمْعَن في ما ورد حَولها من الروايات .

                      فإن الإمام المهدي ( عليه السلام ) هو آخر الأئمة الاثني عشر ( عليهم السلام ) الذين وعد بهم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وأناط عِزَّة الإسلام بهم .

                      ومن المعلوم أنَّ الحكومات الإسلامية لم تقدِّرهُم حقَّ قَدرهم ، بل كانت لهم بالمرصاد ، تُلقيهم في السجون ، وتريق دماءهم الطاهرة بالسيف أو السم .

                      فلو كان ظاهراً لأقدَموا على قتله إطفاءً لنوره ( عليه السلام ) ، فلأجل ذلك اقتضت المصلحة أن يكون مستوراً عن أعين الناس ، يراهم ويرونه ولكن لا يعرفونه .

                      إلى أن تقتضي مَشيئة الله عزَّ وجلَّ ظهوره ، بعد حصول استعداد خاص في العالم لقبوله ، والانطواء تحت لواء طاعته ، حتى يحقق الله تعالى به ما وعد به الأمُمَ جَمْعاء ، من توريث الأرض للمستضعفين .

                      وقد وردت في بعض الروايات إشارة إلى أنَّ زُرَارة روى فقال : سمعت أبا جعفر الباقر ( عليه السلام ) يقول : ( إنَّ لِلقَائِم غَيْبَةٌ قَبْلَ أنْ يَقُوم ) .

                      قلت : ولِمَ ؟

                      فقال ( عليه السلام ) : ( يَخَافُ ) .

                      قال زرارة : يعني ( عليه السلام ) القتلَ .

                      وفي رواية أخرى : ( يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الذَّبْحَ )

                      تعليق


                      • #12
                        غيبة الإمام المهدي ( عليه السلام ) الصُغرى
                        تَمْتَدُّ الغيبة الصغرى مِن ولادته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته بوفاة آخر السُفرَاء الأربعة علي بن محمد السمري عام ( 329 هـ ) .

                        ففي هذه الفترة كان السُفَرَاء يرونه وربما رآه غيرهم ، ويصِلُون إلى خدمته ، وتخرج على أيديهم توقيعات منه إلى شيعته في أمورٍ شَتَّى .
                        غيبة الإمام المهدي ( عليه السلام ) الكُبرى
                        كان الناس خلال الغيبة الصغرى للإمام الحجة ( عليه السلام ) يأخذون الأحكام الشرعية عن طريق سُفَرَائه الأربع ، وهم :

                        1 - عُثْمان بن سعيد .

                        2 - مُحمَّد بن عُثْمان .

                        3 - الحُسين بن روح .

                        4 - علي بن مُحمَّد السمري .

                        وقد انتهت سفارتهم بوفاة السفير الرابع عام ( 329 هـ ) ، ومنذ ذلك الحين بدأت الغيبة الكبرى للإمام ( عليه السلام ) في الرابع من شوال ، من نفس السنة المذكورة .

                        وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أخبرنا بها ، ونقلها لنا الرواة والمحدِّثين ، ونكتفي بالرواية الآتية :

                        قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( المَهْدِي مِنْ ولْدِي ، اِسْمُه اسْمِي ، وكُنيتُهُ كُنيَتِي ، أشبهُ النَّاس بي خَلْقاً وخُلُقاً ، تكون له غَيبة وحِيرَة تُضِلُّ الأمم ، ثم يُقْبِلُ كالشَّهَاب الثاقب ، فَيَمْلأَهَا عَدْلاً وقِسْطاً ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلماً وجَوْراً ) .

                        والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : من سَيُجيب الناس عن تساؤلاتهم ، ويفضّ نزاعاتهم في زمن الغيبة الكبرى ؟ .

                        والجواب : نجده في أحد التوقيعات التي وصَلَتْنا عن الإمام ( عليه السلام ) ، إذ يقول : ( أمَّا الحَوَادِث الواقِعَة ، فَارجعُوا فِيهَا إلَى رُوَاةِ الحَديثِ ، فَإنَّهُم حُجَّتِي عَلَيْكُم ، وأنَا حُجَّةُ اللهِ عَلَيْهِم ) .

                        وفي توقيعٍ آخر يقول ( عليه السلام ) : ( مَنَ كَانَ مِنَ الفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ ، حَافِظاً لِدِيْنِه ، مُخَالِفاً لِهَوَاه ، مُطِيعاً لأمْرِ مَولاه ، فَلِلْعَوَامِ أنْ يُقَلِّدُوه ) .

                        وبناءاً على ذلك برز فقهاء عُرِفوا بين الناس خلال الفترة الزمنية التي تَلَتْ الغيبة الكبرى ، وأصبَحُوا مراجع يستفتيهم الناس في جميع الأحكام الفقهية ، والإشكالات الشرعية .

                        تعليق

                        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                        حفظ-تلقائي
                        x

                        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                        صورة التسجيل تحديث الصورة

                        اقرأ في منتديات يا حسين

                        تقليص

                        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                        يعمل...
                        X