ولادة الرسول (ص):
ولد الهـدى فالكـائنات ضـياء وفـم الزمـان تبـسم وثناء
الروح والمـلأ الملائك حـولـه للديـن والدنـيا به بـشراء
والعرش يزهو الخطيرة تزدهـي والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضـاحكة الـربا بالتـرجمان شـذّية غـنّاء
والوحي يقطر سلسلا مـن سلسل واللوح والقـلم البديع رواء
نظمت أسامي الرسل فهي صحيفة في اللوح واسم محمد طغراء
اسـم الجلالة في بديـع حروفه ألف هنالك واسم طه الباء ( 1 )
ولد المصطفى ( ص ) عام الفيل سنة 570 للميلاد واختلف في اليوم الذي ولد فيه فالامامية تذهب الى انه السابع عشر من شهر ربيع الأول والمذاهب الأخرى تذهب الى انه الثاني عشر من الشهر نفسه وجمعاً للرواتين اتخذ اسبوع الوحدة في دولة الاسلام ويبدأ من الثاني عشر من شهر ربيع الاول ولغاية السابع عشر منه وهو أسبوع الاستلهام من الذكرى العطرة ذكرى ولادة النبي الخاتم استلهام روح الثبات على المبدأ والدفاع عن الحق والتمسك بالعقيدة وشجب الحزازات والتناحر وتوحيد الكلمة والدعوة الى لم الشمل والاتحاد .
ولقد حفت الأنبياء العظام عند ولادتهم معاجز وكرامات واضحة أشاد وأخبر القران الكريم بها كولادة ابراهيم الخليل ـ ع ـ في مجتمع يقتل فيه كل مولود ذكر كما أمر النمرود حينما اخبره المنجمون بولادة وليد على يديه يزول ملك النمرود فوضعته أمه وجاءت به الى كهف في جبل وبقي ثلاث عشرة سنة ترعاه اليد الغيبية .
وهذا موسى بن عمران ـ ع ـ ولد وكان فرعون يتتبع كل وليد ذكر فيقتله حتى قتل المئات وولد موسى ـ ع ـ فوجلت أمه فجاءها الإيحاء السماوى ( وأوحينا الى امك ما يوحى ان اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني .(
ونشأ في بيت فرعون وصار النصر على يده .
وعيس بن مريم ـ ع ـ حيث حملت به امه في تلك المعجزة العظيمة التي يسجلها القرآن لنا نحن المسلمين لنعترف بقدرة الله وسلطانه حيث يقول :
(واذكر في الكتاب مريم اذ انتبذت من اهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما انا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك ربك هو علي هين ولنجعله اية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا .(
وأما نبينا الأكرم (ص) فقد رافقت ميلاده الميمون ظواهر مدهشة تنبأ عن حدث هام جداً وتهيأ الأجواء لأربعين سنة بعد فقد أصبحت الاصنام منكوسة على رأسها وخمدت النيران التي كانت تعبد من دون الله حينما ولد دلالة واضحة على ان هذا الوليد الجديد يريد ان يعبد الله وحده ونبذ ما سواه من اصنام ونيران وغيرها وتزلزل قصر كسرى وسقطت منه أربعة عشر شرفة دلالة على أن عصر الطغيان سينتهي بنور الاسلام الذي سيشرق كما وغاضت بحيرة ساوة وجفت وكل هذه عجائب باهرة تنبأ عن وقوع أمر عظيم وحدث هام سيلعب دوراً كبيرا في تغيير الحياة في العالم .
ولد النبي ( ص ) في أسرة من ألمع الأسر التي لها الصدارة في المجتمع وشاء الله أن ينشا يتيما مات ابوه وهو حمل في بطن امه فتولى رعايته جده عبد المطلب وقد أرضعته حليمة السعديه ومكث معها سنتين حتى اشتد عوده ونما جسده في اجواء البادية وعاد لأمه بعد ذلك فلما وصل سن السادسة فقد عطف الام وحنانها حيث توفيت وهو معها عائدة من المدينة الى مكة في منطقة الأبواء ولما رحل جده عبد المطلب تولى رعايته عمه الوفي ابو طالب ورعاه رعاية خاصة متميزة حتى بلغ سن الاربعين فبعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا فدافع عنه ابو طالب دفاع المخلصين.
وكان رسول الله طيلة المدة التي سبقت بعثته وهي الاربعين سنة حسن السيرة والسلوك ذا خلق رفيع ما رآه أحد الا دخل حبه في قلبه فلما دنا الموعد السماوي بعثه الله ليخرج العباد من الظلمات إلى النور ويهديهم بأذنه الى السراط المستقيم.
أهم ما يمتاز به النبي وتمتاز به رسالته ما يلي :
1ـ انها رسالة عامة وهو رسول الى جميع الناس من دون فرق بين قوم وآخرين أو أقليم دون آخر او جيل دون جيل بل الرسالة موجهة الى كل الناس ( قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعاً ) ـ الاعراف 158
(وما ارسلناك الا رحمة للعالمين .)
2ـ ان هذا النبي بشرت بنبوته الكتب السماوية الماضية قال تعالى :
(الذين يتبعون النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل)
وقوله تعالى :
(وإذ قال عيسى بن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله اليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين .(
3ـ ان دعوة النبي ( ص ) مكملة للشرائع السابقة وكتابه وشريعته مصدقة لما مضى لا مبائنة ولا مخالفة .
4ـ إنه أيد بمعجزة خالدة لا يمكن لاحد من الخلق مقابلته والاتيان بمثله ( قل لئن اجتمعت الجن والانس على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً )
5ـ إن رسالته خاتمة الرسالات وكتابه خاتم الكتب وإنه خاتم الانبياء وهذا ما اتفقت عليه الامة الاسلامية جميعا بأنه آخر سفراء الله الذي أصد به باب الرسالة والنبوة وقد نص القرآن الكريم على خاتميته بقوله ( ما كان محمد أبا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين وكان الله بكل شيء عليما ) .
وقد يشكل مشكل فيقول ( إن المختوم في الآية المباركة هو منصب النبوة حيث قالت الاية
(خاتم النبين ) فالمختوم هو النبوة اما باب الرسالة مفتوح ولم يوصد وبالامكان مجيء رسول آخر .
الا ان الذي يمعن النظر في الفرق بن النبي والرسول يدفع الاشكال وذلك لأن النبوة :
منصب معنوي يستدعي الاتصال بالغيب باحدى الطرق المألوفة .
واما الرسالة : فهي سفارة للمرسل من جانبه سبحانه لابلاغ ما أوحي اليه أو تنفيذ ما تحمله من الله في الخارج .
بعبارة اخرى : النبوة : تّحمل الانباء والرسالة ابلاغ ما تحمّله من الانباء بالتبشير والانذار والتنفيذ .
ومن خلال هاتين الآيتين تعلم الفرق
يقول تعالى : إنا أوحينا اليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ولم يقل ( والرسل ) لان النبي هو الذي يرتبط بالغيب عن طريق الوحي مثلاً .
ويقول في آية اخرى :
(يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك (.
وآية ثالثة ( قال إنما انا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا (.
ومن هذا نعرف الفرق بين النبي والرسول فاذا ختم الله النبوة وختم نزول الوحي بقوله ( وخاتم النبيين ) فباب الرسالة الالهية يختم ايضا لان الرساله ابلاغ او تنفيذ ما تحمله الرسول عن طريق الوحي فاذا انقطع الوحي والاتصال بالمبدأ الأول فلا يبقى للرسالة موضوع .
فالنبي اذن خاتم الانبياء والرسل وقد اكد النبي ( ص ) بالاضافة الى القران على خاتميته باحاديث كثيرة نذكر منها :
حديث المنزلة : حيث ان النبي خرج من المدينة الى غزوة تبوك وخرج الناس معه فقال له علي ( ع ) أخرج معك ؟
فقال : لا، فبكى علي عليه السلام فقال له رسول الله : ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي)
أو ليس بعدي نبي .
فسمي هذا الحديث بحديث المنزلة لان النبي نّزل نفسه منزلة موسى ونزّل عليا منزلة هارون والحديث صحيح متفق عليه بين الامة لم يشك احد في صحة سنده وقد اخرجه البخاري في صحيحه ( 1 ) ومسلم في صحيحه في باب فضائل علي ـ ع ـ وابن ماجه في سننه في باب فضائل اصحاب النبي والحاكم في مستدركه في مناقب علي ـ ع ـ .
وغير هذا الحديث مما يطول الكلام بذكرها .
إذن رسول الله خاتم الانبياء وبه كمل دين الله وتمت نعمته بعد جهود وجهاد قام به النبي (ص) والمسلون الأوائل طيلة ثلاث وعشرين سنة لاقوا فيها ما لاقوا من الأذى والعناء وتحملوا انواع المشقة إلا انهم صبروا فكان عاقبة امرهم خيرا
أغر عليه للنبوة خاتم من الله مشهود يلوح ويشهد
نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
وضم الاله اسم النبي الى اسمه اذا قال في الخمس المؤذن اشهد
وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد
ـــــــــــــــــــــــــــ
اشكال : ان اعداء النبي كانوا يظنون ان رسول الله لما كان يعتقد انه خاتم الانبياء فيجب ان لا يموت ابدا ليحفظ دينه ، وبناء على هذا فان حوقه في المستقبل سيكون دليلا على بطلان ادعائه.
فيجيب القران : وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد فبقاء الشريعة والدين لا يحتاج الى بقاء المرسل .
تقبلوا تحياتي