بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
وقبل أن أطرح سؤالي على أتباع متبعي محمد بن عبدالوهاب يستحسن بي أن أشير إلى ما جاء في تفسير هذه الآية المباركة لدى المسلمين .
أولا : تـفـســيـر الـطــبـري .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَمْر مِنْكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه رَبّكُمْ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَأَطِيعُوا رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ فِي طَاعَتكُمْ إِيَّاهُ لِرَبِّكُمْ طَاعَة , وَذَلِكَ أَنَّكُمْ تُطِيعُونَهُ لأَمْرِ اللَّه إِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ .
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِاتِّبَاعِ سُنَّته .
وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ الرَّسُول فِي حَيَاته . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : هُوَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ رَسُوله فِي حَيَاته فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى , وَبَعْد وَفَاته فِي اِتِّبَاع سُنَّته ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَمَّ بِالأَمْرِ بِطَاعَتِهِ وَلَمْ يُخَصِّص ذَلِكَ فِي حَال دُون حَال , فَهُوَ عَلَى الْعُمُوم حَتَّى يَخُصّ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ .
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي أُولِي الأَمْر الَّذِينَ أَمَرَ اللَّه عِبَاده بِطَاعَتِهِمْ فِي هَذِهِ الآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ هُمْ الْأُمَرَاء .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم وَالْفِقْه . أُولِي الْفِقْه فِي الدِّين وَالْعَقْل .
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { وَأُولِي الأمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم , أَلا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الأمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ؟ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرُبَّمَا أُولِي الْفَضْل وَالْفِقْه وَدِين اللَّه .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ اِخْتَلَفْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينكُمْ أَنْتُمْ فِيمَا بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَوُلاة أَمْركُمْ فَاشْتَجَرْتُمْ فِيهِ , { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه } يَعْنِي بِذَلِكَ : فَارْتَادُوا مَعْرِفَة حُكْم الَّذِي اِشْتَجَرْتُمْ أَنْتُمْ بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَأُولُو أَمْركُمْ مِنْ عِنْد اللَّه , يَعْنِي بِذَلِكَ : مِنْ كِتَاب اللَّه , فَاتَّبِعُوا مَا وَجَدْتُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { وَالرَّسُول } فَإِنَّهُ يَقُول : فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا إِلَى عِلْم ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه سَبِيلا , فَارْتَادُوا مَعْرِفَة ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عِنْد الرَّسُول إِنْ كَانَ حَيًّا , وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَمِنْ سُنَّته : { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَقُول : اِفْعَلُوا ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { ذَلِكَ } فَرَدّ مَا تَنَازَعْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء إِلَى اللَّه وَالرَّسُول , خَيْر لَكُمْ عِنْد اللَّه فِي مَعَادكُمْ , وَأَصْلَح لَكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ , لأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوكُمْ إِلَى الأُلْفَة , وَتَرْك التَّنَازُع وَالْفُرْقَة . { وَأَحْسَن تَأْوِيلا } يَعْنِي : وَأَحْمَد مَوْئِلا وَمَغَبَّة , وَأَجْمَل عَاقِبَة .
ثانيا : تـفـســيـر تـقـريـب الـقـرآن إلـى الأذهـان .
وحيث بيّن سبحانه ما يجب على الحاكم من العدل بيّن ما يجب على الأمة تجاه الحاكم العادل من الإطاعة والسمع وبيّن الحاكم الذي يحق له أن يحكم بقوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ)) بالإئتمار بأوامره والإنزجار عن زواجره ((وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ)) قد تقدّم سابقاً أن إطاعة الرسول هي إطاعة الله وإنما يذكران معاً تبجيلاً للرسول ولإفادة أن أوامره كأوامر الله سبحانه ((وَ)) أطيعوا ((أُوْلِي الأَمْرِ)) أي أصحاب السلطة الذين بيدهم الأمر ((مِنكُمْ)) وقد عيّن أولوا الأمر في غير واحد من الأحاديث أنهم الأئمة الهداة الإثنى عشر عليهم الصلاة والسلام وهم علي أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي ، أما إطاعة العلماء المراجع فهي طاعة لأولي الأمر، إذ هم نوّابهم ، أما مَن زعم أن المراد بأولي الأمر كل حاكم فهذا يستلزم التناقض فكيف يمكن الجمع بين من يبيع الخمر والله سبحانه الذي يحرّمها، وهكذا، ولذا إشترطت الشيعة في النبي والأئمة العصمة وفي العلماء العدالة ((فَإِن تَنَازَعْتُمْ)) أي حدثت بينكم المنازعة والمخاصمة ((فِي شَيْءٍ)) من أمور دينكم ((فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ)) حتى ترون أن القرآن والسُنّة مع أيّ جانب ، ومن حسن الحظ أنه ليس شيء يحتاج إليه الأمة في أيّ دور أو مصير يخلو منه الكتاب والسُنّة أما بالخصوص أو بالعموم ، ومن المعلوم أن الرد الى أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ردّ إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كما إن الردّ إلى العلماء النوّاب لهم ردّاً لهم كما قال (عليه السلام) : (أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حُجّتي عليكم وأنا حُجّة الله) ((إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) أما الرد الى غيرهما فذلك من مقتضيات الكفر كما قال سبحانه (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ((ذَلِكَ)) الردّ إلى الله والرسول في صورة التنازع ((خَيْرٌ)) لأن إرشاداتهما لصلاح دينكم ودنياكم ((وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) أي من جهة الأول والعاقبة فإن عاقبة الحق خير من عاقبة الباطل، والعاقبة تُسمى تأويلاً لأنه مآل الأمر ومرجعه ويحتمل أن يكون المراد أنه أحسن من تأويلكم إياه.
ثالثا : تـفـســيـر الـصــافـي .
وفي الإكمال عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( رض ) قال لما نزلت هذه الآية قلت يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن أولي الأمر الذين قرنهم الله طاعتهم بطاعتك فقال هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي صلوات الله عليهم المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرئه مني السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي محمد وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي صلوات الله عليهم ، ذاك الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان قال جابر فقلت له يا رسول الله فهل لشيعته الإنتفاع به في غيبته فقال أي والذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيؤون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان تجلاها سحاب يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله والأخبار في هذا المعنى في الكتب المتداولة المعتبرة لا تحصى كثرة .
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام اعرفوا الله بالله تعالى والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالمعروف والعدل والإحسان .
وفي العلل عنه عليه السلام لا طاعة لمن عصى الله وإنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر إنما أمر الله بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية فإن تنازعتم أيها المأمورون في شيء من أمور الدين فردوه فراجعوا فيه إلى الله إلى محكم كتابه والرسول بالسؤال عنه في زمانه وبالأخذ بسنته والمراجعة إلى من أمر بالمراجعة إليه بعده فانها رد إليه .
القمي عن الصادق عليه السلام قال نزل فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والى الرسول والى أولي الأمر منكم .
وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام انه تلا هذه الآية هكذا فان خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم قال كذا نزلت وكيف يأمرهم الله عز وجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم انما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم أطيعوا الله .
وفي نهج البلاغة في معنى الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال انا لم نحكم الرجال وانما حكمنا القرآن وهذا القرآن انما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولا بد له من ترجمان وانما ينطق عنه الرجال ولما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله تعالى وقال سبحانه فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول فرده إلى الله أن نحكم بكتابه ورده إلى الرسول أن نأخذ بسنته فإذا حكم بالصدق كتاب الله فنحن أحق الناس به وان حكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنحن أولاهم به وقال عليه السلام في عهده للأشتر واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور فقد قال الله سبحانه لقوم أحب ارشادهم يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول فالراد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والراد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة .
وفي الإحتجاج عن الحسين بن علي عليه السلام في خطبته واطيعونا فان طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله وطاعة رسوله مقرونة قال الله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول وقال ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر فان الإيمان يوجب ذلك أي الرد خير وأحسن تأويلا من تأويلكم بلا رد .
الـخــلاصــة :
إن ما يعنينا في الآية المباركة هو قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) فهناك عدة أراء لدى المسلمين في تفسيره ، فمنهم من يرى أن المقصود هم ( الفقهاء والعلماء ) ، ويرى البعض أن المقصود هم ( الحكام و الأمراء والسلاطين )
ويرى البعض الآخر أن المقصود هم ( أئمة المسلمين الإثني عشر ) أولهم الإمام علي بن أبي طالب (ع) وآخرهم الإمام محمد المهدي (ع) .
وسؤالنا لأتباع محمد بن عبدالوهاب يدور حول المراد من قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم )
فكما هو معروف أن أتباع محمد بن عبدالوهاب يعتقدون ويؤمنون بان المراد من قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) هم الحكام والأمراء والسلاطين ، ومن منطلق هذا الاعتقاد نستوضح ونتساءل :
إن الإستعمار والإستكتبار العالمي نجح في تمزيق الوحدة الإسلامية وأصبح المسلمون يعيشون في دول إسلامية شتى بعد أن كانت هناك دولة إسلامية واحدة ، وبعد أن كان هناك حاكم للدولة الإسلامية أصبح هناك حكام وأمراء لهذه الدول ، بعد أن كان حاكما واحدا للمسلمين في وقت وزمن واحد ، أصبح هناك حكام وأمراء كثيرون في وقت وزمن واحد .
فلو فرضنا أن المراد من قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) هم الحكام والأمراء ، ألا يتبادر إلى الذهن أن الصحابة يكونوا قد سألوا الرسول (ص) عن المقصود من أولوا الأمر ؟ وعن صفتهم وشخصيتهم ؟
فيا من تأخذون سنة الرسول من غير أهل بيته عليه وعليهم السلام أفيدوني هل سأل الصحابة عن معنى ( أولى الأمر منكم ) عند نزول هذه الآية ؟ أم لم يسألوا ذلك ولم يتبادر إلى ذهنهم هذا التساؤل ؟ وإذا سألوا ماذا كان رد الرسول (ص) ؟ أم أن الصحابة سألوا ذلك والرسول (ص) رد عليهم ولكن التاريخ الذي لم يسلم من التزوير قد أضاع الحقيقة ، ووضع المسلمين في حيرة من أمرهم إذا أن التاريخ في الأغلب كان ولا يزال يكتب لصالح من له السلطة والحكم ؟
يا من تأخذون السنة من غير أهل بيت الرسول (ص) أفيدوني ما مناسبة قول الرسول (ص) المروي في أصح الكتب لديكم ؟؟
صحيح مسلم - كتاب الإمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش :
( لاَ يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ اَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)
( اِنَّ هَذَا الاَمْرَ لاَ يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً - قَالَ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ خَفِيَ عَلَىَّ - قَالَ - فَقُلْتُ لاَبِي مَا قَالَ قَالَ " كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ " ) .
وهل فعلا الراوي لم يسمع ؟ أم التاريخ لم يسمع ؟ أم الأمراء والحكام الذين تعتقدون بأنهم هم أولى الأمرجعلوا الراوي لم يسمع ؟ :
فابحثوا عن الحق الذي هو واضح وجلي ، ولكن بحاجة إلى تنازل بسيط عن الحقد والبغض والتقليد الأعمى .
تساؤل آخر في هذا السياق :
لو فرضنا جدلا وقبلنا أن المقصود في الآية هم ( الأمراء والحكام ) وسايرنا أتباع متبعي محمد بن عبدالوهاب في هذا الإعتقاد ، فهذا يعني أنه يجب على كل منا أن يطيع حاكمه أو رئيسه أو ملكه أو سلطانه أو أميره وفقا للمصطلحات العصرية فيا ترى ماذا يفعل الشخص الأمريكي أبا عن جد أو البريطاني أبا عن الجد أو الهندي أبا عن الجد لو آمن وأعتقد باعتقاد محمد بن عبدالوهاب في هذه الجزئية أن ولي الأمر هو الرئيس أو الحاكم أو الملك أو السلطان أو الأمير فهل على الأمريكي أن يطيع ( جورج بوش ) ؟ وهل على البريطاني أن يطيع ( توني بلير ) وهل على الهندي أن يطيع ( فاجبهاي ) بأعتبارهم أولي الأمر ؟
هذا من جهة ومن جهة أخرى إذا كان ولي الأمر غير مسلم سواء كان يهوديا أو مسيحيا أو بوذيا فيا ترى ماذا يفعل ؟ هل يكون في حل من أن يطيع ولي أمره لأنه غير مسلم ؟ أم عليه أن يبحث عن ولي أمر في دول إسلامية ويختار ؟ وكيف ستحل كثير من الإشكالات المترتبة على ذلك ؟
ومن جهة ثالثة ماذا لو كان ولي الأمر امرأة ، فيا ترى ماذا يفعل المسلم البنغالي مثلا أو الأندونيسي في هذه الحالة ؟
ومن جهة رابعة والأخيرة في الدول الإسلامية هل فعلا أن الله سبحانه وتعالى قصد من أولى الأمر الحكام والأمراء ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يحلل الخمور في بلدانهم ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يمد يد العون للصهاينة ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يعتمد اقتصاد بلده على الفسق والفجور ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يسمح في بلده إحياء السهرات الماجنة والرقص في الأيام العادية وفي شهر رمضان المبارك ؟ هل وهل وهل … ؟؟
معاذ الله أن يأمرنا الله بإطاعة العاصين ، ولا يمكن في حال من الأحوال أن يكون في إطاعة العاصي رضا رب العالمين !! ما لكم كيف تحكمون ؟
وإنني بانتظار أتباع متبعي محمد بن عبدالوهاب أن يجيبوا على التساؤلات المطروحة .
الحمد الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
وقبل أن أطرح سؤالي على أتباع متبعي محمد بن عبدالوهاب يستحسن بي أن أشير إلى ما جاء في تفسير هذه الآية المباركة لدى المسلمين .
أولا : تـفـســيـر الـطــبـري .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَمْر مِنْكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه رَبّكُمْ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَأَطِيعُوا رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ فِي طَاعَتكُمْ إِيَّاهُ لِرَبِّكُمْ طَاعَة , وَذَلِكَ أَنَّكُمْ تُطِيعُونَهُ لأَمْرِ اللَّه إِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ .
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِاتِّبَاعِ سُنَّته .
وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ الرَّسُول فِي حَيَاته . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : هُوَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ رَسُوله فِي حَيَاته فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى , وَبَعْد وَفَاته فِي اِتِّبَاع سُنَّته ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَمَّ بِالأَمْرِ بِطَاعَتِهِ وَلَمْ يُخَصِّص ذَلِكَ فِي حَال دُون حَال , فَهُوَ عَلَى الْعُمُوم حَتَّى يَخُصّ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ .
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي أُولِي الأَمْر الَّذِينَ أَمَرَ اللَّه عِبَاده بِطَاعَتِهِمْ فِي هَذِهِ الآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ هُمْ الْأُمَرَاء .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم وَالْفِقْه . أُولِي الْفِقْه فِي الدِّين وَالْعَقْل .
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { وَأُولِي الأمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم , أَلا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الأمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ؟ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرُبَّمَا أُولِي الْفَضْل وَالْفِقْه وَدِين اللَّه .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ اِخْتَلَفْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينكُمْ أَنْتُمْ فِيمَا بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَوُلاة أَمْركُمْ فَاشْتَجَرْتُمْ فِيهِ , { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه } يَعْنِي بِذَلِكَ : فَارْتَادُوا مَعْرِفَة حُكْم الَّذِي اِشْتَجَرْتُمْ أَنْتُمْ بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَأُولُو أَمْركُمْ مِنْ عِنْد اللَّه , يَعْنِي بِذَلِكَ : مِنْ كِتَاب اللَّه , فَاتَّبِعُوا مَا وَجَدْتُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { وَالرَّسُول } فَإِنَّهُ يَقُول : فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا إِلَى عِلْم ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه سَبِيلا , فَارْتَادُوا مَعْرِفَة ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عِنْد الرَّسُول إِنْ كَانَ حَيًّا , وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَمِنْ سُنَّته : { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَقُول : اِفْعَلُوا ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { ذَلِكَ } فَرَدّ مَا تَنَازَعْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء إِلَى اللَّه وَالرَّسُول , خَيْر لَكُمْ عِنْد اللَّه فِي مَعَادكُمْ , وَأَصْلَح لَكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ , لأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوكُمْ إِلَى الأُلْفَة , وَتَرْك التَّنَازُع وَالْفُرْقَة . { وَأَحْسَن تَأْوِيلا } يَعْنِي : وَأَحْمَد مَوْئِلا وَمَغَبَّة , وَأَجْمَل عَاقِبَة .
ثانيا : تـفـســيـر تـقـريـب الـقـرآن إلـى الأذهـان .
وحيث بيّن سبحانه ما يجب على الحاكم من العدل بيّن ما يجب على الأمة تجاه الحاكم العادل من الإطاعة والسمع وبيّن الحاكم الذي يحق له أن يحكم بقوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ)) بالإئتمار بأوامره والإنزجار عن زواجره ((وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ)) قد تقدّم سابقاً أن إطاعة الرسول هي إطاعة الله وإنما يذكران معاً تبجيلاً للرسول ولإفادة أن أوامره كأوامر الله سبحانه ((وَ)) أطيعوا ((أُوْلِي الأَمْرِ)) أي أصحاب السلطة الذين بيدهم الأمر ((مِنكُمْ)) وقد عيّن أولوا الأمر في غير واحد من الأحاديث أنهم الأئمة الهداة الإثنى عشر عليهم الصلاة والسلام وهم علي أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي ، أما إطاعة العلماء المراجع فهي طاعة لأولي الأمر، إذ هم نوّابهم ، أما مَن زعم أن المراد بأولي الأمر كل حاكم فهذا يستلزم التناقض فكيف يمكن الجمع بين من يبيع الخمر والله سبحانه الذي يحرّمها، وهكذا، ولذا إشترطت الشيعة في النبي والأئمة العصمة وفي العلماء العدالة ((فَإِن تَنَازَعْتُمْ)) أي حدثت بينكم المنازعة والمخاصمة ((فِي شَيْءٍ)) من أمور دينكم ((فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ)) حتى ترون أن القرآن والسُنّة مع أيّ جانب ، ومن حسن الحظ أنه ليس شيء يحتاج إليه الأمة في أيّ دور أو مصير يخلو منه الكتاب والسُنّة أما بالخصوص أو بالعموم ، ومن المعلوم أن الرد الى أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ردّ إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كما إن الردّ إلى العلماء النوّاب لهم ردّاً لهم كما قال (عليه السلام) : (أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حُجّتي عليكم وأنا حُجّة الله) ((إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) أما الرد الى غيرهما فذلك من مقتضيات الكفر كما قال سبحانه (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ((ذَلِكَ)) الردّ إلى الله والرسول في صورة التنازع ((خَيْرٌ)) لأن إرشاداتهما لصلاح دينكم ودنياكم ((وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) أي من جهة الأول والعاقبة فإن عاقبة الحق خير من عاقبة الباطل، والعاقبة تُسمى تأويلاً لأنه مآل الأمر ومرجعه ويحتمل أن يكون المراد أنه أحسن من تأويلكم إياه.
ثالثا : تـفـســيـر الـصــافـي .
وفي الإكمال عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( رض ) قال لما نزلت هذه الآية قلت يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن أولي الأمر الذين قرنهم الله طاعتهم بطاعتك فقال هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي صلوات الله عليهم المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرئه مني السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي محمد وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي صلوات الله عليهم ، ذاك الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان قال جابر فقلت له يا رسول الله فهل لشيعته الإنتفاع به في غيبته فقال أي والذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيؤون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان تجلاها سحاب يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله والأخبار في هذا المعنى في الكتب المتداولة المعتبرة لا تحصى كثرة .
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام اعرفوا الله بالله تعالى والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالمعروف والعدل والإحسان .
وفي العلل عنه عليه السلام لا طاعة لمن عصى الله وإنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر إنما أمر الله بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية فإن تنازعتم أيها المأمورون في شيء من أمور الدين فردوه فراجعوا فيه إلى الله إلى محكم كتابه والرسول بالسؤال عنه في زمانه وبالأخذ بسنته والمراجعة إلى من أمر بالمراجعة إليه بعده فانها رد إليه .
القمي عن الصادق عليه السلام قال نزل فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والى الرسول والى أولي الأمر منكم .
وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام انه تلا هذه الآية هكذا فان خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم قال كذا نزلت وكيف يأمرهم الله عز وجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم انما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم أطيعوا الله .
وفي نهج البلاغة في معنى الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال انا لم نحكم الرجال وانما حكمنا القرآن وهذا القرآن انما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولا بد له من ترجمان وانما ينطق عنه الرجال ولما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله تعالى وقال سبحانه فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول فرده إلى الله أن نحكم بكتابه ورده إلى الرسول أن نأخذ بسنته فإذا حكم بالصدق كتاب الله فنحن أحق الناس به وان حكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنحن أولاهم به وقال عليه السلام في عهده للأشتر واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور فقد قال الله سبحانه لقوم أحب ارشادهم يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول فالراد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والراد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة .
وفي الإحتجاج عن الحسين بن علي عليه السلام في خطبته واطيعونا فان طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله وطاعة رسوله مقرونة قال الله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول وقال ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر فان الإيمان يوجب ذلك أي الرد خير وأحسن تأويلا من تأويلكم بلا رد .
الـخــلاصــة :
إن ما يعنينا في الآية المباركة هو قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) فهناك عدة أراء لدى المسلمين في تفسيره ، فمنهم من يرى أن المقصود هم ( الفقهاء والعلماء ) ، ويرى البعض أن المقصود هم ( الحكام و الأمراء والسلاطين )
ويرى البعض الآخر أن المقصود هم ( أئمة المسلمين الإثني عشر ) أولهم الإمام علي بن أبي طالب (ع) وآخرهم الإمام محمد المهدي (ع) .
وسؤالنا لأتباع محمد بن عبدالوهاب يدور حول المراد من قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم )
فكما هو معروف أن أتباع محمد بن عبدالوهاب يعتقدون ويؤمنون بان المراد من قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) هم الحكام والأمراء والسلاطين ، ومن منطلق هذا الاعتقاد نستوضح ونتساءل :
إن الإستعمار والإستكتبار العالمي نجح في تمزيق الوحدة الإسلامية وأصبح المسلمون يعيشون في دول إسلامية شتى بعد أن كانت هناك دولة إسلامية واحدة ، وبعد أن كان هناك حاكم للدولة الإسلامية أصبح هناك حكام وأمراء لهذه الدول ، بعد أن كان حاكما واحدا للمسلمين في وقت وزمن واحد ، أصبح هناك حكام وأمراء كثيرون في وقت وزمن واحد .
فلو فرضنا أن المراد من قوله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) هم الحكام والأمراء ، ألا يتبادر إلى الذهن أن الصحابة يكونوا قد سألوا الرسول (ص) عن المقصود من أولوا الأمر ؟ وعن صفتهم وشخصيتهم ؟
فيا من تأخذون سنة الرسول من غير أهل بيته عليه وعليهم السلام أفيدوني هل سأل الصحابة عن معنى ( أولى الأمر منكم ) عند نزول هذه الآية ؟ أم لم يسألوا ذلك ولم يتبادر إلى ذهنهم هذا التساؤل ؟ وإذا سألوا ماذا كان رد الرسول (ص) ؟ أم أن الصحابة سألوا ذلك والرسول (ص) رد عليهم ولكن التاريخ الذي لم يسلم من التزوير قد أضاع الحقيقة ، ووضع المسلمين في حيرة من أمرهم إذا أن التاريخ في الأغلب كان ولا يزال يكتب لصالح من له السلطة والحكم ؟
يا من تأخذون السنة من غير أهل بيت الرسول (ص) أفيدوني ما مناسبة قول الرسول (ص) المروي في أصح الكتب لديكم ؟؟
صحيح مسلم - كتاب الإمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش :
( لاَ يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ اَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)
( اِنَّ هَذَا الاَمْرَ لاَ يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً - قَالَ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ خَفِيَ عَلَىَّ - قَالَ - فَقُلْتُ لاَبِي مَا قَالَ قَالَ " كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ " ) .
وهل فعلا الراوي لم يسمع ؟ أم التاريخ لم يسمع ؟ أم الأمراء والحكام الذين تعتقدون بأنهم هم أولى الأمرجعلوا الراوي لم يسمع ؟ :
فابحثوا عن الحق الذي هو واضح وجلي ، ولكن بحاجة إلى تنازل بسيط عن الحقد والبغض والتقليد الأعمى .
تساؤل آخر في هذا السياق :
لو فرضنا جدلا وقبلنا أن المقصود في الآية هم ( الأمراء والحكام ) وسايرنا أتباع متبعي محمد بن عبدالوهاب في هذا الإعتقاد ، فهذا يعني أنه يجب على كل منا أن يطيع حاكمه أو رئيسه أو ملكه أو سلطانه أو أميره وفقا للمصطلحات العصرية فيا ترى ماذا يفعل الشخص الأمريكي أبا عن جد أو البريطاني أبا عن الجد أو الهندي أبا عن الجد لو آمن وأعتقد باعتقاد محمد بن عبدالوهاب في هذه الجزئية أن ولي الأمر هو الرئيس أو الحاكم أو الملك أو السلطان أو الأمير فهل على الأمريكي أن يطيع ( جورج بوش ) ؟ وهل على البريطاني أن يطيع ( توني بلير ) وهل على الهندي أن يطيع ( فاجبهاي ) بأعتبارهم أولي الأمر ؟
هذا من جهة ومن جهة أخرى إذا كان ولي الأمر غير مسلم سواء كان يهوديا أو مسيحيا أو بوذيا فيا ترى ماذا يفعل ؟ هل يكون في حل من أن يطيع ولي أمره لأنه غير مسلم ؟ أم عليه أن يبحث عن ولي أمر في دول إسلامية ويختار ؟ وكيف ستحل كثير من الإشكالات المترتبة على ذلك ؟
ومن جهة ثالثة ماذا لو كان ولي الأمر امرأة ، فيا ترى ماذا يفعل المسلم البنغالي مثلا أو الأندونيسي في هذه الحالة ؟
ومن جهة رابعة والأخيرة في الدول الإسلامية هل فعلا أن الله سبحانه وتعالى قصد من أولى الأمر الحكام والأمراء ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يحلل الخمور في بلدانهم ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يمد يد العون للصهاينة ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يعتمد اقتصاد بلده على الفسق والفجور ؟ هل فعلا أمرنا أن نطيع من يسمح في بلده إحياء السهرات الماجنة والرقص في الأيام العادية وفي شهر رمضان المبارك ؟ هل وهل وهل … ؟؟
معاذ الله أن يأمرنا الله بإطاعة العاصين ، ولا يمكن في حال من الأحوال أن يكون في إطاعة العاصي رضا رب العالمين !! ما لكم كيف تحكمون ؟
وإنني بانتظار أتباع متبعي محمد بن عبدالوهاب أن يجيبوا على التساؤلات المطروحة .
تعليق