إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التعاون الاجتماعي بين السلب والايجاب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التعاون الاجتماعي بين السلب والايجاب

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،


    ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ([1]) .



    الإسلام وضع القواعد والأسس الأولية لبناء المجتمع الإسلامي الرصين الذي كان ينشده ولم يألوا جهداً في ذلك من جملة تلك القواعد الوحدة والتعاون والتآلف والإحسان إلى الآخرين ، وحث أفراد المجتمع على تحقيق هذه القاعدة .


    إن التحديات التي تمر بها الأمة الإسلامية في الوقت الراهن كفيلة لان تستيقظ من سباتها العميق التي كانت تغط فيه طيلة فترة مئات السنين بل أصبحت الآن ميتة لا حراك فيها فتحتاج إلى حياة جديدة .



    الأمة الإسلامية كانت أفضل الأمم في مختلف جوانب الحياة فحضارتها خير الحضارات ودينها خير الأديان ودستورها حير الدساتير وصار غيرها يغترف من نمير علمها وبلغت من العزة والكرامة والرفعة ما لم يبلغ غيرها حتى أنتشر دينها في أصقاع العالم وعم خيره وعد له جميع المستضعفين فكانت هذه الأمة سيدة الأمم وفائدتها كل ذلك بفضل تمسكها بدينها وقواعده ومبادئه الرصينة (كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )


    نعم تكون خير أمة إذا أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر و اتحدت وتعاونت على البر والتقوى ولم تتعاون على الإثم والعدوان .


    والآية المباركة تتحدث عن المبادئ الإيجابية التي تحيي الأمة وتبعثها من جديد وتأكد على هذه المبادئ بل وتوجب التمسك بها .



    السلبية التي تهدم المجتمع الإسلامي وتفرقه وتمزقه وتجعل الأمة الإسلامية متأخرة وذليلة خانعة و هذه المبادئ قد حذر الإسلام منها ونهى عنها بشدة وتوعد العذاب الأليم في الدنيا والآخرة .



    تفسير الآية:قبل الدخول في الموضوع ينبغي أن يفسر ويوضح مفردات الآية المباركة



    البر : فسر الله سبحانه في بعض المواضع البر في القرآن الكريم بالإيمان والإحسان قال تعالى : ( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) [2]



    قال السيد الطباطبائي :



    التقوى : والتقوى مراقبة أمر الله ونهيه ، فيعود معنى التعاون على البر والتقوى إلى الاجتماع على الإيمان والعمل الصالح على أساس تقوى الله ، وهو الصلاح والتقوى الاجتماعيان ، ويقابله التعاون على الإثم الذي هو العمل السيئ المستتبع للتأخر في أمور الحياة السعيدة ، وعلى العدوان وهو التعدي على حقوق الناس الحقة بسلب الأمن من نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم ثم أكد سبحانه نهيه عن الاجتماع على الإثم والعدوان بقوله : " وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " وهو في الحقيقة تأكيد على تأكيد . [3]



    العدوان مطلق التجاوز سواء كان جائزاً ممدوحاً أو محظوراً مذموماً قال تعالى(فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ )[4] وقال تعالى : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) فهو أعم موردا من الظلم ومعناه في الآية تعدى الحدود التى حدها الله تعالى [5]


    وقال الشيخ الطوسي :



    أمر الله تعالى الخلق بان يعين بعضهم بعضا على البر وهو العمل بما أمرهم الله به ، واتقاء ما نهاهم عنه ، ونهاهم أن يعين بعضهم بعضا على الإثم . وهو ترك ما أمرهم به ، وارتكاب ما نهاهم عنه من العدوان ، ونهاهم أن يجاوزوا ما حدد الله لهم في دينهم ، وفرض لهم في أنفسهم وبه قال ابن عباس وأبو العالية وغيرهما من المفسرين . وقوله : " وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " أمر من الله ، ووعيد وتهديد لمن اعتدى حدوده ، وتجاوز أمره يقول الله : ومعناه احذروا معاصيه وتعدي حدوده فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فتستوجبوا عقابه متى خالفتم وتستحقوا اليم عقابه.


    ثم وصف عقابه بالشدة فقال : إن الله شديد العقاب لمن يعاقبه من خلقه ، لأنه نار لا يطفأ حرها ، ولا يخمد جمرها ، ولا يسكن لهيبا ( نعوذ بالله منها )[6] .



    الجانب الإيجابي في التعاون الحث على التعاون :



    في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لأولاده : الله الله في النساء وما ملكت أيمانكم لا تخافن في الله لومة لائم ، يكفيكم الله من أرادكم وبغى عليكم وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز وجل . لا تتركن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم . عليكم يا بني بالتواصل والتباذل والتبار ، وإياكم والتقاطع والتدابر و التفرق ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب . [7]



    الأمر بالتبار



    عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : (تواصلوا وتباروا وتراحموا ، وكونوا أخوة بررة كما أمركم الله عزوجل) [8]) .


    عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا) [9]


    عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : اتقوا الله ، وكونوا أخوة بررة ، متحابين في الله ، متواصلين متراحمين ([10]) .


    الآثار الإيجابية للبر



    وكل آثاره إيجابية وخارجة عن الأسباب المادية وإليك بعضها:



    1 - طول العمر : إن من أهم الأمور التي ينشدها الإنسان ويسعى إليها بكل جهده ويبذل الغالي والنفيس هو طول عمره وقد تقدم الإنسان في مختلف ميدان العلم والمعرفة وتطورت وسائل التكنولوجيا وأستعمل مختلف وسائل الراحة والترفيه وحارب جميع الأمراض التي تفتك بالإنسان ومع هذا كله لم يتمكن إلى حد الآن أن يمد عمر الإنسان من عشرات السنين إلى مئات السنين وأصبح هذا الموضوع من ألغاز عالم الطبيعة إن طول عمر الإنسان وقصره بيد الله سبحانه وقد جعل استعمال بعض ما يأمر به موجبا لطول العمر مثل التعاون على البر والتقوى.


    فعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا يزيد في العمر إلا البر ) ([11]) .


    وعن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : من حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره ([12]).



    وبعض ما ينهى عنه سبباً لقصر العمر مثل التعاون على الإثم والعدوان .



    2- سرعة الخير : إن الإنسان خُلق عجولا ويتعجل في كثير من الأمور ويريد أن يقطف الثمار فإن من أسرع الخير ثواباً هو البر.


    فعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن أسرع الخير ثوابا البر ، وإن أسرع الشر عقابا البغي ([13]) .



    3- طرد الفقر : الفقر المادي المذموم الذي كاد أن يكون كفراً ويتعوذ الناس منه ويفرون منه فرارهم من الحيوان المفترس وهو أحد أسباب الذل والهزيمة للإنسان وهو من أهم أسباب الانحراف الفقر الذي يحاربه الإنسان بمختلف الوسائل المتاحة لديه ويحاول أن يطرده بكل قوة إن التعاون على البر والتقوى والخير يطرده ويبعده.


    فعن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : البر وصدقة السر ينفيان الفقر ، ويزيدان في العمر ، ويدفعان عن سبعين ميتة سوء ([14]) .



    4- إرغام الشيطان : الشيطان العدو اللدود للإنسان والذي يريد أن يوقع الإنسان في العدوة والبغضاء والفحشاء والمنكر ويأخذ بيده إلى غضب الله وإلى نار جهنم فيجب على الإنسان أن يتخذه عدوا ويتعرف على خدعه وأحابيله وأساليب ردعه ويحاربه وإن من أهم أسباب التغلب على الشيطان وإرغامه ومحاربته هو التعاون على البر والتقوى والاتحاد والإتلاف والاجتماع على الحق والهدى وكل هذه الأمور مفوتة على الشيطان خططه وترغمه عن الابتعاد عن الإنسان.


    فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) - من كلامه للراوي - : (من صالح الأعمال البر بالإخوان والسعي في حوائجهم ، ففي ذلك مرغمة للشيطان وتزحزح عن النيران ودخول الجنان ، أخبر بهذا غرر أصحابك . . . هم البررة بالإخوان في العسر واليسر). ( [15]) .



    5- سبب دخول الجنة : عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( يأتي يوم القيامة شيء مثل الكبة فيدفع في ظهر المؤمن فيدخله الجنة ، فيقال : هذا البر) ( [16] ) .



    6- يصلح الأحوال : كثيرا ما تكون أحوال الإنسان الفردية والعائلية والاجتماعية والدولية غير صالحة وغير مستقيمة وإصلاحها قد يتطلب الشيء الكثير والتي تثقل كاهله ولكن التعاون على البر والتقوى وتحقيق الوحدة الاجتماعية كفيلة أن تصلح أحواله.


    فعن الإمام علي ( عليه السلام) : ( البر عمل مصلح فإذا بر عائلته أو أرحامه أو أصدقائه فقد أصلح حالهم وحاله) ( [17] ).



    إصلاح الأولاد



    من القواعد الاجتماعية والأساليب التربوية أن الإنسان إذا بر أباه فإن أولاده سوف يبرونه فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( بروا آباءكم يبركم أبناؤكم ) ( [18]).




    أمثلة على البر


    أبواب البر : عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ثلاث من أبواب البر : ( سخاء النفس ، وطيب الكلام ، والصبر على الأذى ) ([19]) .




    كنوز البر :عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : أربع من كنوز البر : ( كتمان الحاجة ، وكتمان الصدقة ، وكتمان الوجع ، وكتمان المصيبة ) ([20]).



    أوصاف البار


    1- الإيمان بالله : قال تعالى : ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ( [21]) .



    2- تقوى الله :قال تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ([22]) .



    علامة البار عشرة



    عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أما علامة البار فعشرة : يحب في الله ، ويبغض في الله ، ويصاحب في الله ، ويفارق في الله ، ويغضب في الله ، ويرضى في الله ، ويعمل لله ، ويطلب إليه ، ويخشع لله خائفا مخوفا طاهرا مخلصا مستحييا مراقبا ، ويحسن في الله) ([23]).




    الشهادة أعلى مراتب البر



    إذا كان أحد الأفراد يبر الآخرين بماله أوبجاهه أو بكلمة يتصدق بها على المجتمع ويقدم لهم النفع بذلك ويصلح أحوالهم فإن الشهيد يقدم لهم كل ما يملك في هذه الحياة أعز مالديه وهو دمه وحياته ،يموت ليحيوا ،يريق دمه لأجل أن يلبسهم لباس الحريه والعيش الرغيد لانه يرفع عنهم الذل والعبوديه والاستبداد والظلم لان يعيشوا حياة سعيده فحينئذ لا غرو أن يكون هو أبر الناس وبره فوق كل بر.


    فعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( فوق كل ذي بر بر حتى يقتل الرجل في سبيل الله ، فليس فوقه بر ) ([24]).



    التعاون السلبي :التعاون أعم من الايجابي والسلبي فكلما يطلق على الجانب الايجابي على البر والتقوى وتعاون كذلك يطلق على الجانب السلبي مثل الظلم والعدوان والاثم تعاون غاية الأمر أن الأول محمود وممدوح والثاني مبغوض ومذموم .



    1- ضبط المجالس : الجلسات التي تعقد بين الاهل أو الاصدقاء هي بدايةالتعاون على الاثم والعدوان وعادة الجانب التطبيقي يكون مسبوغاً بعقد المجالس والمشاورات فهي المقدمة وقد تكون مجالس عفوية وروتينية ويدور فيها الحديث إلا أنها سرعان ما تتحول إلى الأحاديث بالباطل والإثم والعدوان لذلك حذر المولى من هذه الأمور ونهى عنها وأن المناجات مع الآخرين والتي هي عبارة عن المحادثات معهم لا يجوز أن تكون بالإثم والعدوان بل يجب أن تكون بالآمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى فيجب أن تضبظ تلك المجالس وتحكم. كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) ([25]).




    عدم الناصر



    روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : ( لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء ). [26]



    هذه الرواية تمثل الصورة الواقعية للأمة الإسلامية الآن واقصد بذلك القسم الأخير من الرواية فبعد أن تخلت الأمة عن القيام بمسؤوليتها إزاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم تتعاون على البر والتقوى بل على العكس من ذلك الكثير منها تعاون على الإثم والعدوان ومعصية الرسول صلى الله عليه وآله.


    نعم الكثير منها ابتعد عن البر والتقوى والإحسان والعدل وأصبح ابعد ما يكون عن الدين ومبادئه وعقائده بل وأكثر من ذلك ومع الأسف الشديد فإن الحملة المسعورة التي يشنها المستعمر الكافر و الإبادة الجماعية في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين بمساعدة الشيطان الأكبر (أمريكا) تجد أذن صاغية من بعض الأمة الإسلامية بل التأييد في ذلك ، إن هذا أبرز التعاون على الإثم والعدوان.



    والنتيجه ماذكرته الرواية عدم البركات وعدم الناصر في الارض ولا في السماء أما عدم البركه : فواضح حيث الديون على الدولة الإسلامية في كل يوم تزداد والفقر على الشعوب الإسلامية يظلهم بظله وأما عدم الناصر: في الأرض فلان الامة قد قتلت عن بعضها البعض وكل لا يهمه إلا نفسه وليس عنده أي شعور بالآخرين.


    وأما عدم الناصر في السماء : فواضح أيضا لأن الأمة لم تغير نفسها وتقصيرها (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فعدم الناصر أمر طبيعي حسب الاسباب والمسببات.


    خطر التعاون على الإثم العدوان



    بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام اعترض عليه حول بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن الناس في يوم القيامة وبالأخص العصاة فمرة تتحدث عنهم وهم يتكلمون ومره مختوم على أفواههم وكذلك أيديهم وأرجلهم فقال السائل :" فمرة يتكلمون ، ومرة لا يتكلمون ، ومرة ينطق الجلود و الأيدي والأرجل ، ومرة لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا فأنى ذلك يا أمير المؤمنين ؟


    فقال له عليه السلام : إن ذلك ليس في موطن واحد وهى في مواطن في ذلك اليوم الذى مقداره خمسون ألف سنة ، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه ، فيكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض ، أولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل والاتباع ، وتعاونوا على البر والتقوى في دار الدنيا ، ويلعن أهل المعاصي بعضهم بعضا من الذين بدت منهم المعاصي في دار الدنيا ، وتعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا ، والمستكبرون منهم ، والمستضعفون يلعن بعضهم بعضا و يكفر بعضهم بعضا ، ثم يجمعون في موطن يفر بعضهم من بعض ، وذلك قوله ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ )


    إذا تعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) ثم يجمعون في موطن يبكون فيه فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلائق عن معايشهم وصدعت الجبال إلا ما شاء الله ، فلا يزالون يبكون حتى يبكون الدم ثم يجتمعون في موطن يستنطقون فيه ، فيقولون " وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " ولا يقرون بما عملوا ، فيختم الله على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود ، فتنطق فتشهد بكل معصية بدت منهم ، ثم يرفع الخاتم عن ألسنتهم فيقولون لجلودهم وأيديهم وأرجلهم لم شهدتم علينا ؟ فتقول أنطقنا الله الذى أنطق كل شئ ، ثم يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، ويجتمعون في موطن يختصمون فيه ويدان لبعض الخلائق من بعض وهو القول ، وذلك كله قبل الحساب ، فإذا أخذ بالحساب شغل كل امرئ بما لديه ، نسئل الله بركة ذلك اليوم . ([27] )



    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين

  • #2
    بسمه تعالى
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أحسنتم على طرح الموضوع رائع ووفقكم الله

    أمر الله تعالى الخلق بان يعين بعضهم بعضا على البر وهو العمل بما أمرهم الله به ، واتقاء ما نهاهم عنه ، ونهاهم أن يعين بعضهم بعضا على الإثم . وهو ترك ما أمرهم به ، وارتكاب ما نهاهم عنه من العدوان ، ونهاهم أن يجاوزوا ما حدد الله لهم في دينهم ، وفرض لهم في أنفسهم وبه قال ابن عباس وأبو العالية وغيرهما من المفسرين . وقوله : " وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " أمر من الله ، ووعيد وتهديد لمن اعتدى حدوده ، وتجاوز أمره يقول الله : ومعناه احذروا معاصيه وتعدي حدوده فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فتستوجبوا عقابه متى خالفتم وتستحقوا اليم عقابه
    ونحن في زمن تغير الوضع تركوا ما امر الله به


    عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : اتقوا الله ، وكونوا أخوة بررة ، متحابين في الله ، متواصلين متراحمين

    ومن مشاغل الدنيا تركنا الاحباب واغفلنا على انفسنا الابواب

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

    يعمل...
    X