السيرة المحمّدية
دراسة تحليليَّة للسيرة المحمّدية
على ضوء الكتاب والسُّنّة
والتاريخ الصحيح
الاَُستاذ المحقّق
الشيخ جعفر السبحاني
اعداد واقتباس:تعريب
الدكتور يوسف جعفر سعادةالشيخ جعفر الهادي
________________________________________
( 5 )
مقدمة الموَلّف
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ أعظم صفحات التاريخ قيمة، هي تلك التي تعكس لنا حياة العظماء، وسيرةالرجال الخالدين، والتي تبحث عنهم بصدق وأمانة وموضوعية، ذلك إنّهم معجزة الخليقة بلا ريب، وحياتهم في الحقيقة ملحمة التاريخ الكبرى، وساحة البطولات الخالدة، ومسرح الحماسات العظمى الحيَّة النابضة على مر العصور.
لقد كان أُولئك العظماء يعيشون على خط الثوارات و التغييرات الاجتماعية، تجد مصداقيّتها في حياتهم، وتتجسّد في مواقفهم،ولهذا كانوا يشكّلون حلقة الاتّصال بين مظاهرالدنيا المختلفة المتناقضة، فكانت حياتهم الحافلة بالاَحداث، شاهدةً للاَلوان والمشاهد المثيرة المتنوعة.
ويأتي على رأس أُولئك الرجال التاريخيين والعظماء الخالدين، رسولُ الاِسلام العظيم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إذ أنّه لم تتسم حياة أحد ـ من حيث وفرة الاَحداث وعظمة الاَمواج ـ كما اتّسمت حياته«صلى الله عليه وآله وسلم» ، ولا اتّصفت شخصيةً بمثل ما اتّصف به ذلك النبيُّ العظيم. فلم يستطع أحدٌ سواه، أن يوَثّر في بيئته،ثمّ في جميع أنحاء العالم، وينفذ إلى أعماق الاَعماق بمثل السرعة والسعة التي حصلت له (صلى الله عليه وآله وسلم) .
إنّمطالعة عميقة لسيرة وحياة هذا الاِنسان العظيم، قادرة على أن تعلمنا الكثيرَ الكثيرَ، وأن توقفنا على مشاهد متنوعة في غاية النفع ومنتهى الفائدة.
وقد أُلّفت حول حياة رسول الاِسلام كتبٌ ورسائل ودراسات كثيرةٌ، بحيث
________________________________________
( 6 )
لو أُتيح لنا أن نجمعها في مكان واحد، لشكّلت مكتبةً ضخمة وعظيمة.
ويمكن القول بأنّه ليس ثمّة من عظيم استقطب اهتمام التاريخ والموَرّخين والمفكّرين، كما أنّه ليس ثمّة شخصيةً عالمية كتب حولَها الموَلّفون والباحثون، هذا القدرَ الهائلَ من الموَلّفات والمصنّفات والرسائل والكتب، مثل ما حصل للرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
إلاّ أنّ أكثر هذه الكتب والموَلّفات تعاني من أحد إشكالين:
إمّا أنّه جاء على نَسَق التسجيل المجرّد للحوادث، أو النصوص التاريخية دون أن يقوم موَلّفُه بتحليلها ودراسة خلفيّاتها ونتائجها وإصدار الحكم اللازم بشأنها.
أو عَمَدَ إلى طائفة من الآراء الحدسية والاجتهادات الباطلة العارية عن الدليل، وإثباتها في موَلّفه على أنّها الحكمُ الحقّ، وخلط هذه الاَحكام مع الاَحداث، ليخرج كتابه إلى الجمهور المتعطّش إلى تاريخ الاِسلام، على أنّه التاريخ المحقَّق.
ويمكن الردُّ على هوَلاء، بأنّ الهدف من التاريخ ليس مجرّد تسجيل للحوادث وضبطها وتدوينها، بل هو تناول أحداثه من المصادر الصحيحة الموثوق بها، وإبراز عللها، وأسبابها وثمارها ونتائجها، وهو بهذا الشكل يصبح أعظم كنز تركه الاَقدمون لنا.
لقد تجنّب أكثر كُتّاب السيرة النبوية عن إظهار الرأي في الحوادث، أو القيام بأيّ تحليل للوقائع، بحجّة الحفاظ على أُصول الحوادث ونصوصها، بل إنّ أكثر الحوادث التاريخية في العصر الاِسلامي أُدرجت في الكتب من دون دراسة موضوعية وتقييم دقيق.
أمّا هذا الكتاب فإنّه يتميّز بميزتين هامتين:
أوّلها: إنّنا عمدنا فيه إلى تناول الحوادث والوقائع المهمة، ذات الفائدة
________________________________________
( 7 )
الكبرى والعبر ، بالبحث والتحليل مع إبعاد الاَحداث الجزئية الصغرى، و قد اتّخذنا تلك الاَحداث من المصادر الاَصلية و الاَوّلية التي دوّنت في القرون الاِسلامية المشرقة الاَُولى.
وثانيتهما: إنّنا أشرنا خلال الدراسة، إلى الاعتراضات والاِشكالات، وإلى مواطن الاِساءة التي قدّمها المستشرقون المغرضون، وتناولناها بالاِجابة على كلّ تلك الانتقادات غير الصحيحة بأجوبة مقنعة وقاطعة.
ولهذا بادرنا إلى ذكر رأى الموَلّفين الشيعة في المسائل التي اختلف عليها موَرّخو السنّة والشيعة، مع ذكر المصادر والشواهد التاريخية الواضحة المبرهنة.
وإنّنا إذ نقدّم هذه الدراسة التحليلية لشخصية وحياة خاتم الاَنبياء محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى القرّاء الكرام، نأمل أن يهتم بها عامّةُالمسلمين وخاصةً المثقفون والشباب منهم، ليتناولوا هذه السيرة العطرة بالمطالعة المتأنيَّة و التأمّل والتدبّر، حتى يمكنهم أن يرسموا خريطة حياتهم وحياة مجتمعهم في ضوء ما يستلهمونه ويتعلَّمونه من سيرة وحياة رسول الاِسلام«صلى الله عليه وآله وسلم» في هذه الحقبة البالغة الخطورة.
واللّه وليُّ التوفيق
جعفر السبحاني
قم المقدّسة ـ موَسّسة الاِمام الصادق (عليه السلام)
الاَربعاء 27 محرم 1420هـ
12|5|1999م
===============
و اليكم الوصله الى سيرة الرسول الاعظم صلى الله عليه و اله لمن يريد ان يقراها بالكامل..
http://www.alseraj.net/a-k/sera/sm/sir22.html#5
دراسة تحليليَّة للسيرة المحمّدية
على ضوء الكتاب والسُّنّة
والتاريخ الصحيح
الاَُستاذ المحقّق
الشيخ جعفر السبحاني
اعداد واقتباس:تعريب
الدكتور يوسف جعفر سعادةالشيخ جعفر الهادي
________________________________________
( 5 )
مقدمة الموَلّف
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ أعظم صفحات التاريخ قيمة، هي تلك التي تعكس لنا حياة العظماء، وسيرةالرجال الخالدين، والتي تبحث عنهم بصدق وأمانة وموضوعية، ذلك إنّهم معجزة الخليقة بلا ريب، وحياتهم في الحقيقة ملحمة التاريخ الكبرى، وساحة البطولات الخالدة، ومسرح الحماسات العظمى الحيَّة النابضة على مر العصور.
لقد كان أُولئك العظماء يعيشون على خط الثوارات و التغييرات الاجتماعية، تجد مصداقيّتها في حياتهم، وتتجسّد في مواقفهم،ولهذا كانوا يشكّلون حلقة الاتّصال بين مظاهرالدنيا المختلفة المتناقضة، فكانت حياتهم الحافلة بالاَحداث، شاهدةً للاَلوان والمشاهد المثيرة المتنوعة.
ويأتي على رأس أُولئك الرجال التاريخيين والعظماء الخالدين، رسولُ الاِسلام العظيم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إذ أنّه لم تتسم حياة أحد ـ من حيث وفرة الاَحداث وعظمة الاَمواج ـ كما اتّسمت حياته«صلى الله عليه وآله وسلم» ، ولا اتّصفت شخصيةً بمثل ما اتّصف به ذلك النبيُّ العظيم. فلم يستطع أحدٌ سواه، أن يوَثّر في بيئته،ثمّ في جميع أنحاء العالم، وينفذ إلى أعماق الاَعماق بمثل السرعة والسعة التي حصلت له (صلى الله عليه وآله وسلم) .
إنّمطالعة عميقة لسيرة وحياة هذا الاِنسان العظيم، قادرة على أن تعلمنا الكثيرَ الكثيرَ، وأن توقفنا على مشاهد متنوعة في غاية النفع ومنتهى الفائدة.
وقد أُلّفت حول حياة رسول الاِسلام كتبٌ ورسائل ودراسات كثيرةٌ، بحيث
________________________________________
( 6 )
لو أُتيح لنا أن نجمعها في مكان واحد، لشكّلت مكتبةً ضخمة وعظيمة.
ويمكن القول بأنّه ليس ثمّة من عظيم استقطب اهتمام التاريخ والموَرّخين والمفكّرين، كما أنّه ليس ثمّة شخصيةً عالمية كتب حولَها الموَلّفون والباحثون، هذا القدرَ الهائلَ من الموَلّفات والمصنّفات والرسائل والكتب، مثل ما حصل للرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
إلاّ أنّ أكثر هذه الكتب والموَلّفات تعاني من أحد إشكالين:
إمّا أنّه جاء على نَسَق التسجيل المجرّد للحوادث، أو النصوص التاريخية دون أن يقوم موَلّفُه بتحليلها ودراسة خلفيّاتها ونتائجها وإصدار الحكم اللازم بشأنها.
أو عَمَدَ إلى طائفة من الآراء الحدسية والاجتهادات الباطلة العارية عن الدليل، وإثباتها في موَلّفه على أنّها الحكمُ الحقّ، وخلط هذه الاَحكام مع الاَحداث، ليخرج كتابه إلى الجمهور المتعطّش إلى تاريخ الاِسلام، على أنّه التاريخ المحقَّق.
ويمكن الردُّ على هوَلاء، بأنّ الهدف من التاريخ ليس مجرّد تسجيل للحوادث وضبطها وتدوينها، بل هو تناول أحداثه من المصادر الصحيحة الموثوق بها، وإبراز عللها، وأسبابها وثمارها ونتائجها، وهو بهذا الشكل يصبح أعظم كنز تركه الاَقدمون لنا.
لقد تجنّب أكثر كُتّاب السيرة النبوية عن إظهار الرأي في الحوادث، أو القيام بأيّ تحليل للوقائع، بحجّة الحفاظ على أُصول الحوادث ونصوصها، بل إنّ أكثر الحوادث التاريخية في العصر الاِسلامي أُدرجت في الكتب من دون دراسة موضوعية وتقييم دقيق.
أمّا هذا الكتاب فإنّه يتميّز بميزتين هامتين:
أوّلها: إنّنا عمدنا فيه إلى تناول الحوادث والوقائع المهمة، ذات الفائدة
________________________________________
( 7 )
الكبرى والعبر ، بالبحث والتحليل مع إبعاد الاَحداث الجزئية الصغرى، و قد اتّخذنا تلك الاَحداث من المصادر الاَصلية و الاَوّلية التي دوّنت في القرون الاِسلامية المشرقة الاَُولى.
وثانيتهما: إنّنا أشرنا خلال الدراسة، إلى الاعتراضات والاِشكالات، وإلى مواطن الاِساءة التي قدّمها المستشرقون المغرضون، وتناولناها بالاِجابة على كلّ تلك الانتقادات غير الصحيحة بأجوبة مقنعة وقاطعة.
ولهذا بادرنا إلى ذكر رأى الموَلّفين الشيعة في المسائل التي اختلف عليها موَرّخو السنّة والشيعة، مع ذكر المصادر والشواهد التاريخية الواضحة المبرهنة.
وإنّنا إذ نقدّم هذه الدراسة التحليلية لشخصية وحياة خاتم الاَنبياء محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى القرّاء الكرام، نأمل أن يهتم بها عامّةُالمسلمين وخاصةً المثقفون والشباب منهم، ليتناولوا هذه السيرة العطرة بالمطالعة المتأنيَّة و التأمّل والتدبّر، حتى يمكنهم أن يرسموا خريطة حياتهم وحياة مجتمعهم في ضوء ما يستلهمونه ويتعلَّمونه من سيرة وحياة رسول الاِسلام«صلى الله عليه وآله وسلم» في هذه الحقبة البالغة الخطورة.
واللّه وليُّ التوفيق
جعفر السبحاني
قم المقدّسة ـ موَسّسة الاِمام الصادق (عليه السلام)
الاَربعاء 27 محرم 1420هـ
12|5|1999م
===============
و اليكم الوصله الى سيرة الرسول الاعظم صلى الله عليه و اله لمن يريد ان يقراها بالكامل..
http://www.alseraj.net/a-k/sera/sm/sir22.html#5
تعليق