بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعلمت من السيدة زينب عليها السلام الصبر
كلمات قصارى لمولاتي عقيلة الطالبين
بنت الوحي والنبوة ورائدة الإسلام الرسالي
ان كل من كتب في فضائل ومناقب آل الرسول بداية ونهاية لم يتجاوز المرحلة الأولى، مهما أوجز أو أطال.
وما هذا المقال الا تعبيرا جزئيا عن عظمة بنت الوحي والنبوة، الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (ع) واعترافا بمكانتها.
ولدت الحوراء زينب في بيت شاء الله ان يكون الملتقى بين النبوة والإمامة، وبيت مفعم بالتقى والصلاح، ولقد رأت هذه اللبوة الحيدرية في هذا البيت الطاهر طهارة سيد النبيين وشجاعة سيد الوصيين وظلامة سيدة نساء العالمين وريحانتي رسول رب العالمين.
فنشأت على هذا الوتر العائلي المرهف، ودرجت في هذا البيت مراحل الهدى والنور والعفاف والتقى والورع ولقد تغذت العقيلة زينب من كف أبيها، النشأة القدسية والنشأة الروحية ولبست جلابيب الجلال والعظمة وكفى بها من معلمة ففي مثل هذا البيت الملائكي ولدت العقيلة زينب، حيث كان النبي يبتهج وينعم فيها بالسكينة والطمأنينة، ورضعت من ثدي الطهر وأخذت العلم من أبيها علي، وقد انعكست صفات الزهراء فيها.
وكانت ولادتها في الخامس من جمادي الأول في العام الخامس للهجرة، فجائت أمها إلى أبيها قائلة: سم هذه المولودة، فقال علي: ما كنت لأسبق رسول الله (ص) فلما جاء النبي من سفره، سأله عن اسمها، قال: ما كنت لأسبق ربي بذلك.
فهبط جبريل يقرأ على النبي السلام من الله الجليل وقال له: العلي الأعلي يقرؤك السلام ويقول: سم هذه المولودة (زينب) فقد اختار الله لها هذا الاسم.
وللسيدة زينب مواقف تريح القلب والنفس والعقل في طفولتها، تجعل المرء يتباشر بها مستقبلا.
فقد حدث انها كانت جالسة في حجر ابيها، فقال لها: قولي واحد، قالت واحد، قولي اثنين، فسكتت، فقال علي: تكلمي يا قرة عيني، فقالت: يا ابتاه ما أطيق ان أقول اثنين بلسان قال واحد.
وسألت أباها يوما: اتحبنا يا أبتاه، فأجاب الإمام:
وكيف لا أحبكم وانتم ثمرة فؤادي، فقالت: يا ابتاه ان الحب لله تعالى والشفقة لنا.
وكانت وهي على صغرها قد روت ونقلت لنا خطبة أمها الزهراء بما فيها من قوة كلمات ورقة معاني، وفي رواية انها حفظتها اثناء استماعها حتى ان عبد الله بن عباس يقول: حدثتنا عقيلة الطالبين زينب... وكانت (عليها السلام) تقضي أكثر لياليها متهجدة وتالية للقرآن ولم تترك كل ذلك حتى في أشد الليالي كليالي كربلاء ومصائبها فكانت مع أخيها الحسين وأهل بيته يقطعون الليل في تلاوة القرآن والعبادة، فما غفلت عينهم ولا هم يهجعون، وقد روي ان الإمام الحسين كان يلتمسها الدعاء حينما تقف بين يدي ربها في صلاة الليل وقد قال لها: أخيَّ زينب اذكريني في صلاتك بالليل.
وكان لعبادتها وخشوعها لله أكبر الأثر في سمو روحها، فنظمت الشعر الرفيع في هذا الباب:
سهرت أعين ونامت عيون
لأمور تكون أو لا تكون
ان ربا كفاك ما كان بالأمس
سيكفيك في غد ما سيكون
فاترك الهم ما استطعت عن
النفس فحملانك الهموم جنون
وان ما تعرضت له السيدة زينب من مكاره الدهر لم يكن بالأمر الهين فلقد فقدت جدها العظيم، وهي بنت السنين الخمس، وفقدت أمها فاطمة بعده بشهور وفقدت أباها أمير المؤمنين علي عليه السلام ثم توالت أمهات المصائب باستشهاد أخيها المجتبى الحسن (ع) ثم رأت ما رأت من مصائب كربلاء وما خلفت من نكبات على أخيها وبني هاشم، من عطش وذبح وأسر ونهب وحرق للخيام، فعالجت كل هذه المصائب بصبرها وجلدها حتى قال عنها الشاعر:
بأبي التي ورثت مصائب أمها
فغدت تقابلها بصبر أبيها
فها هي ترى أمامها الإمام زين العابدين مقيدا بحلق القيود وكانت مسؤولة عن التخفيف عن آلام هذا وذاك.
ولعل موقفها الشجاع هو ما جسدته بوقوفها أمام الطاغية يزيد وواليه بالكوفة عبيد الله ابن زياد، حيث جعلت من خطبها اعلاما كربلائيا لثورة الحسين فلولاها لما استكملت المسيرة ولولاها لخمد صدى ثورة الطف.
وحينما قال لها ابن زياد: (كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك قالت: ما رأيت الا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمعهم الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج، ثكلتك أمك يابن مرجانة).
فياله من تحقير لهذا الحاكم الأرعن، انها بنت الزهراء التي ما خشيت الموت ومن لا يخشع الموت لا يرهب من كل شيء.
والموقف الآخر، أمام يزيد، وهو في اوج نشوته، ولذته بانتصاره الظاهري. (أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسرى ان بنا على الله هوانا وبك عليه كرامة، فشمخت بانفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا أنسيت قول الله تعالى: ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خيرا لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين [آل عمران/ 187].
يا يزيد فكد كيدك واسع سعيك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا، فهل رأيك الافند وأيامك الا عدد وجمعك الابدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعلمت من السيدة زينب عليها السلام الصبر
كلمات قصارى لمولاتي عقيلة الطالبين
بنت الوحي والنبوة ورائدة الإسلام الرسالي
ان كل من كتب في فضائل ومناقب آل الرسول بداية ونهاية لم يتجاوز المرحلة الأولى، مهما أوجز أو أطال.
وما هذا المقال الا تعبيرا جزئيا عن عظمة بنت الوحي والنبوة، الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (ع) واعترافا بمكانتها.
ولدت الحوراء زينب في بيت شاء الله ان يكون الملتقى بين النبوة والإمامة، وبيت مفعم بالتقى والصلاح، ولقد رأت هذه اللبوة الحيدرية في هذا البيت الطاهر طهارة سيد النبيين وشجاعة سيد الوصيين وظلامة سيدة نساء العالمين وريحانتي رسول رب العالمين.
فنشأت على هذا الوتر العائلي المرهف، ودرجت في هذا البيت مراحل الهدى والنور والعفاف والتقى والورع ولقد تغذت العقيلة زينب من كف أبيها، النشأة القدسية والنشأة الروحية ولبست جلابيب الجلال والعظمة وكفى بها من معلمة ففي مثل هذا البيت الملائكي ولدت العقيلة زينب، حيث كان النبي يبتهج وينعم فيها بالسكينة والطمأنينة، ورضعت من ثدي الطهر وأخذت العلم من أبيها علي، وقد انعكست صفات الزهراء فيها.
وكانت ولادتها في الخامس من جمادي الأول في العام الخامس للهجرة، فجائت أمها إلى أبيها قائلة: سم هذه المولودة، فقال علي: ما كنت لأسبق رسول الله (ص) فلما جاء النبي من سفره، سأله عن اسمها، قال: ما كنت لأسبق ربي بذلك.
فهبط جبريل يقرأ على النبي السلام من الله الجليل وقال له: العلي الأعلي يقرؤك السلام ويقول: سم هذه المولودة (زينب) فقد اختار الله لها هذا الاسم.
وللسيدة زينب مواقف تريح القلب والنفس والعقل في طفولتها، تجعل المرء يتباشر بها مستقبلا.
فقد حدث انها كانت جالسة في حجر ابيها، فقال لها: قولي واحد، قالت واحد، قولي اثنين، فسكتت، فقال علي: تكلمي يا قرة عيني، فقالت: يا ابتاه ما أطيق ان أقول اثنين بلسان قال واحد.
وسألت أباها يوما: اتحبنا يا أبتاه، فأجاب الإمام:
وكيف لا أحبكم وانتم ثمرة فؤادي، فقالت: يا ابتاه ان الحب لله تعالى والشفقة لنا.
وكانت وهي على صغرها قد روت ونقلت لنا خطبة أمها الزهراء بما فيها من قوة كلمات ورقة معاني، وفي رواية انها حفظتها اثناء استماعها حتى ان عبد الله بن عباس يقول: حدثتنا عقيلة الطالبين زينب... وكانت (عليها السلام) تقضي أكثر لياليها متهجدة وتالية للقرآن ولم تترك كل ذلك حتى في أشد الليالي كليالي كربلاء ومصائبها فكانت مع أخيها الحسين وأهل بيته يقطعون الليل في تلاوة القرآن والعبادة، فما غفلت عينهم ولا هم يهجعون، وقد روي ان الإمام الحسين كان يلتمسها الدعاء حينما تقف بين يدي ربها في صلاة الليل وقد قال لها: أخيَّ زينب اذكريني في صلاتك بالليل.
وكان لعبادتها وخشوعها لله أكبر الأثر في سمو روحها، فنظمت الشعر الرفيع في هذا الباب:
سهرت أعين ونامت عيون
لأمور تكون أو لا تكون
ان ربا كفاك ما كان بالأمس
سيكفيك في غد ما سيكون
فاترك الهم ما استطعت عن
النفس فحملانك الهموم جنون
وان ما تعرضت له السيدة زينب من مكاره الدهر لم يكن بالأمر الهين فلقد فقدت جدها العظيم، وهي بنت السنين الخمس، وفقدت أمها فاطمة بعده بشهور وفقدت أباها أمير المؤمنين علي عليه السلام ثم توالت أمهات المصائب باستشهاد أخيها المجتبى الحسن (ع) ثم رأت ما رأت من مصائب كربلاء وما خلفت من نكبات على أخيها وبني هاشم، من عطش وذبح وأسر ونهب وحرق للخيام، فعالجت كل هذه المصائب بصبرها وجلدها حتى قال عنها الشاعر:
بأبي التي ورثت مصائب أمها
فغدت تقابلها بصبر أبيها
فها هي ترى أمامها الإمام زين العابدين مقيدا بحلق القيود وكانت مسؤولة عن التخفيف عن آلام هذا وذاك.
ولعل موقفها الشجاع هو ما جسدته بوقوفها أمام الطاغية يزيد وواليه بالكوفة عبيد الله ابن زياد، حيث جعلت من خطبها اعلاما كربلائيا لثورة الحسين فلولاها لما استكملت المسيرة ولولاها لخمد صدى ثورة الطف.
وحينما قال لها ابن زياد: (كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك قالت: ما رأيت الا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمعهم الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج، ثكلتك أمك يابن مرجانة).
فياله من تحقير لهذا الحاكم الأرعن، انها بنت الزهراء التي ما خشيت الموت ومن لا يخشع الموت لا يرهب من كل شيء.
والموقف الآخر، أمام يزيد، وهو في اوج نشوته، ولذته بانتصاره الظاهري. (أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسرى ان بنا على الله هوانا وبك عليه كرامة، فشمخت بانفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا أنسيت قول الله تعالى: ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خيرا لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين [آل عمران/ 187].
يا يزيد فكد كيدك واسع سعيك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا، فهل رأيك الافند وأيامك الا عدد وجمعك الابدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين).