بسم الله الرحمن الرحيم ..
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحاط به علمك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الموضوع مقتبس من مجلة الكلمة الطيبة .. وهو مطروح للنقاش .. لذا نتمنى التفاعل .. ودمتم موفقين
-----------------------------
من المتعارف أن الشباب يتقدمون لخطبة الفتيات، وقد اتفق الناس على انه من القبح أن تتقدم الفتيات لطلب الزواج من الفتيان، في الوقت الذي نجد في القرآن الكريم قوله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَ** مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
هل يصح من الفتاة أن تتقدم لخطبة شاب أعجبت به لدينه وخلقه وقد يكون لتوفر صفات أخرى لديه تراها الفتاة ضرورية عند الرجل الذي سيتزوجها؟
الجواب
تتحكم الأعراف في شؤون الناس أحياناً من دون أن تكون لهم الخيرة من أمرهم، وموقف الإسلام منها هو أن يقدم الأهم على المهم مع حفظ مصالح الناس سيراً باتجاه التغيير نحو القيم التي جاء بها الإسلام.
وقد جاءت تلك الآية الكريمة صريحة في موضوعها، ففي الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام): شرح لها، بأن امرأة من أهل المدينة قدمت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالت: يا رسول الله أن المرأة لا تخطب الزوج، وأنا امرأة أيّم، ولا زوج لي منذ دهر ولا ولد، فهل لك من حاجة؟ فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني.
إن ما يؤكد إقدام هذه المرأة بنفسها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ومصارحتها بطلب الزواج منه (ص) أمراً طبيعياً هو أن الرسول (ص) عندما سمع ذلك منها لم ينهرها أو يستقبح فعلها. وهذا إقرار واضح من النبي الأكرم (ص) بصحة فعلها وجوازه.
وقد ذكر القرآن هذا الفعل دون تلميح إلى قبحه، وخير مثال على حسن هذا الفعل هو إقدام السيدة خديجة أم المؤمنين (عليها السلام) للزواج من النبي (ص) وكانت في شرفها وعفتها ووجاهتها وهي سيدة نساء زمانها.
فالإقدام على الخطبة من طرف الفتاة أو المرأة (غير البكر) ليست محرمة في الشريعة ولكن للعرف قوة حضور ومكانة لا يستهان بها في مجتمعاتنا وهذا ما يجب أن نعترف به ونقر بوجوده كي تكون الرؤية لدينا واضحة ومتكاملة للصورة، وان كان هذا العرف لم يضر بالقيم الإسلامية.
ومع تطور حياتنا حتى بأصغر تفاصيلها وتشابك العلاقات الاجتماعية وتعددها وتساوي إدراك الرجل والمرأة على حد سواء بطبيعة الأمور في الدنيا التي نعيشها ومجرياتها، من الممكن لنا أن نحافظ على قيمنا الدينية والأخلاقية وبنفس الوقت نحتفظ للعرف مكانته فينا، فنجمع بين رغبة الفتاة فيما إذا رأت بفلان من الناس مناسباً لأن يكون زوجاً لها وبين ما تعاهده الناس في مثل هذه الأمور ضمن إطار العرف، وذلك بإخباره سراً أنها تراه هكذا، فإن كان موافقاً فليتقدم من خلال الطريق المتعارف عليه. وإن لم يكن موافقاً فعليه الستر والاحتفاظ بالسر إلى الأبد، فتلك أمانة والخائن موقوف يوم القيامة.
وإن الأمم الحية لابد لها من تقويم وتهذيب عاداتها وأعرافها وتقاليدها، فعجلة الزمن تدور والحياة تتغير والأفكار تتبلور إلى رؤى جديدة تنسجم مع مجريات تلك التغييرات، فإذا ثبت بأن تلك العادة أو ذاك العرف يقف عثرة أمام أمور أساسية من حاجات الإنسان ومتطلبات حياته الرئيسية، فلابد من إزالتها أو تشذيبها على أقل تقدير، ولابد من إدراك حقيقة مهمة، وهي إن التمسك ببعض العادات والأعراف يعد استجابة لمتطلبات المجتمع، وهذا أمر لا بأس عليه، ولكن يجب أن لا ننسى أن هذه الشابة أو تلك هي لبنة من لبنات ذلك المجتمع فالإضرار بها إضرار بالمجتمع نفسه.
وهنا نسأل: من الذي يستطيع أن يقطع بعقلانية هذه الأعراف والتقاليد ومنطقيتها، إذ أنها تدخل في إطار السنن الوضعية، والتي هي قابلة للصحة أو الخطأ بفعل صدورها من الإنسان غير المعصوم، عندها علينا الرجوع إلى إسلامنا العزيز ونتمعن في أحكامه ونتأمل في آفاقه الإنسانية والتربوية لنصل إلى التشخيص الصحيح والحل السليم لمشاكلنا.
والأمر الآخر ما الضرر في أن الفتاة هي التي تختار، إذ إنها قد تكون في ظروف عمل أو معيشة تمكنها من التأكد من أن هذا الشاب صاحب خلق قويم ودين وأن أفكاره وتوجهاته في الحياة وأفعاله سليمة وقد تخضعه لاختيار دون أن يدري، فتكون لها الصورة الواضحة عن هذا الشاب، فلماذا لا تقدم على طلب الزواج منها ألا يعد مثل هذا الشاب عملة نادرة يجدر بالفتاة المؤمنة والعاقلة التمسك به وخاصة في هذا الزمن الذي يكاد كل شيء يصبح فيه رمادياً إن لم يكن متلوناً كالحرباء لن تتثبت على طبيعته ولونه.
وأين نحن من الحديث الشريف (من رضيتم دينه وخلقه فزوجوه) وغيره من الأحاديث التي تبين كيفية الوصول إلى الاختيار المناسب لشريكة الحياة، ألا يمكن أن تكون هذه الأحاديث في خطوطها العامة دليلاً على ذلك إن هذه الإشارات والتوجيهات في مسألة الاختيار الأنسب والموجهة للرجل في الغالب هي بنفس الوقت موجهة للمرأة أيضاً.
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحاط به علمك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الموضوع مقتبس من مجلة الكلمة الطيبة .. وهو مطروح للنقاش .. لذا نتمنى التفاعل .. ودمتم موفقين
-----------------------------
من المتعارف أن الشباب يتقدمون لخطبة الفتيات، وقد اتفق الناس على انه من القبح أن تتقدم الفتيات لطلب الزواج من الفتيان، في الوقت الذي نجد في القرآن الكريم قوله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَ** مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
هل يصح من الفتاة أن تتقدم لخطبة شاب أعجبت به لدينه وخلقه وقد يكون لتوفر صفات أخرى لديه تراها الفتاة ضرورية عند الرجل الذي سيتزوجها؟
الجواب
تتحكم الأعراف في شؤون الناس أحياناً من دون أن تكون لهم الخيرة من أمرهم، وموقف الإسلام منها هو أن يقدم الأهم على المهم مع حفظ مصالح الناس سيراً باتجاه التغيير نحو القيم التي جاء بها الإسلام.
وقد جاءت تلك الآية الكريمة صريحة في موضوعها، ففي الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام): شرح لها، بأن امرأة من أهل المدينة قدمت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالت: يا رسول الله أن المرأة لا تخطب الزوج، وأنا امرأة أيّم، ولا زوج لي منذ دهر ولا ولد، فهل لك من حاجة؟ فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني.
إن ما يؤكد إقدام هذه المرأة بنفسها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ومصارحتها بطلب الزواج منه (ص) أمراً طبيعياً هو أن الرسول (ص) عندما سمع ذلك منها لم ينهرها أو يستقبح فعلها. وهذا إقرار واضح من النبي الأكرم (ص) بصحة فعلها وجوازه.
وقد ذكر القرآن هذا الفعل دون تلميح إلى قبحه، وخير مثال على حسن هذا الفعل هو إقدام السيدة خديجة أم المؤمنين (عليها السلام) للزواج من النبي (ص) وكانت في شرفها وعفتها ووجاهتها وهي سيدة نساء زمانها.
فالإقدام على الخطبة من طرف الفتاة أو المرأة (غير البكر) ليست محرمة في الشريعة ولكن للعرف قوة حضور ومكانة لا يستهان بها في مجتمعاتنا وهذا ما يجب أن نعترف به ونقر بوجوده كي تكون الرؤية لدينا واضحة ومتكاملة للصورة، وان كان هذا العرف لم يضر بالقيم الإسلامية.
ومع تطور حياتنا حتى بأصغر تفاصيلها وتشابك العلاقات الاجتماعية وتعددها وتساوي إدراك الرجل والمرأة على حد سواء بطبيعة الأمور في الدنيا التي نعيشها ومجرياتها، من الممكن لنا أن نحافظ على قيمنا الدينية والأخلاقية وبنفس الوقت نحتفظ للعرف مكانته فينا، فنجمع بين رغبة الفتاة فيما إذا رأت بفلان من الناس مناسباً لأن يكون زوجاً لها وبين ما تعاهده الناس في مثل هذه الأمور ضمن إطار العرف، وذلك بإخباره سراً أنها تراه هكذا، فإن كان موافقاً فليتقدم من خلال الطريق المتعارف عليه. وإن لم يكن موافقاً فعليه الستر والاحتفاظ بالسر إلى الأبد، فتلك أمانة والخائن موقوف يوم القيامة.
وإن الأمم الحية لابد لها من تقويم وتهذيب عاداتها وأعرافها وتقاليدها، فعجلة الزمن تدور والحياة تتغير والأفكار تتبلور إلى رؤى جديدة تنسجم مع مجريات تلك التغييرات، فإذا ثبت بأن تلك العادة أو ذاك العرف يقف عثرة أمام أمور أساسية من حاجات الإنسان ومتطلبات حياته الرئيسية، فلابد من إزالتها أو تشذيبها على أقل تقدير، ولابد من إدراك حقيقة مهمة، وهي إن التمسك ببعض العادات والأعراف يعد استجابة لمتطلبات المجتمع، وهذا أمر لا بأس عليه، ولكن يجب أن لا ننسى أن هذه الشابة أو تلك هي لبنة من لبنات ذلك المجتمع فالإضرار بها إضرار بالمجتمع نفسه.
وهنا نسأل: من الذي يستطيع أن يقطع بعقلانية هذه الأعراف والتقاليد ومنطقيتها، إذ أنها تدخل في إطار السنن الوضعية، والتي هي قابلة للصحة أو الخطأ بفعل صدورها من الإنسان غير المعصوم، عندها علينا الرجوع إلى إسلامنا العزيز ونتمعن في أحكامه ونتأمل في آفاقه الإنسانية والتربوية لنصل إلى التشخيص الصحيح والحل السليم لمشاكلنا.
والأمر الآخر ما الضرر في أن الفتاة هي التي تختار، إذ إنها قد تكون في ظروف عمل أو معيشة تمكنها من التأكد من أن هذا الشاب صاحب خلق قويم ودين وأن أفكاره وتوجهاته في الحياة وأفعاله سليمة وقد تخضعه لاختيار دون أن يدري، فتكون لها الصورة الواضحة عن هذا الشاب، فلماذا لا تقدم على طلب الزواج منها ألا يعد مثل هذا الشاب عملة نادرة يجدر بالفتاة المؤمنة والعاقلة التمسك به وخاصة في هذا الزمن الذي يكاد كل شيء يصبح فيه رمادياً إن لم يكن متلوناً كالحرباء لن تتثبت على طبيعته ولونه.
وأين نحن من الحديث الشريف (من رضيتم دينه وخلقه فزوجوه) وغيره من الأحاديث التي تبين كيفية الوصول إلى الاختيار المناسب لشريكة الحياة، ألا يمكن أن تكون هذه الأحاديث في خطوطها العامة دليلاً على ذلك إن هذه الإشارات والتوجيهات في مسألة الاختيار الأنسب والموجهة للرجل في الغالب هي بنفس الوقت موجهة للمرأة أيضاً.
تعليق