من يسمع كلام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيرى رود لارسن عن مزارع شبعا يتعجب من اهتمامه بهويتها فقط. فبدلاً من أن يطالب الكيان الصهيونى بالانسحاب من المزارع طبقا لقرارات المنظمة الدولية وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 425، راح يجادل فى هوية المزارع ويقول للبنانيين انها أرض سورية وليست لبنانية، مع العلم أن الأشقاء السوريين لم يطالبوا بها، بل الأكثر من ذلك أن العديد منهم قالوا علنا أنها أرض لبنانية!
مزارع شبعا سواء للبنانيين أو السوريين.. هى أرض عربية تحتلها اسرائيل. مساحتها 250 كيلومترا مربعا، طولها يمتد لحوالى 24 كيلومترا ، وعرضها قرابة 15 كيلو متراً. وتتميز بقممها الجبلية الرائعة التى تصل فى ارتفاعها الى 2500 متر.
شبعا.. تتبع قضاء حاصبيا اللبنانى والوثائق تؤكد أنها لبنانية والتواجد العسكرى السوري بها عام 67 لم يلغ السيادة اللبنانية عليها وقد كانت هناك لجنة سورية لبنانية مشتركة لبحث مشاكل الحدود، وللحق فان الجانب السورى من منطلق مواقفه القومية لايمكن أن يفتعل مشكلة مع اللبنانيين، فالمزارع بالنسبة له عربية ومحتلة ومطلوب من اسرائيل أن ترفع يدها عنها.
تقع مزارع شبعا فى قلب منطقة جبل الشيخ التى تعد سفوحه الغربية لبنانية السيادة والشرقية سورية السيادة، وقد ظل لبنان يمارس سيادته على شبعا منذ اعلان دولة لبنان الكبير عام 1920 حيث الحقت بقضاء حاصبيا الذى خضع للسيادة اللبنانية مع اقضية راشيا وبعلبك والبقاع، ثم احتلتها اسرائيل تدريجيا منذ عام 67 ضمن احتلالها للجولان السورية حتى استولت على أراضيها بالكامل وضمتها للجولان عام 1986.
وقد دافع رئيس بلدية شبعا عمر الزهيرى عن أحقية لبنان واستنكاره لتصريحات لارسن الذى زعم أنها سورية، فقال ان مستندات تمليك المزارع لأصحابها صادرة عن الدوائر العقارية الرسمية فى جنوب لبنان منذ الأربعينيات ، كما أن هناك احكاما قضائية عن المحاكم اللبنانية المختصة فصلت فى منازعات خاصة بملكية المزارع ، منها على سبيل المثال الحكم الصادر عن محكمة حاصبيا الشرعية فى 30 نوفمبر 1944 يفصل فى النزاع الذى كان قائما بين الحكومة اللبنانية والأوقاف الاسلامية بلبنان.
شبعا بمزارعها الـ 14 مزرعة التى تمتد آخر مزرعة فيها عند حدود بلدة مجل شمس بالجولان المحتل .. تتمتع كأرض مرتفعة بأهمية استراتيجية، دفعت اسرائيل الى أن تحتلها بالكامل وتقيم عليها مركز تجسس يعرف باسم «المرصد» وهو مجهز بتكنولوجيا متطورة تتيح له رصد أى تحرك عسكرى أو مدنى سواء فى لبنان وسوريا، أو الأردن حتى حدود العراق.
ووجود اسرائيل فى تلك المنطقة يعني أنها تسيطر على أكبر مخزون مائي. احتلالها لشبعا يتيح لها السيطرة على مصادر مياه أربعة انهار هى: الحصبانى، بانياس، اللدان. والوزانى الذى اقيم عليه مشروع مضخة المياه الذى دشنته لبنان فى اكتوبر عام 2002 فى عهد رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريرى الذى قال ـ رحمه الله ـ ان المشروع انتصار للارادة اللبنانية.
والوزانى هو أحد فروع نهر الحصبانى الذى يصب فى نهر الأردن ويمثل الآن مصدرا مهما لمياه الشرب لاسرائيل. وكانت اسرائيل تسعى الى عرقلة المشروع بل وهددت بأنها لن تسمح بتحويل مياه النهر. وقتها قال حسن نصرالله ان حزب الله سيقطع يد اسرائيل اذا استخدمت القوة لوقف المشروع وتدخلت أميركا وتم تدشين المشروع.
ولتحافظ على تمسكها بالمزارع، شقت اسرائيل فى صيف عام 1984 طريقا من مزارع شبعا ليصل الى جنوب نهر الوزانى، وهدفه ربط تلك المنطقة بمستعمرة «معيان باروغ» الاسرائيلية.
ويتردد فى واشنطن أن الادارة الأميركية تحبذ انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا حتى لايجد حزب الله ذريعة للتمسك بسلاحه الذى يرفض نزعه ما دامت هناك أرض لبنانية محتلة. وأن هناك اتجاها بأن تتسلم قوات الطواريء الدولية فى جنوب لبنان المزارع، ثم تتخذ اجراءات دولية من قبل الأمم المتحدة لتحديد هوية المزارع وتسليمها لأصحابها مع إعلان دولى بأن الأراضى اللبنانية كلها محررة.
ولكن.. من يعرف نوايا اسرائيل سيدرك على الفور أنها لن تترك شبعا بسهولة. ان هذه المزارع جزء من الاطماع الصهيونية. عين اسرائيل على المياه لندرة مصادرها المائية. وسياسة التوسع الصهيونية قائمة على أن يكون هذا التوسع فى اتجاه منابع المياه اللبنانية وعلى رأسها نهر الليطانى.
سيظل للصهاينة أطماعهم «المائية» وغير «المائية» فى لبنان، وهذا ماكشف عنه بنفسه ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لاسرائيل. اذ قال ببجاحة ان خطأ فرنسا أنها خرجت من لبنان وتركته مساحة متسعة. وقد بعث بن جوريون رسالة الى الجنرال شارل ديجول قال له منها «أتمنى أن يمثل نهر الليطانى حدود اسرائيل الشمالية». ووجهة نظر هذا الصهيونى الذى ساهم فى تأسيس الدولة العبرية أن لبنان هو الحلقة الأضعف فى السلسلة العربية ومن السهل ابتلاعه.
لذلك كانت فرحة اسرائيل كبرى عندما وقعت فى عهد الرئيس اللبنانى أمين الجميل اتفاق 17 مايو 1983، كانت تظن أنها ستنفذ الى قلب هذا البلد العربى الصغير وتمرر مخططاتها الصهيونية. ولكن الفرحة لم تتم فالشعب اللبنانى رفض الاتفاق وأسقطه البرلمان رسميا فى مارس 1984.
هدف اسرائيل بعد حادث اغتيال الحريرى هو احياء مشروعها الاجرامى بتجزئة لبنان، وتشجع سرا على اقامة دولة طائفية عنصرية فى لبنان. وهذا ماقرره المؤتمر الصهيونى بألمانيا عام 1901 الذى كانت من قراراته انتزاع الأراضى المجاورة لفلسطين وتشجيع الهجرة اليهودية اليها.
اسرائيل لن ترفع يدها عن لبنان. وقد عبر عن ذلك مؤخرا رئيس الأركان الاسرائيلى السابق موشيه يعلون إذ أشار الى حاجة اسرائيل الى تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة ما أسمته المتغيرات اللبنانية.
ان أصابع اسرائيل تعبث داخل لبنان باعتراف تقارير اسرائيلية . فقد كشف المعهد الاسرائيلى لدراسات المشرق ان اسرائيل متورطة فى التفجيرات الأخيرة التى شهدتها بيروت والتى بدأت بعد مقتل الحريرى، وان هناك عمليات تهريب للمتفجرات من اسرائيل الى لبنان عبر الحدود الشمالية.
اسرائيل تبحث عن 17 مايو آخر لتمرر مشروعاتها الصهيونية. وفى سبيل ذلك ستعبث بأمن هذا البلد العربى الصغير الذى يتصدى أبناؤه وحدهم لكل المخططات الاسرائيلية.
صحيفة البيان
مزارع شبعا سواء للبنانيين أو السوريين.. هى أرض عربية تحتلها اسرائيل. مساحتها 250 كيلومترا مربعا، طولها يمتد لحوالى 24 كيلومترا ، وعرضها قرابة 15 كيلو متراً. وتتميز بقممها الجبلية الرائعة التى تصل فى ارتفاعها الى 2500 متر.
شبعا.. تتبع قضاء حاصبيا اللبنانى والوثائق تؤكد أنها لبنانية والتواجد العسكرى السوري بها عام 67 لم يلغ السيادة اللبنانية عليها وقد كانت هناك لجنة سورية لبنانية مشتركة لبحث مشاكل الحدود، وللحق فان الجانب السورى من منطلق مواقفه القومية لايمكن أن يفتعل مشكلة مع اللبنانيين، فالمزارع بالنسبة له عربية ومحتلة ومطلوب من اسرائيل أن ترفع يدها عنها.
تقع مزارع شبعا فى قلب منطقة جبل الشيخ التى تعد سفوحه الغربية لبنانية السيادة والشرقية سورية السيادة، وقد ظل لبنان يمارس سيادته على شبعا منذ اعلان دولة لبنان الكبير عام 1920 حيث الحقت بقضاء حاصبيا الذى خضع للسيادة اللبنانية مع اقضية راشيا وبعلبك والبقاع، ثم احتلتها اسرائيل تدريجيا منذ عام 67 ضمن احتلالها للجولان السورية حتى استولت على أراضيها بالكامل وضمتها للجولان عام 1986.
وقد دافع رئيس بلدية شبعا عمر الزهيرى عن أحقية لبنان واستنكاره لتصريحات لارسن الذى زعم أنها سورية، فقال ان مستندات تمليك المزارع لأصحابها صادرة عن الدوائر العقارية الرسمية فى جنوب لبنان منذ الأربعينيات ، كما أن هناك احكاما قضائية عن المحاكم اللبنانية المختصة فصلت فى منازعات خاصة بملكية المزارع ، منها على سبيل المثال الحكم الصادر عن محكمة حاصبيا الشرعية فى 30 نوفمبر 1944 يفصل فى النزاع الذى كان قائما بين الحكومة اللبنانية والأوقاف الاسلامية بلبنان.
شبعا بمزارعها الـ 14 مزرعة التى تمتد آخر مزرعة فيها عند حدود بلدة مجل شمس بالجولان المحتل .. تتمتع كأرض مرتفعة بأهمية استراتيجية، دفعت اسرائيل الى أن تحتلها بالكامل وتقيم عليها مركز تجسس يعرف باسم «المرصد» وهو مجهز بتكنولوجيا متطورة تتيح له رصد أى تحرك عسكرى أو مدنى سواء فى لبنان وسوريا، أو الأردن حتى حدود العراق.
ووجود اسرائيل فى تلك المنطقة يعني أنها تسيطر على أكبر مخزون مائي. احتلالها لشبعا يتيح لها السيطرة على مصادر مياه أربعة انهار هى: الحصبانى، بانياس، اللدان. والوزانى الذى اقيم عليه مشروع مضخة المياه الذى دشنته لبنان فى اكتوبر عام 2002 فى عهد رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريرى الذى قال ـ رحمه الله ـ ان المشروع انتصار للارادة اللبنانية.
والوزانى هو أحد فروع نهر الحصبانى الذى يصب فى نهر الأردن ويمثل الآن مصدرا مهما لمياه الشرب لاسرائيل. وكانت اسرائيل تسعى الى عرقلة المشروع بل وهددت بأنها لن تسمح بتحويل مياه النهر. وقتها قال حسن نصرالله ان حزب الله سيقطع يد اسرائيل اذا استخدمت القوة لوقف المشروع وتدخلت أميركا وتم تدشين المشروع.
ولتحافظ على تمسكها بالمزارع، شقت اسرائيل فى صيف عام 1984 طريقا من مزارع شبعا ليصل الى جنوب نهر الوزانى، وهدفه ربط تلك المنطقة بمستعمرة «معيان باروغ» الاسرائيلية.
ويتردد فى واشنطن أن الادارة الأميركية تحبذ انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا حتى لايجد حزب الله ذريعة للتمسك بسلاحه الذى يرفض نزعه ما دامت هناك أرض لبنانية محتلة. وأن هناك اتجاها بأن تتسلم قوات الطواريء الدولية فى جنوب لبنان المزارع، ثم تتخذ اجراءات دولية من قبل الأمم المتحدة لتحديد هوية المزارع وتسليمها لأصحابها مع إعلان دولى بأن الأراضى اللبنانية كلها محررة.
ولكن.. من يعرف نوايا اسرائيل سيدرك على الفور أنها لن تترك شبعا بسهولة. ان هذه المزارع جزء من الاطماع الصهيونية. عين اسرائيل على المياه لندرة مصادرها المائية. وسياسة التوسع الصهيونية قائمة على أن يكون هذا التوسع فى اتجاه منابع المياه اللبنانية وعلى رأسها نهر الليطانى.
سيظل للصهاينة أطماعهم «المائية» وغير «المائية» فى لبنان، وهذا ماكشف عنه بنفسه ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لاسرائيل. اذ قال ببجاحة ان خطأ فرنسا أنها خرجت من لبنان وتركته مساحة متسعة. وقد بعث بن جوريون رسالة الى الجنرال شارل ديجول قال له منها «أتمنى أن يمثل نهر الليطانى حدود اسرائيل الشمالية». ووجهة نظر هذا الصهيونى الذى ساهم فى تأسيس الدولة العبرية أن لبنان هو الحلقة الأضعف فى السلسلة العربية ومن السهل ابتلاعه.
لذلك كانت فرحة اسرائيل كبرى عندما وقعت فى عهد الرئيس اللبنانى أمين الجميل اتفاق 17 مايو 1983، كانت تظن أنها ستنفذ الى قلب هذا البلد العربى الصغير وتمرر مخططاتها الصهيونية. ولكن الفرحة لم تتم فالشعب اللبنانى رفض الاتفاق وأسقطه البرلمان رسميا فى مارس 1984.
هدف اسرائيل بعد حادث اغتيال الحريرى هو احياء مشروعها الاجرامى بتجزئة لبنان، وتشجع سرا على اقامة دولة طائفية عنصرية فى لبنان. وهذا ماقرره المؤتمر الصهيونى بألمانيا عام 1901 الذى كانت من قراراته انتزاع الأراضى المجاورة لفلسطين وتشجيع الهجرة اليهودية اليها.
اسرائيل لن ترفع يدها عن لبنان. وقد عبر عن ذلك مؤخرا رئيس الأركان الاسرائيلى السابق موشيه يعلون إذ أشار الى حاجة اسرائيل الى تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة ما أسمته المتغيرات اللبنانية.
ان أصابع اسرائيل تعبث داخل لبنان باعتراف تقارير اسرائيلية . فقد كشف المعهد الاسرائيلى لدراسات المشرق ان اسرائيل متورطة فى التفجيرات الأخيرة التى شهدتها بيروت والتى بدأت بعد مقتل الحريرى، وان هناك عمليات تهريب للمتفجرات من اسرائيل الى لبنان عبر الحدود الشمالية.
اسرائيل تبحث عن 17 مايو آخر لتمرر مشروعاتها الصهيونية. وفى سبيل ذلك ستعبث بأمن هذا البلد العربى الصغير الذى يتصدى أبناؤه وحدهم لكل المخططات الاسرائيلية.
صحيفة البيان