الرأي العام الكويتية GMT 1:15:00 2005 الأحد 8 مايو
فضل الله لـ «الرأي العام»: الشيعة في لبنان يَعزلون ولا... يُعزلون أميركا لم تضع في حساباتها إسقاط النظام السوري لكنها لا تمانع في سقوطه تلقائياً
بيروت ـ من مصطفى ياسين:
رأى المرجع الشيعي في لبنان السيد محمد حسين فضل الله، ان «المعارضة المسيحية تعمل لاستعادة لبنان المسيحي مهما غلفوا ذلك بغلاف وطني وغيره»، مشيراً الى ان «الشيعة لا يزالون يمثلون الرقم الصعب في المسألة اللبنانية، ويخلصون للعناوين الكبرى التي انطلقت في استراتيجيتهم السياسية وهي حماية لبنان من السيطرة الاسرائيلية ومعارضة السياسية الاميركية، وهم انفتحوا على سورية لانها تحمل هذه العناوين ولم يتحولوا الى عملاء لها».
وشدد السيد فضل الله على ان الشيعة هم الذين يعزلون الاخرين، بدلاًَ من ان يعزلهم الاخرون وهم بقوا خارج التحركات التي شهدها لبنان خلال الاشهر الماضية، لانهم لا يؤمنون بالكثير من قيادات المعارضة وعناوينها.
ودافع المرجع الشيعي بقوة عن المقاومة وسلاحها, ورأى ان «معالجة سلاح المقاومة لو انطلق من خلال خطة عسكرية خارجية او داخلية، فستكون الحرب اللبنانية الماضية لا تمثل شيئاً امام ما يمكن ان يحدث من حرب في هذه المسألة، ولن يبقى لبنان كما هو الان».
ورأى ان «الانتخابات النيابية في لبنان قد تؤدي الى وجود اكثرية هنا مقابل اكثرية سابقة، لكن الذين يقودون المعارضة والموالاة كانوا تحت التجربة غير الناجحة واذا بقي هؤلاء فإن فشل التجربة الماضية يدل على فشل التجربة المقبلة».
واعتبر ان «لبنان محكوم بمعادلة: لا تقسيم ولا انهيار ولا استقرار، لانه اريد له ان يبقى ساحة للاهتزازات السياسية والاقتصادية، وتتنفس فيها مشاريع المنطقة»، مشيراً الى ان «لبنان لن يتحول وطناً الا عندما يتخلص اللبنانيون من الذهنية الطائفية ويستبدلونها بالمواطنية ويتخلص لبنان من النظام الطائفي».
وشدد في هذا المجال على ان «الشيعة ليس لهم مشروع خاص في لبنان وهم منفتحون على الاطياف اللبنانية الاخرى على المستوى الديني وعلى المستوى السياسي»، لافتاً الى ان «الطائفة الاسلامية الشيعية هي الوحيدة التي حررت لبنان، لا بل ان لبنان من خلالها هو البلد الوحيد الذي هزم اسرائيل وهم ام الصبي في لبنان».
ورأى السيد فضل الله ان «القرار 1559 كان موجهاً ضد سورية وليس لحساب لبنان وان هناك تخطيطاً لوصاية اميركية على لبنان بدلاً من الوصاية السورية، واميركا من خلال هذا القرار ارادت ان تسلب سورية ورقة القوة الوحيدة التي بقيت لها خارج حدودها»، لافتاً الى ان «اميركا لم تضع في حساباتها في المستقبل المنظور اسقاط النظام السوري، رغم ان ليس لديها مشكلة اذا سقط تلقائياً، وهي ليست مستعدة للدفاع عنه كما في السابق حيث كانت تعتبره مركز استقرار في المنطقة»، مشيراً الى ان «بعض الدول العربية قبل مصر والسعودية، يخشى من ان يمتد سقوط النظام السوري اليها».
واكد ان «الحديث عن خطر السيطرة الشيعية على العراق او عن الهلال الشيعي يدخل في حسابات الوهم الاثارة الموجهة ضدهم»، مشيراً الى ان «الشيعة في العراق ليس لهم مشروع خاص للاستبداد بالحكم، فضلاً عن انهم ليسوا فريقاً واحداً، وهم الفريق الاسلامي الوحيد الذي لا يحمل الذهنية الطائفية بل المنفتحة على كل الاطياف».
وفي ما يأتي نص الحوار:
حصلت خلال الاشهر الماضية تطورات متسارعة كان البارز فيها الانسحاب السوري من لبنان، كيف يقرأ السيد فضل الله هذه المستجدات وتداعياتها المستقبلية؟
ـ عندما ندرس كل التطورات التي حدثت في لبنان وفي مقدمها الانسحاب السوري، فاننا لا نستطيع الا ان نضعها في دائرة المشروع الاميركي في المنطقة الذي حاول ان يثير «الفوضى البناءة» حسب تعبير الادارة الاميركية، من اجل ان يخلط كل الاوراق ليحقق الرئيس جورج بوش مشروعه المعلن في مكافحة الارهاب وفي تحريك الديموقراطية في المنطقة، بما تشتمل عليه من حقوق الانسان ومن حركة الحريات.
ومن الطبيعي ان المسألة السورية مسألة معقدة في المشروع الاميركي، ما انعكس سلباً على العلاقات بين سورية واميركا، اولاً من خلال المسألة العراقية، لان اميركا كانت تأمل وهي تضغط على سورية من اجل ان تساعدها مساعدة فعالة على تثبيت احتلالها في العراق، سواء كان ذلك في الخط السلبي، بان تراقب حدودها وتمنع من عبور اراضيها كل الفئات التي تتهمها (الولايات المتحدة) بانها وراء «اعمال العنف» في العراق, وفي الخط الايجابي بان تستخدم سورية كل مواقعها في العراق لدعم الاحتلال الاميركي.
ثم هناك الجانب الاخر، وهو الجانب الاسرائيلي، والمعروف ان سورية لا تزال هي الدولة العربية الوحيدة التي تملك استراتيجية سياسية في دعم القضية الفلسطينية، ولذلك فهي تحتضن بطريقة او بأخرى المنظمات الفلسطينية من خلال احتضان قياداتها لتعطيها الموقع الآمن عندها، ثم في دعمها لبعض الخطوط في الداخل الفلسطيني، اضافة الى مسألة «حزب الله» باعتبار ان اميركا تحسبه على سورية كامتداد سياسي وامني وكقوة تدعم المقاومة الاسلامية في لبنان، ولذلك فانها تريد من سورية ان تضغط على «حزب الله» اولاً وان تنزع سلاحه ثانياً.
وعليه فان القرار 1559، عندما صدر بالتوافق مع فرنسا وبالضغط على اعضاء مجلس الامن، انما كان موجهاً ضد سورية وليس لحسابات لبنانية خاصة، واميركا ارادت ان تسلب من سورية الورقة الوحيدة التي بقيت لها خارج حدودها والتي تعطيها تحريك العنفوان العربي الذي تحاول ان يبقى في عناوينها السياسية الكبرى.
من هنا، مسألة الانسحاب السوري من لبنان كانت اسقاط ورقة القوة التي تملكها سورية في التحرك في اكثر من خط، لحسابات معينة سواء على المستوى الاستراتيجي او على المستوى الاقليمي الداخلي الذاتي، ومن الطبيعي ان ذلك يحتاج الى تحريك الوضع الداخلي اللبناني وجاء اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليساهم في شدته وعنفه وامتداده، حيث بادر كل هذا التجمع الداخلي والخارجي الى اتهام سورية وتسويق هذا الاتهام وتوظيفه في وجدان الشعب اللبناني، ليتم استغلاله من قبل الفئات المعادية لسورية استغلالاً كبيراً، لا سيما ان هذه المسألة استطاعت ان تدخل المسلمين في الخطوط التي يتحرك فيها المسيحيون، في المعارضة المسيحية في «قرنة شهوان» وما الى ذلك .
وهكذا كان فانسحبت سورية من كل لبنان تحت تأثير ظروف معقدة ولا تزال الامور تتفاعل وخصوصاً في مسألة لجنة التحقيق الدولية التي وافقت عليها سورية ولبنان، او اسقاط الاجهزة الامنية التي كانت تحسب على الخط السوري وما الى ذلك من مسألة الانتخابات .
اذاً، المسألة اللبنانية في مجملها اميركية، ولذلك نلاحظ ان السفير الاميركي يتابع تدخلاته وعلاقاته بأغلب الاطراف اللبنانية التي تقف ضد سورية حسب الموقع، حتى ان هذا السفير عندما اخذ اجازة تم استقدام نائب مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ساترفيلد ليقوم مقامه ويرعى كل الخطوط الاعتراضية ضد سورية.
اما فرنسا فانها تتحرك في دائرة من خلال رعاية مصالحها التي بدأت تهتز بطريقة او اخرى في علاقاتها مع سورية، سواء من الناحية الاقتصادية او السياسية.
ثم ان هناك حديثاً بان اميركا تريد اسقاط النظام السوري، في اطار سياستها الرامية لاسقاط كل الانظمة التي تعتبرها ديكتاتورية لاستبدالها بما تتحدث عنه من «دمقرطة» هذا النظام او ذاك.
ولذلك بدأت الاحاديث السياسية والضغوط على مستوى الكونغرس ومراكز الدراسات والاعلام الذي يقوده المحافظون الجدد واللوبي الصهيوني وما الى ذلك، فحصل انطباع بان اميركا تريد اسقاط النظام السوري، ولكننا عندما ندقق في المسألة، نرى ان اميركا لم تضع في حساباتها بالمستقبل المنظور على الاقل اسقاط النظام السوري، ولكنها وضعت في حساباتها استعمال كل ادوات الضغط على سورية، سواء كانت ادوات داخلية او خارجية، من اجل ان تقود سورية لتلبية المصالح الاميركية، ان من خلال مصلحة اسرائيلية او من خلال احتلال العراق.
وعليه، نجد ان الحديث الذي يتكرر في تصريحات الرئيس بوش من جهة او وزيرة خارجيته من جهة اخرى او من خلال الاعلام ان المسألة، هي ان سورية لم تستجب لمطالب اميركا وانها لم تفهم خلفيات الموقف الاميركي، وعندما ندرس الخطة الاميركية نعرف ان اميركا ليست لديها مشكلة اذا سقط النظام السوري تلقائياً، فهي ليست مستعدة لان تدافع عنه في المرحلة الحاضرة، كما كانت تدعي بانها تدافع عنه سابقاً باعتباره مركز استقرار في المنطقة مثلاً.
لكن سقوط النظام السوري تلقائياً على طريقة اوكرانيا او جورجيا ليس واقعياً، خصوصاً ان الدول العربية تخشى من سقوط النظام السوري لانها تحت تأثير ارباكات داخلية يمكن ان يمتد السقوط اليها، كما في مصر او السعودية او غيرهما.
اما المسألة العسكرية فان اميركا لن تغامر ابداً لعراق سوري جديد، اذا صح التعبير، بل ان الحرب الاميركية على اي موقع عربي او اسلامي في الوقت الحاضر، ليست واردة في حسابات الظروف الواقعية للسياسات الاميركية في المنطقة، ولا سيما بعد ان خاضت في وحول المسألة العراقية.
لذلك نقول ان المسألة اللبنانية الان في كل مفرداتها هي التخطيط لوصاية اميركية عليه كبديل عن الوصاية السورية، وهذا ما نلاحظه عندما نستمع الى السفير الاميركي وهو ينصح في تصريحاته اللبنانيين القيام بهذا الامر او ذاك، على طريقة «كاد المريب ان يقول خذوني».
واتصور ان المهمة الاساسية لدى اميركا في المرحلة الحاضرة هي ان تحصل الانتخابات، بغض النظر عن القانون الذي يحكم هذه الانتخابات سواء كان قانون القضاء او المحافظة على اساس الاكثرية او النسبية، لان الرئيس الاميركي يريد ان يقدم لبنان كانموذج استطاعت اميركا ان تؤكد الديموقراطية فيه، ليثبت للرأي العام الاميركي النجاح في مشروعه، بعد ان اصبحت هناك عدة تعقيدات في مشروع الدمقرطة في العراق او في فلسطين او في افغانستان, واميركا تستعجل اجراء الانتخابات ليقطف الرئيس بوش في ولايته الثانية هذه الثمرة التي يحاول انضاجها من خلال الفئات التي تتحرك في خط السياسة الاميركية في لبنان.
هل هذا يعني ان هناك تدويلاً للوضع اللبناني وانه انتقل من الوصاية السورية الى الوصاية الاميركية؟
ـ لبنان كان يخضع لخطوط دولية، ولكن لم يكن هناك اي اهتمام في خطوط السياسة الاميركية سابقاً في لبنان الا بقدر ما يتعلق الامر باسرائيل او في رعاية اميركا للوضع الاسرائيلي، سواء من خلال المقاومة او ضبط الايقاع السوري وما اشبه ذلك, ولكن العناوين التي انطلق منها الرئيس بوش في ولايته الاولى او الثانية، هي انتباه ادارته الى وجود مصالح معينة لاميركا في النسيج اللبناني، ولذلك اصبح لبنان عروس الشعر للرئيس الاميركي الذي يتحدث به صباحاً عندما يستيقظ من النوم وظهراً ومساء، تماماً كما لو كانت القضية متداخلة مع القضية الاميركية.
البعض يصف التطورات الاخيرة التي حصلت في لبنان، بانها حركة استقلالية، وان الشيعة وقفوا خارجها يغردون خارج السرب؟
ـ لا اتصور ان الشيعة يغردون خارج سربهم، لان الخط الاسلامي الشيعي يتحرك منذ عناوينه الاولى لحماية لبنان من السيطرة الاسرائيلية اولاً ولمعارضة السياسة الاميركية ثانياً, ولهذا فان هذا الخط السياسي لا يزال يتحرك في مساره الطبيعي في هذا المجال.
من الممكن جداً ان يتحدث البعض بأن المسلمين الشيعة لم يشاركوا في كل هذه «الهمروجة» التي تقودها المعارضة المسيحية بالذات لاستعادة لبنان المسيحي مهما غلفوا ذلك بغلاف الوطنية وغيره بهذا فان الشيعة لا يزالون يمثلون الرقم الصعب في المسألة اللبنانية وهذا ما نلاحظه في كل الوسط اللبناني الذي يتحدث عن الحوار مع التيار السياسي الشيعي من خلال «حزب الله» او من خلال حركة «امل»، لان الجميع يشعرون انهم لا يستطيعون ان يحسموا اي امر سياسي في لبنان بعيداً عن الحوار والتفاهم مع هذين التنظيمين والكثيرين من المستقلين في الوسط الاسلامي الشيعي.
ان الشيعة لا يزالون يخلصون للعناوين الكبرى التي انطلقت في استراتيجيتهم السياسية، ونعتقد ان الشيعة انفتحوا على سورية لانها لا تزال تحمل العناوين الكبرى التي يؤمنون بها، وهي معارضة السياسة الاميركية ولو في الواجهة، وحمل القضية الفلسطينية، ولم يتحول الشيعة الى عملاء لسورية كما قد يتحدث البعض، بل نلاحظ ان سورية كانت تستفيد من المقاومة كما كانت المقاومة تستفيد من سورية.
وهل ترى في بقاء سورية خارج هذا «التحرك الاستقلالي» ظاهرة صحية؟ ام انه قد يؤدي الى عزلهم وطنياً؟
ـ كلمة انهم بقوا خارج، يعني انهم خارج المعارضة التي لا يؤمنون بالكثير من قياداتها ولا يؤمنون بالكثير من عناوينها، نعم لانهم فريق مستقل، هم ليسوا موقعاً سياسياً يذوب في المواقع الاخرى, هم موقع سياسي فاعل يملك قوة في المستوى الميداني، وهذا ما لاحظناه عندما انطلقت التظاهرات التي ضمت مئات الالوف في ساحة رياض الصلح، ما يعني انهم يملكون قوة ذاتية كما يملك الاخرون قوى ذاتية، ولذا من الصعب جداً على كل الفئات اللبنانية ان تنظر الى الموقع الاسلامي السياسي الشيعي على اساس انه موقع معزول، لانهم هم يعزلون الاخرين بدلاً من ان يعزلهم الاخرون.
المعروف عن الشيعة خصوصاً في لبنان، ان لديهم تنوعاً سياسياً وفكرياً، لماذا تحولوا الى طائفة ذات موقف موحد ورأي موحد، خصوصاً ان سماحتك صاحب فكر تنويري؟
ـ قيمة المسلمين الشيعة انهم يعيشون الحرية في داخل مكوناتهم السياسية، كما يعيشون الحرية خارج هذه المكونات بالنسبة الى سيطرة الاخرين عليهم، ولا يملك احد من قيادات وزعماء الشيعة السيطرة المطلقة عليهم، وهناك مستقلون في المسألة السياسية ممن ينتمون الى احزاب علمانية او خطوط سياسية معينة, لذلك فان قضية تفرع الخطوط السياسية داخل النسيج الشيعي يعتبر مصدر عافية وليس مصدر مرض، لانهم في كل تاريخهم لم يخضعوا لقوة واحدة وانما كانوا يمارسون حريتهم السياسية وكذلك حريتهم الفكرية, وقد يتحالف بعضهم مع البعض من خلال العناوين المشتركة، لكنهم في الوقت نفسه يبقون على اساس المفردات الاستقلالية هنا وهناك, قيمة الشيعة، ولعها مشكلة في لبنان انهم ليسوا طائفة، وانما هم فريق انساني سياسي يتنوع في داخله كما يواجه التحديات التي تأتي من خارجه,
لكن بدا انهم تحولوا في الفترة الاخيرة الى طائفة عكست الطوائف والمذاهب الاخرى؟
ـ عندما تواجه التحديات الكبرى الجميع، فمن الطبيعي جداً اذا كان الجميع يحسبون الحسابات بدقة على اساس موضوعي وعقلاني، لا بد ان ينضم بعضهم الى بعض من اجل مواجهة التحديات.
لكن رغم كونك مرجعية شيعية نلاحظ انك منفتح على المعارضة والموالاة؟
ـ منذ ان بدأت عملي العام، سواء كان سياسياً او اسلامياً او ثقافياً، كنت امارس الانفتاح على كل الناس وايضاً الاستقلالية في رأيي، ولم اكن جزءاً من اي حزب اسلامي شيعي بالمعنى التنظيمي، ولم اخضع ايضاً لأي دولة، ولذلك فان علاقتي بالجمهورية الاسلامية جيدة ولكني لست تابعاً لها, كما ان علاقتي بالجمهورية العربية السورية جيدة ولكني لست تابعاً لها, واحاول دائماً ان اتحاور مع الجميع، مع المعارضة والموالاة معاً، وان اعطي رأيي بكل صراحة، ولذلك اسجل ملاحظاتي بصراحة على بعض ما تتحرك فيه قيادات المعارضة, كما اسجل ملاحظاتي على الموالاة اذا صح التعبير.
في ظل الانسحاب السوري وتطبيق القرار 1559 طرح موضوع المقاومة وسلاحها، هل لديكم مقابرة جديدة لمسألة المقاومة وخصوصاً ان السيد حسن نصرالله اعرب عن استعداده للتحاور الداخلي حول مستقبلها؟
ـ نقول لكل من يتحدث عن سلاح المقاومة على المستوى اللبناني الداخلي، ان للمقاومة علامات استفهام حول ما هي الضمانات السياسية والامنية التي يمكن للبنان ان يحصل عليها من خلال احتمالات العدوان الاسرائيلي، لان اسرائيل، كما نعرف جميعاً، لا تعدم المبررات لشن عدوانها على هذا البلد او ذاك، ونعرف ان عدوان اسرائيل عام 1982 ، الذي اجتاحت فيه لبنان تماماً حتى عاصمته، انطلق من محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن، واتهمت فيها الفلسطينيين واستندت اليها لتبرر عدوانها, ليس هناك من يمكن ان يعطي ضمانات حقيقية لعدم قيام اسرائيل بعدوان جديد.
ثم هل يملك الجيش اللبناني بإمكاناته المتواضعة بالنسبة الى سلاحه وبالنسبة الى السياسة التي تقود حركته ان يدخل في حرب مع اسرائيل؟ وهل يملك احد الان ضبط الفئات الفلسطينية التي يمكن لها ان تنطلق من اجل ان يلتقي داخل فلسطين بخارجها؟ وهل يملك احد ان يسيطر على هذا الوضع؟ ام ان المسألة سترجع كما كانت سابقاً؟ ليس هناك حتى الان اي جواب لعلامات الاستفهام هذه, لذلك اذا عرفنا ان سلاح المقاومة لم يستعمل ولن يستعمل كما يقول «حزب الله» في نزاعات داخلية وانما هو لحماية لبنان، عندما يقدم الاخرون اطروحة واقعية حول امكانات حماية لبنان من اسرائيل، ولا سيما في الظروف التي لا تزال فيها اسرائيل تمثل دولة معادية للبنانيين، يمكن ان يكون هناك حوار على المستوى السياسي والواقعي.
من المعروف ان البند الثاني في القرار 1559 ، يتعلق بسلاح المقاومة, هل يمكن ان نصل الى يوم يصبح فيه هذا السلاح موضوع مفاوضة دولية كما السلاح النووي الايراني؟
ـ المسألة التي لا بد لنا من ان نحدق بها هي هل ان اميركا ومعها فرنسا على استعداد للدخول في حرب مع المقاومة في لبنان؟ وهل هناك ظروف واقعية لارسال جيش اميركي ـ فرنسي او دولي من اجل القيام بنزع سلاح المقاومة, ان هناك كلاماً نشر في الصحافة، وهو ان اميركا وفرنسا مستعدتان لمساعدة لبنان على نزع سلاح المقاومة, والسؤال هل يملك لبنان ان يدخل في عمل عسكري ضد المقاومة ليطلب مساعدة دولية؟ ثم ماذا يحدث للبنان اذا دخلت المقاومة الحرب للدفاع عن نفسها وعن سلاحها؟ انني اتصور لو ان معالجة سلاح المقاومة انطلق من خلال خطة عسكرية خارجية او داخلية فسوف تكون الحرب اللبنانية الماضية لا تمثل شيئاً امام ما يمكن ان يحدث من حرب في هذه المسألة، في دفاع المقاومة عن نفسها سواء دخلت اسرائيل على الخط ام لم تدخل، لن يبقى لبنان كما هو الان, وهذا كلام لا اتحدث به من خلال التهويل ولكن من خلال الحسابات الدقيقة التي نعرف كيف تتحرك المسألة في اتجاه التوازن في لبنان.
لكن الا ترى ان دخول «حزب الله» في اللعبة السياسية الداخلية يؤثر على قوة المقاومة؟
ـ هو حزب سياسي تماماً، كما هو حزب مقاومة، الحزب الذي لديه 12 نائباً في البرلمان كيف لا يكون حزباً سياسياً.
بم ترد على القائلين بان هذا الطرف هو وحده الذي يحمل سلاح في لبنان؟
- هو صرح ويصرح، ويمكن للاخرين ان يتحدوا تصريحاته، اننا لن ندخل في اي حرب داخلية ولن نستعمل السلاح للحرب الداخلية، ثم انه لم يدخل جديداً في حركة السلاح، بل حرر جزءاً كبيراً من لبنان بسلاحه وبانضباطه، ثم انه عندما حصل التحرير لم يمارس اي عمل سلبي بوجه كل الفئات التي كانت قريبة من فريق اسرائيل، بل ان الجميع بمن فيهم المسيحيون في المناطق الحدودية لاحظوا ان المرحلة التي سيطرت فيها المقاومة على المنطقة، كانت من افضل المراحل أمناً.
لبنان، بعد التطورات الاخيرة مقبل على استحقاق الانتخابات النيابية، كيف تنظر الى هذا الاستحقاق، وهل يمكن ان يغير في الوضع الداخلي ام انه قد يكون مدخلاً لاعادة تحريك العفاريت الطائفية، مما يضع البلد امام المجهول؟
ـ من الصعب جداً، امام التطورات التي حدثت في لبنان، ان يسيطر اي فريق على البلد، على اساس سياسة الغالب والمغلوب,
من الطبيعي ان التطورات التي قد تحدث من خلال الانتخابات، يمكن ان تؤدي الى وجود اكثرية هنا، مقابل اكثرية سابقة قد تحدث بعض التغيرات في خطوط السياسة اللبنانية ولكني اتصور ان الذين يقودون المعارضة، كالذين يقودون الموالاة.
جرب اللبنانيون كل حركتهم التي لا يزالون يعانون منها، ولذلك فان الجميع كانوا تحت التجربة غير الناجحة، واذا بقي هؤلاء او اكثريتهم، فان فشل التجربة الماضية يدل على فشل التجربة المقبلة.
الى اين يمكن ان يؤدي مثل هذه الفشل؟
ـ يبقي لبنان في حال الاهتزاز السياسي بعيداً عن الاهتزال الامني, كانت «ثلاثيتي» في ايام الحرب على لبنان: لا تقسيم لا انهيار لا استقرار, وهكذا اريد للبنان ان يبقى ساحة للاهتزازات السياسية والاقتصادية، لان ذلك هو حاجة الذين يريدون من لبنان ان يكون الساحة التي تتنفس فيها مشاريع المنطقة.
وهل مكتوب على لبنان ان يبقى ساحة ولا يتحول الى وطن؟
ـ عندما يتخلص اللبنانيون من الذهنية الطائفية ويستبدلونها بالمواطنية، ويتخلص لبنان من النظام الطائفي، يمكن ان نفكر في لبنان جديد.
واين دور الشيعة في هذا المجال، وهل انت راضٍ عن التمثيل الشيعي في الحكومة والبرلمان، وفي سلوكهم؟
ـ اعتبر ان الشيعة ليس لهم مشروع خاص، هم جزء من لبنان يربحون ما يربحه لبنان ويخسرون ما يخسره, وهم يعيشون المسؤولية عن لبنان كله، لان الطائفة الاسلامية الشيعية, هي الوحيدة التي حررت لبنان، بل ان لبنان من خلالها هو البلد الوحيد الذي هزم اسرائيل, لذلك يبقى العنفوان والعقلانية والموضوعية التي تجعل الشيعة منفتحين على بقية الاطياف اللبنانية على المستوى الديني وعلى المستوى السياسي.
انا اتحدث عن الواجهة التي تمثل الشيعة في السلطة؟
ـ استضعف الاخرون هذا الفريق، وهددوا بسقوط الهيكل، ولذلك فان المسلمين الشيعة كانوا ام الصبي.
التطورات في العراق، افرزت تسلم الشيعة عملياً للحكم مقابل معارضة سنية؟
ـ لم يصبح العراق، حكومة شيعية كما هو المصطلح السياسي، لان الشيعة اعلنوا منذ البداية وحتى الان ان لا مشروع خاصاً بهم، للاستبداد في الحكم، ولا للسيطرة على العراقيين، مع ملاحظة اخرى وهي ان الشيعة ليسوا فريقاً واحداً، لان هناك اسلاميين وعلمانيين، ورأينا كيف كان الصراع في قائمة هنا وقائمة هناك, كانت هناك قائمة شيعية ليبرالية واخرى مختلطة بين اسلامية ومستقلة, لذلك عندما ننظر الى الحكومة الحالية والموقتة والتي لا ندري كيف ستتطور معها الاوضاع، نلاحظ انها مؤلفة من فريق شيعي تمثله قائمة الائتلاف الموحد، وفريق كردي، وهم سنّة في الاغلبية، وهم انفتحوا ايضاً على الفريق السني الذي رفض الانتخابات تحت تأثيرات سياسية معينة، وهم لا يزالون يطالبون العرب المسلمين السنّة بالانضمام الى الحكومة، رئيس الجمهورية كردي سني, كما ان رئيس الجمعية الوطنية سني من الحزب الاسلامي العراقي، ان الشيعة هم الفريق الوحيد الاسلامي الذي لا يحمل الذهنية الطائفية، بل يحمل الذهنية المنفتحة على كل الاطياف في العراق وخارجه، وان الحديث عن خطر السيطرة الشيعية على العراق او عن الهلال الشيعي، يدخل في حسابات الوهم ويدخل في حسابات الاثارة الموجهة ضد الشيعة الذين يريدون عراقاً موحداً وينفتح على كل بنيه، ليصنعوا من العراق بلداً نموذجياً حضارياً كما كان العراق يحمل الحضارة منذ آلاف السنين.
لكن وفق النظام الجديد، فان رئيس الحكومة هو الحاكم الفعلي للعراق، وكيف تنظر الى وصول السيد ابراهيم الجعفري، وهو المتحدر من حزب الدعوة الاسلامي الى هذا المنصب؟
ـ هو جزء من قائمة الائتلاف الموحد التي تمثل اكثر القوائم عدداً، ولهذا فان المسألة خضعت سواء داخل الائتلاف الموحد او داخل الاطراف العراقية للديموقراطية، ولم تخضع لمسألة الطائفية او غيرها، ومن الطبيعي ان القائمة الاكثر عدداً لا بد ان يكون رئيس الوزراء منها, ولو فرضنا انه دخل السنّة في المستقبل في الانتخابات، وضموا اليهم بعض الليبراليين او العلمانيين، فمن الممكن جداً ان يكونوا هم الاكثرية التي يمكن ان تتسلم رئاسة الوزراء.
الى اين يمكن ان تصل التجربة العراقية الى عراق موحد ام الى كيانات, وما الدور الاميركي في هذا المجال؟
ـ العراقيون يريدون عراقاً موحداً، حتى ان البعض منهم لا يزال يسجل علامات استفهام على الفيديرالية في العراق في شأن الاستقلال الذاتي للاكراد، العراقيون لا يوافقون على تقسيم العراق، على اساس ان تكون دولة شيعية ودولة سنية ودولة كردية, لكن المسألة تحتاج الى متابعة الاوضاع السياسية الدولية لا سيما الخطة الاميركية التي تحرك الواقع السياسي على اساس المصالح الاميركية الاستراتيجية.
فضل الله لـ «الرأي العام»: الشيعة في لبنان يَعزلون ولا... يُعزلون أميركا لم تضع في حساباتها إسقاط النظام السوري لكنها لا تمانع في سقوطه تلقائياً
بيروت ـ من مصطفى ياسين:
رأى المرجع الشيعي في لبنان السيد محمد حسين فضل الله، ان «المعارضة المسيحية تعمل لاستعادة لبنان المسيحي مهما غلفوا ذلك بغلاف وطني وغيره»، مشيراً الى ان «الشيعة لا يزالون يمثلون الرقم الصعب في المسألة اللبنانية، ويخلصون للعناوين الكبرى التي انطلقت في استراتيجيتهم السياسية وهي حماية لبنان من السيطرة الاسرائيلية ومعارضة السياسية الاميركية، وهم انفتحوا على سورية لانها تحمل هذه العناوين ولم يتحولوا الى عملاء لها».
وشدد السيد فضل الله على ان الشيعة هم الذين يعزلون الاخرين، بدلاًَ من ان يعزلهم الاخرون وهم بقوا خارج التحركات التي شهدها لبنان خلال الاشهر الماضية، لانهم لا يؤمنون بالكثير من قيادات المعارضة وعناوينها.
ودافع المرجع الشيعي بقوة عن المقاومة وسلاحها, ورأى ان «معالجة سلاح المقاومة لو انطلق من خلال خطة عسكرية خارجية او داخلية، فستكون الحرب اللبنانية الماضية لا تمثل شيئاً امام ما يمكن ان يحدث من حرب في هذه المسألة، ولن يبقى لبنان كما هو الان».
ورأى ان «الانتخابات النيابية في لبنان قد تؤدي الى وجود اكثرية هنا مقابل اكثرية سابقة، لكن الذين يقودون المعارضة والموالاة كانوا تحت التجربة غير الناجحة واذا بقي هؤلاء فإن فشل التجربة الماضية يدل على فشل التجربة المقبلة».
واعتبر ان «لبنان محكوم بمعادلة: لا تقسيم ولا انهيار ولا استقرار، لانه اريد له ان يبقى ساحة للاهتزازات السياسية والاقتصادية، وتتنفس فيها مشاريع المنطقة»، مشيراً الى ان «لبنان لن يتحول وطناً الا عندما يتخلص اللبنانيون من الذهنية الطائفية ويستبدلونها بالمواطنية ويتخلص لبنان من النظام الطائفي».
وشدد في هذا المجال على ان «الشيعة ليس لهم مشروع خاص في لبنان وهم منفتحون على الاطياف اللبنانية الاخرى على المستوى الديني وعلى المستوى السياسي»، لافتاً الى ان «الطائفة الاسلامية الشيعية هي الوحيدة التي حررت لبنان، لا بل ان لبنان من خلالها هو البلد الوحيد الذي هزم اسرائيل وهم ام الصبي في لبنان».
ورأى السيد فضل الله ان «القرار 1559 كان موجهاً ضد سورية وليس لحساب لبنان وان هناك تخطيطاً لوصاية اميركية على لبنان بدلاً من الوصاية السورية، واميركا من خلال هذا القرار ارادت ان تسلب سورية ورقة القوة الوحيدة التي بقيت لها خارج حدودها»، لافتاً الى ان «اميركا لم تضع في حساباتها في المستقبل المنظور اسقاط النظام السوري، رغم ان ليس لديها مشكلة اذا سقط تلقائياً، وهي ليست مستعدة للدفاع عنه كما في السابق حيث كانت تعتبره مركز استقرار في المنطقة»، مشيراً الى ان «بعض الدول العربية قبل مصر والسعودية، يخشى من ان يمتد سقوط النظام السوري اليها».
واكد ان «الحديث عن خطر السيطرة الشيعية على العراق او عن الهلال الشيعي يدخل في حسابات الوهم الاثارة الموجهة ضدهم»، مشيراً الى ان «الشيعة في العراق ليس لهم مشروع خاص للاستبداد بالحكم، فضلاً عن انهم ليسوا فريقاً واحداً، وهم الفريق الاسلامي الوحيد الذي لا يحمل الذهنية الطائفية بل المنفتحة على كل الاطياف».
وفي ما يأتي نص الحوار:
حصلت خلال الاشهر الماضية تطورات متسارعة كان البارز فيها الانسحاب السوري من لبنان، كيف يقرأ السيد فضل الله هذه المستجدات وتداعياتها المستقبلية؟
ـ عندما ندرس كل التطورات التي حدثت في لبنان وفي مقدمها الانسحاب السوري، فاننا لا نستطيع الا ان نضعها في دائرة المشروع الاميركي في المنطقة الذي حاول ان يثير «الفوضى البناءة» حسب تعبير الادارة الاميركية، من اجل ان يخلط كل الاوراق ليحقق الرئيس جورج بوش مشروعه المعلن في مكافحة الارهاب وفي تحريك الديموقراطية في المنطقة، بما تشتمل عليه من حقوق الانسان ومن حركة الحريات.
ومن الطبيعي ان المسألة السورية مسألة معقدة في المشروع الاميركي، ما انعكس سلباً على العلاقات بين سورية واميركا، اولاً من خلال المسألة العراقية، لان اميركا كانت تأمل وهي تضغط على سورية من اجل ان تساعدها مساعدة فعالة على تثبيت احتلالها في العراق، سواء كان ذلك في الخط السلبي، بان تراقب حدودها وتمنع من عبور اراضيها كل الفئات التي تتهمها (الولايات المتحدة) بانها وراء «اعمال العنف» في العراق, وفي الخط الايجابي بان تستخدم سورية كل مواقعها في العراق لدعم الاحتلال الاميركي.
ثم هناك الجانب الاخر، وهو الجانب الاسرائيلي، والمعروف ان سورية لا تزال هي الدولة العربية الوحيدة التي تملك استراتيجية سياسية في دعم القضية الفلسطينية، ولذلك فهي تحتضن بطريقة او بأخرى المنظمات الفلسطينية من خلال احتضان قياداتها لتعطيها الموقع الآمن عندها، ثم في دعمها لبعض الخطوط في الداخل الفلسطيني، اضافة الى مسألة «حزب الله» باعتبار ان اميركا تحسبه على سورية كامتداد سياسي وامني وكقوة تدعم المقاومة الاسلامية في لبنان، ولذلك فانها تريد من سورية ان تضغط على «حزب الله» اولاً وان تنزع سلاحه ثانياً.
وعليه فان القرار 1559، عندما صدر بالتوافق مع فرنسا وبالضغط على اعضاء مجلس الامن، انما كان موجهاً ضد سورية وليس لحسابات لبنانية خاصة، واميركا ارادت ان تسلب من سورية الورقة الوحيدة التي بقيت لها خارج حدودها والتي تعطيها تحريك العنفوان العربي الذي تحاول ان يبقى في عناوينها السياسية الكبرى.
من هنا، مسألة الانسحاب السوري من لبنان كانت اسقاط ورقة القوة التي تملكها سورية في التحرك في اكثر من خط، لحسابات معينة سواء على المستوى الاستراتيجي او على المستوى الاقليمي الداخلي الذاتي، ومن الطبيعي ان ذلك يحتاج الى تحريك الوضع الداخلي اللبناني وجاء اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليساهم في شدته وعنفه وامتداده، حيث بادر كل هذا التجمع الداخلي والخارجي الى اتهام سورية وتسويق هذا الاتهام وتوظيفه في وجدان الشعب اللبناني، ليتم استغلاله من قبل الفئات المعادية لسورية استغلالاً كبيراً، لا سيما ان هذه المسألة استطاعت ان تدخل المسلمين في الخطوط التي يتحرك فيها المسيحيون، في المعارضة المسيحية في «قرنة شهوان» وما الى ذلك .
وهكذا كان فانسحبت سورية من كل لبنان تحت تأثير ظروف معقدة ولا تزال الامور تتفاعل وخصوصاً في مسألة لجنة التحقيق الدولية التي وافقت عليها سورية ولبنان، او اسقاط الاجهزة الامنية التي كانت تحسب على الخط السوري وما الى ذلك من مسألة الانتخابات .
اذاً، المسألة اللبنانية في مجملها اميركية، ولذلك نلاحظ ان السفير الاميركي يتابع تدخلاته وعلاقاته بأغلب الاطراف اللبنانية التي تقف ضد سورية حسب الموقع، حتى ان هذا السفير عندما اخذ اجازة تم استقدام نائب مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ساترفيلد ليقوم مقامه ويرعى كل الخطوط الاعتراضية ضد سورية.
اما فرنسا فانها تتحرك في دائرة من خلال رعاية مصالحها التي بدأت تهتز بطريقة او اخرى في علاقاتها مع سورية، سواء من الناحية الاقتصادية او السياسية.
ثم ان هناك حديثاً بان اميركا تريد اسقاط النظام السوري، في اطار سياستها الرامية لاسقاط كل الانظمة التي تعتبرها ديكتاتورية لاستبدالها بما تتحدث عنه من «دمقرطة» هذا النظام او ذاك.
ولذلك بدأت الاحاديث السياسية والضغوط على مستوى الكونغرس ومراكز الدراسات والاعلام الذي يقوده المحافظون الجدد واللوبي الصهيوني وما الى ذلك، فحصل انطباع بان اميركا تريد اسقاط النظام السوري، ولكننا عندما ندقق في المسألة، نرى ان اميركا لم تضع في حساباتها بالمستقبل المنظور على الاقل اسقاط النظام السوري، ولكنها وضعت في حساباتها استعمال كل ادوات الضغط على سورية، سواء كانت ادوات داخلية او خارجية، من اجل ان تقود سورية لتلبية المصالح الاميركية، ان من خلال مصلحة اسرائيلية او من خلال احتلال العراق.
وعليه، نجد ان الحديث الذي يتكرر في تصريحات الرئيس بوش من جهة او وزيرة خارجيته من جهة اخرى او من خلال الاعلام ان المسألة، هي ان سورية لم تستجب لمطالب اميركا وانها لم تفهم خلفيات الموقف الاميركي، وعندما ندرس الخطة الاميركية نعرف ان اميركا ليست لديها مشكلة اذا سقط النظام السوري تلقائياً، فهي ليست مستعدة لان تدافع عنه في المرحلة الحاضرة، كما كانت تدعي بانها تدافع عنه سابقاً باعتباره مركز استقرار في المنطقة مثلاً.
لكن سقوط النظام السوري تلقائياً على طريقة اوكرانيا او جورجيا ليس واقعياً، خصوصاً ان الدول العربية تخشى من سقوط النظام السوري لانها تحت تأثير ارباكات داخلية يمكن ان يمتد السقوط اليها، كما في مصر او السعودية او غيرهما.
اما المسألة العسكرية فان اميركا لن تغامر ابداً لعراق سوري جديد، اذا صح التعبير، بل ان الحرب الاميركية على اي موقع عربي او اسلامي في الوقت الحاضر، ليست واردة في حسابات الظروف الواقعية للسياسات الاميركية في المنطقة، ولا سيما بعد ان خاضت في وحول المسألة العراقية.
لذلك نقول ان المسألة اللبنانية الان في كل مفرداتها هي التخطيط لوصاية اميركية عليه كبديل عن الوصاية السورية، وهذا ما نلاحظه عندما نستمع الى السفير الاميركي وهو ينصح في تصريحاته اللبنانيين القيام بهذا الامر او ذاك، على طريقة «كاد المريب ان يقول خذوني».
واتصور ان المهمة الاساسية لدى اميركا في المرحلة الحاضرة هي ان تحصل الانتخابات، بغض النظر عن القانون الذي يحكم هذه الانتخابات سواء كان قانون القضاء او المحافظة على اساس الاكثرية او النسبية، لان الرئيس الاميركي يريد ان يقدم لبنان كانموذج استطاعت اميركا ان تؤكد الديموقراطية فيه، ليثبت للرأي العام الاميركي النجاح في مشروعه، بعد ان اصبحت هناك عدة تعقيدات في مشروع الدمقرطة في العراق او في فلسطين او في افغانستان, واميركا تستعجل اجراء الانتخابات ليقطف الرئيس بوش في ولايته الثانية هذه الثمرة التي يحاول انضاجها من خلال الفئات التي تتحرك في خط السياسة الاميركية في لبنان.
هل هذا يعني ان هناك تدويلاً للوضع اللبناني وانه انتقل من الوصاية السورية الى الوصاية الاميركية؟
ـ لبنان كان يخضع لخطوط دولية، ولكن لم يكن هناك اي اهتمام في خطوط السياسة الاميركية سابقاً في لبنان الا بقدر ما يتعلق الامر باسرائيل او في رعاية اميركا للوضع الاسرائيلي، سواء من خلال المقاومة او ضبط الايقاع السوري وما اشبه ذلك, ولكن العناوين التي انطلق منها الرئيس بوش في ولايته الاولى او الثانية، هي انتباه ادارته الى وجود مصالح معينة لاميركا في النسيج اللبناني، ولذلك اصبح لبنان عروس الشعر للرئيس الاميركي الذي يتحدث به صباحاً عندما يستيقظ من النوم وظهراً ومساء، تماماً كما لو كانت القضية متداخلة مع القضية الاميركية.
البعض يصف التطورات الاخيرة التي حصلت في لبنان، بانها حركة استقلالية، وان الشيعة وقفوا خارجها يغردون خارج السرب؟
ـ لا اتصور ان الشيعة يغردون خارج سربهم، لان الخط الاسلامي الشيعي يتحرك منذ عناوينه الاولى لحماية لبنان من السيطرة الاسرائيلية اولاً ولمعارضة السياسة الاميركية ثانياً, ولهذا فان هذا الخط السياسي لا يزال يتحرك في مساره الطبيعي في هذا المجال.
من الممكن جداً ان يتحدث البعض بأن المسلمين الشيعة لم يشاركوا في كل هذه «الهمروجة» التي تقودها المعارضة المسيحية بالذات لاستعادة لبنان المسيحي مهما غلفوا ذلك بغلاف الوطنية وغيره بهذا فان الشيعة لا يزالون يمثلون الرقم الصعب في المسألة اللبنانية وهذا ما نلاحظه في كل الوسط اللبناني الذي يتحدث عن الحوار مع التيار السياسي الشيعي من خلال «حزب الله» او من خلال حركة «امل»، لان الجميع يشعرون انهم لا يستطيعون ان يحسموا اي امر سياسي في لبنان بعيداً عن الحوار والتفاهم مع هذين التنظيمين والكثيرين من المستقلين في الوسط الاسلامي الشيعي.
ان الشيعة لا يزالون يخلصون للعناوين الكبرى التي انطلقت في استراتيجيتهم السياسية، ونعتقد ان الشيعة انفتحوا على سورية لانها لا تزال تحمل العناوين الكبرى التي يؤمنون بها، وهي معارضة السياسة الاميركية ولو في الواجهة، وحمل القضية الفلسطينية، ولم يتحول الشيعة الى عملاء لسورية كما قد يتحدث البعض، بل نلاحظ ان سورية كانت تستفيد من المقاومة كما كانت المقاومة تستفيد من سورية.
وهل ترى في بقاء سورية خارج هذا «التحرك الاستقلالي» ظاهرة صحية؟ ام انه قد يؤدي الى عزلهم وطنياً؟
ـ كلمة انهم بقوا خارج، يعني انهم خارج المعارضة التي لا يؤمنون بالكثير من قياداتها ولا يؤمنون بالكثير من عناوينها، نعم لانهم فريق مستقل، هم ليسوا موقعاً سياسياً يذوب في المواقع الاخرى, هم موقع سياسي فاعل يملك قوة في المستوى الميداني، وهذا ما لاحظناه عندما انطلقت التظاهرات التي ضمت مئات الالوف في ساحة رياض الصلح، ما يعني انهم يملكون قوة ذاتية كما يملك الاخرون قوى ذاتية، ولذا من الصعب جداً على كل الفئات اللبنانية ان تنظر الى الموقع الاسلامي السياسي الشيعي على اساس انه موقع معزول، لانهم هم يعزلون الاخرين بدلاً من ان يعزلهم الاخرون.
المعروف عن الشيعة خصوصاً في لبنان، ان لديهم تنوعاً سياسياً وفكرياً، لماذا تحولوا الى طائفة ذات موقف موحد ورأي موحد، خصوصاً ان سماحتك صاحب فكر تنويري؟
ـ قيمة المسلمين الشيعة انهم يعيشون الحرية في داخل مكوناتهم السياسية، كما يعيشون الحرية خارج هذه المكونات بالنسبة الى سيطرة الاخرين عليهم، ولا يملك احد من قيادات وزعماء الشيعة السيطرة المطلقة عليهم، وهناك مستقلون في المسألة السياسية ممن ينتمون الى احزاب علمانية او خطوط سياسية معينة, لذلك فان قضية تفرع الخطوط السياسية داخل النسيج الشيعي يعتبر مصدر عافية وليس مصدر مرض، لانهم في كل تاريخهم لم يخضعوا لقوة واحدة وانما كانوا يمارسون حريتهم السياسية وكذلك حريتهم الفكرية, وقد يتحالف بعضهم مع البعض من خلال العناوين المشتركة، لكنهم في الوقت نفسه يبقون على اساس المفردات الاستقلالية هنا وهناك, قيمة الشيعة، ولعها مشكلة في لبنان انهم ليسوا طائفة، وانما هم فريق انساني سياسي يتنوع في داخله كما يواجه التحديات التي تأتي من خارجه,
لكن بدا انهم تحولوا في الفترة الاخيرة الى طائفة عكست الطوائف والمذاهب الاخرى؟
ـ عندما تواجه التحديات الكبرى الجميع، فمن الطبيعي جداً اذا كان الجميع يحسبون الحسابات بدقة على اساس موضوعي وعقلاني، لا بد ان ينضم بعضهم الى بعض من اجل مواجهة التحديات.
لكن رغم كونك مرجعية شيعية نلاحظ انك منفتح على المعارضة والموالاة؟
ـ منذ ان بدأت عملي العام، سواء كان سياسياً او اسلامياً او ثقافياً، كنت امارس الانفتاح على كل الناس وايضاً الاستقلالية في رأيي، ولم اكن جزءاً من اي حزب اسلامي شيعي بالمعنى التنظيمي، ولم اخضع ايضاً لأي دولة، ولذلك فان علاقتي بالجمهورية الاسلامية جيدة ولكني لست تابعاً لها, كما ان علاقتي بالجمهورية العربية السورية جيدة ولكني لست تابعاً لها, واحاول دائماً ان اتحاور مع الجميع، مع المعارضة والموالاة معاً، وان اعطي رأيي بكل صراحة، ولذلك اسجل ملاحظاتي بصراحة على بعض ما تتحرك فيه قيادات المعارضة, كما اسجل ملاحظاتي على الموالاة اذا صح التعبير.
في ظل الانسحاب السوري وتطبيق القرار 1559 طرح موضوع المقاومة وسلاحها، هل لديكم مقابرة جديدة لمسألة المقاومة وخصوصاً ان السيد حسن نصرالله اعرب عن استعداده للتحاور الداخلي حول مستقبلها؟
ـ نقول لكل من يتحدث عن سلاح المقاومة على المستوى اللبناني الداخلي، ان للمقاومة علامات استفهام حول ما هي الضمانات السياسية والامنية التي يمكن للبنان ان يحصل عليها من خلال احتمالات العدوان الاسرائيلي، لان اسرائيل، كما نعرف جميعاً، لا تعدم المبررات لشن عدوانها على هذا البلد او ذاك، ونعرف ان عدوان اسرائيل عام 1982 ، الذي اجتاحت فيه لبنان تماماً حتى عاصمته، انطلق من محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن، واتهمت فيها الفلسطينيين واستندت اليها لتبرر عدوانها, ليس هناك من يمكن ان يعطي ضمانات حقيقية لعدم قيام اسرائيل بعدوان جديد.
ثم هل يملك الجيش اللبناني بإمكاناته المتواضعة بالنسبة الى سلاحه وبالنسبة الى السياسة التي تقود حركته ان يدخل في حرب مع اسرائيل؟ وهل يملك احد الان ضبط الفئات الفلسطينية التي يمكن لها ان تنطلق من اجل ان يلتقي داخل فلسطين بخارجها؟ وهل يملك احد ان يسيطر على هذا الوضع؟ ام ان المسألة سترجع كما كانت سابقاً؟ ليس هناك حتى الان اي جواب لعلامات الاستفهام هذه, لذلك اذا عرفنا ان سلاح المقاومة لم يستعمل ولن يستعمل كما يقول «حزب الله» في نزاعات داخلية وانما هو لحماية لبنان، عندما يقدم الاخرون اطروحة واقعية حول امكانات حماية لبنان من اسرائيل، ولا سيما في الظروف التي لا تزال فيها اسرائيل تمثل دولة معادية للبنانيين، يمكن ان يكون هناك حوار على المستوى السياسي والواقعي.
من المعروف ان البند الثاني في القرار 1559 ، يتعلق بسلاح المقاومة, هل يمكن ان نصل الى يوم يصبح فيه هذا السلاح موضوع مفاوضة دولية كما السلاح النووي الايراني؟
ـ المسألة التي لا بد لنا من ان نحدق بها هي هل ان اميركا ومعها فرنسا على استعداد للدخول في حرب مع المقاومة في لبنان؟ وهل هناك ظروف واقعية لارسال جيش اميركي ـ فرنسي او دولي من اجل القيام بنزع سلاح المقاومة, ان هناك كلاماً نشر في الصحافة، وهو ان اميركا وفرنسا مستعدتان لمساعدة لبنان على نزع سلاح المقاومة, والسؤال هل يملك لبنان ان يدخل في عمل عسكري ضد المقاومة ليطلب مساعدة دولية؟ ثم ماذا يحدث للبنان اذا دخلت المقاومة الحرب للدفاع عن نفسها وعن سلاحها؟ انني اتصور لو ان معالجة سلاح المقاومة انطلق من خلال خطة عسكرية خارجية او داخلية فسوف تكون الحرب اللبنانية الماضية لا تمثل شيئاً امام ما يمكن ان يحدث من حرب في هذه المسألة، في دفاع المقاومة عن نفسها سواء دخلت اسرائيل على الخط ام لم تدخل، لن يبقى لبنان كما هو الان, وهذا كلام لا اتحدث به من خلال التهويل ولكن من خلال الحسابات الدقيقة التي نعرف كيف تتحرك المسألة في اتجاه التوازن في لبنان.
لكن الا ترى ان دخول «حزب الله» في اللعبة السياسية الداخلية يؤثر على قوة المقاومة؟
ـ هو حزب سياسي تماماً، كما هو حزب مقاومة، الحزب الذي لديه 12 نائباً في البرلمان كيف لا يكون حزباً سياسياً.
بم ترد على القائلين بان هذا الطرف هو وحده الذي يحمل سلاح في لبنان؟
- هو صرح ويصرح، ويمكن للاخرين ان يتحدوا تصريحاته، اننا لن ندخل في اي حرب داخلية ولن نستعمل السلاح للحرب الداخلية، ثم انه لم يدخل جديداً في حركة السلاح، بل حرر جزءاً كبيراً من لبنان بسلاحه وبانضباطه، ثم انه عندما حصل التحرير لم يمارس اي عمل سلبي بوجه كل الفئات التي كانت قريبة من فريق اسرائيل، بل ان الجميع بمن فيهم المسيحيون في المناطق الحدودية لاحظوا ان المرحلة التي سيطرت فيها المقاومة على المنطقة، كانت من افضل المراحل أمناً.
لبنان، بعد التطورات الاخيرة مقبل على استحقاق الانتخابات النيابية، كيف تنظر الى هذا الاستحقاق، وهل يمكن ان يغير في الوضع الداخلي ام انه قد يكون مدخلاً لاعادة تحريك العفاريت الطائفية، مما يضع البلد امام المجهول؟
ـ من الصعب جداً، امام التطورات التي حدثت في لبنان، ان يسيطر اي فريق على البلد، على اساس سياسة الغالب والمغلوب,
من الطبيعي ان التطورات التي قد تحدث من خلال الانتخابات، يمكن ان تؤدي الى وجود اكثرية هنا، مقابل اكثرية سابقة قد تحدث بعض التغيرات في خطوط السياسة اللبنانية ولكني اتصور ان الذين يقودون المعارضة، كالذين يقودون الموالاة.
جرب اللبنانيون كل حركتهم التي لا يزالون يعانون منها، ولذلك فان الجميع كانوا تحت التجربة غير الناجحة، واذا بقي هؤلاء او اكثريتهم، فان فشل التجربة الماضية يدل على فشل التجربة المقبلة.
الى اين يمكن ان يؤدي مثل هذه الفشل؟
ـ يبقي لبنان في حال الاهتزاز السياسي بعيداً عن الاهتزال الامني, كانت «ثلاثيتي» في ايام الحرب على لبنان: لا تقسيم لا انهيار لا استقرار, وهكذا اريد للبنان ان يبقى ساحة للاهتزازات السياسية والاقتصادية، لان ذلك هو حاجة الذين يريدون من لبنان ان يكون الساحة التي تتنفس فيها مشاريع المنطقة.
وهل مكتوب على لبنان ان يبقى ساحة ولا يتحول الى وطن؟
ـ عندما يتخلص اللبنانيون من الذهنية الطائفية ويستبدلونها بالمواطنية، ويتخلص لبنان من النظام الطائفي، يمكن ان نفكر في لبنان جديد.
واين دور الشيعة في هذا المجال، وهل انت راضٍ عن التمثيل الشيعي في الحكومة والبرلمان، وفي سلوكهم؟
ـ اعتبر ان الشيعة ليس لهم مشروع خاص، هم جزء من لبنان يربحون ما يربحه لبنان ويخسرون ما يخسره, وهم يعيشون المسؤولية عن لبنان كله، لان الطائفة الاسلامية الشيعية, هي الوحيدة التي حررت لبنان، بل ان لبنان من خلالها هو البلد الوحيد الذي هزم اسرائيل, لذلك يبقى العنفوان والعقلانية والموضوعية التي تجعل الشيعة منفتحين على بقية الاطياف اللبنانية على المستوى الديني وعلى المستوى السياسي.
انا اتحدث عن الواجهة التي تمثل الشيعة في السلطة؟
ـ استضعف الاخرون هذا الفريق، وهددوا بسقوط الهيكل، ولذلك فان المسلمين الشيعة كانوا ام الصبي.
التطورات في العراق، افرزت تسلم الشيعة عملياً للحكم مقابل معارضة سنية؟
ـ لم يصبح العراق، حكومة شيعية كما هو المصطلح السياسي، لان الشيعة اعلنوا منذ البداية وحتى الان ان لا مشروع خاصاً بهم، للاستبداد في الحكم، ولا للسيطرة على العراقيين، مع ملاحظة اخرى وهي ان الشيعة ليسوا فريقاً واحداً، لان هناك اسلاميين وعلمانيين، ورأينا كيف كان الصراع في قائمة هنا وقائمة هناك, كانت هناك قائمة شيعية ليبرالية واخرى مختلطة بين اسلامية ومستقلة, لذلك عندما ننظر الى الحكومة الحالية والموقتة والتي لا ندري كيف ستتطور معها الاوضاع، نلاحظ انها مؤلفة من فريق شيعي تمثله قائمة الائتلاف الموحد، وفريق كردي، وهم سنّة في الاغلبية، وهم انفتحوا ايضاً على الفريق السني الذي رفض الانتخابات تحت تأثيرات سياسية معينة، وهم لا يزالون يطالبون العرب المسلمين السنّة بالانضمام الى الحكومة، رئيس الجمهورية كردي سني, كما ان رئيس الجمعية الوطنية سني من الحزب الاسلامي العراقي، ان الشيعة هم الفريق الوحيد الاسلامي الذي لا يحمل الذهنية الطائفية، بل يحمل الذهنية المنفتحة على كل الاطياف في العراق وخارجه، وان الحديث عن خطر السيطرة الشيعية على العراق او عن الهلال الشيعي، يدخل في حسابات الوهم ويدخل في حسابات الاثارة الموجهة ضد الشيعة الذين يريدون عراقاً موحداً وينفتح على كل بنيه، ليصنعوا من العراق بلداً نموذجياً حضارياً كما كان العراق يحمل الحضارة منذ آلاف السنين.
لكن وفق النظام الجديد، فان رئيس الحكومة هو الحاكم الفعلي للعراق، وكيف تنظر الى وصول السيد ابراهيم الجعفري، وهو المتحدر من حزب الدعوة الاسلامي الى هذا المنصب؟
ـ هو جزء من قائمة الائتلاف الموحد التي تمثل اكثر القوائم عدداً، ولهذا فان المسألة خضعت سواء داخل الائتلاف الموحد او داخل الاطراف العراقية للديموقراطية، ولم تخضع لمسألة الطائفية او غيرها، ومن الطبيعي ان القائمة الاكثر عدداً لا بد ان يكون رئيس الوزراء منها, ولو فرضنا انه دخل السنّة في المستقبل في الانتخابات، وضموا اليهم بعض الليبراليين او العلمانيين، فمن الممكن جداً ان يكونوا هم الاكثرية التي يمكن ان تتسلم رئاسة الوزراء.
الى اين يمكن ان تصل التجربة العراقية الى عراق موحد ام الى كيانات, وما الدور الاميركي في هذا المجال؟
ـ العراقيون يريدون عراقاً موحداً، حتى ان البعض منهم لا يزال يسجل علامات استفهام على الفيديرالية في العراق في شأن الاستقلال الذاتي للاكراد، العراقيون لا يوافقون على تقسيم العراق، على اساس ان تكون دولة شيعية ودولة سنية ودولة كردية, لكن المسألة تحتاج الى متابعة الاوضاع السياسية الدولية لا سيما الخطة الاميركية التي تحرك الواقع السياسي على اساس المصالح الاميركية الاستراتيجية.