بسم الله، وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند دراسة الاحاديث المروية عن الصحابة والالمام ببعضها نلاحظ بأن بعض الصحابة كانوا يعانون من مشكلة كبيرة بالنسبة للحديث وهي النسيان، فبعضهم تراه يخالف غيره من الصحب، فيروي خلاف الآخر على الرغم من ان كلاهما يدعي بأنه سمع الحديث حاضرا، بل والافضع منه ان يناقض الراوي نفسه، فتارة يشرّق وتارة يغرّب.
على اية حال، سنأخذ مثالا عن احد الصحابة وندرس بعض احاديثه.
طبعا لن نأخذ ابو هريرة مثالا لانه مشهور بمناقضاته، بل سنأخذ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. وسنأخذ جانبا واحدا من جوانب مروياته والمتعلق بحديث تعذيب الميت ببكاء اهله. فتعال معي اخي القارئ نستقرئ بعض ما جاء من تلك المرويات:
صحيح مسلم/ كتاب الجنائز/ باب الميت يعذب ببكاء اهله عليه:
1) 2181 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ بِشْرٍ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِىُّ - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ حَفْصَةَ بَكَتْ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ مَهْلاً يَا بُنَيَّةُ أَلَمْ تَعْلَمِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ».
2) 2182 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِى قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ».
3) 2184 - وَحَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىُّ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أُغْمِىَ عَلَيْهِ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ».
4) 2185 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ جَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ وَاأَخَاهْ . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا صُهَيْبُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ».
5) 2187 - وَحَدَّثَنِى عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ عَوَّلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ فَقَالَ يَا حَفْصَةُ أَمَا سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ » . وَعَوَّلَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَقَالَ عُمَرُ يَا صُهَيْبُ أَمَا عَلِمْتَ « أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ».
فهذه خمس احاديث من صحيح مسلم تدل على ان عمر كان يروي بأن الميت يعذب ببكاء اهله.
اقول: ولم يكتف بالرواية فقط بل بنى على هذه الروايات عقيدة، فالتاريخ يروي انه كان يضرب بدرته من يخالف رأيه:
1) عن ابن عباس قال: لما ماتت زينب بنت رسول اللّه (ص) قال رسولاللّه(ص): ((الحقوها بسلفنا الخيرعثمان بن مظعون)). فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه فاخذ رسول اللّه (ص) يده وقال: ((مهلا ياعمر دعهن يبكين، واياكن ونعيق الشيطان)). الى ان قال: وقعد رسول اللّه (ص) على شفير القبر وفاطمةالى جنبه تبكي فجعل النبي (ص) يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها.
مسند احمد: 1 /393 و551 ح2128 و3093، المستدرك على الصحيحين: 3 /210 ح4869، وكذا في
تلخيصه، الاستيعاب: القسم الثالث/1056 رقم 1779. وصححه وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: سنده صالح، مجمع الزوائد(3 /17).
2) واخرج النسائي (السنن الكبرى: 1 /610 ح1986) وابن ماجة (1 /505 ح1587) عن ابي هريرة انه قال : مات ميت في آل رسول اللّه (ص) فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن ، فقال رسول اللّه(ص): ((دعهن يا عمر فان العين دامعة، والقلبمصاب، والعهد قريب)) عمدة القاري: 4 /87 «8 /78».
3) ومنها ماحدث به سلمة بن الازرق انه كان جالسا عند ابن عمر بالسوق فمر بجنازة يبكى عليها. قال: فعاب ذلكابن عمر وانتهرهن، قال: فقال سلمة: لا تقل ذلك يا ابا عبد الرحمن فاشهد على ابي هريرة سمعته يقول: مرعلى النبي (ص) بجنازة وانا معه ومعه عمر بن الخطاب ونساء يبكين عليها فزبرهن عمر وانتهرهن ، فقال له النبي (ص): ((دعهن يا عمر فان العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد حديث)). قالوا:انت سمعته يقول هذا؟ قال: نعم، قال ابن عمر: فاللّه ورسوله اعلم. مرتين/ السنن الكبرى للبيهقي: 4 /70، مسند احمد: 2 /408 «3 /128 ح9038»
4) واخرج الحاكم باسناد صححه، واقره الذهبي، عن ابي هريرة قال: خرج النبي (ص) على جنازة ومعهعمر بن الخطاب فسمع نساء يبكين فزبرهن عمر ، فقال رسول اللّه (ص): ((يا عمر دعهن فان العين دامعة،والنفس مصابة، والعهد قريب)). وعن ابي هريرة: ان النبي (ص) كان في جنازة فراى عمر امراة فصاح بها،فقال النبي (ص): ((دعها يا عمر،فان العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب))/ المستدرك على الصحيحين: 1 /381 «1 /537 ح1406، وكذا في تلخيصه».
5) وعن عمرو بن الازرق قال: توفي بعض كنائن مروان، فشهدها الناس وشهدها ابو هريرة ومعها نساء يبكين، فامرهن مروان بالسكوت، فقال ابو هريرة: دعهن فانه مر على رسول اللّه (ص) جنازة معها بواك فنهرهن عمر ، فقال له رسول اللّه(ص): ((دعهن فان النفس مصابة، والعين دامعة، والعهد حديث)). / مسند احمد: 2 /637 ح8196.
6) وقال ابو هريرة: ابصر عمر امراة تبكي على قبر فزبرها، فقال رسولاللّه(ص): (( دعها يا اباحفص فانالعين باكية، والنفس مصابة، والعهد قريب))/ اخرجه الطبري في تهذيبه كما في كنز العمال: 8 /117
«15 /728 ح42899»
7) قال سعيد بنالمسيب: لما مات ابوبكر بكي عليه، ف قال عمر : ان رسولاللّه(ص) قال: ((ان الميت يعذب ببكاءالحي)). فابوا الا ان يبكوا، فقال عمر لهشام بن الوليد: قم فاخرج النساء. فقالت عائشة: اخرجك . فقال عمر: ادخل، فقد اذنت لك. فدخل فقالت عائشة: امخرجي انت يابني؟ فقال: اما لك فقد اذنت لك.
فجعل يخرجهن امراة امراة، وهو يضربهن بالدرة حتى خرجت ام فروة وفرق بينهن
اخرجه ابن راهويه وصححه السيوطي، راجع كنز العمال: 8 /119 «15 /732 ح42911». وذكره ابن حجر في الاصابة:3 /606.
8) اخرج الحافظ عبدالرزاق ( المصنف: 3 /557 ح6681) عن عمرو بن دينار قال:لما مات خالد بن الوليد اجتمع في بيت ميمونة نساء يبكين فجاء عمر... فكان يضربهن بالدرة فسقط خمار امراة منهن فقالوا: يا امير المؤمنين خمارها. فقال: دعوها فلا حرمة لها . وكان يعجب من قوله: لا حرمة لها/ كنز العمال: 8 /118 «15 /730 ح42905»
نكتفي بهذا القدر من الروايات.
اقول: اذن فعمر يصر على موقفه وعقيدته التي بناها على هذا الحديث المزعوم، ولكن لما سمعت عائشة بهذا الامر نراها بأنها ردت على عمر وبيّنت خطأه:
1) 2190 - فَقُمْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَحَدَّثْتُهَا بِمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَقَالَتْ لاَ وَاللَّهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ « إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ » . وَلَكِنَّهُ قَالَ « إِنَّ الْكَافِرَ يَزِيدُهُ اللَّهُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَذَاباً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى » . قَالَ أَيُّوبُ قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَتْ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونِّى عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلاَ مُكَذَّبَيْنِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ ./ مسلم / المصدر نفسه
2) 2193 - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ لاَ وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَحَدٍ » . وَلَكِنْ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَاباً بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ » قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى . قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ فَوَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ شَىْءٍ.
اذن فهذا اعتراف صريح من عائشة بأن روايات عمر كلها خاطئة.
خلاصة:
قد ثبت لنا اصرار عمر على تلك الرواية المزعومة، وهذا لا يخرج من احتمالين:
إما النسيان وإما العناد.
فإن سلمنا بأنه النسيان فقد ثبت لنا بأنه سيء الحفظ، لاننا نقلنا عن خمس او ست حوادث مع النبي يخبره بجواز البكاء فكيف للعاقل ان ينسى بعد هذا البيان ؟؟؟؟؟؟؟
أما اذا كان عنادا، فهذا يخرجه من دائرة العدالة، ويدخله في دائرة الفسوق، فهو بذلك يحرف حديث النبي ويكذب عليه (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)
وكلا الاحتمالين لا يتوافقان مع شروط الراوي الضابط العدل الثقة.
فيا ليت من يخبرنا بالأمر !!!!؟؟؟؟
ثم ان هناك مشكلة اكبر، فكيف يسمح لنفسه بأن يعاقب الناس (بالدرة) على فعل لم يثبت عنده حرمته، أوليس كان الاجدر به التثبت من حرمة البكاء وجوازه قبل ضرب الناس يا ناس ؟؟؟؟!!
عموما هناك الكثير من الاشكالات نتركها لذوي العقول الحرة.
والسلام.
طالب الثار/ . . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند دراسة الاحاديث المروية عن الصحابة والالمام ببعضها نلاحظ بأن بعض الصحابة كانوا يعانون من مشكلة كبيرة بالنسبة للحديث وهي النسيان، فبعضهم تراه يخالف غيره من الصحب، فيروي خلاف الآخر على الرغم من ان كلاهما يدعي بأنه سمع الحديث حاضرا، بل والافضع منه ان يناقض الراوي نفسه، فتارة يشرّق وتارة يغرّب.
على اية حال، سنأخذ مثالا عن احد الصحابة وندرس بعض احاديثه.
طبعا لن نأخذ ابو هريرة مثالا لانه مشهور بمناقضاته، بل سنأخذ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. وسنأخذ جانبا واحدا من جوانب مروياته والمتعلق بحديث تعذيب الميت ببكاء اهله. فتعال معي اخي القارئ نستقرئ بعض ما جاء من تلك المرويات:
صحيح مسلم/ كتاب الجنائز/ باب الميت يعذب ببكاء اهله عليه:
1) 2181 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ بِشْرٍ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِىُّ - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ حَفْصَةَ بَكَتْ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ مَهْلاً يَا بُنَيَّةُ أَلَمْ تَعْلَمِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ».
2) 2182 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِى قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ».
3) 2184 - وَحَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىُّ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أُغْمِىَ عَلَيْهِ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ».
4) 2185 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ جَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ وَاأَخَاهْ . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا صُهَيْبُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ».
5) 2187 - وَحَدَّثَنِى عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ عَوَّلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ فَقَالَ يَا حَفْصَةُ أَمَا سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ » . وَعَوَّلَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَقَالَ عُمَرُ يَا صُهَيْبُ أَمَا عَلِمْتَ « أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ».
فهذه خمس احاديث من صحيح مسلم تدل على ان عمر كان يروي بأن الميت يعذب ببكاء اهله.
اقول: ولم يكتف بالرواية فقط بل بنى على هذه الروايات عقيدة، فالتاريخ يروي انه كان يضرب بدرته من يخالف رأيه:
1) عن ابن عباس قال: لما ماتت زينب بنت رسول اللّه (ص) قال رسولاللّه(ص): ((الحقوها بسلفنا الخيرعثمان بن مظعون)). فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه فاخذ رسول اللّه (ص) يده وقال: ((مهلا ياعمر دعهن يبكين، واياكن ونعيق الشيطان)). الى ان قال: وقعد رسول اللّه (ص) على شفير القبر وفاطمةالى جنبه تبكي فجعل النبي (ص) يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها.
مسند احمد: 1 /393 و551 ح2128 و3093، المستدرك على الصحيحين: 3 /210 ح4869، وكذا في
تلخيصه، الاستيعاب: القسم الثالث/1056 رقم 1779. وصححه وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: سنده صالح، مجمع الزوائد(3 /17).
2) واخرج النسائي (السنن الكبرى: 1 /610 ح1986) وابن ماجة (1 /505 ح1587) عن ابي هريرة انه قال : مات ميت في آل رسول اللّه (ص) فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن ، فقال رسول اللّه(ص): ((دعهن يا عمر فان العين دامعة، والقلبمصاب، والعهد قريب)) عمدة القاري: 4 /87 «8 /78».
3) ومنها ماحدث به سلمة بن الازرق انه كان جالسا عند ابن عمر بالسوق فمر بجنازة يبكى عليها. قال: فعاب ذلكابن عمر وانتهرهن، قال: فقال سلمة: لا تقل ذلك يا ابا عبد الرحمن فاشهد على ابي هريرة سمعته يقول: مرعلى النبي (ص) بجنازة وانا معه ومعه عمر بن الخطاب ونساء يبكين عليها فزبرهن عمر وانتهرهن ، فقال له النبي (ص): ((دعهن يا عمر فان العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد حديث)). قالوا:انت سمعته يقول هذا؟ قال: نعم، قال ابن عمر: فاللّه ورسوله اعلم. مرتين/ السنن الكبرى للبيهقي: 4 /70، مسند احمد: 2 /408 «3 /128 ح9038»
4) واخرج الحاكم باسناد صححه، واقره الذهبي، عن ابي هريرة قال: خرج النبي (ص) على جنازة ومعهعمر بن الخطاب فسمع نساء يبكين فزبرهن عمر ، فقال رسول اللّه (ص): ((يا عمر دعهن فان العين دامعة،والنفس مصابة، والعهد قريب)). وعن ابي هريرة: ان النبي (ص) كان في جنازة فراى عمر امراة فصاح بها،فقال النبي (ص): ((دعها يا عمر،فان العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب))/ المستدرك على الصحيحين: 1 /381 «1 /537 ح1406، وكذا في تلخيصه».
5) وعن عمرو بن الازرق قال: توفي بعض كنائن مروان، فشهدها الناس وشهدها ابو هريرة ومعها نساء يبكين، فامرهن مروان بالسكوت، فقال ابو هريرة: دعهن فانه مر على رسول اللّه (ص) جنازة معها بواك فنهرهن عمر ، فقال له رسول اللّه(ص): ((دعهن فان النفس مصابة، والعين دامعة، والعهد حديث)). / مسند احمد: 2 /637 ح8196.
6) وقال ابو هريرة: ابصر عمر امراة تبكي على قبر فزبرها، فقال رسولاللّه(ص): (( دعها يا اباحفص فانالعين باكية، والنفس مصابة، والعهد قريب))/ اخرجه الطبري في تهذيبه كما في كنز العمال: 8 /117
«15 /728 ح42899»
7) قال سعيد بنالمسيب: لما مات ابوبكر بكي عليه، ف قال عمر : ان رسولاللّه(ص) قال: ((ان الميت يعذب ببكاءالحي)). فابوا الا ان يبكوا، فقال عمر لهشام بن الوليد: قم فاخرج النساء. فقالت عائشة: اخرجك . فقال عمر: ادخل، فقد اذنت لك. فدخل فقالت عائشة: امخرجي انت يابني؟ فقال: اما لك فقد اذنت لك.
فجعل يخرجهن امراة امراة، وهو يضربهن بالدرة حتى خرجت ام فروة وفرق بينهن
اخرجه ابن راهويه وصححه السيوطي، راجع كنز العمال: 8 /119 «15 /732 ح42911». وذكره ابن حجر في الاصابة:3 /606.
8) اخرج الحافظ عبدالرزاق ( المصنف: 3 /557 ح6681) عن عمرو بن دينار قال:لما مات خالد بن الوليد اجتمع في بيت ميمونة نساء يبكين فجاء عمر... فكان يضربهن بالدرة فسقط خمار امراة منهن فقالوا: يا امير المؤمنين خمارها. فقال: دعوها فلا حرمة لها . وكان يعجب من قوله: لا حرمة لها/ كنز العمال: 8 /118 «15 /730 ح42905»
نكتفي بهذا القدر من الروايات.
اقول: اذن فعمر يصر على موقفه وعقيدته التي بناها على هذا الحديث المزعوم، ولكن لما سمعت عائشة بهذا الامر نراها بأنها ردت على عمر وبيّنت خطأه:
1) 2190 - فَقُمْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَحَدَّثْتُهَا بِمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَقَالَتْ لاَ وَاللَّهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ « إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ » . وَلَكِنَّهُ قَالَ « إِنَّ الْكَافِرَ يَزِيدُهُ اللَّهُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَذَاباً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى » . قَالَ أَيُّوبُ قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَتْ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونِّى عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلاَ مُكَذَّبَيْنِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ ./ مسلم / المصدر نفسه
2) 2193 - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ لاَ وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَحَدٍ » . وَلَكِنْ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَاباً بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ » قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى . قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ فَوَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ شَىْءٍ.
اذن فهذا اعتراف صريح من عائشة بأن روايات عمر كلها خاطئة.
خلاصة:
قد ثبت لنا اصرار عمر على تلك الرواية المزعومة، وهذا لا يخرج من احتمالين:
إما النسيان وإما العناد.
فإن سلمنا بأنه النسيان فقد ثبت لنا بأنه سيء الحفظ، لاننا نقلنا عن خمس او ست حوادث مع النبي يخبره بجواز البكاء فكيف للعاقل ان ينسى بعد هذا البيان ؟؟؟؟؟؟؟
أما اذا كان عنادا، فهذا يخرجه من دائرة العدالة، ويدخله في دائرة الفسوق، فهو بذلك يحرف حديث النبي ويكذب عليه (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)
وكلا الاحتمالين لا يتوافقان مع شروط الراوي الضابط العدل الثقة.
فيا ليت من يخبرنا بالأمر !!!!؟؟؟؟
ثم ان هناك مشكلة اكبر، فكيف يسمح لنفسه بأن يعاقب الناس (بالدرة) على فعل لم يثبت عنده حرمته، أوليس كان الاجدر به التثبت من حرمة البكاء وجوازه قبل ضرب الناس يا ناس ؟؟؟؟!!
عموما هناك الكثير من الاشكالات نتركها لذوي العقول الحرة.
والسلام.
طالب الثار/ . . .
تعليق