اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت للتو قصة بعنوان شر البلية مايضحك..
ولكني لاأعتقد أن العنوان مناسب أبداً..
فالقصه تقطع القلب..
الحمد لله على النعمه..
في شهر أغسطس من عام 1990 تعرفت على شاب عراقي من بلدة الديوانية التي تقع في جنوب العراق وكان ذلك الشاب في أواخر العشرينات من عمره وكان وسيما مرحا طيب الخلق ورجلا بكل معنى الكلمة وما كان يميزه عن الجنود الآخرين هو أنه كان فاقدا لإحدى عينيه .
رأيت في ذلك الشاب التمرد على كل شيء فلم يكن يبالي بما يجري حوله ، فاقدا الأمل بهذه الحياة ، وبعد مدة من تعرفنا على بعض وبعد أن اكتسب كل منا ثقة الآخر أخذنا نجلس كل ليلة نتناقش فيما حدث يوم الثاني من أغسطس ، وما أعقب ذلك اليوم من أحداث .
وفي إحدى تلك الليالي بادرته بالسؤال عن سبب فقدانه لإحدى عينيه ، وكنت أتوقع غالبا بأنه فقدها في الحرب التي خاضها صدام اللعين ضد الجمهورية الإسلامية وذلك لحماية البوابة الشرقية للأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة .
فقال لي بأن القصة طويلة بدأت عندما تم تجنيده في بدايات الحرب العراقية الإيرانية وبدأ بسرد قصته مع عينه المصابة فقال :
لقد طالت مدة الحرب وكانت سياسة المخابرات المرسومة للجيش العراقي هي بأن يتم إرسال المجندين إلى أماكن بعيدة عن مناطق سكنهم فالذي يسكن الجنوب يرسل إلى الشمال والذي يسكن الشمال يرسل إلى الجنوب أو إلى وسط العراق وهكذا .
وكان المجند يعطى إجازة لمدة ثلاثة أيام فقط في الشهر لكي يقوم بزيارة أهله، ويضيف الشاب ولقد كانت وحدتي العسكرية بقرب مدينة الموصل وكنت أحتاج يوما كاملا لكي أصل إلى بيتي بالديوانية ، وعندما أصل أجد أن حالة أهلي يرثى لها لأني كنت المعيل الرئيسي لهم فوالدي كان مريضا وإخواني كانوا صغارا في السن وكنت بعملي كعامل بناء أساعدهم على إكمال دراستهم وتلبية حاجاتهم الضرورية .
فلذلك عندما أعطيت إجازة من وحدتي أول مرة ذهبت إلى بيتنا فوجدت بأن الحالة المادية للأهل جدا متردية ، فذهبت للعمل في البناء لكي أساعد أهلي في توفير لقمة العيش ولم التحق بوحدتي إلا بعد مرور أكثر من شهر استطعت أن أجمع في هذه المدة مبلغا من المال سلمته لوالدي وذهبت إلى وحدتي في الموصل .
وهناك تمت محاكمتي وتم حرماني من الإجازة لمدة ثلاث شهور كإجراء تأديبي طبعا بالإضافة للضرب والشتم إلى آخره من وسائل التعذيب والاهانة.
وبعد مرور الثلاثة شهور أعطيت إجازة فذهبت إلى الديوانية فرأيت أن الحالة سيئة للغاية في بيتنا فكررت العملية السابقة وهذه المرة لمدة شهرين ، ثم عدت والتحقت بوحدتي فتمت محاكمتي وسجني في زنزانة متر في متر أخرج منها كل يوم لمدة ساعة أتناول فيها علقة ساخنة من المخابرات وأعود لها واستمرت هذه الحالة لمدة عشرة أيام تقريبا ، وبعدها طلبني ضابط المخابرات وقال لي سنحرمك من الإجازة لمدة ستة أشهر ، لكي لا تعود للغياب مرة أخرى ، فقلت له إن حالة أهلي سيئة للغاية وعلي أن أساعدهم ، فاستشاط الضابط غضبا بسبب تلك الكلمة ، وقال لي أنت خائن في بلدنا لا أحد يتجرأ أن يقول بأن حالته سيئة فنحن نحارب دفاعا عن الأمة العربية ونادى أفراده وقال كتفوه ، ففعلوا وفجاة سحب الحربة أو السكينة الموجودة على طرف البندقية وفقأ عيني بها .
إلى هنا والقصة مؤلمة
ولكن صاحبي كان خفيف الدم ، فعندما سألته هل ستفعلها مرة أخرى وتهرب من الجيش ؟
قال : نعم سأفعلها .
فقلت : المرة القادمة ستعمى أو تعدم .
فقال : إذا أعدمت فسأرتاح من صدام وهذه الدنيا وأذهب مظلوما وإذا أصبحت أعمى فسأرتاح من التجنيد فهم ليسوا بحاجة للعميان في الجيش .
فقلت : إن أصبحت أعمى لن تستطيع أن تعمل وتعيل أسرتك .
فقال : هاي خوش حجاية ما فكرت بيها زين اللي نبهتني إلها تستاهل بوسة ..
وبعد بضعة أيام سمعت بأنه ذهب بإجازة ولم يعد ولا أعرف ما حصل له منذ ذلك اليوم
المسكين من كثر همومه والمسؤوليات التي على راسه نسي حتى السبب الذي دعاه لأخذ اجازة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت للتو قصة بعنوان شر البلية مايضحك..
ولكني لاأعتقد أن العنوان مناسب أبداً..
فالقصه تقطع القلب..
الحمد لله على النعمه..
في شهر أغسطس من عام 1990 تعرفت على شاب عراقي من بلدة الديوانية التي تقع في جنوب العراق وكان ذلك الشاب في أواخر العشرينات من عمره وكان وسيما مرحا طيب الخلق ورجلا بكل معنى الكلمة وما كان يميزه عن الجنود الآخرين هو أنه كان فاقدا لإحدى عينيه .
رأيت في ذلك الشاب التمرد على كل شيء فلم يكن يبالي بما يجري حوله ، فاقدا الأمل بهذه الحياة ، وبعد مدة من تعرفنا على بعض وبعد أن اكتسب كل منا ثقة الآخر أخذنا نجلس كل ليلة نتناقش فيما حدث يوم الثاني من أغسطس ، وما أعقب ذلك اليوم من أحداث .
وفي إحدى تلك الليالي بادرته بالسؤال عن سبب فقدانه لإحدى عينيه ، وكنت أتوقع غالبا بأنه فقدها في الحرب التي خاضها صدام اللعين ضد الجمهورية الإسلامية وذلك لحماية البوابة الشرقية للأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة .
فقال لي بأن القصة طويلة بدأت عندما تم تجنيده في بدايات الحرب العراقية الإيرانية وبدأ بسرد قصته مع عينه المصابة فقال :
لقد طالت مدة الحرب وكانت سياسة المخابرات المرسومة للجيش العراقي هي بأن يتم إرسال المجندين إلى أماكن بعيدة عن مناطق سكنهم فالذي يسكن الجنوب يرسل إلى الشمال والذي يسكن الشمال يرسل إلى الجنوب أو إلى وسط العراق وهكذا .
وكان المجند يعطى إجازة لمدة ثلاثة أيام فقط في الشهر لكي يقوم بزيارة أهله، ويضيف الشاب ولقد كانت وحدتي العسكرية بقرب مدينة الموصل وكنت أحتاج يوما كاملا لكي أصل إلى بيتي بالديوانية ، وعندما أصل أجد أن حالة أهلي يرثى لها لأني كنت المعيل الرئيسي لهم فوالدي كان مريضا وإخواني كانوا صغارا في السن وكنت بعملي كعامل بناء أساعدهم على إكمال دراستهم وتلبية حاجاتهم الضرورية .
فلذلك عندما أعطيت إجازة من وحدتي أول مرة ذهبت إلى بيتنا فوجدت بأن الحالة المادية للأهل جدا متردية ، فذهبت للعمل في البناء لكي أساعد أهلي في توفير لقمة العيش ولم التحق بوحدتي إلا بعد مرور أكثر من شهر استطعت أن أجمع في هذه المدة مبلغا من المال سلمته لوالدي وذهبت إلى وحدتي في الموصل .
وهناك تمت محاكمتي وتم حرماني من الإجازة لمدة ثلاث شهور كإجراء تأديبي طبعا بالإضافة للضرب والشتم إلى آخره من وسائل التعذيب والاهانة.
وبعد مرور الثلاثة شهور أعطيت إجازة فذهبت إلى الديوانية فرأيت أن الحالة سيئة للغاية في بيتنا فكررت العملية السابقة وهذه المرة لمدة شهرين ، ثم عدت والتحقت بوحدتي فتمت محاكمتي وسجني في زنزانة متر في متر أخرج منها كل يوم لمدة ساعة أتناول فيها علقة ساخنة من المخابرات وأعود لها واستمرت هذه الحالة لمدة عشرة أيام تقريبا ، وبعدها طلبني ضابط المخابرات وقال لي سنحرمك من الإجازة لمدة ستة أشهر ، لكي لا تعود للغياب مرة أخرى ، فقلت له إن حالة أهلي سيئة للغاية وعلي أن أساعدهم ، فاستشاط الضابط غضبا بسبب تلك الكلمة ، وقال لي أنت خائن في بلدنا لا أحد يتجرأ أن يقول بأن حالته سيئة فنحن نحارب دفاعا عن الأمة العربية ونادى أفراده وقال كتفوه ، ففعلوا وفجاة سحب الحربة أو السكينة الموجودة على طرف البندقية وفقأ عيني بها .
إلى هنا والقصة مؤلمة
ولكن صاحبي كان خفيف الدم ، فعندما سألته هل ستفعلها مرة أخرى وتهرب من الجيش ؟
قال : نعم سأفعلها .
فقلت : المرة القادمة ستعمى أو تعدم .
فقال : إذا أعدمت فسأرتاح من صدام وهذه الدنيا وأذهب مظلوما وإذا أصبحت أعمى فسأرتاح من التجنيد فهم ليسوا بحاجة للعميان في الجيش .
فقلت : إن أصبحت أعمى لن تستطيع أن تعمل وتعيل أسرتك .
فقال : هاي خوش حجاية ما فكرت بيها زين اللي نبهتني إلها تستاهل بوسة ..
وبعد بضعة أيام سمعت بأنه ذهب بإجازة ولم يعد ولا أعرف ما حصل له منذ ذلك اليوم
المسكين من كثر همومه والمسؤوليات التي على راسه نسي حتى السبب الذي دعاه لأخذ اجازة..
تعليق