بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإمامة ... وحاجة المجتمع واختيار الله
ولما أوجبنا على المولى جل شأنه - من باب اللطف - أن يرسل إلى الناس من يرشدهم وينذرهم ويدعوهم إلى الطريق المستقيم، ويبين لهم معالم الدين، ويقيم لهم المنهاج الذي يريده لهم، لتكون له الحجة عليهم (فله الحجة البالغة) وكان هذا المرشد والمنذر هو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقد أيدت المعجزات صدقه، ودعمت البراهين قوله.
وهذا القرآن الكريم معجزته الخالدة، وبرهانه القويم. (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). وهو منذ أربعة عشر قرناً يتحدى البشرية على أن يأتوا بمثله ثم تنزل معهم ليريهم عجزهم وقصورهم فقال تعالى: (فأتوا بعشر سور مثله) ثم تنزل معهم فقال: (أم يقولون افتراء قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) وبعد ان بدا عجزهم، وظهر خورهم قال جل اسمه: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعظهم لبعضٍ ظهيراً).
محمد (صلى الله عليه وآله) هو الرسول من قبل الله تعالى إلى الناس لينقذهم من الجهالة، وحيرة الظلالة، وقد بلغ ما أمر، وقام بما كلن، وكان لابد له من الالتحاق بالرفيق الأعلى، ويدركه الموت الذي لابد منه (إنك ميت وانهم ميتون). (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا).
وكان لابد ان يكون من بعده (صلى الله عليه وآله) واحداً من الأمور التالية:
(1) أن يلغي هذا الدين، وتبطل أحكام الإسلام، باعتبار أن نبوته (صلى الله عليه وآله) مقرونة بحياته وقد تصرفت، فترجع الناس إلى جاهليتهم الأولى.
(2) أن يترك الناس معتمداً على ثقافتهم وتدينهم، وانهم سوف يتمكنون من ان يسوسوا أنفسهم بأنفسهم، ويسيروا على المنهاج الذي رسمه له، من دون ان تحتاج شريعته إلى قائم عليها، مفسر لأحكامها، مقيم لحدودها.
(3) أن يكون للأمة من بعده الاختيار، فيجتمع الناس من بعده على إمام ينتخبونه من بينهم ويقيمون علماً لهم.
(4) أن ينصب للأمة الإمام، ويقيم لهم الهادي، يأمرهم باتباعه وطاعته.
ولو رجعنا إلى الواقع، وبحثنا هذه الأمور بحثاً منطقياً، لوجدنا أن:
القول الأول: إلغاء الشريعة باطل، فهي خاتمة الشرائع، والنهج الذي اراده الله تعالى للبشرية جمعاء (ان الدين عند الله الإسلام) (ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، ولو كانت الشريعة المحمدية مقرونة بحياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) لكانت عبثاً، فجل البشرية لم تبلغهم الدعوة، ولم يتبينوا طريق الهدى والسلامة ولكانت عبثاً من جهة أخرى: فالتضحيات الكبيرة التي بذلها (صلى الله عليه وآله) لهذا الدين، والقرابين التي قدمها من أجله، كانت جديرة بالبقاء حرية بأن لا تضام، ونحن لو نظرنا إلى مؤسي الفكر والسياسة والأحزاب العقائدية، وجدناهم يخططون لأفكارهم، ويرسمون لها الطريق الطويل عبر الأجيال والعصور، ولا حاجة إلى التطويل في بطلان هذا القول، فهو واضح الفساد، ولم يقبل به أحد من هذه الأمة ولا من غيرها.
القول الثاني: تركهم معتمداً على فطنتهم وتدبيرهم أوهى من الأول، فالجيش لا يمكن أن يكون بلا قائد، يجمع شمله، ويدبر أمره، والشعب لابد له من رئيس يدير شؤونه، ويحفظ حقوقه، بل وحتى الجسم الصغير جعل الله سبحانه له مرجعاً رئيساً، وهو القلب، ترجع إليه الحواس في احساساتها، ومنه تصدر تعاليمه إليها.
كيف يترك الرسول (صلى الله عليه وآله) الخلق معتمداً على فطنتهم وذكائهم، فهب ان الصحابة ومن يليهم من الأمة كانوا بمثابة من العلو والرفعة، والعلم والمعرفة، بحيث يمكن ان يستغنوا بها عن المرشد والمدبر لقربهم من الرسول (صلى الله عليه وآله) وأخذهم عنه، فما هو مصير البلدان المترامية، والشعوب البعيدة؟
وكيف يكون مصير الأجيال المتعاقبة، ومن يعلمها الدين، ويبين لها الأحكام، ويقيم لها الحدود؟ ومن يبعد المعتدين، ويرد صولة الكافرين؟
نعم يمكن أن يكون ذلك لو أبدل الله النوع الإنساني بالملائكة، وأسكن الكرة الأرضية سكان سماواته، فهم أرفع من ان يتهموا، وأبد من أن يعصوا.
والجواب في الرد الثالث: أن تختار الأمة لها حاكماً وسلطاناً - فلا يمكن أن يجتمع الناس على شخص معين مهما كان في ذلك الشخص من مزايا الكمال والعرفان، وكيف يجتمع الناس كلهم على شخص واحد، وهم متباينون في الآراء والأفكار، مختلفون في الميول والاتجاهات.
واليوم وفي عصر الدستور والديمقراطية ينتخب الشعب نوابه وينتخب النواب حكومة يعطونها تأييدهم المطلق، ومع ذلك تجد المعارضة في عنفوانها في كل بلد، وتجد من يندد بسياسة الحكومة في كل نادٍ ومحفل.
وتجد صحافة المعارضة تكيل التهم لتلك الحكومة، وتكثر السباب لها، حتى إذا أهوت بها وقام الشعب من جديد ينتخب ممثليه، معتبراً بالدروس السابقة التي مرت عليه، وتشكلت من بين النواب صفوة اختاروها، فهي خلاصة الشعب وأفاضل الأمة، وتحققت بها أمنية المعارضة لكنها ما برحت حتى جاءت بمعارضة جديدة لها صحافتها وأحزابها وربما لا تقل عن الأولى.
إذ أن موضوع اختيار الإمام من خصائص الله سبحانه وتعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون). شأن أمور الدين الأخرى، فلم يكن للبشرية رأي في عدد ركعات الصلاة ولم يشاورهم جل شأنه في مقادير الزكاة، ولم تكن عن رأيهم صدرت تعاليم الإسلام وفرض الحلال والحرام، بل إن الله تعالى أمرهم بذلك وأوجب عليهم الأخذ.
فهل يكون اختيارهم أفضل من اختيار الله لهم؟!
وهل يكون نظرهم لأنفسهم خيراً من نظر الله لهم؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإمامة ... وحاجة المجتمع واختيار الله
ولما أوجبنا على المولى جل شأنه - من باب اللطف - أن يرسل إلى الناس من يرشدهم وينذرهم ويدعوهم إلى الطريق المستقيم، ويبين لهم معالم الدين، ويقيم لهم المنهاج الذي يريده لهم، لتكون له الحجة عليهم (فله الحجة البالغة) وكان هذا المرشد والمنذر هو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقد أيدت المعجزات صدقه، ودعمت البراهين قوله.
وهذا القرآن الكريم معجزته الخالدة، وبرهانه القويم. (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). وهو منذ أربعة عشر قرناً يتحدى البشرية على أن يأتوا بمثله ثم تنزل معهم ليريهم عجزهم وقصورهم فقال تعالى: (فأتوا بعشر سور مثله) ثم تنزل معهم فقال: (أم يقولون افتراء قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) وبعد ان بدا عجزهم، وظهر خورهم قال جل اسمه: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعظهم لبعضٍ ظهيراً).
محمد (صلى الله عليه وآله) هو الرسول من قبل الله تعالى إلى الناس لينقذهم من الجهالة، وحيرة الظلالة، وقد بلغ ما أمر، وقام بما كلن، وكان لابد له من الالتحاق بالرفيق الأعلى، ويدركه الموت الذي لابد منه (إنك ميت وانهم ميتون). (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا).
وكان لابد ان يكون من بعده (صلى الله عليه وآله) واحداً من الأمور التالية:
(1) أن يلغي هذا الدين، وتبطل أحكام الإسلام، باعتبار أن نبوته (صلى الله عليه وآله) مقرونة بحياته وقد تصرفت، فترجع الناس إلى جاهليتهم الأولى.
(2) أن يترك الناس معتمداً على ثقافتهم وتدينهم، وانهم سوف يتمكنون من ان يسوسوا أنفسهم بأنفسهم، ويسيروا على المنهاج الذي رسمه له، من دون ان تحتاج شريعته إلى قائم عليها، مفسر لأحكامها، مقيم لحدودها.
(3) أن يكون للأمة من بعده الاختيار، فيجتمع الناس من بعده على إمام ينتخبونه من بينهم ويقيمون علماً لهم.
(4) أن ينصب للأمة الإمام، ويقيم لهم الهادي، يأمرهم باتباعه وطاعته.
ولو رجعنا إلى الواقع، وبحثنا هذه الأمور بحثاً منطقياً، لوجدنا أن:
القول الأول: إلغاء الشريعة باطل، فهي خاتمة الشرائع، والنهج الذي اراده الله تعالى للبشرية جمعاء (ان الدين عند الله الإسلام) (ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، ولو كانت الشريعة المحمدية مقرونة بحياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) لكانت عبثاً، فجل البشرية لم تبلغهم الدعوة، ولم يتبينوا طريق الهدى والسلامة ولكانت عبثاً من جهة أخرى: فالتضحيات الكبيرة التي بذلها (صلى الله عليه وآله) لهذا الدين، والقرابين التي قدمها من أجله، كانت جديرة بالبقاء حرية بأن لا تضام، ونحن لو نظرنا إلى مؤسي الفكر والسياسة والأحزاب العقائدية، وجدناهم يخططون لأفكارهم، ويرسمون لها الطريق الطويل عبر الأجيال والعصور، ولا حاجة إلى التطويل في بطلان هذا القول، فهو واضح الفساد، ولم يقبل به أحد من هذه الأمة ولا من غيرها.
القول الثاني: تركهم معتمداً على فطنتهم وتدبيرهم أوهى من الأول، فالجيش لا يمكن أن يكون بلا قائد، يجمع شمله، ويدبر أمره، والشعب لابد له من رئيس يدير شؤونه، ويحفظ حقوقه، بل وحتى الجسم الصغير جعل الله سبحانه له مرجعاً رئيساً، وهو القلب، ترجع إليه الحواس في احساساتها، ومنه تصدر تعاليمه إليها.
كيف يترك الرسول (صلى الله عليه وآله) الخلق معتمداً على فطنتهم وذكائهم، فهب ان الصحابة ومن يليهم من الأمة كانوا بمثابة من العلو والرفعة، والعلم والمعرفة، بحيث يمكن ان يستغنوا بها عن المرشد والمدبر لقربهم من الرسول (صلى الله عليه وآله) وأخذهم عنه، فما هو مصير البلدان المترامية، والشعوب البعيدة؟
وكيف يكون مصير الأجيال المتعاقبة، ومن يعلمها الدين، ويبين لها الأحكام، ويقيم لها الحدود؟ ومن يبعد المعتدين، ويرد صولة الكافرين؟
نعم يمكن أن يكون ذلك لو أبدل الله النوع الإنساني بالملائكة، وأسكن الكرة الأرضية سكان سماواته، فهم أرفع من ان يتهموا، وأبد من أن يعصوا.
والجواب في الرد الثالث: أن تختار الأمة لها حاكماً وسلطاناً - فلا يمكن أن يجتمع الناس على شخص معين مهما كان في ذلك الشخص من مزايا الكمال والعرفان، وكيف يجتمع الناس كلهم على شخص واحد، وهم متباينون في الآراء والأفكار، مختلفون في الميول والاتجاهات.
واليوم وفي عصر الدستور والديمقراطية ينتخب الشعب نوابه وينتخب النواب حكومة يعطونها تأييدهم المطلق، ومع ذلك تجد المعارضة في عنفوانها في كل بلد، وتجد من يندد بسياسة الحكومة في كل نادٍ ومحفل.
وتجد صحافة المعارضة تكيل التهم لتلك الحكومة، وتكثر السباب لها، حتى إذا أهوت بها وقام الشعب من جديد ينتخب ممثليه، معتبراً بالدروس السابقة التي مرت عليه، وتشكلت من بين النواب صفوة اختاروها، فهي خلاصة الشعب وأفاضل الأمة، وتحققت بها أمنية المعارضة لكنها ما برحت حتى جاءت بمعارضة جديدة لها صحافتها وأحزابها وربما لا تقل عن الأولى.
إذ أن موضوع اختيار الإمام من خصائص الله سبحانه وتعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون). شأن أمور الدين الأخرى، فلم يكن للبشرية رأي في عدد ركعات الصلاة ولم يشاورهم جل شأنه في مقادير الزكاة، ولم تكن عن رأيهم صدرت تعاليم الإسلام وفرض الحلال والحرام، بل إن الله تعالى أمرهم بذلك وأوجب عليهم الأخذ.
فهل يكون اختيارهم أفضل من اختيار الله لهم؟!
وهل يكون نظرهم لأنفسهم خيراً من نظر الله لهم؟