سيد المقاومة والتحرير، ليس لقبا للسيد حسن نصر الله.
هذا هو اسمه الحقيقي، الى جانب اسمه الحقيقي الآخر، وأسمائه الكثيرة التي تبنته. وكان جديرا بالانتماء إليها.
السيد حسن نصر الله... لا لقب له. هو هكذا، لا يشبه احدا قبله... وسيتشبهون به بعده. ليس مضافا، وسيضافون إليه.
كان الجنوب مشتاقا لهوائه... فجاءه معطرا بأنفاس النبوة، مغمسا بقرابين الدم. كالغناء المتواضع دخل واستقر حداء، وقبضات، وصلاة، وحنينا، ومجازفة... وعشقا.
كانت البلاد تنتظر فارسها... ها هو المعراج الأرضي. مر من الامكنة، وبلغ سفوح الجباه العالية، ورصد فيها جبروت أمة، وعزة وطن.
كانت الجموع تنتظر أن يصل... لم يدركوا أنه كان هناك من زمان بعيد، وانه سبقهم الى الجنوب قبل التحرير، وأنه قال: قم سنرجع: فرجع ومعه كوكبة من الحالمين، الذين فتحوا للجنوب نوافذ الضوء، على الوطن والحرية والتاريخ.
سيد المقاومة والتحرير، ليس لقبا للسيد حسن نصر الله، فهذا اسمه الحقيقي... الى جانب أسمائه الاخرى.
جاء في الانجيل المقدس: من ارتفع اتضع، ومن اتضع ارتفع. وكان السيد مثال الذين رفعوا المقاومة بتواضعهم. فهذا النصر الذي أنجزت المقاومة الاسلامية ما يقارب المئة بالمئة منه، إلا قليلا، لم يأسره السيد في "حزب الله". منحه حق الانتماء الى الجميع، منحه نعمة الاحتضان من قبل الجميع، ودعا اللبنانيين، الى وليمة النصر، ليحافظوا على سلامة الجسر اللبناني، المعطوب بالطائفية.
قال السيد كلاما كذّب فيه المشعوذين والتتار والذين يبشرون بالخوف ويتربصون للانتهاز... قال السيد، ممنوع أن نقتل أحلامنا بأيدينا... ومن الآن فصاعدا، كل شيء يبدأ.
لبنان يبدأ من جديد... منتصرا بقوته، لا بفلسفة ضعفه.
فلسطين ستبدأ من جديد... طلاقا مع أوسلو، وانتفاضا على محتل.
والعرب قد يبدأون من جديد... فراقا مع تطبيع، وقطعا لعلاقات يسّرت الكثير من الهوان والذل والمهانة والضياع.
والعالم قد يفهم من جديد... أن لبنان يعرف بعد اليوم، بالمقاومة والنصر والتحرير.
وإسرائيل ستعي ان روزنامة إسرائيل الكبرى، وإسرائيل الصغرى، قد بدأت تتنازل أوراقها، كآخر الفصول.
للأزمنة لدى السيد كلام آخر.
أزمنة الماضي، "محوناها"... أزمنة المستقبل صنع أيدينا. ومن اكتشف ان الموت قوته، هانت عليه الحياة. "وما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
أمس بايع السيد المقاومة ولبنان، ورفعهما الى مرتبة القدوة، الى بلاغة النهج، الى مقام الحرية.
ولم ينس، أن هذه المقاومة، نتاج شهداء سبقوا، وشهداء احياء، وشهداء شهدوا بالقلم والحب والعشق والابتسامة، فكان النصر.
لكن النصر الأصعب الذي بشر السيد به، هو أن يقتنع اللبنانيون، وللمرة الاخيرة، أنهم شركاء في هذا النصر، كما هم شركاء في الوطن، كما هم شركاء في المصير.
وكل كلام دون هذا المقام، يستحق الدينونة، لأنه يجني على المقاومة وعلى نفسه.
لم يكن السيد أمس، الامين العام لحزب الله، لم يكن شيعيا بالمعنى اللبناني المتداول، ولا كان من طينة الذين يشبون على شيء ويشيبون على سواه.
كان إنسانا... لبنانيا في الصميم... عربيا بالأصالة... مسلما بالدعاء والايمان... وحضاريا بالمعنى الجديد المبتدع، حيث أنجز تحريرا، لم تلوثه نزعة الكبرياء، ونزوة الثأر...
لقد أنجز فتحا نظيفا وتحريرا ناصعا...
غدا... تنتظم الفصول الأربعة...
غدا... مسؤولية أخرى. وعلى اللبنانيين، أن يخرجوا من زنازين الطوائف، ويحطموا معتقلاتها النتنة، ويرتاحوا الى كف الانتصار الممدودة للجميع... بلا استثناء.
للسيد نقول شكرا... وعهدا... وإنا للوطن لراجعون.
تعليق