السلام عليكم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد اشرف الأنبياء والمرسلين أبا القاسم محمد وأل بيته الطيبين الطاهرين
اللهم صلى على محمد وال محمد
في الفرق بين القسوة والغضب
أعلم أن القساوة عبارة عن غلظة القلب وشدته وصلابته .
يقال قسا قلبه قسوة وقساء غَلُظَ وصلب ، وحجر قاس أي صلب * .وفي مقابله اللين والرقة كما في السورة المباركة (الزمر ) يقول الله تعالى(أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في شلال مبين ) * فجعل في مقابل شرح الصدر وهو ملزوم قبول الحق قساوة القلب وهي ملزوم في عدم قبول الحق ،وبعد هذه الآية ذَكر تبارك وتعالى اللين ورقة القلب مقابلا حقيقيا للقساوة كما يقول تعالى بعد ذلك :0 الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) *
وأعلم أن بين القساوة والغضب فرق بين ، لأن القساوة ما ذكر ناه ، وأما الغضب فهو حركة وحالة نفسانية يحدث بواسطتها في القلب غليان الدم للانتقام ، فإذا اشتدت هذه الحركة تشتعل نار الغضب وتمتلئ الشرايين والدماغ من دخان مظلم مضطرب ينحرف بسببه العقل ، ويتوقف عن الإدراك والرّوية ، وإن الموعظة والنصيحة في هذا الحال لاتنفعان الغاضب ، بل تشعلان أكثر نار الغضب فيه ،
قال الحكماء
مثل الإنسان في هذا الحال مثل كهف تشتعل فيه النار كثيرة بحيث يمتلىء من اللهب والدخان ، اللذان يحتبسان فيه ويخرج نفير وأصوات موحشة ويلتوي فيه لهب النار ، وتتزايد ثائرتها كل حين ، وفي هذه الحالة العلاج صعب جداً ، لأنه لايمكن إطفاء تلك فكل ما يلقي فيها لإطفاء لهيبها يزيد في اشتعاله ، فتأكله وتجعله جزاءاً منها وتزيد مادتها ، ولهذا يكون الإنسان في حالة اشتعال ثائرة الغضب اعمي عن الرشد والهداية واصم عن الموعظة والنصيحة بل الموعظة في هذا الحال تكون سبباً لازدياد غضبه ومادة لاشتعال ثائرته ن وليس لهذا الشخص في الحالة العلاج)*
ونقلنا هذا الكلام الشريف في موضوع الغضب من كلام مسكويه الحكيم العالي المقام وذكرناه هنا لأنه لم يكن عندنا في هذا الباب كلام أحسن من كلام هذا الحكيم .فعلم أن القساوة والغضب ، حلتان للقلب ، لاترتبط إحداهما بالأخرى ، وأن جعل الرأفة والرحمة في حديث الشريف في مقابلهما ليس بمعنى المقابلة الحقيقية ، بل المقصود هو لازم المقابل أو ملزومة : لأن الرأفة لازمة اللين ، وهي مقابل القسوة والرحمة لازمة وملزومة للحلم الذي هو مقابل الغضب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
• صحاح اللغة ج6 ، صفحة 2462
• سورة الزمر ، الآية 22
• سورة الزمر الآية 23
• نقل المؤلف (رضوان الله عليه) عن تهذيب الأخلاق لابن مسكويه ص5باب التهور والجبن
• منقولة من كتاب جنود العقل والجهل
لسماحة آية الله العظمى الإمام السيد الخميني *ق.س
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد اشرف الأنبياء والمرسلين أبا القاسم محمد وأل بيته الطيبين الطاهرين
اللهم صلى على محمد وال محمد
في الفرق بين القسوة والغضب
أعلم أن القساوة عبارة عن غلظة القلب وشدته وصلابته .
يقال قسا قلبه قسوة وقساء غَلُظَ وصلب ، وحجر قاس أي صلب * .وفي مقابله اللين والرقة كما في السورة المباركة (الزمر ) يقول الله تعالى(أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في شلال مبين ) * فجعل في مقابل شرح الصدر وهو ملزوم قبول الحق قساوة القلب وهي ملزوم في عدم قبول الحق ،وبعد هذه الآية ذَكر تبارك وتعالى اللين ورقة القلب مقابلا حقيقيا للقساوة كما يقول تعالى بعد ذلك :0 الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) *
وأعلم أن بين القساوة والغضب فرق بين ، لأن القساوة ما ذكر ناه ، وأما الغضب فهو حركة وحالة نفسانية يحدث بواسطتها في القلب غليان الدم للانتقام ، فإذا اشتدت هذه الحركة تشتعل نار الغضب وتمتلئ الشرايين والدماغ من دخان مظلم مضطرب ينحرف بسببه العقل ، ويتوقف عن الإدراك والرّوية ، وإن الموعظة والنصيحة في هذا الحال لاتنفعان الغاضب ، بل تشعلان أكثر نار الغضب فيه ،
قال الحكماء

ونقلنا هذا الكلام الشريف في موضوع الغضب من كلام مسكويه الحكيم العالي المقام وذكرناه هنا لأنه لم يكن عندنا في هذا الباب كلام أحسن من كلام هذا الحكيم .فعلم أن القساوة والغضب ، حلتان للقلب ، لاترتبط إحداهما بالأخرى ، وأن جعل الرأفة والرحمة في حديث الشريف في مقابلهما ليس بمعنى المقابلة الحقيقية ، بل المقصود هو لازم المقابل أو ملزومة : لأن الرأفة لازمة اللين ، وهي مقابل القسوة والرحمة لازمة وملزومة للحلم الذي هو مقابل الغضب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
• صحاح اللغة ج6 ، صفحة 2462
• سورة الزمر ، الآية 22
• سورة الزمر الآية 23
• نقل المؤلف (رضوان الله عليه) عن تهذيب الأخلاق لابن مسكويه ص5باب التهور والجبن
• منقولة من كتاب جنود العقل والجهل
لسماحة آية الله العظمى الإمام السيد الخميني *ق.س