لقد قامت إحدى المؤمنات- رحم الله والديها – بتلخيص محاضرة سماحة العلامة السيد منير الخباز لليلة 4 محرم 1424هـ وأهدتها لشبكة نداء الصلاة.
الزمان: الليلة الرابعة من محرم 1424هـ.
المكان: ساحة مسجد الزهراء ( ع ) .
عنوان المحاضرة: الدليل العقلي على غيبة الإمام المهدي ( عج )
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عز وجل(( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ))
انطلاقا من الآية المباركة سيكون الحديث عن ظهور الإمام المهدي من خلال الحديث عن غيبته وذلك بالتعرض إلى الدليل العقلي، والحديث عن الدليل العقلي يعتمد على عدة عناصر:-
العنصر الأول:- ما هو الهدف من وجود الكون المشتمل على ذرات ومجرات وطاقات وكنوز ؟ وهل أن هذا الكون بمجمل طاقاته خلق عبثاً ؟
العبث قبيح والقبيح لا يصدر عن الحكيم والله هو الحكيم فكيف يصدر عن الله .
(( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما باطلاً ))
النتيجة: أن هذا الكون لم يخلق عبثاً بل خلق لهدف معين : هو إقامة الحضارة الكونية لا الحضارة الأرضية وهناك فرق بينهما.
فالحضارة الأرضية: هي الحضارة على الأرض هذا الكوكب الصغير.
والحضارة الكونية: هي أن يسيطر الإنسان على جميع طاقات هذا الكون اللامتناهي المليء بالأسرار والطاقات والكنوز.
فإذا وصل الإنسان إلى مستوى السيطرة على الكون وصل إلى الحضارة الكونية. ولكن الإنسان لا زال صغيراً وفي اول الطريق.
(( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض ))
فكل شيء مسخر لكم لإقامة الحضارة الكونية.
((هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ))
فأفضل عمل يصل إليه البشر هو إقامة الحضارة الكونية العادلة والشاملة.
العنصر الثاني:الرصيد الذي يعتمد عليه الإنسان في إقامة الحضارة الكونية هو رصيد ( العلم ) . والعلم على نوعين:
*- النوع الأول : علم النظريات.
*- النوع الثاني: علم الحقائق.
والفرق بينهما هو الفرق بين عالم الخلق وعالم الأمر (( ألا له الخلق والأمر )). فالجسد مثلاً من عالم الخلق (( إنا خلقنا الإنسان من سلالة من طين )). أما الروح التي تدير نشاط هذا الجسد هي من عالم الأمر (( يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي )). عبر عنها ( أمر ربي ) ولم يقل خلق ربي. (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )) فأنتم متقوقعون في عالم الخلق لذلك عملكم قليل .
فعالم الخلق: هو ( عالم المادة ) والذي يدور في عالم المادة يدور في حلقة مفرغة يدور في ( علم النظريات ) ، فالطب مثلاً والفيزياء وغيرها من العلوم يعيش مرحلة ( النظريات ) ليصل إلى نظرية ثم يكتشف خطأها ثم يكتشف نظرية أخرى ليكتشف نقصها وهكذا فهو علم يتطور من نظرية لأخرى.
أما عالم الأمر: المتعلق بالحقائق والوصول إلى هذا العالم يكون بتجاوز ( علم النظريات أو عالم الخلق ) ليتطلع على كنه وحقائق الأشياء.
*- العنصر الثالث:-
الإنسان الذي يريد أن يقيم الحضارة الكونية يحتاج إلى ( علم الحقائق ) والوصول إلى الحقائق يكون بالوصول إلى ( مركز الكون ) أولاً. فكل شيء له مركز( فالطائرة ) مثلاً بها الصندوق الأسود - وهو ليس بأسود - الذي يتضمن جميع المعلومات الدقيقة عن حركة الطائرة. كذلك جسم الإنسان فعلماء ( الجينوم ) البشري يؤكدون وجود مركز معلومات للجسم البشري متى ما تمكن الطب من السيطرة عليه تحكم في استنساخه وذكائه وجميع ما يرتبط بالإنسان.
أيضاً الكون له مركز معلومات وخارطة فيها التفاصيل الدقيقة عبر عنها القرآن الكريم بالكرسي والعرش – (( الرحمن على العرش استوى )) ، (( وسع كرسيه السموات والأرض )). فمن ويصل إليها يصل إلى المفاتيح التي يفك بها أقفال الكون وكذلك يصل إلى حقائق جميع الأمور ليقيم الحضارة الكونية.
العنصر الرابع:-
هل يمكن للمجتمع البشري أن يصل إلى خارطة الكون؟ وهل له أن يعيش على النظريات ليصل إلى خارطة الكون أم يحتاج إلى يد غيبيه ؟
لا يمكن للمجتمع البشري أن يصل إلى مركز الكون وحده بل يحتاج إلى يد الغيب لتنقله من
( عالم الخلق والذي هو عالم النظريات ) إلى ( عالم الأمر والذي هو عالم الحقائق ) . والقرآن الكريم عبر عن ذلك في قصة نبي الله سليمان ( ع ) مع وزرائه- (( يأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد غليك طرفك )) المقصود من الكتاب هو خارطة الكون فهناك كتاب تدويني وهو كتاب الشريعة، وكتاب تكويني وهو خارطة الكون .
(( أنا آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ))
فآصف بن برخيا الذي عنده جزء من خارطة الكون استطاع ان يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين في لحظة فمن ملك خارطة الكون سيطر على الكون.كذلك سليمان عندما قال (( ربي هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي )). والملك هو الحضارة ما صارت لأحد قبله أوبعده فسليمان وهب علماً بخارطة الكون واستطاع أن يحدث حضارة تحدث عنها القرآن الكريم .(( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون )) ، (( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب )). الاانسان في هذا الوقت يدعي سيطرته على الفضاء فينشر الأقمار الصناعية والمدرعات الصاروخية لكنه لم يستطع ان يسيطر على الريح.
القرآن واضح الدلالة ( من ملك بعض المعلومات عن خارطة الكون سيطر عليه ) والنتيجة تحقيق الهدف وهو إقامة الحضارة الكونية الشاملة العادلة ، وهذا لا يتحقق إلا بواسطة اليد االإلهية التي توصله إلى عالم الكتاب.
فيستحيل أن يقيم المجتمع البشري الحضارة الكونية إلا على يد إنسان سيطر على مركز الكون.
(( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان )) السلطان هو الشخص الذي يملك خارطة الكون تستطيعوا من خلاله ان تنفذوا وتسيطروا على الكون.
استنتاج:
فإذا كان الله سبحانه خلق الكون لإقامة الحضارة الكونية وخلق شخصا لهذا الأمر فلابد من يوم يأتي فيه من يملك خارطة الكون ليقيم الحضارة الكونية العادلة وهذا اليوم هو يوم ظهور الغمام المهدي ( عج ) إذاً الهدف من خروج الإمام المهدي ليس فقط إقامة دولة إسلامية، بل أكبر وأوسع وهو ولادة الحضارة الكونية الشاملة العادلة وسيطرة المجتمع البشري على بركات الكون وإقامة العدالة في كل ذرة من ذرات الكون . ففي الرواية ( إن الأرض لتخرج خيرها والسماء لتنزل بركاتها بظهوره ) لأن الكون يتفاعل من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة لإقامة الحضارة الكونية العادلة .
النتيجة:
فالعقل يفرض أن نؤمن بشخص موعود لإقامة الحضارة الكونية التي هي الهدف من الوجود.
إن إقامة الحضارة الكونية العادلة على يد الإمام المهدي ( ع ) تعتمد على عاملين:
1- أهلية المجتمع البشري: فلابد أن يكون المجتمع البشري مؤهل ويمتلك الكفاءة ويكون ذلك بالوصول إلى ذروة العلم. فالرسول 0 ص ) لم يقم الحضارة الكونية لأن المجتمع البشري لم يكن مؤهلاً ولم يمتلك الجدارة ليتلقى حقائق الكون وهذا يعتمد على أن يخوض المجتمع البشري تجارب مريرة فالمجتمع الإنساني من زاوية المعرفة ما زال في أول الطريق، فلابد أن يمر بتجارب علمية وحضارات مختلفة إلى أن يستنفذ طاقاته وقدراته مستعداً لتلقي الحقائق فيقوم قادراً على إدارته وتعبئة طاقاته بإقامة الحضارة الكونية العادلة.
2-- عامل الإمام نفسه:- العلماءء يقولون أن حجم الدور يتناسب مع حجم اليقين. والفلاسفة يقسمون اليقين إلى ثلاثة أقسام:
*- علم اليقين : فإذا رأيت النار صار عندك علم اليقين.
*- عين اليقين: وإذا أحسست بحرارتها صار عندك عين اليقين.
*- حق اليقين: وإذا احترق الإنسان وأصبح جسماً نارياً صار عنده حق اليقين.
سؤال: هل كان الرسول ( ص ) يترقى في اليقين ؟
الجواب: نعم
توضيح الجواب:
نزل الوحي على قلبه دفعة واحدة (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين )) فصار عند النبي ( ص ) الدرجة الأولى من اليقين( علم اليقين ).
ثم تدرج في النزول لمدة 23 سنة (( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت )) فكان نزوله التدريجي حسب الوقائع وتكرار المعلومات من ( الإحكام ) إلى ( التفصيل ) استوجب زيادة درجة اليقين فصار عنده( عين اليقين ).
وعندما قام النبي ( ص ) بتبليغه وتطبيقه أوصله إلى الدرجة الأخيرة لمعنى ( حق اليقين ).
وكما أن النبي ( ص ) يخضع لإطار التكامل في اليقين فكذلك الأئمة عليهم السلام. فحجم الدور الذي يقوم به الإمام المنتظر ( عجل الله فرجه ) يقتضي حجماً من اليقين، فدوره لم يقم به أحد من الأنبياء ولم يكلف به أحد من الأوصياء وهو إقامة الحضارة الكونية العادلة.
(( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ))
(( لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً )).
النتيجة النهائية:
هنا الإنسان أنيط به دور عظيم وعظمة هذا الدور تحتاج إلى عظم اليقين. إذا لابد أن يكون للإمام المنتظر أقوى درجات اليقين بمركز الكون وتفاصيله حتى يكون يقينه مؤهلاً له وذلك لا يكون إلا ببقائه هذه الفترة الطويلة لتساعده على حصوله على درجة ( حق اليقين ).
فالشخص المطلع على خارطة الكون ومركز الكون لابد أن تكون عنده مؤهلات وكفاءات وجدارات تتناسب مع هذا دوره والهدف الذي بعث من أجله لذلك لابد أن يولد وأن يعيش طويلاً حتى يخالط التجارب المختلفة والمجتمعات البشرية المختلفة فمن خلالها يصل إلى أقوى درجات اليقين فإذا وصل إليها صار مؤهلاً بالدور الذي أنيط إليه.
فالعقل يقول لا يمكن للإنسان وليد 20 أو 30 سنة أن يكون مؤهلاً لإقامة الحضارة الكونية.
ومن الأمور التي يستثمرها الغمام المنتظر بعد ظهوره كرصيد في حركته الجهادية تجربة جده الحسين الفدائية.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
الموضوع منقول من شبكة عشاق أهل البيت (ع)
والحمد لله رب العالمين
الزمان: الليلة الرابعة من محرم 1424هـ.
المكان: ساحة مسجد الزهراء ( ع ) .
عنوان المحاضرة: الدليل العقلي على غيبة الإمام المهدي ( عج )
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عز وجل(( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ))
انطلاقا من الآية المباركة سيكون الحديث عن ظهور الإمام المهدي من خلال الحديث عن غيبته وذلك بالتعرض إلى الدليل العقلي، والحديث عن الدليل العقلي يعتمد على عدة عناصر:-
العنصر الأول:- ما هو الهدف من وجود الكون المشتمل على ذرات ومجرات وطاقات وكنوز ؟ وهل أن هذا الكون بمجمل طاقاته خلق عبثاً ؟
العبث قبيح والقبيح لا يصدر عن الحكيم والله هو الحكيم فكيف يصدر عن الله .
(( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما باطلاً ))
النتيجة: أن هذا الكون لم يخلق عبثاً بل خلق لهدف معين : هو إقامة الحضارة الكونية لا الحضارة الأرضية وهناك فرق بينهما.
فالحضارة الأرضية: هي الحضارة على الأرض هذا الكوكب الصغير.
والحضارة الكونية: هي أن يسيطر الإنسان على جميع طاقات هذا الكون اللامتناهي المليء بالأسرار والطاقات والكنوز.
فإذا وصل الإنسان إلى مستوى السيطرة على الكون وصل إلى الحضارة الكونية. ولكن الإنسان لا زال صغيراً وفي اول الطريق.
(( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض ))
فكل شيء مسخر لكم لإقامة الحضارة الكونية.
((هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ))
فأفضل عمل يصل إليه البشر هو إقامة الحضارة الكونية العادلة والشاملة.
العنصر الثاني:الرصيد الذي يعتمد عليه الإنسان في إقامة الحضارة الكونية هو رصيد ( العلم ) . والعلم على نوعين:
*- النوع الأول : علم النظريات.
*- النوع الثاني: علم الحقائق.
والفرق بينهما هو الفرق بين عالم الخلق وعالم الأمر (( ألا له الخلق والأمر )). فالجسد مثلاً من عالم الخلق (( إنا خلقنا الإنسان من سلالة من طين )). أما الروح التي تدير نشاط هذا الجسد هي من عالم الأمر (( يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي )). عبر عنها ( أمر ربي ) ولم يقل خلق ربي. (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )) فأنتم متقوقعون في عالم الخلق لذلك عملكم قليل .
فعالم الخلق: هو ( عالم المادة ) والذي يدور في عالم المادة يدور في حلقة مفرغة يدور في ( علم النظريات ) ، فالطب مثلاً والفيزياء وغيرها من العلوم يعيش مرحلة ( النظريات ) ليصل إلى نظرية ثم يكتشف خطأها ثم يكتشف نظرية أخرى ليكتشف نقصها وهكذا فهو علم يتطور من نظرية لأخرى.
أما عالم الأمر: المتعلق بالحقائق والوصول إلى هذا العالم يكون بتجاوز ( علم النظريات أو عالم الخلق ) ليتطلع على كنه وحقائق الأشياء.
*- العنصر الثالث:-
الإنسان الذي يريد أن يقيم الحضارة الكونية يحتاج إلى ( علم الحقائق ) والوصول إلى الحقائق يكون بالوصول إلى ( مركز الكون ) أولاً. فكل شيء له مركز( فالطائرة ) مثلاً بها الصندوق الأسود - وهو ليس بأسود - الذي يتضمن جميع المعلومات الدقيقة عن حركة الطائرة. كذلك جسم الإنسان فعلماء ( الجينوم ) البشري يؤكدون وجود مركز معلومات للجسم البشري متى ما تمكن الطب من السيطرة عليه تحكم في استنساخه وذكائه وجميع ما يرتبط بالإنسان.
أيضاً الكون له مركز معلومات وخارطة فيها التفاصيل الدقيقة عبر عنها القرآن الكريم بالكرسي والعرش – (( الرحمن على العرش استوى )) ، (( وسع كرسيه السموات والأرض )). فمن ويصل إليها يصل إلى المفاتيح التي يفك بها أقفال الكون وكذلك يصل إلى حقائق جميع الأمور ليقيم الحضارة الكونية.
العنصر الرابع:-
هل يمكن للمجتمع البشري أن يصل إلى خارطة الكون؟ وهل له أن يعيش على النظريات ليصل إلى خارطة الكون أم يحتاج إلى يد غيبيه ؟
لا يمكن للمجتمع البشري أن يصل إلى مركز الكون وحده بل يحتاج إلى يد الغيب لتنقله من
( عالم الخلق والذي هو عالم النظريات ) إلى ( عالم الأمر والذي هو عالم الحقائق ) . والقرآن الكريم عبر عن ذلك في قصة نبي الله سليمان ( ع ) مع وزرائه- (( يأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد غليك طرفك )) المقصود من الكتاب هو خارطة الكون فهناك كتاب تدويني وهو كتاب الشريعة، وكتاب تكويني وهو خارطة الكون .
(( أنا آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ))
فآصف بن برخيا الذي عنده جزء من خارطة الكون استطاع ان يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين في لحظة فمن ملك خارطة الكون سيطر على الكون.كذلك سليمان عندما قال (( ربي هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي )). والملك هو الحضارة ما صارت لأحد قبله أوبعده فسليمان وهب علماً بخارطة الكون واستطاع أن يحدث حضارة تحدث عنها القرآن الكريم .(( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون )) ، (( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب )). الاانسان في هذا الوقت يدعي سيطرته على الفضاء فينشر الأقمار الصناعية والمدرعات الصاروخية لكنه لم يستطع ان يسيطر على الريح.
القرآن واضح الدلالة ( من ملك بعض المعلومات عن خارطة الكون سيطر عليه ) والنتيجة تحقيق الهدف وهو إقامة الحضارة الكونية الشاملة العادلة ، وهذا لا يتحقق إلا بواسطة اليد االإلهية التي توصله إلى عالم الكتاب.
فيستحيل أن يقيم المجتمع البشري الحضارة الكونية إلا على يد إنسان سيطر على مركز الكون.
(( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان )) السلطان هو الشخص الذي يملك خارطة الكون تستطيعوا من خلاله ان تنفذوا وتسيطروا على الكون.
استنتاج:
فإذا كان الله سبحانه خلق الكون لإقامة الحضارة الكونية وخلق شخصا لهذا الأمر فلابد من يوم يأتي فيه من يملك خارطة الكون ليقيم الحضارة الكونية العادلة وهذا اليوم هو يوم ظهور الغمام المهدي ( عج ) إذاً الهدف من خروج الإمام المهدي ليس فقط إقامة دولة إسلامية، بل أكبر وأوسع وهو ولادة الحضارة الكونية الشاملة العادلة وسيطرة المجتمع البشري على بركات الكون وإقامة العدالة في كل ذرة من ذرات الكون . ففي الرواية ( إن الأرض لتخرج خيرها والسماء لتنزل بركاتها بظهوره ) لأن الكون يتفاعل من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة لإقامة الحضارة الكونية العادلة .
النتيجة:
فالعقل يفرض أن نؤمن بشخص موعود لإقامة الحضارة الكونية التي هي الهدف من الوجود.
إن إقامة الحضارة الكونية العادلة على يد الإمام المهدي ( ع ) تعتمد على عاملين:
1- أهلية المجتمع البشري: فلابد أن يكون المجتمع البشري مؤهل ويمتلك الكفاءة ويكون ذلك بالوصول إلى ذروة العلم. فالرسول 0 ص ) لم يقم الحضارة الكونية لأن المجتمع البشري لم يكن مؤهلاً ولم يمتلك الجدارة ليتلقى حقائق الكون وهذا يعتمد على أن يخوض المجتمع البشري تجارب مريرة فالمجتمع الإنساني من زاوية المعرفة ما زال في أول الطريق، فلابد أن يمر بتجارب علمية وحضارات مختلفة إلى أن يستنفذ طاقاته وقدراته مستعداً لتلقي الحقائق فيقوم قادراً على إدارته وتعبئة طاقاته بإقامة الحضارة الكونية العادلة.
2-- عامل الإمام نفسه:- العلماءء يقولون أن حجم الدور يتناسب مع حجم اليقين. والفلاسفة يقسمون اليقين إلى ثلاثة أقسام:
*- علم اليقين : فإذا رأيت النار صار عندك علم اليقين.
*- عين اليقين: وإذا أحسست بحرارتها صار عندك عين اليقين.
*- حق اليقين: وإذا احترق الإنسان وأصبح جسماً نارياً صار عنده حق اليقين.
سؤال: هل كان الرسول ( ص ) يترقى في اليقين ؟
الجواب: نعم
توضيح الجواب:
نزل الوحي على قلبه دفعة واحدة (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين )) فصار عند النبي ( ص ) الدرجة الأولى من اليقين( علم اليقين ).
ثم تدرج في النزول لمدة 23 سنة (( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت )) فكان نزوله التدريجي حسب الوقائع وتكرار المعلومات من ( الإحكام ) إلى ( التفصيل ) استوجب زيادة درجة اليقين فصار عنده( عين اليقين ).
وعندما قام النبي ( ص ) بتبليغه وتطبيقه أوصله إلى الدرجة الأخيرة لمعنى ( حق اليقين ).
وكما أن النبي ( ص ) يخضع لإطار التكامل في اليقين فكذلك الأئمة عليهم السلام. فحجم الدور الذي يقوم به الإمام المنتظر ( عجل الله فرجه ) يقتضي حجماً من اليقين، فدوره لم يقم به أحد من الأنبياء ولم يكلف به أحد من الأوصياء وهو إقامة الحضارة الكونية العادلة.
(( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ))
(( لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً )).
النتيجة النهائية:
هنا الإنسان أنيط به دور عظيم وعظمة هذا الدور تحتاج إلى عظم اليقين. إذا لابد أن يكون للإمام المنتظر أقوى درجات اليقين بمركز الكون وتفاصيله حتى يكون يقينه مؤهلاً له وذلك لا يكون إلا ببقائه هذه الفترة الطويلة لتساعده على حصوله على درجة ( حق اليقين ).
فالشخص المطلع على خارطة الكون ومركز الكون لابد أن تكون عنده مؤهلات وكفاءات وجدارات تتناسب مع هذا دوره والهدف الذي بعث من أجله لذلك لابد أن يولد وأن يعيش طويلاً حتى يخالط التجارب المختلفة والمجتمعات البشرية المختلفة فمن خلالها يصل إلى أقوى درجات اليقين فإذا وصل إليها صار مؤهلاً بالدور الذي أنيط إليه.
فالعقل يقول لا يمكن للإنسان وليد 20 أو 30 سنة أن يكون مؤهلاً لإقامة الحضارة الكونية.
ومن الأمور التي يستثمرها الغمام المنتظر بعد ظهوره كرصيد في حركته الجهادية تجربة جده الحسين الفدائية.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
الموضوع منقول من شبكة عشاق أهل البيت (ع)
والحمد لله رب العالمين