إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

علم الحساب عند الإمام علي(ع) !!!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علم الحساب عند الإمام علي(ع) !!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة


    علم الحساب عند الإمام علي


    ليس غريباً أن يكون الإمام علي ، عالماً متمكناً في العلوم الفقهية واللغوية وأوليات علم الحساب التي تخص عمليات توزيع الإرث وتحصيل الزكاة وحل بعض المسائل الحسابية المتضمنة كسوراً ، وهو الذي تربى في أحضان النبوة ونهل علمه منها ، حيث يقول الرسول الكريم محمد(صلى الله عليه وآله) : «أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت بابه» [1] . وفي هذا المقام يقول عباس محمود العقاد : فقلَّ أن سمعنا بعلم من العلوم الإسلامية أو العلوم القديمة لم ينسب إليه (أي للإمام علي) ، وقَلّ أن تحدث الناس بفضل لم ينحلوه إياه، وقلّ أن يوجه الثناء بالعلم إلى أحد من الأوائل إلاّ كانت له مساهمة فيه [2] . ويقول أيضاً : تبقى له (للإمام علي) الهداية الأولى في التوحيد الإسلامي والقضاء الإسلامي والفقه الإسلامي، وعلم النحو العربي وفن الكتابة العربية . مما يجوز لنا أن نسميه أساساً صالحاً لموسوعة المعارف الإسلامية في العصور أو يجوز لنا أن نسميه موسوعة المعارف الإسلامية كلها في الصدر الأول في الإسلام . وتبقى له مع هذا فرائد الحكمة التي تسجل له في ثقافة الأمة الإسلامية على تباين العصور [3] . وهنا نحب أن نشير أنه حتى أبي العلاء المعري يقول عن الإمام علي(عليه السلام) [4] :

    وعلى الأفق في دماء الشهيد***ين علي ونجله شاهدان

    فهما في أواخر الزمان فجرا***ن وفي أولياته شفقان

    وإضافة إلى ما يمتلكه الإمام علي(عليه السلام) من علم ونفاذ بصيرته فإنه ما فتئ يحثّ على طلب العلم ويذكر أهميته فيقول على سبيل المثال : تعلّم العلم فإنه إن كنت غنياً زانك ، وإن كنت فقيراً صانك . ثروة العلم تنجي وتبقي ، وثروة المال تهلك وتفنى . ثروة العاقل في علمه وثروة الجاهل في ماله . ويقول أيضاً : كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم فإنه يتسع به [5] .

    وسنحاول في هذه الدراسة أن نبين مآثر الإمام علي(عليه السلام) وبراعته في علم الحساب من خلال النظر في ثلاثة أعمال هامة له وهي :

    نهج البلاغة ، والمسائل الحسابية التي حلها بسرعة ودقة تامة ، والشعر المنسوب إليه .

    أولاً ـ نهج البلاغة :
    إن خطب الإمام ورسائله ووصاياه التي وردت في نهج البلاغة تعجّ بمفاهيم حسابية كالأعداد والكسور ووحدات قياس الطول وتعبيرات رياضية ، وفيما يلي بعضاً منها :

    الأعداد :
    لقد وردت الأعداد صغيرها وكبيرها كثيراً في نهج البلاغة ، فقد ذكر الإمام علي(عليه السلام) على سبيل المثال :

    الأول : في وصية له لابنه الحسن فيقول : أي بني ! إني وإن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في أعمالهم ، وفكّرت في أخبارهم ، وسرت في آثارهم ، حتى عدت كأحدهم ، بل كأني بما انتهى إليّ من أمورهم قد عمّرت مع أولهم إلى آخرهم [6] .

    وذكر الواحد والاثنين في وصية له(عليه السلام) ، وصّى بها جيشا بعثه إلى العدو بقوله : ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين ، واجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ، ومناكب الهضاب ، لئلاّ يأتيكم العدو من مكان مخافة أو أمن [7] .

    وذكر الثلاثة والاثنتين في كلام له في توبيخ أصحابه على التباطؤ على نصرة الحق : ياأهل الكوفة ! منيت بكم بثلاثة واثنتين : صم ذوو أسماع ، وبكم ذوو كلام ، وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء ، ولا إخوان ثقة عند البلاء ، تربت أيديكم [8] .

    وقال(عليه السلام) وهو يذكر الرقم أربعة : من أعطي أربعاً لم يحرم أربعا : من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة ، ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول ، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة ، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة [9] .

    وفي الرقم خمسة قال(عليه السلام) : أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا : لا يرجون أحد منكم إلاّ ربه ، ولا يخافن إلاّ ذنبه ، ولا يستحين أحد منكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول «لا أعلم» ، ولا يستحين أحدا إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه ، وعليكم بالصبر فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس معه ، ولا في إيمان لا صبر معه [10] .

    والسبعة ذكرها في كلام له في التبرؤ من الظلم : واللّه لو أعطيت الأقاليم السبعة ، بما تحت أفلاكها على أن أعصي اللّه في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت [11] .

    ومن العشرات ورد الرقم عشرة في قوله لما عزم على حرب الخوارج: مصارعهم دون النطفة ! واللّه لا يفلت منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة [12] .

    وقد ورد أيضا ذكر العشرين والستين في خطبته وهو يحثّ على الجهاد ويذمّ القاعدين : للّه أبوهم !! وهل أحد منهم أشد لها مراسا وأقدم فيها مقاما مني ؟ لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ، وها أنا ذا قد ذرفت على الستين ، ولكن لا رأي لمن لا يطاع [13] .

    ومن المئات ذكر المائة في خطبة له ، يقول : لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها [14] .

    ومن الاُلوف ذكر الألف بقوله : اللّهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء ! أما واللّه لوددت أن لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم [15] .

    وذكر القرن (وهو مائة عام) في خطبة الأشباح بقوله : ولم يخلهم بعد أن قبضه مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته ، ويصل بينهم وبين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ومتحملي ودائع رسالاته ، قرنا فقرنا ، حتى تمت بنبينا محمد(صلى الله عليه وآله) حجته ، وبلغ المقطع عذره ونذره [16] .

    الكسور :
    والكسور هنا كالخمس والثلث والنصف ، الخ ... فمثلاً جاء ذكر الخمس في قوله : إن القرآن أنزل على النبي(صلى الله عليه وآله) والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض ، والفئ فقسمه على مستحقيه ، والخمس فوضعه اللّه حيث وضعه ، والصدقات فجعلها اللّه حيث جعلها [17] .

    وقد ورد ذكر الثلث في كتاب له إلى أمراء البلاد في معنى الصلاة ، بقوله : وصلوا بهم العشاء حيث يتوارى الشفق إلى ثلث الليل [18] .

    وجاء ذكر الكسر تسعة أعشار بقوله : بلادكم أنتن بلاد اللّه أقربها من الماء وأبعدها من السماء ، وبها تسعة أعشار الشر [19] . والنصف جاء في قوله(عليه السلام) : الهمّ نصف الهرم [20] .

    وحدات قياس الطول :
    وتقيس هذه الوحدات الأبعاد الصغيرة ، كالإصبع والشبر والباع الخ ، كما تقيس الأبعاد الكبيرة كالفرسخ مثلاً .

    فقد ورد الإصبع في جواب له عندما سئل(عليه السلام) عما بين الحق والباطل . فقال : مسافة أربع أصابع . الحق أن تقول : رأيت بعيني، والباطل أن تقول : سمعت بأذني [21] . والشبر جاء ذكره في كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري ، عامله على البصرة ، بقوله : فو اللّه ما كنزت في دنياكم تبرا ، ولا ادخرت من غنائمها وفرا ، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا ، ولا حزت من أرضها شبرا [22] .

    والشبر كما جاء في لسان العرب هو ما بين أعلى الإبهام وأعلى الخنصر [23] (إذا فتحتهما) .

    كما ذكر الفرسخ في كتاب له إلى أمراء البلاد في معنى الصلاة بقوله : وصلّوا بهم العصر والشمس بيضاء حية في عضو من النهار ، حين يسار فيها فرسخان [24] .

    والفرسخ كلمة فارسية ويقول عنها ابن منظور في لسان العرب: إن الفرسخ : السكون من المسافة المعلومة في الأرض مأخوذ منه . والفرسخ ثلاثة أميال أو ستة ، سمي بذلك لأن صاحبه إذا مشى قعد واستراح من ذلك كأنه سكن . وهو واحد الفراسخ ، فارسي معرب والفرسخ ساعة من النهار [25] . والفرسخ يساوي ثلاثة أميال أو ستة آلاف متر [26] .

    تعبيرات متصلة بالرياضيات :

    ورد العديد من المصطلحات والتعبيرات تتصل بالرياضيات في خطب الإمام وكلامه . كالطول والعرض والعدد والقسمة والمضاعف والذرّة والنهاية والإحصاء والبرهان والفئة والمسافة والحساب وغيرها.

    وسنذكر بعضاً منها . ففي كلام للإمام يوصي فيه أصحابه ، ذكر فيه تعبيرات مثل: الطول ، أطول ، أعرض ، أعلى ، حيث يقول : والجبال ذات الطول المنصوبة ، فلا أطول ، ولا أعرض ، ولا أعلى ولا أعظم منها ، ولو امتنع شيء بطول ، أو عرض ، أو قوة أو عز لامتنعن [27] .

    وورد تعبير القسمة في مواضيع كثيرة، مثلا جاء في خطبة له في صفة خلق بعض الحيوانات : وأنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها وعدّد قسمها ، فبلّ الأرض بعد جفوفها . وأخرج نبتها بعد جد وبها . وهنا تعديد القسم إحصاء ما قدر منها لكل بقعة [28] .

    وجاء ذكر المضاعف بأشكال مختلفة كالمضاعفات ، وأضعاف ، ومضاعفة ، ومضاعف الخ . ففي خطبة له بصفّين يقول : ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه ، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب ، تفضلاً منه وتوسعا بما هو من المزيد أهله [29] . والذرّة ذكرها في خطبة الأشباح بقوله : ورجع كل كلمة ، وتحريك كل شفة ، ومستقر كل نسمة ومثقال كل ذرّة ، وهماهم كل نفس هامّة [30] . كما ذكر النهاية في خطبة له حول صفة خلق بعض الحيوانات بقوله : وإليها حاكمها ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما ، ولا بذي عظم تناهت به الغايات فعظّمته تجسيدا ، بل كبر شأنا ، وعظم سلطانا [31] .

    وبمقابل النهاية ذكر اللانهاية ، وهذه تأتي بمعان عديدة مثلا، بلا عدد، لا يحصى ، التعداد الكثير ، الأزل الخ . فقد ورد تعبير لا بعدد في الخطبة السابقة بقوله : مستشهد الأشياء على أزليته ، وبما وسمها به من العجز على قدرته ، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه ، واحد لا بعدد ، ودائم لا بأمد وقائم لا بعمد [32] .

    وجاء تعبير لا يحصى في كلامه لمّا عزم على لقاء القوم بصفّين : ورب هذه الأرض التي جعلتها قرارا للأنام ، ومدرجا للهوام والأنعام ، وما يحصى مما يرى وما لا يرى [33] .

    أما التعداد الكثير الذي يعنى اللانهاية، فقد جاء ذكره في خطبة الأشباح أيضاً بقوله : اللّهم ! أنت أهل الوصف الجميل ، والتعداد الكثير ، إن تؤمل فخير مؤمل ، وإن ترج فأكرم مرجو [34] .

    ثانياً ـ مسائل حسابية :
    من الأدلة الاُخرى على عبقرية الإمام علي(عليه السلام) ، هي حله لمسائل حسابية معقدة بسرعة ودقة ... ولا عجب في ذلك فهو الذي يقول على ملأ من الناس : «سلوني قبل أن تفقدوني» [35] . وفي هذا المقام يقول عباس محمود العقاد عن الإمام(عليه السلام) : وفي أخباره ، مما يدل على علمه بأدوات الفقه كعلمه بنصوصه وأحكامه . ومن هذه الأدوات علم الحساب الذي كانت معرفته به أكثر من معرفة فقيه يتصرف في معضلة المواريث ، لأنه كان سريع الفطنة إلى حيله التي كانت تعدّ في ذلك الزمن ألغازاً تكدّ في حلها العقول [36] . وسنذكر بعض المسائل المشهورة التي قام بحلها ، مما يدل على تضلعه بعلم الحساب آنذاك .

    ومن هذه المسائل المسألة المنبرية والمسألة الدينارية وقصة الأرغفة وغيرها .

    المسألة المنبرية :
    وخلاصة هذه المسألة [37] أن الإمام عليّاً(عليه السلام) سُئل وهو على المنبر عن ميّت ترك بنتين وأبوين وزوجة ، فأجاب من فوره : صار ثمنها تسعا . وسميت هذه المسألة بالمسألة المنبرية لأنه أفتى بها وهو على منبر الكوفة .

    والفريضة هنا (أي المال الذي تركه الميت) هي أربعة وعشرون ، للزوجة ثمنها (أي ثلاثة) وللأبوين ثلثها (أي ثمانية) وللبنتين الثلثان (أي ستة عشر) . فضاق المال عن السهام (أي نقص المال عن الحصص المفروضة) ، لأن الثلث والثلثين تم بهما المال فمن أين يؤخذ الثمن . فإذا جمعنا الثلاثة والثمانية وأنقصناها من المال لكان الباقي ثلاثة عشر للبنتين نقص من سهمهما ثلاثة . ويبدو أن ثمة حلين لهذه المسألة . وهي إما استخدام العول أو عدم استخدامه . (والعول هنا كما جاء في مختار الصحاح . عالت الفريضة ، ارتفعت وهو أن تزيد سهاما فيدخل النقصان على أهل الفرائض) [38] .

    فالعول هو إدخال النقص عند ضيق المال عن السهام المفروضة على جميع الورثة بنسبة سهامهم . لهذا فإن النقص هنا هو ثلاثة فيدخل على الجميع فيزاد على الأربعة والعشرين ثلاثة تصير سبعة وعشرين للزوجة منها ثلاثة وللأبوين ثمانية وللبنتين ستة عشر . والثلاثة هي تسع السبع والعشرين ، فهذا معنى قوله صار ثمنها تسعا . وإما من نفى العول قال أن النقص يدخل على البنتين [39] .

    المسألة الدينارية :
    يقال: إن امرأة جاءت إلى الإمام ، وشكت إليه أن أخاها مات عن ستمائة دينار ، ولم يقسم لها من ميراثه غير دينار واحد . فقال لها : لعله ترك زوجة وابنتين وأماً واثني عشر أخا وأنت ؟ فكان كما قال . وهنا تتجلى قوة علمه وحدسه فبمجرد أن علم بحصتها فقد استنتج عدد أفراد العائلة ، وليس فقط ذلك، بل العلاقة فيما بينهم وجنسهم وحصة كل منهم . حيث أن هذه المرأة كانت تتوقع أن أخاها قد ظلمها لذا طلبت الإنصاف وأخذ حقها . لذلك قال لها خلّف أخوك بنتين لهما الثلثان أربعمائة (أي ثلثي الستمائة هو أربعمائة) . وخلّف أُماً لها السدس ، مائة (أي سدسي الستمائة هو مائة) ، وخلّف زوجة لها الثمن ، خمسة وسبعون (أي ثمن الستمائة هو خمسة وسبعون) . وخلّف معك اثني عشر أخاً لكلِّ أخ ديناران ولكِ دينار قالت نعم . فلذلك سُميت هذه المسألة بالدينارية [40] . ولذلك لو جمعنا هذه الحصص لكان مجموعها ستمائة وهو المبلغ الأصلي .




المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X