إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ما بعد الطائف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما بعد الطائف

    ما بعد الطائف

    كان الطائف "تسوية" أخرجت لبنان من الحرب، لكنها لم تنجح في صناعة السلام، هي اسكتت المدافع، لكن ما حققته ليس اكثر من سلم أهلي بارد في أحسن الاحوال. الا أن ما إفتقده السنّة خلال الحرب ظفروا به خلال السلم من خلال رفيق الحريري، هذا الرجل الذي قَدِم من عائلة غير سياسية مستثمراً علاقات وامكانات استثنائية، مثّل مشروعاً قلّما حمله رجل دولة في لبنان. استهدف بالدرجة الاولى النهوض بالطبقة الوسطى واعادة استقطاب الرأسمالية اللبنانية الهاربة ودمجها في عملية اعادة اعمار لبنان وتحديثه ما بعد الحرب. وقد قوبل مشروعه بالتوجس والريبة كما قوبل بالتأييد والترحيب، الا ان هذا المشروع ما كان له أن ينطلق الا من خلال مشروع "الدولة" التي ارستها توازنات "التسوية" المنجزة في الطائف والتي اصبحت دستوراً وميثاقاً.

    المشكلة ان "الطائف" أرسى صيغة حكم "افتراضية" – على الاقل حتى الآن – فهو أقام مكان الهيمنة الطائفية المارونية السابقة ما يمكن ان نسميه "التوازن الطائفي الدقيق" الذي يبدو حتى اليوم عصياً على التطبيق، فهو قلّص من صلاحيات رئيس الجمهورية لمصلحة مجلس الوزراء "مجتمعاً"، لكنه في المقابل عزّز موقع رئاسة مجلس النواب باطالته فترة الرئاسة، وفتح المجال لامكان تمديدها، الامر الذي جعل الحكم عملياً بثلاثة رؤوس ينتمي كل منها الى طائفة، مؤسساً بذلك لجمهورية "الترويكا" التي تشبه "فيديرالية" الطوائف، اي انه انشأ نظاماً مفككاً ومخلّعاً في نهاية المطاف، بدت معه كل المحاولات الاصلاحية عقيمة. فما شهدناه بعد الطائف أقرب ما يكون الى "الاحتراب السياسي الاهلي" استهدف، من خلال "موجات" من التحشّد الطائفي التي لم يشهد لبنان لها مثيلاً، اعادة تموضع الجماعات والكتل الطائفية منذ الحديث عن النظام "المجلسي" المتضمن الاشارة الى النفوذ المتنامي للشيعة السياسية بداية التسعينات، الى ظهور الحريرية والحديث عن اجتياح السنية السياسية، وصولاً الى الانقلاب الامني الصامت والمترافق مع الحديث عن استعادة دور رئاسة الجمهورية مع بداية الالفية الجديدة، مما أدى عملياً الى استنزاف كل الفرص المتاحة للاصلاح والتحديث السياسي واهدارها.

    أفضت التجربة العملية لجمهورية الطائف الى ما يشبه استحالة تحقق ذلك "التوازن الدقيق" بين الطوائف، خاصة في ظل مؤسسات ديموقراطية هشّة، فشلت في استيعاب الصراعات الناشئة، بل عجزت عن تصريف الاحتضانات الطائفية والسياسية من جهة، ووقعت اسيرة براثن النظام الامني والمخابراتي اللبناني والسوري من جهة ثانية، مما أطاح عملياً كل المحاولات الاصلاحية الجادة، وحولها ممارسات كيدية صبّت في أتون الاحتراب السياسي الرسمي بين اهل الترويكا.

    محصلة التجربة آلت الى تعطيل المؤسسات وتداخل الصلاحيات، وتنازع الكل على صلاحيات بعضهم البعض. واخترق مبدأ فصل السلطات بعدما تداخل الامني بالسياسي بالقضائي، وتم التلاعب بالقوانين بل بالدستور لمصالح شخصية، واصبح الفساد حزباً عابراً للطوائف والحدود وفشلت كل محاولات الاصلاح الاداري. ومما فاقم السلبيات التطبيق الانتقائي والمتعسف للطائف، خاصة لجهة الاصلاحات السياسية، وفي مقدمها تلك "البدع" في قوانين الانتخاب المفصلة على قياسات الطبقة السياسية وموالي الاجهزة الامنية والمخالفة لمبدأ العدالة والمساواة والوفاق الوطني والعيش المشترك بين اللبنانيين. حتى اصبح حجم الدوائر يفصل في كل دورة تبعاً لتوازن القوى السياسية في الاشهر الاخيرة بل الاسابيع الاخيرة التي تسبق موعد الاستحقاق الانتخابي، بحيث يفصّل "الاقوى" دوائره بنفسه ويرسم لخصومه ولحلفائه احجامهم.

    لم يحدث كل هذا في غفلة من الزمن طبعاً، بل حدث في عهد الوصاية السورية، التي امسكت بالملف اللبناني وانفردت به في ظل موازين قوى دولية حرصت على الاستقرار في المنطقة بعد تحرير الكويت، أوكلت الى سوريا مهمات استراتيجية في تعزيز هذا الاستقرار، مما سمح بهذا الانفراد الكامل بـ"الملف" اللبناني الذي تحوّل "ورقة" في كواليس لعبة الامم. كانت المطالبة بالانسحاب السوري من لبنان والذي كان يفترض ان يحدث عام 1992، نوعاً من المغامرة تعرض صاحبها الى التشهير بعروبته ووطنيته، بل تصل الى حد التخوين و"التكفير" كما حدث حين رُفعت "السواطير" من بعض التنظيمات الدينية الموالية لسوريا في مواجهة من يطالبون بالوفاء بالعهود والمواثيق التي نص عليها الطائف.

    الملف اللبناني "الممسوك" استخبارياً أفضى الى "نظام أمني" يحدد الاحجام السياسية للقوى والشخصيات والاحزاب تضخيماً او تقزيماً، وكان الامر استفزازياً عندما جرى النيل من صلاحيات الرئيس رفيق الحريري كرئيس للوزراء لمصلحة دعم سوري لا محدود لرئاسة الجمهورية في عهد اميل لحود. حدث هذا في ما يشبه الانقلاب "الصامت" الذي تعامل معه الرئيس الحريري بمنتهى الصبر الممزوج بالمرارة.

    كانت رؤية رئيس الجمهورية متربعاً صدر "كل" اجتماع لمجلس الوزراء مثار تعليقات مريرة واعتراضات قاسية وسط "سنّة" لبنان الذين اعتبروا ذلك انقلاباً على الطائف واعتداء موصوفاً وتفسيراً تعسفياً الى اقصى الحدود لنصوصه بل ممارسة كيدية تستهدف تعطيل الفاعلية السنية في النظام اللبناني والتي كان يمثلها رفيق الحريري.

    اعادت هذه الممارسات الى الذاكرة ما كان يجري قبل الطائف يوم كان سنّة لبنان في ذروة معارضتهم لنظام الامتيازات الطائفية، حيث كان رئيس الحكومة مجرد "باش كاتب" لا يحكم ومنقوص الصلاحيات لكنه مع هذا يخضع للمساءلة والمحاسبة في مجلس النواب، في حين كان الحاكم الفعلي وصاحب الصلاحيات الحقيقية وهو رئيس الجمهورية، يقبع في قصره فوق المحاسبة والمساءلة وبعيداً عن مفاعيلها.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
استجابة 1
10 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X