جعفري أنا رغم فتوى المعتدي ،،، جعفري أنا في الدم ،،، كريات دمي تشهد بي ،،، دوَّن التاريخ إسمي بدمي ،،، في مساري ،،، في حناي القلب عشقي أبدي ،،، لهداتي آل ياسين ذوي الكف الندي ،،، حبهم مشكاة نور في دجى الليل الخفي ،،، واسمهم قيثارة العشق الإلهي النقي ،،، في خطاهم أبصر الحق الحقيقي الجلي ،،، معهم حبي لهم والسر أني جعفري
X
-
براءة الامام علي (عليه السلام) من حديث الشراب الحرام
السيد حسن الحسيني آل المجدد
هذا جزء مختصر في الرد على الحديث المفترى، الذي أشاعته الحشوية والناصبة بين الورى، من نسبة سيدنا ومولانا، يعسوب الدين، أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، إلى شرب الخمر ـ والعياذ بالله ـ والكشف عن اختلاقه وصنعه، ونبدا بالفصل التالي من هذا الرد:
- فصل: طرق الحديث
اخرج الترمذي في سننه(1) عن عبد بن حُميدٍ: قال: حدثنا عبد الرحمن ابن سعدٍ، عن جعفر الرازي، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُلميّ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما، فدعانا وسقلنا من الخمر، فأخذت الخمر منّا، وحضرت الصلاة، فقدموني فقرأت: قل ياأيها الكافرون لا أعبد ماتعبدون ونحن نعبد ما تعبدون، قال: فأنزل الله: (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
وأخرج أبو داود في (سننه)(2) عن مسدد قال: أخبرنا يحيى، عن سفيان، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُلميّ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن رجلا من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف، فسقاهما قبل أن تحرّم الخمر، فأمهم علي (عليه السلام) في المغرب وقرأ: (قل ياأيها الكافرون) فخلط فيها، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وأخرجه النسائي في (سننه)(3) عن عمر بن علي، عن أبن مهدي، عن سفيان نحوه.
وأخرج أبن جرير في (تفسيره)(4) عن المثنى، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبيب: أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا، فدعا نفراً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فأكلوا وشربوا حتى ثملوا، فقدموا عليا (عليه السلام) يصلي بهم المغرب، فقرأ قل ياأيها الكافرون أعبد ما تعبدون وأنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وأخرج بن جرير في (تفسيره)(5) أيضا عن محمد بن بشارٍ قال: حدثنا عبد الرحمن: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام): أنه كان هو وعبد الرحمن ورجا آخر شربوا الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن، فقرأ: (قل ياأيها الكافرون) فخلط فيها، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وأخرج أبن المنذر عن عكرمة في قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) قال: نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد، صنع علي لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا، ثم صلى علي بهم المغرب، فقرأ: (قل ياأيها الكافرون) حتى خاتمتها، فقال: ليس لي دين وليس لكم دين، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)(6).
وأخرج أيضاً(7) عن موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثنا بن حماد، قال: حدثنا بن نضر، عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُديّ قال: نزلت هذه الآية: (يسألونك عن الخمر والميسر) ـ الآية، فلم يزالوا بذلك يشربونها حتى صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً، فدعا ناساً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقرأ: (قل ياأيها الكافرون) فلم أفهمها، فأنزل الله عز وجل يشدد في الخمر (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)... إلى آخره.
وأخرج أحمد في (مسنده)(8) عن سُرَيج ـ يعني ابن نعمان ـ قال: حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب، عن أبي هريرة، قال حُرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة وهم يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنهما، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله): (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) إلى آخر الآية، فقال الناس: ما حرّم علينا، إنما قال: (فيهما إثم كبير) ىوكانوا يشربون الخمر، حتى إذا كان يوم من الأيام صلى رجل من المهاجرين أمّ أصحابه في المغرب خلط في قرآءته، فأنزل الله فيها آية أغلظ منها ( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) ـ الحديث.
وأخرج ابن جرير(9) عن هنّاد بن السريّ، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثني أبو معشر المدني، عن محمد بن قيس فذكر نحوه.
وأخرج البزّار في (مسنده)(10) عن أحمد بن محمد بن سعيد الأنماطي، عن عبد الرحمن بن عبد الله سعد الدشتكي، عن أبي جعفر الرازي، عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام) قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً، فدعانا فأكلنا وشربنا من الخمر، فلما أخذت الخمر فينا وحضرت الصلاة أمروا رجلا فصلى بهم فقرأ: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون). قال البراز: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي (عليه السلام) متصل الإسناد إلا من حديث عطاء بن سائب، عن أبي عبد الرحمن.
قال: وإنما كان ذلك قبل تحريم الخمر، فحرّمت من أجل ذلك(11).
قال: لا يخفى عليك ما في هذا الحرف الأخير من كلامه، فإن القوم رووا ما يفيد أن تحريم الخمر لم يكن بسبب هذه القصة، بل لأمر آخر يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وأخرج الحاكم في (المستدرك)(12) عن محمد بن علي بن دحيم الشيبانيّ، قال: حدثنا أحمد بن حازم الغفاريّ، حدثنا أبو نعيم وقبيضة، قالا: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام) قال: دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب فتقدم رجل فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فالتُبس عليه، فنزلت: (لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)، الآية.
وأخرج في (المستدرك)(13) أيضا عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، قال: حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثنا سفيان.
قال الحاكم: وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبريّ، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن علي (عليه السلام) قال: دعانا رجل من الأنصار قبل أن تحرم الخمر، فتقدم عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم المغرب، فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فالتبس عليه فيها، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى).
قال الحاكم: هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد اختلف فيه على عطاء بن السائب من ثلاثة أوجه، وهذا أوّلها وأصحها.
و(الوجه الثاني) حدثناه أبو زكريا العنبريّ، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام) أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر يشربون الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف، فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فخلط فيها فنزلت: ( لا تقربوا الصلاو وأنتم سكارى).
و(الوجه الثالث) حدثنا العنبري، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا مسدّد بن مسرهد، أنبأنا خالد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، أن عبد الرحمن صنع طعاما، قال: فدعا ناسا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)فيهم علي بن أبي طالب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ماتعبدون ونحن عابدون ماعبدتم، فأنزل الله عز وجل: ( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
قال الحاكم14) هذه الأسانيد كلها صحيحة، والحكم لحديث سفيان الثوري، فإنه أحفظ من كل من رواه عن عطاء بن السائب.
وأخرج الواحدي في (أسباب النزول)(15) عن أبي بكر الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: حدثنا أبو يحيى، قال: حدثنا سهل بن عثمان، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الإفريقي، قال: حدثنا عطاء، عن أبي عبد الرحمن، قال: صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما ودعا أناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فطعموا وشربوا، وحضرت المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فلم يقمها، فأنزل الله تعالى: ( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
هذا ماوقفنا عليه من طرق الحديث، على العجالة، ولا يخلو كل منها من مقال، فلنبين ذلك على حسب ما يسعه المجال.
- فصل: مناقشة الروايات
فأما رواية الترمذيّ، ففي طريقها أبو جعفر الرازي التميمي ـ مولاهم ـ يقال: أسمه عيس بن أبي عيسى ماهان، وقيل عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بقوي في الحديث، وقال عبد الله بن علي المديني عن أبيه: هو نحو موسى بن عبيدة.
قلت: قد قال ابن المديني في موسى بن عبيدة: إنه ضعيف الحديث، حدّث بأحاديث مناكير(16) .
وقال عمرو بن علي الفلاّس: أبو جعفر الرازيّ فيه ضعف، وقال أبو زرعة: شيخ يَهِمُ كثيرا، وقال النسائي والعجليّ: ليس بالقويّ، وقال ابن حبّان: كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير، لا يعجبني الاحتجاج بحديثه إلا فيما وافق الثقات، وقال الساجيّ: ليس بمتقنٍ، وقال عمرو بن علي وابن خرّاش: سيّئ الحفظ، وقال ابن معينٍ: يكتب حديثه ولكنه يخطئ(17) .
وفي الطريق أيضا عطاء بن السائب، قال شعبة: ثلاثة في القلب منهم هاجسٌ: عطاء بن السائب ويزيد بن أبي زيادٍ ورجل آخر، وقال أبو طالب عن أحمد: من سمع منه قديما فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيءٍ.
قال: وكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها.
وقال وهيب: لما قدم عطاء البصرة قال: كتبت عن عبيدة ثلاثين حديثا، ولم يسمع من عبيدة شيئا، وهذا اختلاط شديد.
وقال شعبة أيضا: حدثنا عطاء بن السائب ـ وكان نسياً ـ وقال ابن معين: ليث بن أبي سليم ضعيف، ومثله عطاء بن السائب، وجميع من سمع من عطاءٍ بعد الاختلاط(18) .
وذكر العجليّ: أن عطاء بآخره كان يتلقن إذا لقنوه في الحديث، لأنه كان غير صالح الكتاب، وقال أبو حاتم: في حفظه تخاليط كثيرة، رفع أشياء كان يرويها عن التابعين ورفعها إلى الصحابة، وقال الدارقطني في (العلل): اختلط ولم يحتجوا به في الصحيح، ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه الأكابر، شعبة والثوريّ ووهيب ونظراؤهم(19) .
ثم إن ابن السائب قد تفرد بهذا الحديث عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب ابن ربيعة السلمي القارئ، وقد قال ابن أبي حاتم عن أبيه: ليست تثبت روايته عن علي (عليه السلام) وعن الواقديّ: أنه شهد مع علي (عليه السلام) صفّين ثم صار عثمانياً(20).
فإذا كان حال الرجل ـ عن القوم(21) ـ فكيف يعول عليه ويركن إليه في حديثه هذا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، بل إنه يكون متهما في ذلك بلا ريب، هذا إن ثبتت روايته عنه عليه الصلاة والسلام، وإلا فهو أول الكلام.
ومن هذا وأضرابه تذعن بأن أبا عيسى الترمذي لا ينبغي الا سترواح إلى تصحيحاته وتحسيناته للأحاديث، لتساهله في ذلك، وقد حكم على هذا الحديث بأنه حسن الصحيح مع ما ترى في إسناده من الوهن، وكم له في هذا الباب من زلّةٍ نبّه عليها أهل هذا الشأن(22).
حكى الإمام الزيلعي في (نصب الراية)(23) عن ابن دحية أنه قال في كتابه (العلم المشهور): كم حسّن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهيةٍ.
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي بترجمة إسماعيل بن رافع المدني في (ميزان الاعتدال)(24) ـ بعدما حكى تضعيفه عن جماعة من أئمة الجرح والتعديل ـ: ومن تلبيس الترمذي أنه قال: ضعفه أهل العلم.
وقال أيضا بترجمة كثير بن عبد الله المزني المدني من (الميزان)(25) بعد ذكر رواية الترمذي من حديثه: (الصلح جائز بين المسلمين) وتصحيحه: لايعتمد العلماء على تصحيح الترمذي.
وقال أيضا بترجمة يحيى بن يمان العجلي الكوفي ـ عقب ذكر حديث من طريقه ـ حسنه الترمذي مع ضعف ثلاثةٍ فيه ـ فلا يغتر بتحسين الترمذي، فعند المحاقة غالبها ضعاف(26) .
قلت: لقد صدق الذهبي وبر، وناهيك بهذا الحديث شاهد صدقٍ على ما ذكر، فالله المستعان.
وقال الشيخ العلامة أبو العلى محمد بن عبد الرحمن المباركفوري في مقدمة (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي)(27) : أعلم أن الإمام أبا عيسى الترمذي ـ مع إمامته وجلالته في علوم الحديث، وكونه من أئمة هذا الشأن ـ متساهل في تصحيح الأحاديث وتحسينها.
وأما رواية أبي داود، ففي إسناده ـ مضافا إلى عطاء وأبي عبد الرحمن السلمي ـ سفيان بن سعيد الثوري، وهو وإن سمع من عطاء قبل الاختلاط بيد أنه مشهور بتدليس التسوية.
قال الخطيب البغدادي: كان الاعمش وسفيان يدلسان تدليس التسوية، وهو شرّ أنواع التدليس وأقبحه ـ كما قال الحافظ العلائي ـ.
وقال الحافظ ابن حجر: لا شك أنه جرح، وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار أنهما لا يفعلانه إلا في حق من يكون ثقة عندهما، ضعيفا عند غيرهما(28).
وقال البقاعيّ: سألت شيخنا: هل تدليس التسوية جرح؟ فقال: لا شك أنه جرح، فإنه خيانة لمن ينقل إليهم وغرور(29) .
وفي ترجمة يحيى بن سعيد القطان من (تهذيب التهذيب)(30): قال أبو بكر: سمعت يحيى يقول: جهد الثوريّ أن يدلس عَلَيّ رجلا ضعيفا فما أمكنه، قال مرةً: حدثنا أبو سهل، عن الشعبي، فقلت له: أبو سهل محمد بن سالم؟ فقال: يحيى، ما رأيت مثلك، لا يذهب عليك شيء.
ثم إن الثوري قد عنعن في حديثه هذا عطاء، ولم يذكر سماعا منه، وقد تقرر في محله أن المدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع، فتنبّه.
ومما ذكرنا ظهر لك الحال في رواية النسائي أيضا.
وأما رواية ابن جرير الأولى: ففي إسنادها حمّاد بن سلمة(31)، وقد نقل ابن القطان عن العقيلي أنه قال: سماع حماد بن سلمة من عطاء بن السائب كان بعد الاختلاط(32).
وفي إسنادها أيضا ـ مع إرساله ـ ابن السائب السلمي، وقد قضينا الوطر من الكلام عليهما آنفاً.
وأما روايته الثانية، ففي سندها ـ مضافا إلى رجلين ـ محمد بن بشار بن عثمان البصري المعروف ببُندارا يكذب فيما يروي عن يحيى ـ يعني القطّان ـ .
وقال القواريري: كان يحيى بن معين يستضعفه، وقال أبو داود: لولا سلامة فيه لترك حديثه، وقال محمد بن سيار: كان يقرأ من كل كتاب، وقال عبد الله بن علي المديني: سمعت أبي وسألته عن حديث رواه بندار عن ابن مهدي بإسناده مرفوعا، فقال: هذا كذب، وأنكره أشد الانكار، وقال حدثني أبو داود موقوفا.
وقال عبد الله بن الدورقي: كنا عند ابن معين وجرى ذكر بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ به ويستضعفه، قال: ورأيت القواريري لا يرضاه، وقال كان صاحب حمامٍ(33).
وأما روايته الثالثة، ففي إسنادها ـ المرسل ـ أسباط بن نصر الهمداني، قال حرب: قلت لأحمد: كيف حديثه؟ قال: ما أدري، وكأنه ضعفه، وقال أبو حاتم: سمعت أبا نعيم يضعفه، وقال: عامة أحاديثه سقط مقلوب الأسانيد، وقال النسائي: ليس بالقويّ، وقال الساجي في (الضعفاء): روى أحاديث لا يتابع عليها عن سماك بن حرب، وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقد أنكر أبو زرعة على مسلم أخرجه لحديث أسباط هذا(34).
وفي إسنادها أيضا السدي، ضعفه يحيى بن معين، وقال ايضا: في حديثه ضعف، وقال الجوزجانيّ: كذّاب، وقال ابو زرعة: لين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الطبريّ: لا يحتج بحديثه(35) .
وأما رواية ابن المنذر، فإسنادها ينتهي إلى عكرمة البربري ـ مولى ابن عباس ـ، وقال سعيد المسيب لغلامه برد: يا برد، لا تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس.
وعن يزيد بن أبي زياد قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد على باب الحُشّ، قال: قلت ما هذا؟ قال: إنه يكذب على أبي.
وعن عطاء الخراساني قال: قلت لسعيد بن المسيب: إن عكرمة يزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج مميمونة وهو محرم، فقال: كذب مخبثان.
وقال يحيى بن سعيد الانصاري: كان كذابا، وقال إبراهيم بن المنذر عن معن ابن عيسى وغيره: كان مالك لا يرى عكرمة ثقةً، ويأمر أن لا يؤخذ عنه.
وعن الشافعي: أن مالكا كان سيئ الرأي في عكرمة ثقةً، وقال: ولا أرى لأحد أن يقبل منه.
ونقل الإسماعيلي في (المدخل): أن عكرمة ذكر عند أيوب من أنه لا يحسن الصلاة، فقال: أيوب: أوَكان يصلي؟! وقال ابن أبي ذئبٍ: كان عكرمة غير ثقةٍ(36).
قلت: وهو مع ذلك مبتدع ضالّ ـ لا غفر الله له عثرة ولا أقال ـ فقد كان يرى رأي الخوارج ـ وهم كلاب النار(37) الذيم مرقوا من الدين مروق السهم من الرمية، كما أخبر الصادق المصدق (صلى الله عليه وآله) في الحديث المتفق على صحته(38) ـ فقيل: كان يرى رأي الأباضية ـ وهم من غلاة الخوارج ـ وقيل: كان يرى رأي نجدة الحروريّ، وكان نجدة من أشد الخوارج عداوةً لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، وقيل: كان يرى رأي الصفرية، وهم من غلاة الخوارج أيضا(39) .
ولما ذكر الشهرستاني في كتاب (الملل والنحل)(40) رجال الخوارج كان عكرمة أول رجل عده منهم.
فإذا كان هذا الشقي المخذول من ألد خصوم أمير المؤمنين (عليه السلام) وأشد الدعاة إلى عداوته ومناوءته، والسعاة في تظليل الناس عنه، فلا غرو أن يبهته بما لفترى عليه من الإثم، ويعزوه إلى برّأة الله منه.
على أن حديثه هذا منقطع الإسناد أيضا كما لا يخفى، فأي حجة تنهض به يأولي الألباب؟
وأما رواية أحمد، ففي طريقها ابو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني، قال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه ويضعفه ويضحك إذا ذكره وقد قالوا: من تركه يحيى تركناه(41)ـ وقال أحمد: حديثه عندي مضطرب، لا يقيم الإسناد، وقال ايضا: ليس بذاك، وقال بن معين: ليس بقوي في الحديث، وقال ايضا: ضعيف يكتب في حديثه الرقاق، وكان أميا يتقى من حديثه المسند، وقال أيضا: ضعيف إسناده ليس بشيئ، ويكتب رقاق حديثه، وقال ايضا: ليس بشيئ، أبو معشر ريح، وقال البخاري: لا أروي عنه شيئا، وقال صالح بن محمد: لا يسوى حديثه شيئا، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفا، وقال أبو داود: له أحاديث مناكير، وقال الخليلي: ضعفوه في الحديث(42).
وفي طريقها أيضا أبو وهب ـ مولى أبي هريرة ـ وهو مجهول(43).
وأما أبو هريرة الوسي، فقد بسط الكلام بشأنه ـ بما لا مزيد عليه ـ سيدنا الإمام أبن شرف الدين العاملي رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، في تأليف مفرد بيّن فيه زيف أحاديثه وكشف عن حال مروياته، فمن شاء فليرجع إليه فإنه نسيج وحده.
وأما رواية ابن جرير الرابعة، ففي إسنادها المنقطع يونس بن بكير بن واصل الشيباني، قال الآجري عن أبي داود: ليس هو عندي بحجة(44)، وكان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرّةً: ضعيف، وقال الجوزجاني: ينبغي أن يتثبت في أمره، وقال الساجي: كان ابن المديني لا يحدث عنه، وقال أحمد بن حنبل: ما كان أزهد الناس فيه وأنفرهم عنه، وقال أحمد بن محمد بن محرز: قلت لابن أبي شيبة: ألا تروي عنه؟ قال: كان فيه لين(45) .
وفي الإسناد أيضا أبو معشر المدني نجيح بن عبد الرحمن السنديّ، وقد مر الكلام عليه آنفاً.
وأما شيخه محمد بن قيس المدني، فقد قال ابن معين: ليس بشيئ، لا يروى عنه(46).
وأما رواية البزّار، ففي سندها ابو جعفر الرازي وعطاء بن السائب وأبو عبد الرحمن السلمي، وهؤلاء قد تقدم الكلام عليهم وتبين لك حالهم فيما سلف.
وأما روايات الحاكم، فإن في طريقها سفيان الثوري وابن السائب والسلميّ، ورابعها مرسل أيضا(47)، وفيه خالد بن عبد الله الطحان وقد ضعفه ابن عبد البر في (التمهيد)(48) فظهر بذلك تساهل الحاكم في تصحيح هذه الاحاديث.
وأما رواية الواحدي، ففي طريقها ـ المنقطع، المنتهي إلى أبي عبد الرحمن السلميّ ـ أبو عبد الرحمن الإفريقي عبد الله بن عمر بن غانم الرعينيّ ـ قاضي إفريقية ـ قال أبو حاتم: مجهول(49)، وكذا قال الذهبي في (الميزان)(50) وقال أبن حبان في (الضعفاء)(51) روى عن مالك ما لم يحدّث به مالك قط، لا يحل ذكر حديثه ولا الرواية عنه في الكتب إلا على سبيل الاعتبار.
قلت: والظاهر أن سماعه من عطاء كان بعد الاختلاط، بمقتضى ما تقدم.
هذا، وقد قال الحافظ زكيّ الدين المنذريّ في (المختصر سنن أبي داود)(52) بشأن حديث الباب: أخرجه الترمذي والنسائيّ، وفي إسناده عطاء بن السائب، لا يعرف إلا من حديثه، وقد قال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه، وفرق مرة بين حديثه القديم وحديثه الحديث، ووافقه على التفرقة الإمام أحمد.
قال المنذريّ: وقد اختلف في إسناده، فرواه سفيان الثوري وأبو جعفر الرازي عن عطاء بن السائب مسندا، ورواه سفيان بن عيينة وإبراهيم بن طهمان وداود بن الزبرقان عن عطاء فأرسلوه.
فتحصل مما ذكرنا أن هذه الحاديث غير ثابتة من جهة الإسناد البتة، والله المستعان.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الاسرار الفاطمية
للكاتب الشيخ محمد فاضل المسعودي
فاطمة عليها السلام حجة الله الكبرى
عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنه قال
« نَحْنُ حُجج الله على خلقه ، وجّدتنا فاطمة عليها السلام حُجّة الله علينا »(1)
يعتبر هذا الحديث من الاحاديث المهمة التي وردت عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، لذا ونحن نقف نستلهم الدروس العقائدية من سلالة بيت النبوة ومعدن الرسالة لابد لنا ان نتأمل في هذا الحديث ونرى مدى مصداقيته في عالم الواقع والثبوت ، وبعبارة اخرى هل لهذا الحديث وجه للاستدلال به في المحاورات العقائدية التي تخص حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ام لا؟ وهل هناك وجه من الصحة بحيث تكون الصديقة الطاهرة عليها السلام الحجة على الأئمة أم يتجاوز الأمر الى أبعد من ذلك ؟ وما هي الثمرة لهذا الحديث إذا ثبت له الواقعية والمصداقية ومدى تأثيره على الجانب العقائدي للفرد المؤمن ؟ كل هذه الأسئلة نحتاج الوقوف عليها والتأمل فيها واستجلاء حقائقها وادراك مغازي هذا الحديث العقائدي. وهذا ما سيتبين لنا من خلال البحث الذي سنقسمه الى ثلاث امور اساسية وهي :
الأمر الأوّل : معنى الحجة ؟
الأمر الثاني : شرعية الحجة.
الأمر الثالث : كيف كانت فاطمة عليها السلام حجة الله على الأئمة ؟
____________(1) تفسير أطيب البيان : 13 | 226.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الاسرار الفاطمية
للكاتب الشيخ محمد فاضل المسعودي
[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]إنّ من المقامات التي خصت بها فاطمة الزهراء عليها السلام هو مقام الرضا أي ان الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها ، حيث جاءت الكثير من الروايات الشريفة المأثورة عن الرسول وأهل بيته عليهم السلام لتؤكد هذه المنقبة العظيمة للصديقة الشهيدة.
وهذا مما يدل على كونها ذو مقام عالي وشريف سامي لها عند الله تعالى : إذ لا معنى ان يرضى الله لشخص من دون أن يكون له عند الله منزلةً وكرامةً عليه ، وهذا مما يساعد عليه العرف العقلائي إضافة إلى الشواهد القرآنية الكثيرة على هذه المسألة ، فنحن نجد من خلال الممارسات الحياتية ان الكثير من الاصدقاء مثلاً يرضون لرضا شخص معين بالحق ويقبلون شفاعته وتوسطه أو رضاه عن شخص معين لحل مشكلة ما ، وكذلك الحال في الغضب ، وعلى هذا الاساس تكون فاطمة كريمة عند الله تعالى لعلو شأنها ومنزلتها عنده لذلك يرضى لرضاها ويغضب لغضبها.
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « يا فاطمة ان الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك »(1).
وكذلك ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : « يا فاطمة أبشري فلك عند الله مقامٌ محمودٌ تشفعين فيه لمحبيك وشيعتك فتُشفعين »(2).
ويظهر أيضاً مقامها عند الباري عز وجل من خلال الحديث الطويل الذي يروى عن أهل بيت العصمة عن الله تعالى حيث يقول الباري عز وجل :
« يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السموات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار »(3).
فأي منزلة ومقام لها عند الله تعالى بحيث يقسم الله تعالى بعزته وجلاله أن لا يعذب بالنار شيعة الزهراء ومحبيها ، وهذا الحديث له مقام عالي يثبته حديث آخر [/grade]____________
(1) المناقب : 3 | 106.
(2) كنز الفوائد : 1 | 150.
(3) سفينة البحار : 2 | 375.
-----------------------------------------------------------------
[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]ورد في شفاعة الزهراء عليها السلام في يوم القيامة واعطاء الكرامة العظمى لها آنذاك.
ومن المقامات الأخرى لها عليها السلام هو علة الايجاد أي أنها كانت علة الموجودات التي خلقها الباري عز وجل وكما ورد في الحديث الذي يقول فيه الباري عز وجل : « يا أحمد ! لولاك لم خلقت الأفلاك ، ولولا علي لم خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما »(1).
ولا نريد الوقوف مع هذا الحديث الآن بل نترك بحثه إلى الفصول القادمة من هذا الكتاب ، وكثيرة هي المناقب والمقامات التي لها عند الله تعالى.[/grade]
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
سم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــــم
أمـــــــــــا بعد
أشكر أخواني الموالين وأجدد حبي لهم يومــــــــــــا بعد يوم
وأقول لكم أنكـــــــم مجاهدون في سبيل الله وستنالون الشهادة عندالله
وستعرض أعمالكم فهنيئا لكم ياشيعة أمير المؤمنين وأرفع أسمى أيات
الشكر والأمتنان لأناملكـــــم الرائعة وقلوبكم المستنيرة بضياء الله
وبضياء أهل البيت وأخيرا وليس أخرا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على آله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد
فأني لا يمكنني أن أتخيل أو أعتقد ولم أقابل طيلة حياتي من أهل السنة وأنا منهم من يتطاول أو ينتقص بكلمة واحدة من درجة أو مكانة أهل البيت الطاهرين وأعتقد جازما أن من يزعم ذلك فلا يريد من وراءه الا الفتنة فليس المؤمن بسباب ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء ( ... ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الأسم الفسوق بعد الأيمان ... ). فكفوا جزاكم الله خيرا عن مثل هذه الترهات والدعوة الى الفتنة والفتنة أشد من القتل
- اقتباس
- تعليق
تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 09:44 PM
|
استجابة 1
8 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
اليوم, 09:48 PM
|
||
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
|
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
اليوم, 07:23 AM
|
تعليق