إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مواجهة النبي (ص) لفتن اليهود

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مواجهة النبي (ص) لفتن اليهود

    عظم الله أجوركم باستشهاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
    مواجهة النبي (ص) لفتن اليهود
    بقلم: الشيخ علي دعموش‏
    لقد كان اليهود ولا يزالون أشدَّ الناس عداوة وحقداً على الإسلام والمسلمين، وقد كفروا بالنبي (ص) ولم يؤمنوا بالإسلام، بل وقفوا في مواجهة هذا الدين من أول يوم ظهر فيه على الرغم من كل الحقائق التي كانوا يعرفونها ويروجون لها عن الإسلام استناداً إلى ما بشرت به توراتهم وكتبهم وأحبارهم.
    والذي يدقق يجد أن شعور اليهود بالخطر المباشر من الإسلام على امتيازاتهم ومصالحهم وأطماعهم من جهة، وحسدهم للعرب في أن يكون النبي منهم وليس من بني إسرائيل من جهة أخرى، وانحسار نفوذهم وهيمنتهم على المنطقة أمام حركة الإسلام من جهة ثالثة، كل ذلك كان من جملة الأسباب والعوامل التي جعلتهم يقفون هذا الموقف من الإسلام ونبيه (ص) ويواجهونه بكل قوة من أجل القضاء عليه.
    فتن اليهود
    وقد حاول اليهود مواجهة المد الإسلامي عبر الفتن والأساليب والممارسات التالية:
    1 بث الشكوك حول الإسلام ومفاهيمه، وتشكيك البسطاء وضعاف النفوس، وزعزعة ثقتهم وقناعتهم بعقيدتهم، وقد ذكر القرآن ذلك بقوله تعالى: (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون. يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات اللَّه وأنتم تشهدون))1(.
    وقال تعالى: (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أُنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون))2(.
    وقد جاء في سبب نزول هذه الآية: أن جماعة من يهود خيبر وغيرها وضعوا خطة لزعزعة إيمان بعض المسلمين فتعاهدوا فيما بينهم أن يصبحوا عند رسول اللَّه (ص) ويتظاهروا بالإيمان واعتناق الإسلام، ثم عند المساء يرتدُّون عن إسلامهم، فإذا سُئلوا لماذا فعلوا ذلك؟ يقولون: لقد راقبنا أخلاق محمد وسلوكه عن قرب ثم عندما رجعنا إلى كتبنا وإلى أحبارنا وجدنا أن ما رأيناه من صفات محمد وسلوكه لا ينسجم مع ما هو موجود في كتبنا، ولذلك ارتددنا عن الإسلام، وكانوا يقدرون أن هذا الأسلوب سيدفع بعض المسلمين إلى الارتداد والرجوع عن إسلامهم لأنهم سيقولون إن هؤلاء قد رجعوا إلى كتبهم السماوية التي هم أعلم بها منّا، فما يقولون صحيح، وبذلك تتزعزع عقيدتهم.
    ويوضح القرآن في موضع آخر سبب حرص اليهود على بث الشكوك في الإسلام وإضلال المسلمين فيذكر أنه الحسد! الحسد من الإسلام الذي عرفوا أنه الحق وأنه بدأ يؤتي نتائجه ويؤثر في قلوب الناس وعقولهم. قال تعالى: (ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي اللَّه بأمره إن اللَّه على كل شي‏ء قدير))3(.
    2 طرح الأسئلة التعجيزية على النبي (ص) بهدف افشال دعوته، فكان أحبار اليهود يوجهون أسئلة تعجيزية للنبي (ص) للايحاء للناس بعدم صدقه في ادعائه للنبوة. فقد طلبوا منه أن يأتيهم بقربان تأكله النار كما في قوله تعالى: (الذين قالوا إن اللَّه عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار))4(.
    وطلبوا منه أن يأتيهم بكتاب من السماء خاص بهم، قال تعالى: (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللَّه جهرة))5(.
    وقالوا للنبي (ص) أيضاً: يا محمد إن كنت رسولاً من اللَّه كما تقول، فقل للَّه فليكلمنا حتى نسمع كلامه، فأنزل اللَّه في ذلك: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا اللَّه أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون))6(.
    3 الضغط الاقتصادي على المسلمين ومقاطعتهم للمسلمين تجارياً وامتناعهم عن دفع ما يجب عليهم دفعه من ديون ومستحقات وأمانات لمن اعتنق الإسلام، مدعين أن ما كان لهم من حق إنما كان لهم قبل الإسلام وأن دخولهم في هذا الدين قد أبطل حقهم فيه. وإلى هذا يشير القرآن الكريم بقوله تعالى: (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على اللَّه الكذب وهم يعلمون))7(.
    4 تحريض أعداء الإسلام ومساندتهم بكل الوسائل من أجل قتال المسلمين واسقاط دعوة الإسلام، فمن ذلك مثلاً تحريضهم لقريش ضد النبي (ص) حيث ذهب جمع من اليهود إلى مكة بعد حرب بدر وحرضوا المشركين على الأخذ بالثأر ولم يخرجوا من مكة حتى جمعوا أمر المشركين على حرب النبي (ص) فكانت معركة أحد فيما بعد.
    واليهود هم أول من انطلق لدعوة الأحزاب والقبائل العربية وتحريضهم ضد المسلمين في غزوة الخندق، وبعد أن قرر الأحزاب غزو المدينة قام اليهود بامدادهم بالمال والسلاح وبكل أسباب القوة..
    5 تآمرهم على حياة النبي (ص) ومحاولتهم القضاء عليه، فقد هموا بالغدر به (ص) بإلقاء صخرة عليه من فوق أحد البيوت حينما ذهب إليهم يستعين بهم في دية قتيلين من بني عامر. كما أن امرأة يهودية مدفوعة من قومها دست السُّم في شاة وأهدتها إليه بغية قتله (ص) حسبما أورد ابن هشام في سيرته)8(.
    6 إثارة الفتن بين شرائح المسلمين واستغلال الأحقاد الدفينة التي كانت بين الأوس والخزرج قبل الإسلام وتحريكها من جديد، ونذكر هنا على سبيل المثال قضية شاس بن قيس فقد مرَّ هذا الرجل اليهودي الذي كان شديد العداء للمسلمين على جماعة من الأوس والخزرج المسلمين فغاظه ما رأى من ألفتهم ووحدتهم فأخذ يذكرهم بالماضي المشحون بالعداوة فيما بينهم وينشدهم بعض ما قيل من الشعر في حروبهم فحرك وجدانهم وأثار عصبيتهم حتى ثاروا وتنادوا بالسلاح وكادت الحرب تقع بينهم لولا رسول اللَّه (ص) الذي خرج إليهم ووعظهم ونبههم إلى أن ذلك فتنة ومؤامرة من عدوهم فبكوا وتعانقوا وانصرفوا مع رسول اللَّه (ص).
    وفي هذه الحادثة نزل قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل اللَّه من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء وما اللَّه بغافل عما تعملون، يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أُوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين))9(.
    7 الكيد للإسلام والمسلمين ومؤامراتهم ومحاولاتهم المتعددة لإثارة البلبلة وتشويش الأوضاع باشاعة الأكاذيب وتخويف ضعاف النفوس. فقد ذكر المؤرخون أنه عندما أراد المسلمون اقتحام حصون خيبر أشاع اليهود في وسط المدينة أنهم أصحاب قوة وبأس وأنه لا طاقة للمسلمين على مواجهتهم في خيبر المدججة بالرجال والعتاد والسلاح.
    8 أساليبهم العدوانية في مواجهة الإسلام والمسلمين ومنها تآمرهم مع المنافقين على الإسلام ومكرهم معهم ضد المسلمين، ثم علاقاتهم المشبوهة مع قريش وتحريضهم إياها على محاربة النبي (ص) في أكثر من موقع، ثم تآمرهم لمنع المسلمين من الخروج للجهاد كما حصل في غزوة تبوك حيث اجتمع بعضهم في بيت سويلم اليهودي لأجل تثبيط الناس وشل ارادتهم عن الجهاد مع الرسول (ص).
    النبي (ص) في مواجهة اليهود
    نستطيع أن نقول أن جميع محاولات اليهود تلك للقضاء على الإسلام والمسلمين باءت بالفشل الذريع بسبب وعي القيادة الإسلامية لأساليبهم ومؤامراتهم.
    لقد صبر النبي (ص) في البداية على مؤامراتهم وخياناتهم الكبرى تفادياً لحرب قاسية تجر الويلات على الناس في مقره الجديد في المدينة المنورة، حتى طفح الكيل وصعدوا من تحدياتهم وأصبحوا يشكلون خطراً حقيقياً يتهدد وجود الإسلام من الأساس، ولا سيما أنهم كانوا يعيشون في قلب المجتمع الإسلامي ويعرفون الكثير من مواقع الضعف والقوة فيه، ويتربصون به الدوائر، ويترصدون الفرصة المؤاتية للانقضاض عليه، فكان لا بد من صياغة التعامل معهم على أساس الحزم والقوة بدلاً من العفو والتسامح والرفق، فليس من المصلحة أن يترك اليهود يعيثون في الأرض فساداً، وينقضون العهود والمواثيق، ويسددون ضرباتهم للمسلمين من دون ردّ حاسم، بل لا بد من الرد الحاسم والحازم والعادل على كل اعتداء أو فتنة، ومواجهة كل تحدٍّ وتآمر وكيد وخيانة.
    والذي يدقق في التاريخ الإسلامي يستنتج أن النبي (ص) تعامل معهم بعد أن اتضح نقضهم لكل العهود والمواثيق بثلاثة اتجاهات:
    الاتجاه الأول: وفيه اتبع النبي (ص) مع اليهود المتآمرين أسلوب الاغتيالات المنظمة لرموزهم الأساسيين حيث قام باغتيال أبي عفك اليهودي الذي كان يحرض على الحاق الأذى بالنبي (ص) فقتله سالم بن عمير، وقتلت العصماء بنت مروان اليهودية على يد عمير بن عوف، وأرسل النبي (ص) أحد أصحابه في السنة الثانية بعد الهجرة على رأس مجموعة فاغتالت كعب بن الأشرف أحد رموز اليهود، واغتيل ابن سنينة وأبو رافع بن أبي الحقيق من يهود خيبر وغيرهم..
    لقد كانت هذه العمليات بمثابة جزاء عادل وانذار حازم لكل من ينقض عهداً ويتآمر على مصلحة الإسلام والمسلمين، وقد نظمت هذه الاغتيالات ونفذت ببراعة ودقة فائقة وذكاء وعبقرية، فارعبت اليهود في المنطقة وأخافتهم لا سيما بعد قتل كعب بن الأشرف حتى أنه لم يبق في المدينة المنورة ومحيطها يهودي إلا وهو خائف على نفسه.
    الاتجاه الثاني: ولكن على الرغم من ذلك، فإن اليهود لم يتراجعوا عن الدس والتحريض والتآمر، واستمروا في عنادهم وتماديهم في ايذاء المسلمين وإثارة الفتن ونشر الفساد ونقض المعاهدات، وكان ذلك يتفاقم بين حين وآخر إلى درجة بالغة الخطورة، فكان لا بد من التعامل معهم بأسلوب آخر فكانت الحرب الشاملة والمصيرية ضدهم حيث لا يمكن اجتثاث مادة فسادهم بغير ذلك.
    فحاربهم النبي (ص) في داخل المدينة فيما عرف بغزوتي بني قينقاع وبني النضير وأجلاهم عن المدينة، وحاربهم في محيطها فيما عرف بغزوة بني قريظة، وحاربهم في خيبر التي كانت تمثل المعقل الأساسي لهم في شبه الجزيرة العربية حيث استطاع المسلمون كسر شوكتهم والقضاء عليهم.
    الاتجاه الثالث: وفيه تتبع النبي (ص) خططهم وفتنهم ومؤامراتهم بيقظة كاملة، ولم يحدد طريقة ثابتة في مجابهة أعمالهم وإنما راح يضع لكل حالة اجراءاً أو خطة تتناسب تماماً وحجم المحاولة التخريبية، وتكبتها قبل أن تأتي بثمارها المرة وقبل أن تزرع شوكها في طريق الإسلام فتجده (ص) أثناء التجهز لمعركة تبوك عندما علم باجتماع بعض اليهود والمنافقين في بيت سويلم اليهودي ليثبطوا الناس عن الجهاد يتخذ اجراءاً فورياً بحقهم فيأمر بحرق الدار عليهم.
    وفي موقف آخر نجده (ص) يفضحهم ويكشف فتنهم، وينبه المسلمين إلى خططهم ومؤامراتهم، ويحذر الناس منهم. كما في حادثة شاس بن قيس مع الأوس والخزرج وكان هذا بطبيعته يمثل حصانة ومناعة للمسلمين ضد اليهود ومكائدهم وافشالاً لكل محاولاتهم العدوانية.
    ومن وراء الرسول (ص) كانت آيات القرآن تنزل من عند اللَّه الذي لا يخفى عليه شي‏ء في الأرض ولا في السماء فاضحة خططهم اللئيمة، منددة بأساليبهم، مظهرة أفعالهم ومكرهم صابة عليهم غضبها المخيف في أعقاب أية محاولة يستهدفون من ورائها فتنة أو خديعة أو مؤامرة.
    (1) آل عمران: 70 69.
    (2) آل عمران: 72.
    (3) البقرة: 109.
    (4) آل عمران: 183.
    (5) النساء: 153.
    (6) البقرة: 118.
    (7) آل عمران: 75.
    (8) ابن هشام، السيرة النبوية، ج‏3 ص‏353.
    (9) آل عمران: 100 99.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X